.................................................................................................
______________________________________________________
بمنزلة حواسه وجوارحه وأعضائه في طلب مصالحه ودفع مضاره نائبة مناب تلك الآلات الجليلة في الآثار التي يترتب عليها وكثيرا ما يبتلي بشدة الاحتماء وترك الملاذ وشرب الأدوية الكريهة البشعة والفصد والحجامة من غير مرض وعلة لمداواة المرض الذي حل به.
والأب لا يخلو عن كثير من ذلك في تلك المدة لاهتمامه واشتغاله بحال الولد وشدة عنايته بتربيته فهو مشغول بحاله بالجنان والأركان ، ففيه إشارة وتذكير إلى عظم منتهما وقدم نعمتهما تحريصا علي الإحسان وحثا على الثبات في هذا الشأن.
ومنها قوله عز شأنه : « أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ » حيث جعلهما تلوا له جل إحسانه في وجوب الشكر وحيث عبر عن الإحسان بهما بالشكر الذي تطابقت العقول وتوافقت الشرائع على وجوب أدائه ولزوم رعايته تذكيرا لأنعمهما ثانيا وتحريصا على مراعاة الإحسان ومبالغة في الغرض المسوق له بالكلام ، وأبلغ من ذلك أنه جعل الإحسان إليهما شكرا له تعالى فإن قوله تعالى : « أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ » تفسير لوصينا أو علة له ، أو بدل من والديه بدل الاشتمال.
ومما يزيد في ذلك استعظامه تعالى أمر الشكر فيما قبل هذا المقام من غير فصل يعتد به حيث قال تعالى : حيث قال « وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ « أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ » أي لأن أشكر أو أي اشكر ، حيث جعل الشكر تفسيرا وغاية للحكمة التي من بها على لقمان ، وآل إبراهيم حيث قال جل شأنه : « فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ » (١) وهي النعمة التي من يؤتها فقد أوتي خيرا كثيرا ، وقد جعل تعليم الحكمة في غير واحد من الآيات غاية لبعث الأنبياء وإرسالهم إلى الخلق ووصف بها ذاته سبحانه
__________________
(١) سورة النساء : ٥٤.