إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

مرآة العقول [ ج ٨ ]

413/432
*

.................................................................................................

______________________________________________________

التي لا يتحملها غيرها ، فكيف يمكن الإهمال والتساهل في رعاية حقها ، وفيه تمهيد لكون الإحسان لهما هو الشكر للنعمة الذي تطابق العقل والنقل على وجوب رعايته ، وفي قوله : على ، دون (١) في زيادة المبالغة وإشعار بأن الوهن اللاحق أشد من السابق لما في معناها من تضمن معنى العلو والاستيلاء.

وقيل : قوله وهنا على وهن ، حال من الضمير المنصوب فيكون المراد وهن الولد ، ويكون إشارة إلى ضعف الولد وعجزه وعدم فوته وانتهاضه بتحصيل مصالحه وسقوطه عن مرتبة مكافأة الإحسان ومجازاة الامتنان في مراتب تنقلاته في الأطوار المختلفة وتحولاته في الصور والأحوال المتعاقبة من كونه نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم ظهور نقوش الأعضاء وصورها إلى غير ذلك من أحواله فإن الجنين بل الرضيع قبل استوائه وبلوغ أشده في وهن على وهن ، ولعل الوهن التالي أشد من السالف لانضمام ازدياد الحاجة مع العجز عن الكفاية إلى ضعف القوة ففي مثل تلك الأحوال حملته الأم حملا ثقيلا وأتعب نفسها في حفظه ووقته بذاتها وأعضاء جسدها وأسكنته في صميم بدنها فكيف يسوغ للعاقل التكاسل في أداء حقها.

ففيه مبالغة وتذكير لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

ومنها قوله تعالى : « وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ » أي فصاله في انقضاء عامين ، وفيه بيان لقسط أخرى من حقوق الأم فإنه بعد انقضاء أيام الحمل وتحملها آلامها لم تفرغ للراحة بل كانت ممنوة بتعب الإرضاع في تلك المدة الطويلة فاختارته وآثرته على نفسها في مطعمه ومشربه وملبسه ونومه وراحته مقترة علي نفسها في توسعته ، فهجرت النوم والراحة وقاست التعب الشديد في حفظه ورعايته وضبطه وكفايته حيث عجز من تفقد حاله وجذب المنافع ودفع الآلام عن نفسه ، فكانت

__________________

(١) كذا في الأصل وفيما عندي من المخطوطة ولا يخلو من التصحيف قطعا.