أقبل الله قبل ما يحب ومن اعتصم بالله عصمه الله ومن أقبل الله قبله وعصمه لم يبال لو سقطت السماء على الأرض أو كانت نازلة نزلت على أهل الأرض فشملتهم بلية كان في حزب الله بالتقوى من كل بلية أليس الله عز وجل يقول : « إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ » (١).
______________________________________________________
الله نحو ما يحبه العبد توجيه أسباب ما يحبه العبد من مطلوبات الدنيا والآخرة ، والاعتصام بالله الاعتماد والتوكل عليه.
« ومن أقبل الله » إلخ ، هذه الجمل تحتمل وجهين : الأول : أن يكون لم يبال ، خبرا للموصول ، وقوله : لو سقطت جملة أخرى استئنافية وقوله : كان في حزب الله ، جزاء الشرط « الثاني » أن يكون لم يبال جزاء الشرط ومجموع الشرط والجزاء خبر الموصول ، وقوله : كان في حزب الله استئنافا « فشملتهم بلية » بالنصب على التميز ، أو بالرفع أي شملتهم بلية بسبب النازلة أو يكون من قبيل وضع الظاهر موضع المضمر « بالتقوى » أي بسببه كما هو ظاهر الآية فقوله من كل بلية متعلق بمحذوف أي محفوظا من كل بلية أو الباء للملابسة ، ومن كل متعلق بالتقوى أي يقيه من كل بلية ، والأول أظهر.
وقوله : في حزب الله ، كناية عن الغلبة والظفر ، أي الحزب الذين وعد الله نصرهم ويتيسر أمورهم ، كما قال تعالى : « فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ » (٢).
« إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ » قرأ ابن عامر ونافع بضم الميم والباقون بالفتح ، أي في موضع إقامة « أَمِينٍ » أي أمنوا فيه الغير من الموت والحوادث ، أو أمنوا فيه من الشيطان والأحزان ، وقال البيضاوي : يأمن صاحبه عن الآفة والانتقال ، انتهى.
وأقول : ظاهر أكثر المفسرين أن المراد وصف مقامهم في الآخرة بالأمن ، وظاهر الرواية الدنيا ، ويمكن حمله علي الأعم ولا يأبى عنه الخبر ، ولعل المراد
__________________
(١) سورة الدخان : ٥١.
(٢) سورة المائدة : ٥٦.