خلفنا وخرج محمد في أصحابه حتى بلغ السوق فأوصلهم ومضى ثم تبعهم حتى انتهى إلى مسجد الخوامين فنظر إلى ما هناك فضاء ليس فيه مسود ولا مبيض فاستقدم حتى انتهى إلى شعب فزارة ثم دخل هذيل ثم مضى إلى أشجع فخرج إليه الفارس الذي قال أبو عبد الله من خلفه من سكة هذيل فطعنه فلم يصنع فيه شيئا وحمل على الفارس فضرب خيشوم فرسه بالسيف فطعنه الفارس فأنفذه في الدرع وانثنى عليه محمد فضربه فأثخنه وخرج عليه حميد بن قحطبة وهو مدبر على الفارس يضربه من
______________________________________________________
« من خلفنا » أقول : هذا إشارة إلى ما ذكره ابن الأثير أن في أثناء القتال بعد انهزام كثير من أصحاب محمد ، فتح بنو أبي عمرو الغفاريون طريقا في بني غفار لأصحاب عيسى فدخلوا منه أيضا وجاءوا من وراء أصحاب محمد.
قوله : ومضى ، أي لجمع سائر العساكر أو لغيره من مصالح الحرب « ثم تبعهم » أي رجع أثرهم « حتى انتهى إلى مسجد الخوامين » أي بياعي الخام « فلم ير فيه أحدا » لتفرق أصحابه وانهزامهم ، وفي القاموس : الخام الجلد لم يدبغ أو لم يبالغ في دبغه والكرباس لم يغسل معرب والفجل ، وقوله : فضاء بالجر بدل أو بالرفع خبر مبتدإ محذوف ، وفي القاموس : المبيضة كمحدثة : فرقة من الثنوية لتبييضهم ثيابهم مخالفة للمسودة من العباسيين ، انتهى.
« فاستقدم » أي تقدم أو اجترأ وفي القاموس : المقدام الكثير الإقدام وقدم كنصر وعلم وأقدم وتقدم واستقدم ، وقال : الشعب بالكسر : الطريق في الجبل ومسيل الماء في بطن أرض ، أو ما انفرج بين الجبلين ، وقال : فزارة أبو قبيلة من غطفان ، وقال : هذيل ابن مدركة بن إلياس بن مضر أبو حي من مضر ، وقال : أشجع بن ريث بن غطفان أبو قبيلة انتهى.
والحاصل أنه تقدم حتى انتهى إلى شعب قبيلة فزارة ثم دخل شعب هذيل أو محلتهم ، ثم مضى إلى شعب أشجع أو محلتهم ، والسكة : الزقاق « فأنفذه » أي الرمح « في الدرع » أي لم يصل إلى بدنه « وانثنى » أي انعطف « فأثخنه » أي أوهنه بالجراحة « وهو » أي محمد « مدبر على الفارس » فيه تضمين معنى الإقبال أو الحملة من زقاق