هجرا فيغفر الله لك أطعني يا ابن عم واسمع كلامي فو الله الذي لا إله إلا هو لا آلوك نصحا وحرصا فكيف ولا أراك تفعل وما لأمر الله من مرد فسر أبي عند ذلك فقال له أبو عبد الله والله إنك لتعلم أنه الأحول الأكشف الأخضر المقتول بسدة أشجع عند بطن مسيلها فقال أبي ليس هو ذلك والله ليحاربن باليوم يوما وبالساعة
______________________________________________________
« وحرصا » أي على إصلاحك ، وقد يقرأ بالفتح وهو الشق والقشر ، كناية عن التصريح بالحق ، والأول أظهر ، وقوله فكيف ، من باب الاكتفاء ببعض الكلام ، أي كيف أقصر في نصحك مع ما يلزمني من مودتك لقرابتك وسنك ، وقوله : ولا أراك ، كلام مستأنف أو المعنى كيف يكون كلامي محمولا على غير النصح والحال أني أعلم أنك لا تفعل ما أدعوك إليه ، إذ لو لم يكن لله ولإطاعة أمره لكان ذكره مع عدم تجويز التأثير لغوا ، وقيل : أي فكيف تكون حالك؟ نظير قوله تعالى : « فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ » (١) والواو حالية ولعل الأول أظهر « وما لأمر الله » أي لقضائه ، وسروره لتوهمه أن أمر الله هنا استقلاله في الأمر وإن كان باطلا ، والفاء في قوله : « فقال » للتفريع على السرور ، ورد ما توهمه من الاستقلال.
« لتعلم » للاستقلال ودخول اللام لتحقق الوقوع كأنه واقع ، ويمكن أن يكون علم بأخبار آبائه وبأخباره عليهالسلام ومع ذلك يسعى في الأمر حرصا على الملك ، أو لاحتمال البداء ، والأحول : المعوج العين ، وفي القاموس : الأكشف : من به كشف محركة أي انقلاب من قصاص الناصية كأنها دائرة ، وهي شعيرات تنبت صعدا ، وذلك الموضع كشفة محركة ، ومن ينهزم في الحرب ، ومن لا بيضة على رأسه ، والجبهة الكشفاء التي أدبرت ناصيتها ، وفي النهاية الأكشف الذي تنبت له شعيرات في أقصى ناصيته ، ولا يكاد يسترسل والعرب تتشأم به ، انتهى.
وفي القاموس : الأخضر : الأسود ، أقول : ويحتمل أن يكون المراد هنا خضرة العين ، وهو أيضا مما يتشأم به ، والسدة بالضم : باب الدار ، وربما يقرأ بالفتح لمناسبتها للمسيل ، والأشجع اسم قبيلة من غطفان ، وضمير مسيلها للسدة أو للأشجع لأنه اسم القبيلة « ليس هو » أي محمد « ذلك » الذي ذكرت ، أو ليس الأمر كما ذكرت
__________________
(١) سورة النساء : ٤١.