أو تضرب به مثلا فإن الله عز وجل أحل حلالا وحرم حراما وفرض فرائض وضرب أمثالا وسن سننا ولم يجعل الإمام القائم بأمره شبهة فيما فرض له من الطاعة أن يسبقه بأمر قبل محله أو يجاهد فيه قبل حلوله وقد قال الله عز وجل في الصيد « لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ » (١) أفقتل الصيد أعظم أم قتل النفس « الَّتِي حَرَّمَ اللهُ » وجعل لكل شيء محلا وقال الله عز وجل « وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا » (٢) وقال عز وجل « لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ » (٣) فجعل الشهور عدة معلومة فجعل منها أربعة حرما وقال « فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ » (٤) ثم قال
______________________________________________________
الوقت المقدر لا ينافي إمامته « أن يسبقه » أن مصدرية ، والمصدر بدل من شبهة ، والضمير لله « قبل حلوله » أي حلول وقته.
« وقد قال الله » حاصله التنبيه على أن أحكام الله دقيقة وشرائطها كثيرة لا يعلمها إلا الإمام كما أن قتل الصيد الذي هو أهون الأشياء حلال في حالة ، وحرام في حالة أخرى ، فالجهاد المتضمن لقتل النفس أعظم من ذلك ، فلا بد من العلم بشرائط جوازه ووجوبه حتى لا يكون قتل نفس بغير حق وجعل الله للحلية والحرمة محلا وأجلا ومدة ، والجهاد أيضا مع وجوبه وكونه من أعظم الطاعات حرمه في بعض الأوقات كالأشهر الحرم وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب وكأشهر السياحة وهي عشرون من ذي الحجة والمحرم وصفر وربيع الأول ، وعشر من ربيع الآخر ، وذلك كان مخصوصا بالسنة التي بعث رسول الله صلىاللهعليهوآله أمير المؤمنين بسورة براءة إلى مكة ليقرأها على المشركين.
والشعار جمع شعيرة وهي الأثر والعلامة ، أو جميع أعمال الحج ، وقيل : هي المعالم التي ندب الله إليها وأمر بالقيام عليها ، وقيل : هي الأشياء التي شرفها الله
__________________
(١) سورة المائدة : ٩.
(٢) سورة المائدة : ٢.
(٣) سورة المائدة : ٢.
(٤) سورة التوبة : ٢.