لوقت معلوم « فلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئاً » فلا تعجل فإن الله لا يعجل لعجلة العباد ولا تسبقن الله فتعجزك البلية فتصرعك قال :
______________________________________________________
ظهورنا وخروجنا واستيلائنا على أعدائنا ، فالاستعجال قبل تحقق تلك الأمور لا فائدة له ، وما أشبه هذه الأمور بما مر في أبواب القضاء والقدر والمشية من الأخبار ، لا سيما قوله عليهالسلام : لا يكون شيء في الأرض ولا في السماء إلا بمشية وإرادة وقدر وقضاء وإذن وكتاب وأجل ، فمن زعم أنه يقدر على نقض واحدة فقد كفر.
« فلا يستخفنك » إشارة إلى قوله تعالى : « فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ » (١) أي فاصبر على أذى قومك إن وعد الله حق بنصرتك وإظهار دينك على الدين كله لا بد من إنجازه ، ولا يستخفنك أي لا يحملنك على الخفة والقلق « الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ » بتكذيبهم وإيذائهم ، وغرضه عليهالسلام لا يحملك ما ترى من المخالفين من الإيذاء والضرر والإهانة على الخفة والعجلة والتسريع إلى أمر لم يأت وقته.
ويحتمل أن يكون الذين لا يوقنون كناية عن أهل الكوفة الذين يدعونه إلى الخروج ، لقوله : إنهم لم يغنوا عنك من الله شيئا ، وعلى الأول أيضا يحتمل أن يكون ضمير إنهم راجعا إلى أهل الكوفة ، وهو تضمين من آية أخرى حيث قال : « وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئاً » (٢).
ويحتمل أن يكون صدر الآية سقط من النساخ أي لن يدفعوا عنك شيئا من العذاب والمكروه الذي يريده الله بك « ولا تسبقن الله » أي لا تجعل إرادتك سابقه على إرادة الله والوقت الذي عينه الله لنصرة آل محمد صلىاللهعليهوآله « فتصرعك » أي فتطرحك على الأرض ذليلا مغلوبا مقتولا.
وحاصل الجميع : أنك لست بإمام ، ولا تعلم حكم الله في القعود والقيام والجهاد وتركه ، إذ لو كان مأمورا من الله بالجهاد ولم يحصل له نصرة وظفر كان مأجورا غير
__________________
(١) سورة الروم : ٦٠.
(٢) سورة الجاثية : ١٩.