من كل شيء فليس شيء أقرب إليه من شيء.
______________________________________________________
كالاستيلاء والاستعلاء والإشراف ، فالمعنى استوت نسبته إلى كل شيء حالكونه مستوليا عليها ، أو فسره بالعلم ، ويكون متعلق الاستواء مقدرا ، أي تساوت نسبته من كل شيء حالكونه متمكنا على عرش العلم ، فيكون إشارة إلى بيان نسبته تعالى وأنها بالعلم والإحاطة ، أو المراد بالعرش عرش العظمة والجلال والقدرة كما فسر بها أيضا في بعض الأخبار ، أي استوى من كل شيء مع كونه في غاية العظمة ومتمكنا على عرش التقدس والجلالة ، والحاصل أن علو قدره ليس مانعا من دنوة بالحفظ والتربية والإحاطة وكذا العكس.
وعلى التقادير فقوله « اسْتَوى » خبر ، وقوله « عَلَى الْعَرْشِ » حال ، ويحتمل أن يكونا خبرين على بعض التقادير ، ولا يبعد على الاحتمال الأول جعل قوله : على العرش ، متعلقا بالاستواء بأن تكون كلمة « على » بمعنى إلى ، ويحتمل على تقدير حمل العرش على العلم أن يكون قوله على العرش خبرا ، وقوله : استوى ، حالا عن العرش ولكنه بعيد.
وعلى التقادير يمكن أن يقال أن النكتة في إيراد الرحمن بيان أن رحمانيته توجب استواء نسبته إيجادا وحفظا وتربية وعلما إلى الجميع ، بخلاف الرحيمية فإنها تقتضي إفاضة الهدايات الخاصة على المؤمنين فقط ، وكذا كثير من أسمائه الحسنى تخص جماعة كما حققناه في الكتاب المذكور.
ويؤيد بعض الوجوه الذي ذكرنا ما ذكره الصدوق (ره) في كتاب العقائد حيث قال : اعتقادنا في العرش أنه جملة جميع الخلق ، والعرش في وجه آخر هو العلم ، وسئل الصادق عليهالسلام : عن قول الله عز وجل : « الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى » فقال : استوى من كل شيء فليس شيء أقرب إليه من شيء « انتهى » وإنما بسطنا الكلام في هذا المقام لصعوبة فهم تلك الأخبار على أكثر الأفهام.