الباب الثاني
في بعض ما عرفته من صريح القرآن هاديا إلى مشاورة الله
جل جلاله وحجة على الإنسان
يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن الطاوس أيده الله تعالى اعلم أنني وجدت الله جل جلاله يقول عن الملائكة الذين اختياراتهم وتدبيراتهم من أفضل الاختيارات والتدبيرات لأنهم في مقام المكاشفة بالآيات والهدايات إنهم عارضوه جل جلاله لما قال لهم ـ ( إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ) (١) فقال جل جلاله لهم ( إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ ) (٢) فعرفهم بذلك أن علومهم وأفهامهم قاصرة عن أسراره في التدبير المستقيم حتى اعترفوا في موضع آخر ف ( قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلاَّ ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ) (٣).
فلما رأيت الملائكة عاجزين وقاصرين عن معرفة تدبيره علمت أنني
__________________
( ١ ـ ٢ ) البقرة ٢ : ٣٠.
(٣) البقرة ٢ : ٣٢.