تراثنا ـ العدد [ 137 ]

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم

تراثنا ـ العدد [ 137 ]

المؤلف:

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم


الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: الوفاء
الطبعة: ٠
ISBN: 1019-4030
الصفحات: ٣١٨

وعن جابر قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : إنّ الجنّة تشتاق إلى أربعة من أهلي قد أحبّهم الله وأمرني بحبِّهم ، عليّ بن أبي طالب والحسن والحسين والمهدي عليه السلام الذي يصلّي خلفه عيسى بن مريم عليه السلام»(١).

المورد السابع عشر : «ومن كتاب الآل مرفوعاً إلى عقبة بن عامر ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : قالت الجنّة يا ربّ أليس قد وعدتني أن تسكنّي ركناً من أركانك؟ قال : فأوحى الله إليها أما ترضين إنّي زيّنتك بالحسن والحسين فأقبلت تميس كما تميس العروس»(٢).

المورد الثامن عشر : «ومن كتاب منهج التحقيق إلى سواء الطريق(٣)رواه من كتاب الآل لابن خالويه يرفعه إلى جابر الأنصاري قال : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول : (إنّ الله عزّ وجل خلقني وخلق عليّاً وفاطمة والحسن والحسين من نور واحد ، فعصر ذلك النور عصرة فخرج منه شيعتنا ، فسبّحنا فسبّحوا وقدّسنا فقدّسوا وهلّلنا فهلّلوا ومجّدنا فمجّدوا ووحّدنا فوحّدوا. ثمّ خلق الله السماوات والأرض وخلق الملائكة فمكثت الملائكة مائة عام لا تعرف تسبيحا ولا تقديسا فسبّحنا فسبّحت شيعتنا فسبّحت الملائكة ، وكذا في البواقي ، فنحن الموحّدون حيث لا موحّد غيرنا ،

__________________

(١) كشف الغمّة في معرفة الأئمّة ٢ / ١٤٩ ، وفي الطبعة الجديدة ٢ / ٣١٤. بحار الأنوار ٤٣ / ٣٠٣ في شمائل الحسن عليه السلام.

(٢) كشف الغمّة في معرفة الأئمّة ٢ / ١٤٩ ، وفي الطبعة الجديدة ٢ / ٣١٤.

(٣) تقدّم الكلام عنه.

           

٨١

وحقيق على الله عزّ وجلّ كما اختصّنا واختصّ شيعتنا أن يزلفنا وشيعتنا في أعلى علّيّين ، إنّ الله اصطفانا واصطفى شيعتنا من قبل أن نكون أجساماً فدعانا فأجبناه فغفر لنا ولشيعتنا من قبل أن نستغفر الله عزّ وجلّ»(١).

المورد التاسع عشر : «وروي عن عمر بن الخطّاب أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قام فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال : ما بال أقوام يزعمون أنّ قرابتي لا تنفع ، إنّ كلّ سبب ونسب وصهر منقطع يوم القيامة إلاّ سببي ونسبي وصهري.

قال عمر : فلمّا سمعت ذلك من رسول الله صلّى الله عليه وآله أحببت أن يكون بيني وبينه نسب وسبب وصهر ، فخطبت إلى عليّ رضي الله عنه ابنته أُمّ كلثوم(رض) من فاطمة رضي الله عنها بنت محمّد صلّى الله عليه وآله فزوّجنيها.

قيل : وكان ذلك في سنة سبع عشر من الهجرة ودخل بها في ذي القعدة من السنة المذكورة ، وكان صداقها أربعين ألف درهم فولدت له زيداً أو زينباً»(٢).

المورد العشرون : «وعن عمّار بن ياسر أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله قال لعليّ بن أبي طالب عليه‌السلام : طوبى لمن أحبّك وصدّق فيك ، وويلٌ لمن أبغضك

__________________

(١) بحار الأنوار ٢٧ / ١٣١ح ١٢٢.

(٢) الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة لابن الصبّاغ ١ / ١٥١.

           

٨٢

وكذّب فيك»(١).

المورد الحادي والعشرون : «وعن ابن عبّاس أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله نظر إلى عليّ بن أبي طالب عليه السلام فقال له : (أنت سيّد في الدنيا وسيّد في الآخرة ، من أحبّك فقد أحبّني ، ومن أبغضك فقد أبغضني ، وبغضك بغض الله ، فالويل كلّ الويل لمن أبغضك)»(٢).

المورد الثاني والعشرون : «وعن النبيّ صلّى الله عليه وآله أنّه قال : (ألا ومَن مات على حبّ آل محمّد مات شهيداً ، ألا ومَن مات على حبّ آل محمّد مات مؤمناً مستكمل الإيمان ، ألا ومَن مات على حبّ آل محمّد زفّ إلى الجنّة كما تزفّ العروس إلى زوجها)»(٣).

المورد الثالث والعشرون : قال الشيخ الكفعمي في صفوة الصفات في شرح دعاء السمات في تفسير لفظ الصلاة ما نصّه : «الصلاة يقال على معان تسعة ، ذكرها ابن خالويه في كتاب الآل ، ونحن نذكرها بلفظ غيره بزيادة ونقصان(٤).

__________________

(١) المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٣٥ ، مسند أبي يعلي ٣ / ١٧٩ ، شرح نهج البلاغة ٩ / ١٦٧.

(٢) تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٢٩٢.

(٣) الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة لابن الصبّاغ ١ / ٥٩٢.

(٤) هذا ما جاء في نسخة صفوة الصفات المحفوظة في مكتبة الملك فهد ، وأمّا بقية نسخ الكتاب ففيها : (ونحن نذكرها بلفظه من غير زيادة ولا نقصان) بدل من : (ونحن نذكرها بلفظ غيره بزيادة ونقصان) وما انتخبناه هو الأرجح ، فقد رأينا نقل عبارات        

٨٣

الأوّل : الصلاة المعروفة المشتملة على الركوع والسجود وغيرهما ، قيل : إنّما سمّيت بذلك لأنّ المصلّين يصفّون صفوفاً ، يحاذي كلّ واحد برأسه صلوي الآخر عند الركوع.

الثاني : الصلاة الدعاء كقوله تعالى : (وَصَلِّ عَلَيْهِم) أي ادع لهم ، ومنه الحديث : إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب ، فإن كان مفطراً فليأكل وإن كان صائماً فليصلّ ، أي فليدع لأرباب الطعام بالمغفرة والبركة.

ومنه الحديث الآخر : الصائم إذا أكل عنده صلّت عليه الملائكة ، وكذا قوله صلّى الله عليه وآله : «من صلّى عليّ مرّة صلّت عليه الملائكة عشراً» ، قال الأعشى لابنته :

[من البسيط]

عليك مثل الذي صلّيت فاعتصمي(١)

 ..................

أي لك مثل ما دعيتي ، ومثل ذلك الصلاة على الجنازة إنّما هي الدعاء.

الثالث : الصلاة تقال على الرحمة التي هي صلاة الله وإنّه تعالى عطف في الآية بالرحمة على الصلاة وهي هي لاختلاف اللفظين ، وقال عدي بن زيد :

[من الوافر]

__________________

متأخّرة عن ابن خالويه ضمن معاني الصلاة ، ولم نأت بها حذراً من الخروج عن مقصد الرسالة ، فتأمّل.

(١) انظره في ديوان الأعشى : ١٢٠ ، وعجزه : نوماً فإنّ لجنب المرء مضطجعا.

           

٨٤

 ..................

وألفى قولها كذباً وميناً(١)

والكذب والمين واحد.

الرابع : الصلاة التبريك ، كقوله تعالى : (إنّ اللهَ وَمَلائِكَتهُ يُصَلُّوْنَ عَلَى النّبِيّ)(٢) أي يباركون عليه.

الخامس : الصلاة الغفران كقوله تعالى : (أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِن رَّبِّهِم وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُوْن)(٣) أي مصيبون طريق الحقّ.

وقال ابن عبّاس : المؤمن إذا سلّم الأمر لله ورجع واسترجع عند المصيبة كتب الله له ثلاث خصال من الخير : الصلاة من الله وهي المغفرة والرحمة ، وتحقيق سبيل الهدى(٤).

وفي حديث سودة بن زمعة أنّها قالت : يا رسول الله إذا متنا صلّى لنا عثمان بن مظعون حتّى تأتينا؟ فقال لها : إنّ الموت أشدّ ممّا تقدّرين ، فقال شمر قولها : (صلّى لنا) أي (استغفر لنا عند ربّه) قاله الهروي(٥).

السادس : الصلاة الدين والمذهب ، قال تعالى حكاية عن قول قوم شعيب عليه السلام : (قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ

__________________

(١) ديوان عدي بن زيد العبادي ١٠٢ ، وصدره : وقدّدت الأديم لراهشيه.

(٢) الأحزاب : ٥٦.

(٣) البقرة : ١٥٧.

(٤) جامع البيان ٢ / ٥٨ ، تفسير ابن أبي حاتم الرازي ٢ / ٢٦٤.

(٥) حكاه ابن منظور في لسان العرب ١٤ / ٢٦٤.

           

٨٥

آبَاؤُنَا)(١) أي دينك يأمرك ، ومثله قوله تعالى : (وَإَذِا قِيْلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لاَ يَرْكَعُوْن)(٢) لم يرد به الركوع وحده ، بل أراد وإذا قيل لهم : ادخلوا في الدين والشريعة امتنعوا.

السابع : الصلاة الإصلاح والتسوية ، قال : فما صلّى عصاك كمستديم.

أي يصلحها ويسوّيها بالصلا ، وهي النار(٣).

الثامن : الصلاة بيت النصارى ، ومنه قوله تعالى : (لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ)(٤) ويقال لهذا البيت : صلاة ، وإلى هذا المعنى ذهب الشاعر بقوله :

[من الخفيف]

اتّق الله في الصلاة ودعها

إنّ في الصوم والصلاة فسادا

والصوم ذرق النعام.

التاسع : إحدى صلوي الدابّة ، وهما ما اكتنف الذنب من يمين وشمال ، ومنه قولهم : سبق أبو بكر صلوي عمر ، ويقال للثاني من خيل السباق : المصلي(٥).

__________________

(١) هود : ٨٧.

(٢) المرسلات : ٤٨.

(٣) قال الخليل في العين ٧ / ١٥٥ ، وصلى عصاه إذا أدارها على النار يثقفها ، قال :

فلا تعجل بأمرك واستدمه

فما صلى عصاك كمستديم

وفي الحديث : لو شئت لدعوت بصلاء فالصلاء الشواء لأنّه يصلى بالنار.

(٤) الحج : ٤٠.

(٥) صفوة الصفات في شرح دعاء السمات : ٤١٠.

           

٨٦

هذا ما عثرت عليه متشتّتاً من بقايا كتاب الآل لابن خالويه جمعته وقدّمته بين يدي الباحثين ، عسى أن يكون باعثاً للبحث والتنقيب عنه وعن المظلوم من تراثنا العزيز ، خصوصاً إذا كانت المضامين المجموعة متوافقة مع مضامين كتاب سقطت صفحاته الأولى والأخيرة ، ممّا يشجّع القول : إنّ هو هو ، والله الهادي إلى سواء السبيل.

 

٨٧

المصادر

١ ـ القرآن الكريم

٢ ـ إقبال الأعمال : للسيّد علي بن طاووس ، المتوفّى سنة ٦٦٤ هجرية ، نشر مركز الإعلام الإسلامي في قم.

٣ ـ أعيان الشيعة : للسيّد محسن الأمين ، المتوفّى سنة ١٣٧١ هجرية ، نشر دار التعارف للمطبوعات ، بيروت ، لبنان

٤ ـ إنباه الرواة في أنباه النحاة : لأبي الحسن علي بن يوسف الشيباني المعروف بابن القفطي المتوفّى سنة ٦٤٦ هجرية ، نشر دار الكتب المصرية في القاهرة.

٥ ـ المستدرك على الصحيحين : للحاكم النيسابوري ، المتوفّى سنة ٤٠٥ هجرية ، دار المعرفة ، بيروت ، لبنان.

٦ ـ بحار الأنوار : للشيخ محمّد باقر المجلسي ، المتوفّى سنة ١١١١هجرية ، نشر مؤسسة الوفاء في بيروت.

٧ ـ بغية الوعاة في طبقات النحاة : لجلال الدين السيوطي المتوفّى سنة ٩١١ هجرية ، نشر دار المعرفة في بيروت.

٨ ـ تاريخ بغداد : للخطيب البغدادي ، المتوفّى سنة ٤٦٣ هجرية ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان.

٨٨

٩ ـ تاريخ مدينة دمشق : لابن عساكر ، المتوفّى ٥٧١ هجرية ، نشر دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ، بيروت ، لبنان.

١٠ ـ تفسير ابن أبي حاتم الرازي : لابن أبي حاتم الرازي ، المتوفّى ٣٢٧ ، نشر المكتبة العصرية.

١١ ـ الحجة في القراءات السبع : لابن خالويه ، المتوفّى ٣٧٠ هجرية ، نشر دار الشروق في الكويت.

١٢ ـ جامع البيان : لابن جرير الطبري ، المتوفّى سنة ٣١٠ هجرية ، نشر دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ، بيروت ، لبنان.

١٣ ـ رياض العلماء : للمولى عبد الله الأفندي من أعلام القرن الثاني عشر ، نشر مكتبة السيّد المرعشي في قم.

١٤ ـ ديوان عدي بن زيد العبادي : لعدي بن زيد العبادي ، جمع أبي سعيد السكري.

١٥ ـ الذريعة إلى تصانيف الشيعة : للشيخ الطهراني المتوفّى سنة ١٣٨٩ هجرية ، نشر دار الأضواء في بيروت.

١٦ ـ شرح نهج البلاغة : لابن أبي الحديد المعتزلي ، المتوفّى سنة ٦٥٦ ، نشر دار إحياء الكتب العربية.

١٧ ـ الصحاح للجوهري : المتوفّى سنة ٣٩٣ ، نشر دار العلم للملايين في بيروت.

١٨ ـ صفوة الصفات في شرح دعاء السمات : للشيخ الكفعمي ، المتوفّى سنة ٩٠٥ هجرية ، من المقرر أن تنشره مكتبة العلامة المجلسي في قم.

١٩ ـ غريب الحديث : لابن سلام المتوفّى سنة ٢٢٤ هجرية ، نشر دار الكتاب العربي في بيروت.

٨٩

٢٠ ـ الفصول المهمة في معرفة الأئمة : لابن الصباغ المالكي ، المتوفّى سنة ٨٥٥ هجرية ، نشر دار الحديث في قم.

٢١ ـ فضائل السادات : للسيّد محمد أشرف سبط الميرداماد المتوفّى سنة ١١٤٥ هجرية ، نشر بهار القلوب في قم.

٢٢ ـ فهرس أسماء مصنفي الشيعة المعروف برجال النجاشي : لأحمد بن العباس الكوفي النجاشي ، المتوفّى سنة ٤٥٠ هجرية ، نشر جماعة المدرسين في قم.

٢٣ ـ فهرس التراث : للسيّد محمّد حسين الجلالي المعاصر ، نشر دليل ما في قم.

٢٤ ـ فهرست ابن النديم : لابن النديم البغدادي ، المتوفّى سنة ٤٣٨ هجرية ، طبعة مصر.

٢٥ ـ كتاب الأربعين : للشيخ الماحوزي ، المتوفّى سنة ١١٢١ هجرية ، مطبعة أمير ، قم.

٢٦ ـ كشف الظنون : لمصطفى بن عبد الله المعروف بحاجي خليفة ، المتوفّى سنة ١٠٦٧ هجرية ، نشر دار إحياء التراث العربي في بيروت.

٢٧ ـ كشف الغمة : لأبي الفتح الإربلي ، المتوفّى سنة ٦٩٣ هجرية ، نشر دار الأضواء في بيروت ، واستفدنا من الطبعة الجديدة والتي نشرها المجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام في قم.

٢٨ ـ لسان العرب : لمحمد بن مكرم بن منظور ، المتوفّى سنة ٧١١ هجرية ، نشر أدب الحوزة في قم.

٢٩ ـ لسان الميزان : لابن حجر العسقلاني ، المتوفّى سنة ٨٥٢ هجرية ، نشر مؤسسة الأعلمي في بيروت.

٩٠

٣٠ ـ مرآة الجنان وعبرة اليقظان فيما يعتبر من حوادث الزمان : لليافعي اليمني ، المتوفّى سنة ٧٦٨ هجرية ، نشر دار الكتب العلمية في بيروت.

٣١ ـ مستدرك الوسائل : للميرزا حسين النوري الطبرسي ، المتوفّى سنة ١٣٢٠ هجرية ، نشر مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث في قم.

٣٢ ـ مسند أبي يعلى : لأبي يعلى الموصلي المتوفّى سنة ٣٠٧ هجرية ، نشر دار المأمون للتراث.

٣٣ ـ معجم رجال الحديث : للسيّد الخوئي ، المتوفّى سنة ١٤١١ هجرية.

٣٤ ـ معالم العلماء : لابن شهرآشوب السروي ، المتوفّى سنة ٥٨٨ هجرية ، تحقيق السيّد صادق بحر العلوم.

٣٥ ـ معجم الاُدباء : لياقوت الحموي ، المتوفّى سنة ٦٢٦ هجرية ، نشر دار الفكر في بيروت.

٣٦ ـ نظم درر السمطين : للزرندي الحنفي ، المتوفّى سنة ٧٥٠ هجرية ، الطبعة الأولى.

٣٧ ـ الوافي بالوفيات : للصفدي ، المتوفّى سنة ٧٦٤ هجرية ، نشر دار إحياء التراث.

٣٨ ـ وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان : لابن خلّكان ، المتوفّى سنة ٦٨١ هجرية ، نشر دار الثقافة.

٣٩ ـ يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر : لعبد الملك الثعالبي ، المتوفّى سنة ٤٢٩ هجرية ، نشر دار الكتب العلمية في بيروت.

 

٩١

الإجازة بين الماضي والحاضر

د. حميد مجيد هدّو

بسم الله الرحمن الرحیم

مقدِّمة :

الإجازة تقليد تعليمي عرفه المسلمون الأوائل وتبنّاه شيوخ من حملة الحديث ومن مذاهب إسلامية مختلفة ، والإجازة أحد أقسام المآخذ والتحمّل فضّلها بعض على سائر الوسائل الأخرى ، فهي رخصة يمنحها الشيوخ لمن يبيحوا له الرواية عنهم من مريديهم ، وعرّفها الخطيب البغدادي (ت ٤٦٢هـ) : «بأنّها إباحة المجيز للمجاز له رواية ما يصحّ عنده أنّه حديثه»(١). وعلماء الحديث هم أوّل من سعى إلى العمل في الإجازة ثمّ تبعهم آخرون ، وبما أنّ الحديث النبوي الشريف يأتي في جلالة القدر في المرتبة الثانية بعد القرآن الكريم لما فيه من أحكام شرعية وعقديّة فهو ـ أي الحديث الشريف ـ الأصل

__________________

(١) الكفاية في علم الرواية : ٣٦٢.

           

٩٢

الثاني من مصادر الدين ، ولذلك حثّ النبيّ المصطفى ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ على تعلّمه وحمله إلى الناس. فالعلم فخر بين أهله ، والملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يطلب ، فمن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهّل الله له طريقاً إلى الجنّة. فزكاة العلم نشره ، وهذا لا يتمّ إلاّ عن طريق المحدّثين والرواة.

روي عن الإمام أبي عبد الله الصادق عليه‌السلام أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) خطب يوم منى قائلا : «نضّر الله عبداً سمع مقالتي فوعاها ، وبلّغها من لم يسمعها»(١).

وعن الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) : «اللهمّ ارحم خلفائي ، اللهمّ ارحم خلفائي ، اللهمّ ارحم خلفائي ؛ قيل يا رسول الله ومَن خلفاؤك؟ قال : الذين يأتون من بعدي يروون حديثي»(٢).

ومن هنا كان اهتمام المسلمين الأوائل بتراجم رجال الحديث طبقة بعد طبقة ، فألّفوا المجاميع الموسوعية في تراجمهم ، وبيان أحوالهم ، فأسّسوا علم الدراية لمعرفة أصول الحديث الشريف ، وأصدر الشيوخ إجازات لتلاميذهم جيلا بعد جيل ، وأفردوا مجلّدات لجمعها وتحقيقها ، فأوْلى المحدّثون الإجازة اهتماماً كبيراً لأنّها الطريق الموصل إلى حمل الحديث من الطرق المتداولة ، فهي تأتي عندهم ـ أي علماء الحديث ـ في المرتبة الثالثة من طرق التحمّل الثمان بعد السماع والقراءة حيث يتحقّق فيها الإبقاء على

__________________

(١) البحار ٢ / ١٤٨.

(٢) البحار ٢ / ١٤٥.

           

٩٣

سلسلة الإسناد في الأمّة ، والإسناد هو الذي حفظ السنّة النبوية الشريفة. كما أكّد العلماء على الإجازة بعد أن بيّنوا دورها المهمّ في حفظ سلسلة السند وربطها بالصدر الأوّل الذي أخذ عنه الحديث حتّى تنتهي تلك السلسلة عند النبيّ الأكرم(صلى الله عليه وآله) مباشرة ، فالرواية عند الإمامية بخاصّة إذا لم يكن سندها متّصلا بالنبي(صلى الله عليه وآله) عن طريق الأئمّة المعصومين عليهم‌السلام أو أصحابهم فإنّها تكون موضع شكّ. ولهذا اهتمّ المسلمون وبخاصّة محدّثوا الشيعة الإمامية بتمحيص الحديث الشريف ، فكان اهتمامهم بعلم الرجال اهتماماً بارزاً لما له من تأثير وثيق بصحّة الرواية أو الخبر.

فالإجازة العلمية تعدّ من أعظم صدور المدنية العلمية في حاضرة الدول الإسلامية ، فيعبّرون عنها بأنّها شامّة بيضاء ، وتاج مكلّل بالغار ، ووجه من وجوه الحضارة الإسلامية ، فلا غنىً لطالب العلم عنها ـ أي الإجازة ـ بكلّ نوع من أنواعها المسموع أو المقروء ، فهما بمرتبة واحدة وإن كان بعضهم يخالف ذلك.

وطرق منح الإجازة تعدّدت ، منها الإجازة الشفوية أو الشفاهية أو الشفهية وإجازة تحريرية ، والشفوية أقدم من التحريرية. روى النجاشي في رجاله أنّ الإمام الصادق جعفر بن محمد عليه‌السلام قد منح إجازة شفوية لأحد تلاميذه ، فروى ذلك التلميذ أنّه قال لإمامه عليه‌السلام عند قراءته إيّاه : أحبّ أن تزوّدني. فقال الإمام عليه‌السلام : «إئت أبان بن تغلب فإنّه سمع منّي حديثاً كثيراً ، فما

 

٩٤

روى ذلك عنّي فاروه عنّي»(١) وأبان هذا من تلاميذ الإمامين الباقر والصادق عليهما‌السلام ومن الثقات ، وتعدّ إجازته المذكورة من الإجازات الحديثية التي ينتهي إسنادها إلى الأئمّة المعصومين من أهل البيت عليهم‌السلام ثمّ إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله).

وهناك من الإجازات ما هو مقطوعة شعرية كما فعل صفيّ الدين الحلّي (ت ٧٥٢هـ) في إجازته لأحد تلاميذه(٢) :

أجزت لسيّدي ومليك رقّي

رواية ما حوى من نسج فكري

وما أنشأت من جدّ وهَزْل

وما أبدعت من نظم ونثر

ولم أقصد بذاك سوى قبولي

لمرسوم أشار به وأمري

ولو نسبوا إليه جميع علمي

لكان كنقطة في لجّ بحرِ

والمجازون يفضّلون الطريق الأسهل والأسرع في طلب الإجازة من شيوخهم الذين يكونون قريباً منهم ؛ لأنّه يشقّ على الراغب في طلب الإجازة السفر البعيد والترحّل من أجل الوصول إلى المجيز ولقائه وإجازته ، فمثلا ابن المشرق يطلب الإجازة من مجيز في المغرب فيأذن له هذا المغربي في رواية ما يصحّ لديه من حديثه عنه ويكون ذلك المروي حجّة. وهذا النوع من الإجازات عن بُعد معروف ومتداول.

إنّ من أوّل الإجازات المكتوبة كانت في القرن الثالث الهجري كتبها

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢٧ / ١٤٧.

(٢) ديوان صفيّ الدين الحلّي : ٤٨٢.

           

٩٥

القاضي الجهضي الأزدي (ت ٢٨٢ هـ) أجاز فيها أحد تلاميذه المدعوّ أحمد ابن إسحاق التنوخي ، وهي من أقدم الإجازات كما يعبّر عنها الخطيب البغدادي الشافعي في موسوعته تاريخ بغداد.

وقد وضع علماء الدراية والحديث أحكاماً وشروطاً للإجازات بمختلف أنواعها يجب توفّرها في المجيز والمجاز والمادّة المجازة. فهي لم تقتصر على رواية الحديث فحسب بل تعدّتها إلى علوم أخرى تشمل العلوم الإنسانية والطبيعية والصرفة في بعض الأحيان. والمؤرّخ القلقشندي فصّل في كتابه صبح الأعشى الجزء الرابع عشر كلّ التفاصيل المتعلّقة بهذا الشأن ، ويكاد يكون هذا الجزء بكامله كان لهذا المبحث ، فضلا عن علماء آخرين كالشيخ يوسف البحراني في لؤلؤة البحرين ـ أنظر المقدّمة ـ نهجوا المنهج نفسه في بحث الإجازة ، تاريخها ، أقسامها ، مبناها ... الخ.

وبهذه المناسبة أودّ أن أشير إلى ما صدر عنّي من إجازات فكانت طفرة نوعية في هذا المجال حيث لم يسبق لأحد العلماء من أجاز تلاميذه أو مريديه بإجازة شيء من آداب العرب وروايات تاريخ الإسلام ، فلو نظر المتأمّل إلى عدد من إجازاتي لطالبيها ممّن طرق أبواب التاريخ ومسار الأدب ليجد محتوى ومضمون الإجازة في ما أجازني أساتذتي في الجامعات العراقية في التأكيد على ضرورة إخضاع الخبر التاريخي أو الأدبي إلى ضوابط الجرح والتعديل لما لهما من صلة في كثير من الأحيان بالأحكام الشرعية ، وهذا المنهج والأسلوب في الأجازة لم يكن معروفاً بين أوساط المحدّثين ومانحي

 

٩٦

الإجازات القدامى ، وإنّني لم أمنح مثل هذه الأجازة إلاّ لمن أتوسّم فيه حسّاً أدبيّاً نقديّاً أو تاريخيّاً يغلغل الخبر ويدرسه دراسة دقيقة حاثّاً إيّاه تحرّي الحقائق وكشف روايات المدلّسين ووعّاظ السلاطين وإخضاع الرواية أو الخبر ضمن هذه الدائرة المعرفية إلى الجرح والتعديل وإخضاعهما لكلّ الضوابط التي يخضع لها الحديث الشريف ، وإذا كانت الرواية لها سند فيجب التأكّد من سلامة السند والمتن على حدّ سواء ، وهذا هو ما أكّدته وأشرت إليه في منحي الإجازات.

ومن أجل أن نصل الماضي بالحاضر رأيت مراعاة ظروف التجديد والتطوّر في مناهج منح الإجازات والتوسّع في مضامينها ومحتواها لنحفظ لتراثنا الإسلامي الاستمرار في التطوّر والانبعاث والانطلاق إلى آفاقه الواسعة من دون المساس بالأسس والأهداف التي توخّاها القدامى في منح الإجازات لطلاّبهم ، وأن نقف بحذر عند الخطوط الحمراء ولا نتجاوزها ونتقيّد بالثوابت والضوابط المعمول بها ، وهذا ليس معناه التحجّر والتحدّي وعدم التمسّك بضوابط منح الإجازة بل العكس من ذلك هو تطوّر واستشراف لمستقبل باهر مشرق لطلاّب العلم ، وعندها سيتّصل الماضي التليد بالحاضر الطريف ونكون قد سايرنا المعطيات العلمية المعاصرة للوصول إلى الهدف المنشود في إحياء تراث السلف الصالح من علماء الإسلام ومؤرّخيهم والسير على هدى نبيّنا الكريم(صلى الله عليه وآله) وأئمّتنا المعصومين عليهم‌السلام ونوّابهم من العلماء والأعلام مجتهدي الأمّة ويمكن النظر في الأنموذجات المحدودة التي اخترتها من مجمل الإجازات

 

٩٧

التي منحتها مستحقّيها فهي الدليل الواضح على ما تقدّم.

تعدّدت الطرق في الإجازة ؛ فمن العلماء من كان يجيز تلاميذه بالرواية عنه لكتاب واحد ، وبعضهم لمجموع ما كتبه ، ومثال ذلك ما ذكره العلاّمة الحلّي الحسن بن يوسف (ت ٧٢٦ هـ) في إجازته الكبيرة.

وللإجازة أركان حدّدها أهل الفنّ ومنهم التهانوي في كتابه كشّاف اصطلاحات الفنون(١) تنحصر في الشيخ والمجيز والمجاز له. كما أنّ العديد من العلماء ألّفوا رسائل تتضمّن تعريف الإجازة وحقيقتها ومعناها وقسّموا الإجازات على خمسة أقسام وزاد بعضهم إلى أكثر من ذلك.

فمن تلك الأقسام : إجازة معيّن لمعيّن ، وإجازة معيّن في غير معيّن مثل (أجزتك جميع مسموعاتي أو مرويّاتي). وقسم ثالث من الإجازات : إجازة المجاز وبعضهم يسمّيها إجازة الإجازة ، ونصّها : أجزت لك جميع مجازاتي. أمّا القسم الرابع من الإجازات : إجازة العموم ، وهي أن يجاز غير معيّن بوصف العموم ممّن هو حيّ يرزق كأن يقول المجيز : (أجزت المسلمين) أو أجزت كلّ واحد ، أو أجزت أهل زماني ، وقد جوّزها بعض علماء الجمهور كالخطيب البغدادي والقاضي عياض في (الفصل المبين لجمال الدين بن محمّد القاسمي ، مخطوط ، الورقة ١٩). ومن علماء الإمامية من لا يقرّ مثل هذه الإجازات ويعدّونها باطلة. وهناك عدد من علماء الجمهور من أهل السنّة أجازوا الطفل فعدّت أجازته مشروعة ، إلاّ أنّ الإمامية يجيزون ذلك في

__________________

(١) كشّاف اصطلاحات الفنون ١ / ٢٠٨.

٩٨

حالة واحدة : إذا كان الطفل سيدرس كتاباً معيّناً لأستاذه وحذقه بصورة تامّة فيعدّ هذا الطفل مجازاً بعد بلوغه سنّ الرشد ، وذلك لثقة المجيز بصحّة مرويّاته كما حدث مع السيّد ابن طاووس رضي الدين علي بن موسى (ت ٦٦٤) ومع العلاّمة الحلّي الحسن بن يوسف (ت ٧٢٦هـ).

أمّا القسم الخامس : إجازة المعدوم ؛ مثل : أجزت لفلان ولمن يولد ، أو أجزت لك ولولدك ولعقبك ما تناسلوا ، وقد أبطلها الإمامية.

وقد اختلفت أساليب ديباجة الإجازة باختلاف المجيزين إلاّ أنّهم اتّفقوا على بدئها بالبسملة والحمدلة والتشهّد ثمّ الانتقال إلى ذكر ما يتعلّق بالمجاز وذكر من أجازه ثمّ الانتقال إلى ما أجاز به المجاز ومن ثمّ الختام الذي يتضمّن بعض الوصايا للمجاز كالاستقامة والعدل والتقوى وذكر الله تعالى الذي يجب أن لا يغيب عن باله في السرّ والعلن ثمّ الدعاء للمجاز ولسائر المؤمنين.

وبهذه المناسبة أودّ أن أؤكّد للباحثين أنّ العديد من الجامعات الأمريكية والأوربية قد حذت حذو العلماء المسلمين في منح الإجازة لطالبيها معتمدين الأسس نفسها التي عمل بها علماء الإسلام والتقيّد بأنظمتها السارية حتّى يوم الناس هذا ، ويسمّى هذا المنهج بالتعلّم عن بعد وعن طريق الانترنت.

وصفوة القول أؤكّد أنّ الإجازة هي كفاءة لا مكافأة ، وأرجو أن لا تكون جسراً أو معبراً من أجل وجاهة زائفة أو تباهياً غير مبرّر بعيداً عن الأهداف السامية التي أراد الأقدمون لها ، كوسيلة لنقل حديث رسول الله(صلى الله عليه وآله) وأهل بيته

٩٩

الأطهار عليهم‌السلام والوصول إلى الحقيقة ، ولا يكون الهدف منها منح الطالب شهادة تأييد كما يحصل اليوم في بعض الجامعات والمعاهد الرسمية لتكون أداة للتوظيف في دوائر الدولة وكسب وسائل العيش.

فإجازات علمائنا منذ القديم وإلى اليوم تهدف إلى تمييز الصفوة من طالبي العلم بهذه الرخصة أو الإجازة ودفعهم للاقتداء بما كان عليه السلف الصالح من زهد وتقوى وصلاح وأصالة علمية. ومن هنا ظلّت الإجازات محتفظة بأهمّيتها التراثية ومكانتها في مجالات محدودة ، فالمجتهد في الفقه الإسلامي لا يعدّ مجتهداً عند البعض إذا لم يحصل على إجازة الحديث من شيوخه والله من وراء القصد

كتبها الأقلّ الدكتور حميد مجيد هدّوا

/ أستاذ الدراسات التاريخية العليا / بغداد

والمدير التنفيذي لمجلّة المصباح القرآنية المحكّمة

قم المقدّسة ـ سلخ شهر رجب الأصبّ ١٤٣٨هـ

١٠٠