قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

دروس في الكفاية [ ج ٢ ]

94/446
*

أما في الأول (١) : فلأن مفاد إطلاق الهيئة وإن كان شموليا بخلاف المادة ، إلّا إنه لا يوجب ترجيحه على إطلاقها ؛ لأنه أيضا كان بالإطلاق ومقدمات الحكمة.

______________________________________________________

(١) أجاب المصنف كلا الوجهين ، وحاصل جوابه عن الوجه الأول يتضح بعد تقديم مقدمة وهي : الفرق بين الشمول المستفاد من مقدمات الحكمة ، وبين الشمول المستفاد من الألفاظ الموضوعة للعموم ، والفرق بينهما : أن الشمول المستفاد من الإطلاق إنما هو بمقدمات الحكمة ، والعموم المستفاد من ألفاظ العموم إنما هو بالوضع ، والأول : كالمفرد المحلى باللام بناء على عدم وضعه للعموم ، فعمومه إنما هو ببركة مقدمات الحكمة ، كقوله تعالى : (أحلّ الله البيع) ، فالمستفاد من البيع هو العموم الشمولي ببركة مقدمات الحكمة ، كما أن المستفاد من المفرد المنكر في نحو : «أكرم عالما» هو العموم البدلي بمقدمات الحكمة.

والثاني : كالجمع المحلي باللام في نحو : «أكرم العلماء» ؛ حيث إن عمومه إنما هو بالوضع لا بمقدمات الحكمة.

إذا عرفت هذه المقدمة فيتضح لك : إن إطلاق الهيئة وإن كان شموليا والآخر بدليّا ؛ إلّا إن المناط في ترجيح أحد الإطلاقين على الإطلاق الآخر ليس كون أحدهما شموليا والآخر بدليا ؛ بل المناط في الترجيح هو الاستناد إلى الوضع ؛ لأن الأقوى هو ما يكون مستندا إليه ، وقد عرفت : عدم كون شمول إطلاق الهيئة بالوضع ، بل هو مثل بدلية إطلاق المادة إنما هو بمقدمات الحكمة ، فليس أحدهما أقوى من الآخر.

وقوله : «لأنه أيضا» تعليل لعدم الترجيح. نعم ؛ إذا كان الإطلاق الشمولي مستندا إلى الوضع كما في الجمع المحلى باللام ، والإطلاق البدلي مستندا إلى مقدمات الحكمة مثل : الإطلاقات المنعقدة لأسماء الأجناس مثل : لفظ «البيع» ، و «الربا» في قوله تعالى : (أحل الله البيع وحرّم الرّبا) ؛ قدم الإطلاق الشمولي الوضعي على الإطلاق البدلي الحكمي ، لا بملاك كونه شموليا ؛ بل بملاك كونه وضعيا ، وعلى هذا ففي المقام حيث إن كلا من إطلاق الهيئة وإطلاق المادة مستند إلى مقدمات الحكمة ، فلا ترجيح لأحدهما على الآخر ؛ ولو كان إطلاق الهيئة شموليا وإطلاق المادة بدليا.

والسر في تقديم ما هو مستند إلى الوضع على ما هو مستند إلى مقدمات الحكمة هو : أن من مقدمات الحكمة عدم البيان وعدم ما يصلح للقرينية ، والوضع بيان فيجب الاستناد إليه.

ولكن مقتضى مقدمات الحكمة يختلف ؛ فقد يكون عموما شموليا كما في قوله تعالى : (أحلّ الله البيع) الوارد في مقام الامتنان على العباد ، وقد يكون بدليا كما في