غاية الأمر : أنها تارة : يقتضي العموم الشمولي ، وأخرى : البدلي ، كما ربما يقتضي التعيين أحيانا ، كما لا يخفى.
وترجيح (١) عموم العام على إطلاق المطلق إنما هو لأجل كون دلالته بالوضع ؛ لا
______________________________________________________
قول الشارع : «إن ظاهرت فأعتق رقبة» ؛ حيث يكون مقتضى الإطلاق عتق رقبة واحدة ؛ سواء كانت مؤمنة أو كافرة ، وقد يكون مقتضاها التعيين كما في صيغة الأمر الوارد في مقام البيان ؛ فإن مقتضاها كون الوجوب نفسيّا عينيا تعيينيا.
هذا ما أشار إليه بقوله : «غاية الأمر : أنها تارة يقتضى العموم الشمولي ...» إلخ. وكان غرض المصنف من هذا الكلام : دفع توهم بتقريب : أنه إذا كان إطلاق كل من الهيئة والمادة ناشئا من مقدمات الحكمة لكانت نتيجتها في الهيئة والمادة واحدة ؛ بمعنى : أن يكون الإطلاق في كليهما شموليا ، أو بدليا ؛ لا أن يكون الإطلاق في أحدهما شموليا وفي الآخر بدليا.
وحاصل الدفع : أنه لا منافاة بين كون نتيجتها مختلفة حسب اقتضاء خصوصيات الموارد ؛ بأن يكون الإطلاق واردا مورد الامتنان ، أو يكون الطلب متعلقا بصرف الطبيعة ؛ بأن يكون المطلق مفردا منكرا ، فالإطلاق في الأول : شمولي ، وفي الثاني : بدلي ، كما عرفت.
(١) قوله : «وترجيح عموم العام ...» إلخ دفع لما يتوهم : من تقديم العموم الشمولي على البدلي عند وقوع التعارض بينهما ؛ كما لو قال : «أكرم العلماء ، ولا تكرم فاسقا» ، فالعالم الفاسق ـ الذي هو مورد الاجتماع والتعارض ـ يلحق في الحكم بالعادل فيكرم ، فإذا لم يرجح الشمولي على البدلي ، فلما ذا نرى القوم يقدمون العام على المطلق؟ ولازم ذلك : تقديم إطلاق الهيئة على إطلاق المادة لكون الأول شموليا ، والثاني بدليا.
وحاصل الدفع : أن تقديم عموم العام على إطلاق المطلق إنما هو لأجل كون العموم بالوضع ، والإطلاق البدلي بمقدمات الحكمة ، فليس تقديمه بملاك كونه عموما شموليا حتى يقال بترجيح إطلاق الهيئة لكونه شموليا على اطلاق المادة لكونه بدليا.
ولذا لو انعكس الأمر فرضا ؛ بأن يكون هناك عام دل بالوضع على العموم البدلي ، ومطلق دل بمقدمات الحكمة على الشمولي لكان العام مقدما على الإطلاق بلا كلام ، كما أشار إليه بقوله : «فلو فرض أنهما في ذلك على العكس» أي : «فلو فرض أن العام والمطلق في الشمولية والبدلية على العكس» لكان ما بالوضع مقدما على ما بمقدمات الحكمة ؛ وإن كان الثاني شموليا والأول بدليا.