نواسخ القرآن

أبي الفرج عبد الرحمن بن علي [ ابن الجوزي ]

نواسخ القرآن

المؤلف:

أبي الفرج عبد الرحمن بن علي [ ابن الجوزي ]


المحقق: الداني بن منير آل زهوي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: المكتبة العصريّة للطباعة والنشر
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٤٧

[١٨] (١) ـ أخبرنا أبو بكر بن حبيب قال : أخبرنا علي بن الفضل ، قال أخبرنا

__________________

(١) ـ إسناده ضعيف جدا.

فيه أشعث بن سعيد السمّان ؛ «متروك» كما في «التقريب».

وعاصم بن عبيد الله بن عاصم بن عمر بن الخطاب ؛ «ضعيف».

والخبر أخرجه : ابن أبي حاتم في «تفسيره» (١ / ٢١١ / ١١٢٠) والترمذي في «الجامع» (٣٤٥ ، ٢٩٥٧) وابن ماجة (١٠٢٠) أو (١٠٢٩) ـ بترقيم الشيخ علي الحلبي ـ وابن جرير الطبري في «تفسيره» (١ / ٤٠١) أو رقم (١٨٤١ ـ ١٨٤٣) ـ شاكر ـ وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند (٣١٦) والواحدي في «أسباب النزول» (ص ٣٧ ـ الحميدان) والطبراني في «الأوسط» (١ / ٢٨٤ / ٤٦٣) والطيالسي في «مسنده» (١١٤٥) أو (١ / ٨٥ / ٢٦٨ ـ منحة المعبود) والبيهقي (٢ / ١١) والدارقطني (١ / ٢٧٢) وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (١ / ١٧٩ ـ ١٨٠) والعقيلي في «الضعفاء» (١ / ٣١).

كلهم من طريق : أشعث بن سعيد السمّان ، عن عاصم بن عبيد الله به.

قال الترمذي : «هذا حديث ليس إسناده بذاك ، لا نعرفه إلا من حديث أشعث السمّان.

وأشعث بن سعيد أبو الربيع السمّان ؛ يضعّف في الحديث».

قلت : وقع عند عبد بن حميد في مطبوعة عالم الكتب من «المنتخب» : «سعد بن سعيد»! فليصحّح.

وقد أغرب الشيخ أحمد شاكر رحمه‌الله في تحقيقه على جامع الترمذي (٢ / ١٧٦ ـ ١٧٧) بتحسين إسناد الخبر. وبقوله عن أشعث هذا ؛ «أنه تكلّم فيه من قبل حفظه ، وهو صدوق»! والحديث حسّنه الشيخ الألباني ـ رحمه‌الله ـ في «إرواء الغليل» (١ / ٣٢٣ / ٢٩١) باعتبار متابعة عمرو بن قيس لأشعث كما هي عند الطيالسي ، فقال : «وقد تابعه عند الطيالسي عمرو بن قيس ؛ وهو الملائي ، احتج به مسلم».

قلت : كذا وقع عند الطيالسي : (عمرو بن قيس) في المسندة وفي «منحة المعبود» ، وهو تصحيف ، صوابه : «عمر بن قيس» المعروف بسندل ـ وهو متروك أيضا ـ هذا ما ترجّح عندي ؛ لثلاثة أمور :

الأول : أن العلامة المباركفوري نقل في «تحفة الأحوذي» (٢ / ٣٣٥) عن الحافظ العراقي قوله : تابعه عليه عمر بن قيس الملقب بسندل ، عن عاصم. أخرجه أبو داود الطيالسي في «مسنده» والبيهقي في «سننه». إلا أن عمر بن قيس مشارك لأشعث في الضعف ، بل ربما يكون أسوأ حالا منه ، فلا عبرة حينئذ بمتابعته ، وإنما ذكرته ليستفاد منه».

الثاني : أن عاصم بن عبيد الله يروي عن عمر بن قيس (سندل) ، لا عمرو بن قيس الملائي ، انظر «تهذيب الكمال» (٢١ / ٤٨٨ و ٢٢ / ٢٠٠).

الثالث : أن الحافظ ابن حجر العسقلاني ـ رحمه‌الله ـ أثبت هذا الاسم على الصواب في كتابه «العجاب في بيان الأسباب» كما في مخطوطة الكتاب (ق ٤٠ / أ). ووقع في هامش المطبوع بتحقيق عبد الحكيم الأنيس (١ / ٣٦٣) بعد أن أثبت في المتن اسم (عمرو بن قيس) قال : «في الأصل (عمر) والصواب ما أثبتّ»! قلت : الصواب ما كان في الأصل.

فتحصّل مما سبق أن الصواب في الاسم هو «عمر بن قيس» وما في «المسند» للطيالسي تصحيف

٤١

محمد بن عبد الصمد ، قال : حدّثنا عبد الله بن أحمد ، قال : أخبرنا إبراهيم بن حريم قال : حدّثنا عبد الحميد ، قال : أخبرنا يزيد بن هارون ، قال : أخبرنا أشعث بن سعيد قال : حدّثنا عاصم بن عبيد الله ، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة ، عن أبيه قال : كنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في غزاة في ليلة سوداء مظلمة ، فلم نعرف القبلة ، فذكرنا ذلك لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأنزل الله : (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ إِنَّ اللهَ واسِعٌ عَلِيمٌ).

وروى جابر بن عبد الله قال : بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم سرية كنت فيها ، فأصابتنا ظلمة فلم نعرف القبلة ، فقالت طائفة : القبلة هاهنا ، فصلوا وخطوا خطا ، وقال بعضهم هاهنا ، فصلوا وخطوا خطا ، فلما أصبحنا أصبحت تلك الخطوط لغير القبلة ، فلما قفلنا من سفرنا سألنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن ذلك فسكت ، فأنزل الله تعالى : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) (١).

__________________

[ثم تأكدت بعد من هذا بمراجعة أحد الأخوة الأفاضل للمخطوطة الهندية لمسند الطيالسي (ق ١٤٢ / أ) والاسم على الجادة فيها] فالحمد لله على إنعامه.

فالخبر ضعيف لا يصح ، كما قال ابن حزم في «المحلى» (٣ / ١٣٧) والنووي في «المجموع» (٣ / ٢٢٤). والحمد لله على توفيقه ، وهو سبحانه وتعالى أعلم.

(١) أخرجه الحاكم (١ / ٢٠٦) والدارقطني (١ / ٢٧١) والبيهقي (٢ / ١٠).

من طريق : محمد بن يزيد الواسطي ، عن محمد بن سالم ، عن عطاء ، عن جابر به.

قال الحاكم : «هذا حديث محتج برواته كلهم ، غير محمد بن سالم فإني لا أعرفه بعدالة ولا جرح». وقال الذهبي : «هو أبو سهل ؛ واه».

وقال الدارقطني ؛ «كذا قال : عن محمد بن سالم. وقال غيره : عن محمد بن يزيد ، عن محمد بن عبيد الله العرزمي ، عن عطاء. وهما ضعيفان».

وقال الدارقطني في «العلل» (٤ / ق ١٣١ / أ) : «يرويه محمد بن يزيد الواسطي ، واختلف عنه.

فرواه داود بن عمرو ، عن محمد بن يزيد ، عن محمد بن سالم ، عن عطاء ، عن جابر. وغيره يرويه عن محمد بن يزيد ، عن محمد بن عبيد الله العرزمي ، عن عطاء ، عن جابر. وكلاهما ضعيفان».

وأخرجه البيهقي (٢ / ١١) والدارقطني (١ / ٢٧١) والواحدي في «أسباب النزول» (ص ٣٤). من طريق : أحمد بن عبيد الله بن الحسن العنبري ، قال : وجدت في كتاب أبي ؛ ثنا عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن جابر ..».

قال البيهقي : «ولا نعلم لهذا الحديث إسنادا صحيحا قويا ، وذلك لأن عاصم بن عبيد الله بن عمر العمري ، ومحمد بن عبيد الله العرزمي ، ومحمد بن سالم الكوفي ، كلهم ضعفاء والطريق إلى عبد الملك العرزمي غير واضح لما فيه من الوجادة».

ونقل شمس الحق العظيم آبادي في «التعليق المغني على سنن الدارقطني» عن ابن القطان قوله : «وعلّة هذا ، الانقطاع فيما بين أحمد بن عبد الله وأبيه والجهل بحال أحمد المذكور».

٤٢

قلت : وهذا الحكم باق عندنا ، وإن من اشتبهت عليه القبلة فصلّى بالاجتهاد فصلاته صحيحة مجزية ، وهو قول سعيد بن المسيب ، ومجاهد ، وعطاء ، والشعبي ، والنخعي ، وأبي حنيفة. وللشافعي قولان :

الأول : كمذهبنا.

والثاني : يجب الإعادة ، وقال الحسن والزهري وربيعة : يعيد في الوقت ، فإذا فات الوقت لم يعد ، وهو قول مالك.

القول الثاني : أن المراد بالآية صلاة التطوع [١٩] (١) ـ أخبرنا أبو بكر بن حبيب ، قال : بنا علي بن الفضل ، قال : أخبرنا ابن عبد الصمد ، قال : أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حموية قال : ابنا إبراهيم بن حريم ، قال : حدّثنا عبد الحميد ، قال : أخبرنا يزيد بن هارون قال : أخبرنا عبد الملك بن أبي سليمان ، قال : سمعت سعيد بن جبير يحدّث عن ابن عمر قال : كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يصلّي على راحلته تطوعا أينما توجهت به ، وهو جاء من مكة إلى المدينة ، ثم قرأ ابن عمر : (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) فقال ابن عمر رضي الله عنه : في هذا أنزلت الآية.

القول الثالث : أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لما صلّى على النجاشي ، قال أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : كيف نصلّي على رجل مات وهو يصلي على غير قبلتنا؟ وكان يصلي إلى بيت المقدس حتى مات ، وقد صرفت القبلة إلى الكعبة ، فنزلت هذه الآية. رواه عطاء ، عن ابن عباس رضي الله عنهما (٢).

القول الرابع : أن المراد بالآية : أينما كنتم من شرق أو غرب فاستقبلوا الكعبة ، قاله مجاهد (٣).

__________________

وأعله الحافظ ابن حجر في «العجاب» (١ / ٣٦٢) بالانقطاع.

وأخرجه البيهقي (٢ / ١١) من طريق : الحارث بن نبهان ، عن محمد بن عبيد الله العرزمي ،عن عطاءبه.

وإسناده ضعيف جدا ؛ لأجل الحارث بن نبهان ، وهو «متروك».

فالحديث ضعيف من جميع طرقه وشواهده ، والله تعالى أعلم.

(١) أخرجه مسلم (٧٠٠) وأحمد (٢ / ٢٠) أو رقم (٤٧١٤) ـ أحمد شاكر ـ والترمذي (٢٩٥٨) والنسائي (١ / ٢٤٤) وابن أبي حاتم في «تفسيره» (١ / ٢١٢ / ١١٢١) وابن خزيمة في «صحيحه» (٢ / ٢٥٢ ـ ٢٥٣ / ١٢٦٧ ، ١٢٦٩) وابن جرير في «تفسيره» (١ / ٥٠٣) والدارقطني (١ / ٢٧٢) والبيهقي (٢ / ٤) وغيرهم.

(٢) انظر «أسباب النزول» (ص ٣٨).

(٣) أخرجه ابن أبي حاتم (١ / ٢١٢ / ١١٢٢).

٤٣

القول الخامس : أن اليهود لما تكلموا حين صرفت القبلة إلى الكعبة نزلت هذه الآية ، ومعناها : لا تلتفتنّ إلى اعتراض اليهود بالجهل ، وإن المشرق والمغرب لله يتعبدكم بالصلاة إلى مكان ثم يصرفكم عنه كما يشاء. ذكره أبو بكر بن الأنباري ، وقد روى معناه عن ابن عباس رضي الله عنهما.

القول السادس : أنه ليس المراد بالصلاة وحدها وإنما معنى الآية من أي وجه قصدتم الله وعلى أي حال عبدتموه علم ذلك وأثابكم عليه.

والعرب تجعل الوجه بمعنى القصد ، قال الشاعر :

أستغفر الله ذنبا لست محصيه

ربّ العباد إليه الوجه والعمل

معناه : إليه القصد والتقدم. ذكره محمد بن القاسم أيضا.

القول السابع : أن معنى الآية أينما كنتم من الأرض فعلم الله بكم محيط لا يخفى عليه شيء من أعمالكم. ذكره ابن القاسم أيضا ، وعلى هذه الأقوال الآية محكمة.

القول الثامن : ذكر أربابه أنها منسوخة ، فروى عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أول ما نسخ من القرآن شأن القبلة ، قوله تعالى : (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) [البقرة : ١١٥] فاستقبل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بصلاته صخرة بيت المقدس فصلّى إليها ، وكانت قبلة اليهود ، ليؤمنوا به وليتبعوه وليدعوا بذلك الأميين من العرب ، فنسخ ذلك (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) [البقرة : ١٥٠].

[٢٠] (١) ـ أخبرنا إسماعيل بن أحمد السمرقندي قال : ابنا أبو الفضل عمر بن عبيد الله البقال قال : ابنا أبو الحسين علي بن محمد بن بشران ، قال : ابنا أبو الحسين إسحاق بن أحمد الكاذي ، قال : بنا عبد الله بن حنبل ، قال : حدّثني أبي قال : حدّثني حجاج بن محمد ، قال : ابنا ابن جريح ، عن عطاء الخراساني ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أول ما نسخ من القرآن ـ فيما ذكر لنا والله أعلم ـ شأن القبلة ، قال : (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) فاستقبل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فصلّى نحو بيت المقدس ، وترك البيت العتيق ثم صرفه الله إلى البيت العتيق فقال : (سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها) [البقرة : ١٤٢] يعنون بيت

__________________

(١) أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسيره» (١ / ٢١٢ / ١١٢٣) وابن جرير الطبري في «تفسيره» (٢ / ٥٢٧ / ١٨٣٣ ـ شاكر) والحاكم (٢ / ٢٦٧) وأبو عبيد في «الناسخ والمنسوخ» (٢١).

من طريق ابن جريج به.

وصحح إسناده الحاكم ، ووافقه الذهبي. وقال الشيخ أحمد شاكر : «وهو كما قالا».

٤٤

المقدس ، فنسخها وصرف إلى البيت العتيق فقال : (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ).

قال أحمد بن حنبل : وحدّثنا عبد الوهاب بن عطاء ، أخبرنا سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) قال : كانوا يصلون نحو بيت المقدس ونبي الله بمكة وبعدها هاجر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا ، ثم وجهه الله تعالى بعد ذلك نحو الكعبة البيت الحرام (١).

قال أحمد : وبنا عبد الصمد بن عبد الوارث ، قال : بنا همام قال : بنا قتادة : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) قال : وكانوا يصلون نحو بيت المقدس ثم وجهه الله نحو الكعبة.

وقال عزوجل : (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) [البقرة : ١٤٤] فنسخت هذه الآية ما كان قبلها من قبلة.

[٢١] ـ أخبرنا محمد بن عبد الله العامري ، قال : ابنا علي بن الفضل ، قال : ابنا محمد بن عبد الصمد ، قال : ابنا عبد الله بن أحمد ، قال : ابنا إبراهيم بن حريم ، قال : بنا عبد الحميد ، قال : بنا يونس ، عن شيبان ، عن قتادة (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) [البقرة : ١١٥] قال : نسخ هذا بعد ذلك ، فقال الله عزوجل : (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ). قلت : وهذا قول أبي العالية والسدي.

فصل

واعلم : أن قوله تعالى : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) ليس فيه أمر بالتوجه إلى بيت المقدس ولا إلى غيره ، بل هو دال على أن الجهات كلها سواء في جواز التوجه إليها.

فأما التوجه إلى بيت المقدس فاختلف العلماء ؛ هل كان برأي النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم واجتهاده ، أو كان عن وحي؟

فروي عن ابن عباس وابن جريج أنه كان عن أمر الله تعالى ، لقوله عزوجل : (وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ) [البقرة : ١٤٣].

[٢٢] ـ وأخبرنا المبارك بن علي ، قال : ابنا أحمد بن الحسين بن قريش ، قال : ابنا إبراهيم بن عمر البرمكي ، قال : حدّثنا محمد بن إسماعيل بن العباس ،

__________________

(١) أخرجه ابن جرير الطبري في «تفسيره» (٢ / ٥٢٩ / ١٨٣٥ ـ ١٨٣٧).

٤٥

قال : ابنا أبو بكر بن أبي داود ، قال : بنا محمد بن الحسين قال : بنا كثير بن يحيى قال : بنا أبي ، قال : بنا أبو بكر الهدبي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قالت اليهود : إن محمدا مخالف لنا في كل شيء فلو تابعنا على قبلتنا ، أو على شيء تابعناه ، فظن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن هذا منهم جد ، وعلم الله منهم الكذب ، وأنهم لا يفعلون فأراد الله أن يبين ذلك لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : إذا قدمت المدينة فصلّ قبل بيت المقدس ، ففعل ذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقالت اليهود : قد تابعنا على قبلتنا ويوشك أن يتابعنا على ديننا ، فأنزل الله عزوجل : (وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ) فقد علمنا أنهم لا يفعلون ، ولكن أردنا أن نبين ذلك لك.

وقال الحسن وعكرمة وأبو العالية والربيع : بل كان برأيه واجتهاده.

وقال قتادة : كان الناس يتوجهون إلى أي جهة شاءوا ، بقوله تعالى : (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ) ثم أمرهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم باستقبال بيت المقدس.

وقال ابن زيد : كانوا ينحون أن يصلوا إلى قبلة شاءوا ، لأن المشارق والمغارب لله ، وأنزل الله تعالى : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «هؤلاء يهود قد استقبلوا بيتا من بيوت الله ـ يعني بيت المقدس ـ فصلوا إليه» فصلّى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأصحابه بضعة عشر شهرا ، فقالت اليهود : ما اهتدى لقبلته حتى هديناه ، فكره النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قولهم ورفع طرفه إلى السماء فأنزل الله تعالى : (قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ) (١) [البقرة : ١٤٤].

[٣٢] ـ أخبرنا المبارك بن علي ، قال : ابنا أحمد بن الحسين بن قريش ، قال : ابنا أبو إسحاق البرمكي ، قال : ابنا محمد بن إسماعيل الوراق ، قال : بنا أبو بكر بن أبي داود ، قال : بنا محمد بن أيوب قال : بنا أحمد بن عبد الرحمن ، قال : بنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع ، قال : حدّثني أبو العالية : أن نبيّ الله خيّر بين أن يوجه حيث يشاء ، فاختار بيت المقدس ، لكي يتألف أهل الكتاب ، ثم وجهه الله إلى البيت الحرام.

واختلف العلماء في سبب اختياره بيت المقدس على قولين :

الأول : أن العرب لما كانت تحج ولم تألف بيت المقدس ، أحب الله امتحانهم بغير ما ألفوه ليظهر من يتبع الرسول ممن لا يتبعه ، كما قال تعالى : (وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ

__________________

(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٢ / ٥٢٩ / ١٨٣٨).

٤٦

الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ) وهذا قول الزجاج.

والثاني : أنه اختاره ليتألف أهل الكتاب ، قاله : أبو جعفر بن جرير الطبري.

قلت : فإذا ثبت أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم اختار بيت المقدس فقد وجب استقباله بالسنة ، ثم نسخ ذلك بالقرآن.

والتحقيق في هذه الآية أنها أخبرت أن الإنسان أين تولى بوجهه فثم وجه الله ، فيحتاج مدّعي نسخها أن يقول : فيها إضمار ، تقديره : (فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ) [البقرة : ١٥٠] في الصلاة أين شئتم ثم نسخ ذلك المقدر ، وفي هذا بعد ، والصحيح إحكامها.

ذكر الآية الثامنة :

قوله تعالى : (وَلَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ) [البقرة : ١٣٩] قد ذهب بعض المفسرين إلى أن هذا الكلام اقتضى نوع مساهلة للكفار ثم نسخ بآية السيف ، ولا أرى هذا القول صحيحا ، لأربعة أوجه :

الأول : أن معنى الآية : أتخاصموننا في دين الله؟ وكانوا يقولون : نحن أولى بالله منكم ، لأننا أبناء الله وأحباؤه ، ومنا كانت الأنبياء ، وهو ربنا وربكم ؛ أي : نحن كلنا في حكم العبودية سواء ، فكيف يكونون أحق به؟ (وَلَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ) أي لا اختصاص لأحد به إلا من جهة الطاعة والعمل ، وإنما يجازي كل منا بعمله ، ولا تنفع الدعاوي وعلى هذا البيان لا وجه للنسخ.

والثاني : أنه خبر خارج مخرج الوعيد والتهديد.

والثالث : أنا قد علمنا أعمال أهل الكتاب وعليها أقررناهم.

والرابع : أن المنسوخ ما لا يبقى له حكم ، وحكم هذا الكلام لا يتغير فإن كل عامل له جزاء عمله ، فلو ورد الأمر بقتالهم لم يبطل تعلق أعمالهم بهم.

ذكر الآية التاسعة :

قوله تعالى : (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ) [البقرة : ١٥٨].

قد ذكر عن بعض المفسرين أنه قال : معنى الآية فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما. قال : ثم نسخ ذلك بقوله تعالى : (وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ) [البقرة : ١٣٠] والسعي بينهما من ملة إبراهيم.

قلت : وهذا قول مردود ، لا يصلح الالتفات إليه ، لأنه يوجب إضمارا في الآية ، ولا يحتاج إليه ، وإن كان قد قرئ به فإنه مروي عن ابن مسعود ، وأبي بن

٤٧

كعب ، وابن جبير ، وابن سيرين ، وميمون بن مهران أنهم قرءوا (فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما وَمَنْ تَطَوَّعَ) [البقرة : ١٥٨] ، ولهذه القراءة وجهان :

الأول : أن تكون دالة على أن السعي بينهما لا يجب.

والثاني : أن يكون «لا» صلة. كقوله : ما منعك أن لا تسجد ، فيكون معناه معنى القراءة المشهورة ، وقد ذهب مالك والشافعي وأحمد إلى أن السعي من أركان الحج ، وقال أبو حنيفة وأصحابه : هو واجب يجزي عنه الدم.

والصحيح في سبب نزول هذه الآية.

[٢٤] (١) ـ ما أخبرنا به أبو بكر بن حبيب ، قال : ابنا علي بن الفضل ، قال : ابنا محمد بن عبد الصمد ، قال : ابنا ابن حموية ، قال : ابنا إبراهيم بن حريم ، قال : ابنا عبد الحميد ، قال : ابنا عبد الوهاب بن عطاء ، عن داود ، عن عامر ، قال : كان على الصفا وثن يدعى أساف ، ووثن على المروة يدعى نائلة ، وكان أهل الجاهلية يسعون بينهما ويمسحون الوثنين ، فلما جاء الإسلام أمسك المسلمون عن السعي بينهما فنزلت هذه الآية.

قلت : فقد بان بهذا أن المسلمين إنما امتنعوا عن الطواف لأجل الصنمين ، فرفع الله عزوجل الجناح عمن طاف بينهما ، لأنه إنما يقصد تعظيم الله تعالى بطوافه دون الأصنام.

ذكر الآية العاشرة :

قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى) إلى قوله : (اللَّاعِنُونَ) [البقرة : ١٥٩] قد زعم قوم من القراء الذين قل حظهم من علم العربية والفقه أن هذه الآية منسوخة بالاستثناء بعدها ، ولو كان لهم نصيب من ذلك ، لعلموا أن الاستثناء ليس بنسخ ، وإنما هو إخراج بعض ما شمله اللفظ ، وينكشف هذا من وجهين :

الأول : أن الناسخ والمنسوخ لا يمكن العمل بأحدهما إلا بترك العمل بالآخر ، وهاهنا يمكن العمل بالمستثنى والمستثنى منه.

والثاني : أن الجمل إذا دخلها الاستثناء بثبت أن المستثنى لم يكن

__________________

(١) أخرجه الواحدي في «الوسيط» كما في «العجاب» (١ / ٤١٠) وابن جرير الطبري في «تفسيره» (٣ / ٢٣١ / ٢٣٣٥).

وداود هو ؛ ابن أبي هند.

وعامر ؛ هو : الشعبي.

٤٨

مرادا دخوله في الجملة السابقة ، وما لا يكون مرادا باللفظ الأول لا يدخل عليه النسخ.

ذكر الآية الحادية عشر:

قوله تعالى : (إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ) [البقرة : ١٧٣]. ذهب جماعة من مفسّري القرآن إلى أن أول هذه الآية منسوخة بقوله تعالى : (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ) [البقرة : ١٧٣].

وزعم بعضهم أنه إنما نسخ منها حكم الميتة والدم ، بقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أحلّت لنا ميتتان ودمان ؛ السمك والجراد ، والكبد والطحال» (١). وكلا القولين باطل ، لأن الله تعالى استثنى من التحريم حال الضرورة ، والنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم استثنى بالتخصيص ما ذكره في الحديث ولا وجه للنسخ بحال.

__________________

(١) أخرجه أحمد (٢ / ٩٧) أو رقم (٥٧٢٣) ـ شاكر ـ وابن ماجة (٣٢١٨ ، ٣٣١٤) والبيهقي في «السنن» (١ / ٢٥٤) وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (٨٢٠) والبغوي في «شرح السنة» (١١ / ٢٤٤) والشافعي في «مسنده : (ص ٢٤٠ ـ العلمية) والدارقطني (٢ / ٢٧١) وابن عدي في «الكامل» (٤ / ١٥٨٢). من طريق : عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن ابن عمر مرفوعا.

وإسناده ضعيف ؛ لأجل عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وهو ضعيف جدا.

وتابعه أخوه عبد الله عند الدارقطني (٢ / ٢٧٢) وابن عدي في «الكامل» (٤ / ١٥٠٣) والبيهقي (١ / ٢٥٤) وكذا أخوه أسامة.

قال البيهقي : «أولاد زيد كلهم ضعفاء ، جرحهم يحيى بن معين ، وكان أحمد بن حنبل وعلي بن المديني يوثقان عبد الله بن زيد ، إلا أن الصحيح من هذا الحديث الأول».

قلت : يريد الموقوف على ابن عمر ، فقد أخرجه (١ / ٢٥٤) من طريق : ابن وهب ، عن سليمان بن بلال ، عن زيد بن أسلم ، عن ابن عمر موقوفا.

وأخرجه الخطيب البغدادي في «تاريخه» (١٣ / ٢٤٥) من طريق : يحيى بن حسان ، عن مسور بن الصلت ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري مرفوعا ، بنحو منه.

وإسناده ضعيف جدا لأجل مسور بن الصلت ؛ فهو متروك كما قال النسائي وغيره.

خلاصة القول أن الحديث لم يصحّ مرفوعا ، ولكنه صحّ موقوفا والموقوف هنا له حكم المرفوع ، لأن قول الصحابي : «أحلّ لنا كذا» أو «حرم علينا كذا». هو من نوع المرفوع كما هو مقرر في الأصول.

والحديث صحّحه موقوفا ؛ أبو حاتم الرازي والدارقطني والبيهقي والنووي وابن حجر وأحمد شاكر والألباني وغيرهم.

انظر «المجموع» (٩ / ٢٥) و «التلخيص الحبير» (١ / ٣٦) و «فتح الباري» (٩ / ٥٣٦) و «كشف الخفاء» (١ / ٦٠ ـ ٦١ / ١٤٨) و «نصب الراية» (٤ / ٢٠٢) وتعليق العلامة أحمد شاكر على «المسند» (٨ / ١٠٢ ـ ١٠٥ / ٥٧٢٣) فقد أسهب في الكلام على الحديث و «الصحيحة» (١١١٨).

٤٩

ذكر الآية الثانية عشر :

قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى) [البقرة : ١٧٨] ذهب بعض المفسرين إلى أن دليل خطاب هذه الآية منسوخ ، لأنه لما قال : (الْحُرُّ بِالْحُرِّ) اقتضى أن لا يقتل العبد بالحر ، وكذا لما قال : (وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى) اقتضى أن لا يقتل الذكر بالأنثى من جهة دليل الخطاب ، وذلك منسوخ بقوله تعالى : (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) [المائدة : ٤٥] وإلى هذا أشار ابن عباس فيما رواه عثمان بن عطاء ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : نسختها الآية التي في المائدة (أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) (١) ، وإلى نحو هذا ذهب سعيد بن جبير ومقاتل (٢).

[٢٥] (٣) ـ أخبرنا المبارك بن علي ، قال : ابنا أحمد بن الحسين بن قريش ، قال ابنا أبو إسحاق البرمكي ، قال : ابنا أبو بكر محمد بن إسماعيل أذنا ، قال : ابنا أبو بكر بن أبي داود ، قال : ابنا يعقوب بن سفيان ، قال : ابنا يحيى بن عبد الله بن بكير ، قال : حدّثني عبد الله بن لهيعة ، عن عطاء بن دينار ، عن سعيد بن جبير ، أن حيّين من العرب اقتتلوا في الجاهلية قبل الإسلام بقليل ، فكان بينهم قتل وجراحات ، حتى قتلوا العبيد والنساء ، فلم يأخذ بعضهم من بعض حتى أسلموا ، وكان أحد الحيّين يتطاولون على الآخر في العدة والأموال ، فحلفوا أن لا نرضى حتى نقتل بالعبد منا الحر منهم ، وبالمرأة منا الرجل منهم فنزل فيهم : (الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى) فرضوا بذلك فصارت آية (الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى) منسوخة نسخها (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ).

قلت : وهذا القول ليس بشيء لوجهين :

الأول : أنه إنما ذكر في آية المائدة ما كتبه على أهل التوراة ، وذلك لا يلزمنا ، وإنما نقول في إحدى الروايتين عن أحمد : إن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم

__________________

(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٣ / ٣٦٢ / ٥٧٢) وأبو عبيد في «الناسخ والمنسوخ» (٢٥٢) وابن أبي حاتم في «تفسيره» (١ / ٢٩٤ / ١٥٧٨).

وانظر «الناسخ والمنسوخ» لأبي جعفر النحاس (ص ١٩) و «الإيضاح» (ص ١٣٤).

(٢) انظر «صفوة الراسخ» (ص ٤٧ ـ ٤٩) و «أحكام القرآن» للجصاص (١ / ١٣٣) و «التفسير القرطبي» (٢ / ٢٤٦ ـ ٢٤٧).

(٣) إسناده ضعيف.

عبد الله بن لهيعة فيه كلام ، وكان قد اختلط ، ثم هو مرسل ؛ أرسله سعيد بن جبير.

وقد أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسيره» (١ / ٢٩٣ / ١٥٧٦).

٥٠

يثبت نسخه ، وخطابنا بعد خطابهم قد ثبت النسخ ، فتلك الآية أولى أن تكون منسوخة بهذه من هذه بتلك.

الثاني : أن دليل الخطاب عند الفقهاء حجة ما لم يعارضه دليل أقوى منه ، وقد ثبت بلفظ الآية أن الحر يوازي الحر فلأن الحر يوازي العبد أولى ، ثم إن أول الآية يعم ، وهو قوله : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ) وإنما الآية نزلت فيمن كان يقتل حرا بعبد وذكرا بأنثى ، فأمروا بالنظر في التكافؤ.

[٢٦] ـ أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن حبيب قال : ابنا علي بن الفضل ، قال : ابنا محمد بن عبد الصمد ، قال : ابنا عبد الله بن أحمد السرخسي ، قال : ابنا إبراهيم بن حريم ، قال : ابنا عبد الحميد ، قال : ابنا يونس ، عن شيبان ، عن قتادة (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى) [البقرة : ١٧٨] قال : كان أهل الجاهلية فيهم بغي وطاعة للشيطان ، فكان الحيّ منهم إذا كان فيه عدد وعدّة ، فقتل لهم عبد قتله عبد قوم آخرين. قالوا : لن نقتل به إلا حرا تعززا وتفضلا على غيرهم في أنفسهم. وإذا قتلت لهم أنثى قتلتها امرأة. قالوا : لن نقتل بها إلا رجلا ، فأنزل الله هذه الآية يخبرهم أن الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى ، وينهاهم عن البغي ، ثم أنزل في سورة المائدة : (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) إلى قوله : (وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ) [المائدة : ٤٥].

ذكر الآية الثالثة عشر :

قوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) [البقرة : ١٨٠] اختلف المفسرون في هذه الوصية ، هل كانت واجبة أم لا ، على قولين :

الأول : أنها كانت ندبا لا واجبة ، وهذا مذهب جماعة منهم الشعبي والنخعي (١) ، واستدلوا بقوله : (بِالْمَعْرُوفِ) ، قالوا : المعروف لا يقتضي الإيجاب وبقوله : (عَلَى الْمُتَّقِينَ) [البقرة : ١٨٠] والواجب لا يختص به المتقون.

والثاني : أنها كانت فرضا ثم نسخت ، وهو قول جمهور المفسرين (٢) ، واستدلوا بقوله : (كُتِبَ) وهو بمعنى فرض كقوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ)

__________________

(١) انظر مصنف عبد الرزاق (٣ / ٥٧) و «تفسير الطبري» (٣ / ٣٩٢) و «الإيضاح» لمكي بن أبي طالب (ص ١٤٤) و «الناسخ والمنسوخ» لأبي جعفر النحاس (ص ٢١) و «صفوة الراسخ» (ص ٤٩ ـ ٥٠) و «تفسير القرطبي» (٢ / ٢٥٩).

(٢) انظر المصادر السابقة.

٥١

[البقرة : ١٨٣] وقد نص أحمد في رواية الفضل بن زياد على نسخ هذه الآية ، فقال : الوصية للوالدين منسوخة.

وأجاب أرباب هذا القول أهل القول الأول ، فقالوا : ذكر المعروف لا يمنع الوجوب ، لأن المعروف بمعنى العدل الذي لا شطط فيه ولا تقصير ، كقوله تعالى : (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) [البقرة : ٢٣٣] ولا خلاف في وجوب هذا الرزق والكسوة ، فذكر المعروف في الوصية لا يمنع وجوبها بل يؤكده ، وكذلك تخصيص الأمر بالمتقين دليل على توكيده لأنها إذا وجبت على المتقين كان وجوبها على غيرهم أولى ، وإنما خصهم بالذكر ، لأن فعل ذلك من تقوى الله تعالى ، والتقوى لازمة لجميع الخلق.

فصل

ثم اختلف القائلون بإيجاب الوصية ونسخها بعد ذلك في المنسوخ من الآية على ثلاثة أقوال :

القول الأول : أن جميع ما في الآية من إيجاب الوصية منسوخ ، قاله ابن عباس رضي الله عنهما.

[٢٧] (١) ـ أخبرنا عبد الوهاب الحافظ ، قال : ابنا أبو الفضل بن خيرون ، وأبو طاهر الباقلاوي ، قالا : أخبرنا ابن شاذان ، قال : ابنا أحمد بن كامل ، قال : ابنا محمد بن سعد ، قال : حدّثني أبي ، قال : حدّثني عمي الحسين بن الحسن بن عطية قال : حدّثني أبي ، عن جدي ، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما (إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) [البقرة : ١٨٠]. قال : نسخت الفريضة التي للوالدين والأقربين الوصية.

[٢٨] (٢) ـ أخبرنا ابن ناصر ، قال : ابنا ابن أيوب ، قال : ابنا ابن شاذان ، قال : ابنا أبو بكر النجاد ، قال : ابنا أبو داود السجستاني ، قال : ابنا الحسن بن محمد ؛ وأخبرنا إسماعيل بن أحمد ، قال : ابنا عمر بن عبيد الله البقال ، قال : ابنا علي بن محمد بن بشران ، قال : ابنا إسحاق بن أحمد الكاذي قال : حدّثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدّثني أبي قال : بنا حجاج قال : بنا ابن جريج ، عن عطاء الخراساني ، عن ابن عباس رضي الله عنهما. (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ

__________________

(١) أخرجه ابن جرير (٣ / ٢٩١ / ٢٦٥٣) وانظر الذي بعده.

(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسيره» (١ / ٢٩٩ / ١٦٠٤) والنحاس في «الناسخ والمنسوخ» (ص ٢١) وأبو عبيد في «الناسخ والمنسوخ» (٤٢٣) ، من طريق حجاج بن محمد به.

٥٢

تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ) نسختها : (لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ) [النساء : ٧].

[٢٩] (١) ـ أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق بن يوسف قال : ابنا محمد بن مرزوق ، قال : ابنا أبو بكر الخطيب ، قال : ابنا ابن رزق ، قال : ابنا أحمد بن سليمان ، قال : بنا أبو داود ، قال : بنا أحمد بن محمد ـ هو المروزي ـ قال : حدّثني علي بن الحسين بن واقد ، عن أبيه ، عن يزيد النحوي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، (إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) فكانت الوصية كذلك حتى نسختها آية الميراث.

[٣٠] (٢) ـ أخبرنا أبو بكر العامري ، قال : ابنا علي بن الفضل ، قال : ابنا ابن عبد الصمد ، قال : ابنا ابن حموية ، قال : بنا إبراهيم بن حريم ، قال : بنا عبد الحميد ، قال : ابنا النضر بن شميل ، قال : ابنا ابن عون ، عن ابن سيرين ، قال : كان ابن عباس يخطب ، فقرأ هذه الآية : (إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) فقال : هذه نسخت.

قال عبد الحميد : وحدّثنا يحيى بن آدم ، عن ابن حماد الحنفي ، عن جهضم ، عن عبد الله بن بدر الحنفي ، قال : سمعت ابن عمر يسأل عن هذه الآية : (الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) قال : نسختها آية المواريث.

قال عبد الحميد : وحدّثنا يحيى بن آدم ، عن محمد بن الفضل ، عن أشعث ، عن الحسن (إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) قال : نسختها آية الفرائض.

قال عبد الحميد : وأخبرني شبابة ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال : كان الميراث للولد ، والوصيّة للوالدين والأقربين ، فهي منسوخة.

__________________

(١) أخرجه أبو داود (٢٨٦٩) والنسائي (٢٠٦ ، ٢٠٧) والبيهقي (٦ / ٢٦٥) والخطيب البغدادي في «الفقيه والمتفقه» (١ / ٢٤٥ / ٢٤٠).

من طريق : أحمد بن محمد المروزي به.

وفي إسناده علي بن حسين بن واقد ؛ «صدوق يهم» لكنه توبع.

وقال الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (٢٤٩٣) : «حسن صحيح».

(٢) أخرجه ابن جرير الطبري في «تفسيره» (٣ / ٢٩١ / ٢٦٥٢) والحاكم (٢ / ٢٧٣) وسعيد بن منصور في «سننه» (٢ / ٦٦٣ / ٢٥٢ ـ آل حميد) والبيهقي (٦ / ٢٦٥ و ٧ / ٤٢٧ ـ ٤٢٨) وأبو عبيد في «ناسخه» (٤٢١).

من طريق : إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة ، عن يونس بن عبيد ، عن محمد بن سيرين به.

وإسناده صحيح إلى ابن سيرين ، وهو لم يسمع من ابن عباس. لكن يشهد له ما قبله.

٥٣

وكذلك قال : سعيد بن جبير : (إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ) قال : نسخت.

القول الثاني : أنه نسخ منها الوصية للوالدين [٣١] (١) ـ أخبرنا عبد الوهاب ، قال : ابنا أبو طاهر الباقلاوي ، قال : ابنا ابن شاذان ، قال : ابنا عبد الرحمن بن الحسن ، قال : بنا إبراهيم بن الحسين ، قال : بنا آدم ، عن الورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد (إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ) قال : كان الميراث للولد ، والوصية للوالدين والأقربين ثم نسخ منه الوالدين.

[٣٢] ـ أخبرنا إسماعيل ، قال : ابنا أبو الفضل البقال ، قال : ابنا بن بشران ، قال : ابنا إسحاق الكاذي ، قال : أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدّثني أبي ، قال : بنا أسود بن عامر ، قال : بنا إسرائيل ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، قال : كانت الوصية للوالدين فنسختها آية الميراث ، وصارت الوصية للأقربين.

قال أحمد : وحدّثنا أبو داود ، عن زمعة ، عن ابن طاوس ، عن أبيه قال : نسخت الوصية عن الوالدين ، وجعلت للأقربين.

قال أبو داود : وحدّثنا حماد بن مسلمة ، عن عطاء بن أبي ميمونة ، قال : سألت العلاء بن زياد ومسلم بن يسار عن الوصية ، فقالا : هي للقرابة (٢).

القول الثالث : أن الذي نسخ من الآية الوصية لمن يرث ، ولم ينسخ الأقربون الذين لا يرثون ، رواه عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما ، وهو قول الحسن والضحاك وأبي العالية.

[٣٣] ـ أخبرنا أبو بكر العامري ، قال : ابنا علي بن الفضل ، قال : ابنا ابن عبد الصمد ، قال : ابنا عبد الله بن أحمد ، قال : ابنا إبراهيم بن حريم ، قال : بنا عبد الحميد ، قال : بنا مسلم بن إبراهيم ، عن همام بن يحيى ، عن قتادة ، قال : أمر أن يوصي لوالديه ، وأقربيه ، ثم نسخ الوالدين ، والحق لكل ذي ميراث نصيبه منها ، وليست لهم منه وصية فصارت الوصية لمن لا يرث من قريب أو غير قريب.

[٣٤] (٣) ـ أخبرنا إسماعيل بن أحمد ، قال : ابنا أبو الفضل البقال ، قال : بنا أبو الحسن بن بشران قال : ابنا إسحاق الكاذي ، قال : بنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ،

__________________

(١) أخرجه أبو عبيد في «الناسخ والمنسوخ» (٤٢٤) من طريق : حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، نحوه.

(٢) أخرجه أبو عبيد في «الناسخ والمنسوخ» (٤٢٦).

(٣) أخرجه أبو عبيد في «الناسخ والمنسوخ» (٤٢٥).

وانظر «تفسير الطبري» (٣ / ٣٨٩ / ٢٦٤٤ ، ٢٦٤٥) و «السنن الكبرى» للبيهقي (٦ /٢٦٥).

٥٤

قال : حدّثني أبي قال : حدّثنا هشيم ، قال : ابنا يونس ، عن الحسن ، قال : كانت الوصية للوالدين والأقربين فنسخ ذلك ، وأثبتت لهما نصيبهما في سورة النساء وصارت الوصية للأقربين الذين لا يرثون ، ونسخ من الأقربين كل وارث.

قال أحمد : وحدّثنا عبد الوهاب ، عن سعيد ، عن قتادة (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ) قال : أمر الله أن يوصي لوالديه وأقربائه ثم نسخ ذلك في سورة النساء ، فألحق لهم نصيبا معلوما ، وألحق لكل ذي ميراث نصيبه منه وليست لهم وصية ، فصارت الوصية لمن لا يرث من قريب أو بعيد (١).

[٣٥] (٢) ـ أخبرنا أبو بكر العامري ، قال : ابنا علي بن الفضل ، قال : ابن

__________________

(١) أخرجه الدارمي في «سننه» (٢ / ٥١١ / ٣٢٦١) عن يزيد بن هارون ، عن همام ، عن قتادة به.

(٢) أخرجه أحمد (٥ / ٢٦٧) وأبو داود (٢٨٧٠) و (٣٥٦٥) والترمذي (٢٢٠٣) وابن ماجة (٢٧١٣) وسعيد بن منصور في «سننه» (١ / ١٠٧ / ٤٢٧) ـ الأعظمي ـ والطيالسي (١١٢٧) وعبد الرزاق في «مصنف» (٤ / ١٤٨ ـ ١٤٩ / ٧٢٧٧) و (٩ / ٤٨ / ١٦٣٠٨) والطبراني في «المعجم الكبير» (٨ / رقم : ١٥ ، ٧٦) وابن أبي شيبة في «مصنفه» (١١ / ١٤٩ / ١٠٧٦٥) والبيهقي في «سننه (٦ / ٢١٢ ، ٢٤٤ ، ٢٦٤) والدارقطني (٣ / ٤٠ ـ ٤١) وابن عبد البر في «التمهيد» (١ / ٢٣٠ و ١٤ / ٢٩٨ ـ ٢٩٩ و ٢٤ / ٤٣٩) والدولابي في «الكنى» (١ / ٦٤). وابن عدي في «الكامل» (١ / ٢٩٠).

من طريق : إسماعيل بن عياش ، قال : حدّثني شرحبيل بن مسلم الخولاني ، قال : سمعت أبا أمامة الباهلي يقول : فذكره مرفوعا.

قال الترمذي : «هذا حديث حسن».

قلت : إسماعيل بن عياش صدوق في روايته عن أهل بلده ، وهذا منها ، فإن شرحبيل شامي ثقة.

وحسّن إسناده الحافظ ابن حجر في «التلخيص الحبير» (٣ / ١٠٨٢) والشيخ الألباني في «إرواء الغليل» (٦ / ٨٨).

والحديث مروي عن جمع من الصحابة ؛ منهم :

١ ـ عمرو بن خارجة رضي الله عنه :

أخرجه أحمد (٤ / ١٧٦ ـ ١٨٦ ، ١٨٧ ، ١٨٧ ، ٢٣٨) والنسائي (٦ / ٢٤٧) والترمذي (٢١٢١) وابن ماجة (٢٧١٢) والطيالسي (١٣١٧) والدارقطني (٤ / ١٥٢) والبيهقي (٦ / ٢٦٤) والطبراني في «الكبير» (١٧ / رقم : ٦٠ ، ٧١) وفي «الأوسط» (٨ / ٣٨٨ / ٧٧٨٧) وأبو يعلى في «مسنده» (٣ / ٧٨ / ١٥٠٨) وابن عبد البر في «التمهيد» (١٤ / ٢٩٩) وسعيد بن منصور في «سننه» (١ / ١٢٦ / ٤٢٨ ـ الأعظمي) والدارمي (٢ / ٥١١ / ٣٢٦٠) وابن إسحاق كما في سيرة ابن هشام (٢ / ٦٠٥).

كلهم من طريق : شهر بن حوشب ، عن عبد الرحمن بن غنم ، عن عمرو بن خارجة به.

قال الترمذي : «حديث حسن صحيح».

قلت : في إسناده شهر بن حوشب ؛ وهو ضعيف.

لذا قال المحدث الألباني في «إرواء الغليل» (٦ / ٨٩) : «لعلّ تصحيحه من أجل شواهده الكثيرة ، وإلا فشهر بن حوشب ضعيف لسوء حفظه».

٥٥

عبد الصمد ، قال : ابنا ابن حموية ، قال : ابنا إبراهيم ، قال : بنا عبد الحميد ،

__________________

٢ ـ عبد الله بن عباس رضي الله عنه :

أخرجه الدارقطني (٤ / ٩٨) والبيهقي (٦ / ٢٦٣) وابن عدي في «الكامل» (٤ / ١٥٧٠) وابن عبد البر في «التمهيد» (١٤ / ٢٩٩).

من طريق : عبد الله بن محمد بن ربيعة ، عن محمد بن مسلم الطائفي ، عن ابن طاوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس به مرفوعا.

وإسناده ضعيف ، لأجل عبد الله بن محمد بن ربيعة ، أبو محمد المصيصي.

قال ابن عدي : «عامة أحاديثه غير محفوظة ، وهو ضعيف على ما تبيّن لي من روايته ، واضطراب فيها ، ولم أر للمتقدمين فيه كلاما فأذكره».

وقال ابن حبان في «المجروحين» (٢ / ٣٩ ـ ٤٠) : «لا يحل ذكره في الكتب إلا على سبيل الاعتبار». وقال الذهبي في «ميزان الاعتدال» (٢ / ٤٨٨ ـ ٤٨٩ / ٤٥٤٤) : «أحد الضعفاء ؛ أتى عن مالك بمصائب».

وقد حسّن إسناده الحافظ ابن حجر في «التلخيص» (٣ / ١٠٨٢) فأغرب.

وقد رواه طاوس مرسلا ، وهو الصواب كما سيأتي.

٣ ـ أنس بن مالك رضي الله عنه :

أخرجه ابن ماجة (٢٧١٤) أو (٢٧٦٤) ـ علي الحلبي ـ والدارقطني (٤ / ٧٠) والبيهقي (٦ / ٢٦٤) والضياء في «المختارة» (٦ / ١٥٠ / ٢١٤٦) وابن عدي في «الكامل» (٤ / ١٥٧٥).

من طريق : عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، نا سعيد بن أبي سعيد ، عن أنس بن مالك مرفوعا.

قال البوصيري في زوائده : «وهذا إسناد صحيح ، ورجاله ثقات».

وسعيد بن أبي سعيد ؛ هو الساحلي ، لا المقبري. كما رجّحه العلامة الألباني في «إرواء الغليل» (٦ / ٩٠ ، ٩١).

وعلى هذا فالإسناد ضعيف.

وأخرجه تمام في «الفوائد» (١ / ٣٦ / ٦٦ ـ السّلفي) من طريق : سليمان بن سالم الحرّاني ، عن الزهري ، عن أنس به.

وإسناده ضعيف لأجل سليمان بن سالم ؛ فهو ضعيف.

٤ ـ جابر بن عبد الله رضي الله عنه :

أخرجه الدارقطني (٤ / ٩٧) وابن عدي في «الكامل» (١ / ٢٠٢).

من طريق : إسحاق بن إبراهيم الهروي ، نا سفيان ، عن عمرو ، عن جابر به مرفوعا.

وانظر تعليق المحدث الألباني على هذه الطريق في «الإرواء» (٦ / ٩٢ ـ ٩٣).

وله طريق أخرى عن جابر ؛ أخرجها أبو نعيم في «أخبار أصبهان» (١ / ٢٢٧) وأبو الشيخ في «طبقات المحدثين بأصبهان» (٣ / ١٧٢ ـ ١٧٣ / ٤٣٣).

من طريق : نوح بن دراج ، عن أبان بن تغلب ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر به.

وإسناده واه جدا ؛ نوح بن دراج متروك الحديث ، وقد كذّبه ابن معين وغيره.

٥ ـ عبد الله بن عمرو رضي الله عنه :

أخرجه الدارقطني (٤ / ٩٨) وابن عدي (٢ / ٨١٧).

من طريق : حبيب بن الشهيد ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده به.

٥٦

قال : بنا يحيى بن آدم ، قال : بنا إسماعيل بن عياش ، قال : بنا شرحبيل بن مسلم ، قال : سمعت أبا أمامة الباهلية يقول : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث».

__________________

وحسّن إسناده الشيخ الألباني في «إرواء الغليل» (٦ / ٩١).

قلت : في إسناد الدارقطني سهل بن عمار ؛ وهو متروك.

لكنه توبع عند ابن عدي ، لكنه اختلف فيه ، فوقع عند الدارقطني حبيب ابن الشهيد ، وعند ابن عدي حبيب المعلم ، والله أعلم.

٦ ـ علي بن أبي طالب رضي الله عنه :

أخرجه الدارقطني (٤ / ٩٧) والبيهقي (٦ / ٢٦٧) والخطيب البغدادي في «الموضح لأوهام الجمع والتفريق» (٢ / ٨٨).

من طريق : يحيى بن أبي أنيسة الجزري ، عن أبي إسحاق الهمداني ، عن عاصم بن ضمرة ، عن علي به مرفوعا.

وإسناده ضعيف جدا ؛ لأجل يحيى بن أبي أنيسة ، فهو متروك.

وتابعه ناصح بن عبد الله الكوفي عن أبي إسحاق الهمداني به عند ابن عدي (٧ / ٢٥١١).

لكن ناصح هذا ضعيف ؛ ضعّفه النسائي كما أشار ابن عدي ، وفي إسناده عنده أيضا الحارث الأعور ؛ وهو ضعيف ، فلا يصلح للاعتبار.

وضعّف إسناده الحافظ في «التلخيص».

٧ ـ زيد بن أرقم والبراء بن عازب :

أخرجه ابن عدي (٦ / ٢٣٤٩) من طريق : موسى بن عثمان الحضرمي ، عن أبي إسحاق ، عن البراء وزيد بن أرقم به.

قال ابن عدي عن موسى الحضرمي : «حديثه ليس بمحفوظ».

٨ ـ أسماء بنت يزيد :

أخرجه إسحاق بن راهويه في «مسنده» (٥ / ١٦٥ / ٢٢٨٧) من طريق : يحيى بن يمان ، نا سفيان ، عن ليث ، عن شهر بن حوشب ، عن أسماء بنت يزيد ، قال : ـ أراها رفعته ـ قالت : «لا وصية لوارث».

وهذا إسناد ضعيف مسلسل بالضعفاء ، يحيى بن يمان ؛ صدوق يخطئ كثيرا. وليث هو : ابن سليم ضعيف لسوء حفظه واختلاطه فترك حديثه. وشهر بن حوشب ضعيف.

٩ ـ طاوس مرسلا.

أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (١١ / ١٥١ / ١٠٧٧٤) و (١١ / ١٦٦ / ١٠٨٣٣) وعبد الرزاق في «مصنفه» (٩ / ٨١ ـ ٨٢ / ١٦٤٢٦ ، ١٦٤٣٧ و ٩ / ٨٧ / ١٦٤٥٠) وسعيد بن منصور في «سننه» (١ / ٩٣ / ٣٥٨ ـ الأعظمي و ٢ / ٦٦٥ / ٢٥٣ ـ آل حميد) والبيهقي (٦ / ٢٦٥) وابن عدي (٤ / ١٥٧٠).

من طرق ؛ عن طاوس به مرسلا.

خلاصة الكلام : أن الحديث صحيح ، بل عدّه العلماء من المتواتر لكثرة طرقه ، وفيها الحسن لذاته والحسن لغيره والضعيف الذي ينجبر ، وشديد الضعف.

وانظر «فتح الباري» (٥ / ٤٣٨ ـ ٤٣٩) و «إرواء الغليل» (٦ / ٨٧ ـ ٩٦ / ١٦٥٥).

٥٧

ذكر الآية الرابعة عشر :

قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) [البقرة : ١٨٣] أما قوله : (كُتِبَ) فمعناه : فرض ، والذين من قبلنا ؛ هم أهل الكتاب. وفي كاف التشبيه في قوله : (كَما) ثلاثة أقوال :

القول الأول : أنها ترجع إلى حكم الصوم وصفته لا إلى عدده [٣٦] (١) ـ أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق ، قال : ابنا محمد بن مرزوق ، قال : ابنا أحمد بن علي بن ثابت ، قال : ابنا عبد الله بن يحيى السكري ، قال : ابنا جعفر الخلدي ، وقال : ابنا أبو علاثة محمد بن عمرو بن خالد ، قال : بنا أبي قال : بنا يونس بن راشد ، عن عطاء الخراساني ، عن عكرمة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما.

[٣٧] (٢) ـ وأخبرنا إسماعيل بن أحمد ، وقال : بنا أبو الفضل البقال ، قال : ابنا أبو الحسن بن بشران قال : بنا إسحاق الكاذي قال : بنا عبد الله بن أحمد قال : حدّثني أبي قال : بنا حجاج ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ـ ولم يذكر عكرمة ـ قال : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) يعني بذلك : أهل الكتاب ، وكان كتاب على أصحاب محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ؛ أن الرجل كان يأكل ويشرب وينكح ، ما بينه وبين أن يصلي العتمة ، أو يرقد وإذا صلّى العتمة أو رقد منع ذلك إلى مثلها ، فنسختها هذه الآية (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ) [البقرة : ١٨٧].

[٣٨] (٣) ـ أخبرنا محمد بن أبي منصور قال : ابنا علي بن أبي أيوب ، قال : ابنا أبو

__________________

(١) أخرجه الخطيب البغدادي في «الفقيه والمتفقه» (١ / ٢٥١ / ٢٤٨) من طريق : يونس بن راشد به.

وإسناده حسن.

(٢) أخرجه أبو عبيد في «الناسخ والمنسوخ» (٥١) وابن أبي حاتم في «تفسيره» (١ / ٣٠٥ / ١٦٢٨).

من طريق : حجاج به.

وإسناده ضعيف ، لأجل تدليس ابن جريج ، والانقطاع بين عطاء وابن عباس.

وأخرجه أبو داود (٢٣١٣) من طريق : علي بن الحسين بن واقد ، عن أبيه ، عن يزيد النحوي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس.

وعلي بن الحسين بن واقد ؛ «صدوق يهم».

فالإسناد حسن بما قبله.

وقال الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (٢٠٢٨) : «حسن صحيح».

(٣) أخرجه البخاري (١٩١٥) وأحمد (٤ / ٢٩٥) وأبو داود (٢٣١٤) والترمذي (٢٩٦٨) والنسائي (٤ / ١٤٧) والواحدي في «أسباب النزول» (ص ٥٠ ـ ٥١) وغيرهم. من طريق : إسرائيل به.

٥٨

علي بن شاذان ، قال : أخبرنا أبو بكر النجاد ، قال : بنا أبو داود السجستاني ، قال : ابنا نصر بن علي ، قال : بنا أبو أحمد ، قال : بنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن البراء ، قال : كان الرجل إذا صام فنام لم يأكل إلى مثلها من القابلة ، وإن قيس بن صرمة أتى امرأته ، وكان صائما فقال : عندك شيء؟ قالت لعلي أذهب فأطلب لك ، فذهبت وغلبته عينه فجاءت فقالت : خيبة لك. فذكر ذلك للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فنزلت (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ) إلى قوله : (مِنَ الْفَجْرِ) [البقرة : ١٨٧].

وقال سعيد بن جبير : كتب عليهم إذا نام أحدهم قبل أن يطعم لم يحل له أن يطعم إلى القابلة ، والنساء عليهم حرام ليلة الصيام ، وهو عليهم ثابت وقد أرخص لكم.

فعلى هذا القول تكون الآية منسوخة بقوله تعالى : (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ) الآية.

وقد روي أن قيس بن صرمة أكل بعد ما نام ، وأن عمر بن الخطاب جامع زوجته بعد أن نامت ، فنزل فيهما قوله تعالى : (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ) الآية.

القول الثاني : أنها ترجع إلى عدد الصوم لا إلي صفته ، ولأرباب هذا القول في ذلك ثلاثة أقوال :

[٣٩] ـ أما الأول : فأخبرنا أبو بكر بن حبيب ، قال : ابنا علي بن الفضل العامري قال : ابنا ابن عبد الصمد ، قال : ابنا ابن حموية ، قال : ابنا إبراهيم بن حريم قال : حدّثنا عبد الحميد ، قال : بنا هاشم بن القاسم ، قال : بنا محمد بن طلحة ، عن الأعمش ، قال : قال ابن عباس رضي الله عنهما : كتب على النصارى الصيام كما كتب عليكم ، فكان أول أمر النصارى أن قدموا يوما قالوا : حتى لا نخطئ ، قال : ثم آخر أمرهم صار إلى أن قالوا : نقدمه عشرا ونؤخر عشرا حتى لا نخطئ ، فضلوا.

وقال دغفل بن حنظلة : كان على النصارى صوم رمضان ، فمرض ملكهم ، فقالوا : إن شفاه الله ليزيدن سبعة أيام ، ثم ملك بعده ملك ، فقال : ما ندع من هذه الثلاثة الأيام أن نتمها ، ونجعل صومنا في الربيع ، ففعل فصارت خمسين يوما (١).

وروى السدي عن أشياخه ، قال : اشتدّ على النصارى صيام رمضان ، وجعل يتقلب عليهم في الشتاء والصيف ، فلما رأوا ذلك اجتمعوا فجعلوا صياما في الفصل

__________________

(١) أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (٤ / رقم : ٤٢٠٣).

من طريق : معاذ بن هشام ، حدثني أبي ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن دغفل بن حنظلة ، موقوفا.

٥٩

بين الشتاء والصيف ، وقالوا : نزيد عشرين يوما نكفّر بها ما صنعنا ، فجعلوا صيامهم خمسين يوما. فعلى هذا البيان الآية محكمة غير منسوخة.

[٤٠] ـ وأما الثاني : فأخبرنا عبد الوهاب ، قال : ابنا أبو الفضل بن خيرون ، وأبو طاهر الباقلاوي ، قالا : أخبرنا أبو علي بن شاذان ، قال : ابنا أحمد بن كامل ، قال : ابنا محمد بن سعد ، قال : حدّثنا أبي قال : حدّثني عمي الحسين بن الحسن بن عطية ، قال : حدّثني أبي ، عن جدي ، عن ابن عباس رضي الله عنهما (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ) فكان ثلاثة أيام في كل شهر ، ثم نسخ ذلك ما أنزل من صيام رمضان.

وقال قتادة : كتب الله عزوجل على الناس قبل نزول شهر رمضان ثلاثة أيام من كل شهر.

وأما الثالث : فقد روى النزال بن سبرة عن ابن مسعود ، أنه قال : ثلاثة أيام من كل شهر ، ويوم عاشوراء.

وقد زعم أرباب هذا القول أن الآية منسوخة بقوله : (شَهْرُ رَمَضانَ) [البقرة : ١٨٥]. وفي هذا بعد كثير ، لأن قوله : (شَهْرُ رَمَضانَ) جاء عقيب قوله : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ) فهو كالتفسير للصيام والبيان له.

القول الثالث : إن التشبيه راجع إلى نفس الصوم لا إلى صفته ولا إلى عدده وبيان ذلك ، أن قوله تعالى : (كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) لا يدل على عدد ولا صفة ، ولا وقت ، وإنما يشير إلى نفس الصيام كيف وقد عقبه الله بقوله تعالى : (أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ) [البقرة : ١٨٤] فتلك يقع على يسير الأيام وكثيرها ، فلما قال تعالى في نسق التلاوة (شَهْرُ رَمَضانَ) بين عدد الأيام المعدودات ووقتها ، وأمر بصومها ؛ فكان التشبيه الواقع في نفس الصوم. والمعنى : كتب عليكم أن تصوموا كما كتب عليهم ، وأما صفة الصوم وعدده فمعلوم من وجوه أخر لا من نفس الآية. وهذا المعنى مرويّ عن ابن أبي ليلى (١). وقد أشار إليه السّدّي والزجاج ، والقاضي

__________________

وإسناده ضعيف لانقطاعه ، فالحسن لا يعرف له سماعا من دغفل.

وأخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» (٣ / ٢٥٤ / ٨٨٠) والطبراني في «المعجم الأوسط» كما في «مجمع البحرين» مرفوعا. وقال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (٣ / ١٣٩) : «رجال إسنادهما رجال الصحيح».

قلت : إضافة إلى الانقطاع بين الحسن ودغفل ؛ فإن دغفل لا يعرف له إدراك للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كما قال البخاري وغيره. والله تعالى أعلم.

(١) أخرجه البخاري في «صحيحه» معلّقا ـ ٣٠ ـ كتاب الصوم ، ٣٩ ـ باب (وعلى الذين يطيقونه

٦٠