قائمة الکتاب
ذكر هلاك فرعون وجنوده
٣٠٧
إعدادات
قصص الأنبياء
قصص الأنبياء
المؤلف :أبي الفداء اسماعيل بن عمر ابن كثير الدمشقي
الموضوع :التاريخ والجغرافيا
الناشر :دار ومكتبة الهلال للطباعة والنشر
الصفحات :543
الاجزاء
تحمیل
ذكر هلاك فرعون وجنوده
لما تمادى قبط مصر على كفرهم وعتوهم وعنادهم ؛ متابعة لملكهم فرعون ، ومخالفة لنبي الله ورسوله وكليمه موسى بن عمران عليهالسلام أقام الله على أهل مصر الحجج العظيمة القاهرة ، وأراهم من خوارق العادات ما بهر الأبصار وحير العقول ، وهم مع ذلك لا يرعوون ولا ينتهون ، ولا ينزعون ولا يرجعون.
ولم يؤمن منهم إلا القليل ، قيل ثلاثة : وهم امرأة فرعون ، ولا علم لأهل الكتاب بخبرها ، ومؤمن آل فرعون الذي تقدمت حكاية موعظته ومشورته وحجته عليهم ، والرجل الناصح الذي جاء يسعى من أقصى المدينة فقال : (يا مُوسى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ).
قاله ابن عباس فيما رواه ابن أبي حاتم عنه ومراده غير السحرة فإنهم كانوا من القبط.
وقيل بل آمن به طائفة من القبط من قوم فرعون ، والسحرة كلهم وجميع شعب بني إسرائيل. ويدل على هذا قوله تعالى :
(فَما آمَنَ لِمُوسى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ.)
[١٠ / يونس : ٨٣]
فالضمير في قوله : (إلا ذرية من قومه) عائد على فرعون لأن السياق يدل عليه ، وقيل على موسى لقربه ، والأول أظهر كما هو مقرر في التفسير وإيمانهم إليه فيفتنهم عن دينهم.
قال الله تعالى مخبرا عن فرعون وكفى بالله شهيدا : (وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعالٍ فِي الْأَرْضِ) أي جبار عنيد مشتغل بغير الحق ، (وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ) أي في جميع أموره وشؤونه وأحواله ولكنه جرثومة قد حال انجعافها وثمرة خبيثة قد آن قطافها ، ومهحة ملعونة قد حتم إتلافها.
وعند ذلك قال موسى : (يا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ* فَقالُوا عَلَى اللهِ تَوَكَّلْنا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ* وَنَجِّنا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكافِرِينَ) فأمرهم بالتوكل على الله والاستعانة به ، والالتجاء إليه ، فأتمروا بذلك فجعل الله لهم مما كانوا فيه فرجا ومخرجا.