نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٤

السيد عباس المدرّسي اليزدي

نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٤

المؤلف:

السيد عباس المدرّسي اليزدي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة الداوري
المطبعة: شريعت
الطبعة: ١
الصفحات: ٦١٢

حلّ الاشكال (١) على ما تقدم سابقا ايضا بان يقال (٢) ان هذه الشبهة انما تجرى على الزعم المزبور من اقتضاء طبع مقدمات الحكمة قلب موضوع الحكم بخصوص اللابشرط القسمى واما لو قيل (٣) بان طبع المقدمات لا يقتضى ازيد من كون مدلول اللفظ الجامع بين اللابشرط وبشرط شيء (٤) تمام الموضوع فى الحكم بلا دخل خصوصيّة زائدة فيه (٥) فلا شبهة فى انّ هذا المعنى فى طرف الاوامر لا ينتج الّا الاكتفاء

______________________________________________________

(١) وملخص ان الاشكال المتقدم فى ان مقدمات الحكمة واحدة كيف تنتج في الاوامر صرف الوجود وفى النواهى تعدد الامتثال والطبيعة السارية.

(٢) ان هذا الاشكال انما يجرى على القول بكون مقتضى المقدمات انقلاب اللابشرط المقسمى الى اللابشرط القسمى فتكون النتيجة صرف الوجود فيشكل ذلك فى النواهى.

(٣) واما لو قلنا بكون نتيجة المقدمات هو كون نفس الموضوع له وما هو مدلول اللفظ.

(٤) وهى الطبيعة المهملة والجهة المحفوظة فى جميع الاقسام.

(٥) وهى موضوع الحكم وتمام المراد فى الاوامر والنواهى وانطباق نتيجة المقدمات على المصاديق يختلف بحكم العقل باقتضاء نفس الخطاب وفى بيان ذلك قال المحقق الماتن فى النهاية ج ١ ص ٥٦٨ ان كينونة المتكلم فى مقام بيان مراده بعد ان كانت بتوسيط لفظه واظهار ان مدلوله تمام مراده فلا جرم قضية ذلك بعد عدم نصب القرينة على دخل الخصوصية هو الاخذ بما هو مدلول لفظه الذى هو عبارة على هذا المسلك من الطبيعة المهملة والمعنى اللابشرط المقسمى المحفوظ في ضمن جميع الاقسام من الصور والاعتبارات المتقدمة التى من شأنها سعة ـ

٥٤١

باوّل وجوده (١) وامّا فى طرف النواهى التى كان المطلوب فيها عدم هذا الوجود فلا شبهة فى ان ذلك يقتضى قلب الوجودات المتعاقبة ايضا بالعدم (٢) لأن بوجود كلّ يصدق تحقق مدلول اللفظ والفرض انّ ما هو تمام الموضوع فى النهى هو هذا الوجود الصادق على الوجودات المتعاقبة ايضا فترك هذا المعنى لا يكون الّا بترك تمام افراده العرضيّة والتعاقبيّة (٣) بخلافه فى الاوامر (٤) بان مقتضى طلب وجوده مجرّد ايجاد هذا المعنى وهو يتحقّق باوّل وجوده وح ليس (٥) نتيجة المقدمات

______________________________________________________

ـ الانطباق على الافراد العرضية والطولية لا الحمل على الطبيعة المطلقة الصرفة التى من شأنها عدم قابلية الانطباق الّا على اوّل وجود كما هو واضح

وهذا بخلافه على ما ذكرنا فانه لا يلزمه اختلاف نتيجة الحكمة بوقوع الطبيعى فى حيّز الامر او النهى بل النتيجة على هذا المسلك فى جميع الموارد عبارة عن معنى وحدانى وهو ذلك المعنى اللابشرط المقسمى المحفوظ في ضمن جميع الاقسام والصور المتقدمة الذى من شأنه الانطباق على الافراد العرضية والطولية ولو بتوسيط انطباقه على الطبيعة الصرفة والمأخوذة بنحو السريان.

(١) فلو كانت نتيجة الاطلاق هى الطبيعة المهملة ففى الاوامر عقلا تتحقق بصرف الوجود.

(٢) واما فى باب النواهى فبما ان المطلوب فيها عدم الوجود فلا بد وان ينقلب جميع الوجودات عرضية وطولية الى العدم.

(٣) لان مدلول اللفظ عدم الطبيعة المهملة والعدم لا يتحقق الّا ترك جميع الافراد فلو وجد فرد انقلب العدم الى الوجود وتحقق الطبيعة المهملة.

(٤) بخلاف الاوامر فان المطلوب هو الوجود ويتحقق بأوّل الوجود.

(٥) فعلى هذا نتيجة المقدمات لا تكون قلب اللابشرط المقسمى الى ـ

٥٤٢

المزبورة قلب اللابشرط المقسمى بالقسمى فى عالم الموضوعيّة كيف واللابشرط القسمى كما اسلفناه يستحيل انطباقه على ثانى الوجودين كما هو شأن صرف الوجود من كل شيء بل طبع المقدّمات جعل الموضوع بتمامه نفس مدلول اللفظ (١) غاية الامر هذا المدلول فى طرف الايجاد بتمامه يتحقق باوّل وجوده وفى طرف الترك لا يكاد يتحقق تركه الّا بترك تمام افراده حتى المتعاقبة وح (٢) فهذه التفرقة ما جاء من قبل دخل السريان فى مدلول المادة فى النواهى دون الأوامر وانّما يقتضيه العقل (٣) من حيث وقوعه فى طى النواهى فقط بملاحظة انّ اعدام هذه الطبيعة بملاحظة قابلية انطباقه على الافراد التعاقبيّة لا يكون الّا باعدام الافراد المزبورة ولا يكون الحاكم فى البابين الّا طبع الاطلاق بلا احتياج الى قرينة خارجية (٤)

______________________________________________________

ـ اللابشرط القسمى حتى يرد المحذور لما مر من ان لازم اللابشرط القسمى هو صرف الوجود ولا ينطبق على ثانى الوجود.

(١) بل شأن المقدّمات هو جعل الموضوع له هو الموضوع للحكم والعقل يغاير بين الاوامر والنواهى بما عرفت.

(٢) وهذه التفرقة والتغاير لا يرتبط بالمدلول ونتيجة المقدمات فان فى باب الاوامر والنواهى على نسق واحد.

(٣) وانما الحاكم بها العقل وطبع الاطلاق ففى باب النواهى اعدام الطبيعة باعدام الجميع ولازمه السارى وفى الاوامر وجودها تتحقق باول الوجود ولازمه صرف الوجود لا ان نتيجة الاطلاق تختلف حتى يطالب بالفارق.

(٤) او تقوم قرينة اخرى زائدة على مقدمات الحكمة للسريان وغير موجودة.

٥٤٣

فان قلت (١) ان اللابشرط المقسمى على ما شرحت لا يمكن له وجود مستقل في الذهن بل لا محيص ان يتحقق فى ضمن احدى الصور من المجرّدة والمخلوطة وح فى طىّ خطاب الأمر والنهى ان كانت صورة واحدة فلا محيص من ان يكون فى فرض تمامية المقدمات بصورة مجرّدة ولازمه (٢) مجيء اللابشرط المقسمى فى ضمن اللابشرط القسمى ولازمه كون متعلق الاوامر والنواهى قهرا هى الطبيعة اللابشرط القسمى الآبى عن انطباقه على ثانى الوجود كما اعترفت وح يبقى اشكال السابق الفارق بين الاوامر والنواهى من سقوط الاوامر باوّل وجود الطبيعى وعدم سقوط النواهى به قلت ما افيد من اقتضاء طبع المقدمات كون الصورة الحاصلة فى طىّ الخطاب هى الصورة المجرّدة عن جميع الحيثيّات فى غاية المتانة اذ لازم كونه فى مقام البيان وعدم ذكر القيد معه كون الموجود فى ذهن المتكلم هى الطبيعة المجرّدة (٣) ولكن

______________________________________________________

(١) ملخص الاشكال ان اللابشرط المقسمى هى الجهة المحفوظة فى الاقسام ولا وجود له ذهنا بدونها فلا محالة فى طىّ الامر والنهى بصورة واحدة وهى اللابشرط القسمى والطبيعة المجرّدة.

(٢) فيبقى الاشكال بحاله من تحققها بصرف الوجود لان اللابشرط المقسمى تحقق فى ضمن اللابشرط القسمى فيعود المحذور.

(٣) الجواب عن ذلك اما ما قلت من مجيء اللابشرط المقسمى فى ضمن اللابشرط القسمى فمسلّم لعدم ذكر القيد معه بعد كونه فى مقام البيان فلازمه هى الطبيعة المجرّدة فى ذهن المتكلم لكن كون المطلوب والمراد وما فيه المصلحة ايضا الطبيعة المجردة فلا قرينة عليه بل يمكن ان يكون المطلوب الجهة المشتركة وهى ـ

٥٤٤

نقول انّه ليس لازمه كون المطلوب من الطبيعى بهذه الخصوصية بل من الممكن كون تمام المطلوب من هذه الصورة ايضا الجهة المشتركة المحفوظة فيها لا بخصوصيتها غاية الامر (١) اقتضاء الخطاب ايجاده يوجب الاكتفاء باول وجوده نظرا الى ان تمام المعنى منطبق عليه فقهرا يسقط الخطاب بخلافه فى طرف النواهى اذ مقتضى الخطاب فيه اعدام هذا المعنى وبديهى ان اعدام هذه الجهة المحفوظة باعدام تمام مصاديقه اللبىّ (٢) منها الوجودات المتعاقبة كما هو ظاهر ولعمرى (٣) ان توهّم (٤) كون المطلوب هى اللابشرط المقسمى وان طبع المقدمات (٥) قلب

______________________________________________________

ـ الماهية المهملة ولم يثبت مطلوبية اكثر من ذلك.

(١) وح يقتضى الخطاب فى الاوامر ايجاد تلك الطبيعة المهملة المتحقق بصرف الوجود ويسقط الخطاب ويقتضى فى النواهى اعدام جميع الوجودات العرضية والمتعاقبة حتى يتحقق ترك الطبيعة.

(٢) لعل الصحيح التى.

(٣) ثم حلف بعمره الشريف.

(٤) ان هنا امرين والمتوهم قد اختلط بينهما احدهما ما هو مقتضى البيان وعدم ذكر القيد واخرى ما هو المطلوب للمتكلم اما الامر الاول وهو عدم ذكر القيد يلازم كون الموجود فى ذهن المتكلم هى الطبيعة المجرّدة لعدم امكان الجهة المشتركة الّا في ضمن القسم ولكن هذا لا يوجب انقلاب اللابشرط المقسمى الى اللابشرط القسمى لعدم كونه تمام المطلوب والامر الثانى هو تمام المطلوب بل تمام المطلوب هو الموضوع له والمقدمات انما تدل على ان مدلول اللفظ هو تمام الموضوع للخطاب وهى الطبيعة المهملة لا الموجود فى الذهن وهى الطبيعة مع الخصوصيّة.

(٥) فالاختلاف ليس فى موضوع الحكم وهى الطبيعة المهملة وانما يكون في ـ

٥٤٥

المقسمى بالقسمى انما ينشا عن اقتضاء البيان وعدم ذكر القيد كون الموجود فى الذهن هى الطبيعة المجرّدة بتوهم ان تمام المطلوب ايضا الطبيعة بهذه الخصوصيّة الملازمة لضيق فى انطباقه على ثانى الوجودين والّا فلو فتح البصر وتدبر يرى ان اقتضاء البيان وعدم ذكر القيد كون الصورة الحاصلة هى المجرّدة لا يقتضى كون المطلوب ايضا هذه الصورة بهذه الخصوصيّة بل طبع المقدمات علاوة عما ذكر يقتضى كون ما هو مدلول اللفظ تمام الموضوع للخطاب الموجب لاختلاف النتيجة فى الخطابات الايجاديّة والاعداميّة باختلاف اقتضاء نفس الخطاب عقلا من دون اختلاف فى موضوع الحكم (١) كما هو ظاهر لمن يتدبّر.

______________________________________________________

ـ اقتضاء الخطاب عقلا فى مرحلة الامتثال.

(١) قال المحقق الماتن فى النهاية ج ١ ص ٥٦٩ غاية ما هناك ان الفرق ح بين الاوامر والنواهى من حيث سقوط التكليف باوّل وجود فى الاوّل وعدم سقوطه وانحلالية التكليف الى تكاليف متعدّدة فى الثانى واقتضائه الامتثالات متعددة انما كان من جهة المصلحة والمفسدة القائمة بالطبيعى من حيث الشخصية والسنخية فحيث ان الغالب فى الاوامر هو كون المصلحة فيها على نحو الشخص وكان من لوازم شخصيّتها عقلا حصولها وتحقّقها بتمامها باوّل وجود الافراد بخلافه في طرف النواهى فان الغالب فى المفاسد فيها هو كونها على نحو السنخ الموجب لمبغوضية الطبيعى مهما وجد وفى ضمن اى فرد تحقق من الافراد العرضية والطولية بالبغض المستقل اوجب ذلك الفرق المزبور بين الاوامر والنواهى وبالجملة فتمام الفرق على هذا المسلك انما هو من جهة المصلحة والمفسدة القائمة بالطبيعى من حيث ـ

٥٤٦

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ الشخصية والسنخيّة والّا ففى ظرف معروض المصلحة والمفسدة لا يكاد اختلاف نتيجة الحكمة بحسب الموارد فانه على كل تقدير وفى جميع الموارد عبارة عن ذلك المعنى اللابشرط المقسمى المحفوظ فى جميع الاقسام من الاعتبارات المتقدمة الذى عرفت انطباقه على القليل والكثير وعلى الافراد العرضية والطولية غاية الامر فى فرض كون المصلحة والمفسدة على نحو الشخص يسقط التكليف عن الطبيعى بامتثال واحد فعلا او تركا من جهة تحقق تمام المصلحة ح بايجاد واحد واما فى فرض قيام سنخ المصلحة والمفسدة بالطبيعى فلا يسقط التكليف عن الطبيعى رأسا بامتثال واحد بل لا بد من امتثالات متعددة من جهة اقتضاء المصلحة السنخية لمطلوبية الطبيعى مهما وجدت ولو فى ضمن الافراد الطولية ففى الحقيقة الاكتفاء باول وجود فى موارد قيام شخص المصلحة او المفسدة انما هو من جهة القصور فى التكليف والمصلحة عن الشمول للوجود بعد الوجود لا من جهة القصور فى ناحية المتعلق فى قابلية الانطباق على ثانى الوجود وثالثه ورابعه وبينهما فرق واضح وهذا بخلافه على المسلك الاول فانه عليه لا مجال للتفرقة بين الاوامر والنواهى من جهة المصلحة والمفسدة من حيث الشخصية والسنخية وذلك لان مقتضى الطبيعة الصرفة بعد ان كان هو الانطباق على خصوص اول وجود فلازمه انما هو سقوط التكليف رأسا باتيان اول وجود من غير فرق فيه بين كون المصلحة والمفسدة على نحو الشخص او السنخ من جهة حصول تمام السنخ ح تبعا للمتعلق باوّل وجود فلا بد ح من المصير فى الفرق المزبور بين الاوامر والنواهى الى اختلاف نتيجة الحكمة وانها فى الاوامر هى الطبيعة الصرفة وفى النواهى بملاحظة القرينة النوعية هى الطبيعة السارية فتدبر. ولعل العقل يكشف من ان وجود الطبيعة ـ

٥٤٧

تنبيهات (١) منها ان اقتضاء المقدمات المزبورة (٢) هل هو باقتضاء عقلى اجنبى عن اللفظ بحيث لا يوجب ظهورا فيه فى الاطلاق ام ليس كذلك (٣) بل كانت من القرائن الحافة بالكلام الموجبة لقلب ماله من

______________________________________________________

ـ تتحقق بصرف الوجود على كون المصلحة شخصية وفى النواهى على الطبيعة السارية ان المصلحة سنخية كما هو واضح وهو المراد من اقتضاء الخطاب وقد طال الكلام فى ذلك لاجل الاستيضاح كغيره من الموارد.

(١) ثم انه ينبغى التنبيه على امور.

(٢) الامر الأوّل وقع الكلام فى اقتضاء مقدمات الحكمة الملازمة للاطلاق لا ربط له بالظهور اللفظى بل اقتضاء عقلى مجرّد كسائر الاقتضاءات العقلية كالنهى يقتضى الفساد ونحوه فلا تكون موجدة لظهور الكلام فى الاطلاق اصلا.

(٣) او لا يكون كذلك بل من حالات اللفظ والقرائن الحافة بالكلام وتوجب القرينة ظهور اللفظ فيها وهو الاطلاق وصرفه عما كان عليه وضعا فيكون من حالات الكلام بالقرينة ولا يخرج عن الظهور الكلامية فيه احتمالين قال استادنا الآملي في المجمع ج ٢ ص ٢٤٥ هو ان المقدمات هل تكون موجدة لظهور الكلام فى الاطلاق او يكون الظهور من حكم العقل وثمرة النزاع تظهر فى تعارض المطلق والمقيد فان صار ببركة المقدمات للكلام ظهور فى الاطلاق فيتعارض والّا فلا بل ظهور المقيد وارد عليه والتحقيق عند اهله هو ان تكون موجبة للظهور وان يصير الكلام ببركتها ذا وجه فى الاطلاق غاية الامر ان حصل الجزم بالاصول العقلائية فيصير اللفظ نصا في المعنى والّا فظاهرا كما هو المرضى عندنا والحاصل ان الاصول العقلائية والقرائن العقلية الحافة بالكلام تكون مثل القرائن اللفظية فى اعطاء الظهور. وهو الحق ايضا كما عليه المحقق الماتن واما التوهم فمن شيخنا ـ

٥٤٨

الشأن وضعا الى ظهور موافق لطبع ما يقتضيه القرينة اقول الذى يقتضيه التحقيق فى المقام (١) هو ان يقال بان مثل هذه المقدّمات اذا كانت من القرائن الحافّة بالكلام فلا قصور فى صيرورتها موجبة لوجه فى اللفظ حاك عن مفادها (٢) كسائر القرائن الحافة نعم حيث ان مرجع المقدمات المزبورة الى حكم العقلى الجزمى بالملازمة بينها وبين الاطلاق فان احرزت المقدمات المزبورة بنحو الجزم والوجدان فقهرا يوجب ذلك الجزم بالاطلاق (٣) ولكن لا ينافى ذلك لظهور الكلام فيه (٤) غاية الامر

______________________________________________________

ـ الاعظم الانصاري في التقريرات ص ٢١٨ فى الهداية الثالثة فى المطلق والمقيد قال فلو دل دليل على التقييد لا وجه للاخذ بالاطلاق لارتفاع مقتضى الاطلاق لا لوجود المانع عنه ـ الى ان قال ـ وانما حمل على الاطلاق والاشاعة بواسطة عدم الدليل فالاطلاق ح بمنزلة الاصول العملية فى قبال الدليل وان كان معدودا فى عداد الادلة دون الاصول. واما الجواب عنه.

(١) وتحقيق الكلام فيه هو ان الكلام لو كان معه قرينة متصلة فلا محالة يوجب قلب الظهور فى المقيد ولو بتعدد الدال والمدلول كذلك القرائن العقلية الحافة بالكلام ومنها الاطلاق فيوجب كون اللفظ ظاهرا فيه.

(٢) وذلك بان يوجب فى اللفظ كالقرينة المتصلة وجها وخصوصية تحكى عن الاطلاق فالاطلاق من الظواهر اللفظية والكلامية لكن كون الاطلاق من الظواهر القطعية او الظنيّة تبتنى على اصل الملازمة.

(٣) فان اثبتت المقدمات واحرزت على وجه القطع والجزم والوجدان مع وجود حكم العقل الجزمى بالملازمة فلا محالة يكون الاطلاق جزميا والظهور فيه قطعيا.

(٤) ولا يخرجه بالجزم والقطع عن ظهور الكلام فيه فظهور قطعى لا الظهور الظنى.

٥٤٩

ح ليس هذا الظهور من الظواهر الظنيّة كسائر ظواهر الالفاظ فالقائل بخروج باب الاطلاق عن الظواهر اللفظية ان اراد هذا المقدار فنعم الوفاق (١) بل نقول (٢) ان باب التقييد ايضا من ذلك اذ مرجعه ايضا الى حكم جزمىّ عقلى بالملازمة بين ذكر القيد فى الكلام مع التقيّد والّا يلزم عند عدم فائدة اخرى لغويّته ولذا اعتبروا فى التقييد عدم كون القيد واردا مورد الغالب (٣) او لبيان جهة اخرى (٤) وان (٥) اراد انّ للفظ

______________________________________________________

(١) والقائل بكون الاطلاق بحكم العقل وليس من ظواهر الكلام ان اراد انه من الظواهر الجزمية لا الظنية فنوافقه فى ذلك.

(٢) وكذا العكس اى التقييد ايضا لان مرجعه الى الحكم الجزمى العقلى بالملازمة بين بيان القيد فى اللفظ مع التقيّد به والّا كان ذكره لغوا وعبثا لا يصدر ذلك من المولى الحكيم.

(٣) ولذا اعتبر الاصحاب ان لا يكون القيد واردا مورد الغالب كقوله تعالى : (... وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ ...) والّا لا يكون احترازيا موجبا للتقيد ولا دخيلا في المصلحة.

(٤) او لو كان القيد لجهة اخرى كالاختبار ونحوه ايضا لا يوجب التقيّد فالنتيجة انه مع القرينة ينعقد ظهور الكلام فى القرينة وهو الاطلاق قال استادنا الحكيم فى الحقائق ج ١ ص ٥٥٩ وتوضيح ذلك انه تارة يحرز المقدمتان ـ اى الحكمة بالعلم الوجدانى الحقيقى وح يعلم بكون الاطلاق هو المراد الجدى فلو ورد الدليل المقيد وجب التصرف فيه.

(٥) وان اراد القائل بكون الاطلاق ليس من الظاهر انه ليس من الدلالة وشئون اللفظ والكلام اصلا.

٥٥٠

مع المقدمات المزبورة لا يتحقق وجه ودلالة اصلا فهو خلاف الانصاف (١) كما (٢) انه لو فرض احراز المقدّمات المزبورة باصالة البيان الراجعة (٣) الى الظواهر الحاليّة الظنيّة فربما امكن ايضا دعوى كفاية هذا المقدار ايضا فى كسب اللفظ منها ظهورا فى المراد (٤) فيصير ح من الظواهر الظنيّة (٥) كسائر ظواهر الالفاظ المحرزة بالوجدان مع ظنيّة مطابقتها للواقع (٦)

______________________________________________________

(١) فهو فى غاية السقوط لما عرفت انه بالقرينة ينقلب ما هو من شأن الوضع الى الظهور الاطلاق والقرينة.

(٢) وان اراد القائل احراز المقدمات بالاصل العقلائى وهو اصالة البيان.

(٣) فيكون من الظواهر الظنية الخاصة المعتبرة ببناء العقلاء كسائر الظواهر فنفس الملازمة العقلية بين المقدمات والاطلاق يوجب الظهور الظنى فى الاطلاق.

(٤) فلا محالة يكسب اللفظ ظهورا فيما عليه القرينة.

(٥) فيكون من الظواهر الظنية المعتبرة وظنيته باعتبار اصالة البيان فانه من الاصول العقلائية وان ظاهر حال المتكلم كونه فى مقام البيان لا الاهمال والاجمال فيكون ظنيا.

(٦) كسائر الظواهر المحرزة بالوجدان فان الكلام ظاهر فيه وحجة ببناء العقلاء مع ظنية مطابقتها للواقع والحاصل ان ظنيّة الظاهر اما لاجل كون احد المتلازمين المنشأ للظهور ظنيا كما فى المقام او ظنيّة مطابقتها للواقع كما فى سائر الموارد ولو ان فى المقام ايضا يلازم ظنيّة مطابقته للواقع وعلى كل حال يكون ظهورا فى الكلام بلا اشكال وقال استادنا الحكيم فى الحقائق ج ١ ص ٥٥٩ واخرى لا تكونان كذلك ـ اى جزميا ـ بل يكون الطريق اليهما او الى احدهما الظهور مثل اصالة كون ـ

٥٥١

ولئن بنينا (١) بان المقدمات المزبورة بوجودها الواقعى موجبة لظهور اللفظ ففى هذا الفرض لم يكن الظهور فى الاطلاق محرزا بالوجدان (٢) بل اصالة البيان يصير (٣) طريقا لاحراز ظهوره وهذا المقدار ايضا يكفى للاتكال به فى مقام الاحتجاج (٤) نعم (٥) لو لم يكن ظهور حال البيان من الظواهر الحاليّة التى هى كظواهر الالفاظ مورد اتّكال العقلاء يشكل امر الاتكال (٦)

______________________________________________________

ـ المتكلم فى مقام البيان واصالة عدم القرينة الذين هما نوعان من الظهور وح اذا ورد الدليل المقيد فان كان قطعيا كشف عن انتفاء احدى المقدمتين ومخالفة احد الدليلين عليهما للواقع ومنع عن ثبوت مقتضى الاطلاق من أصله وان كان ظنيا التعارض قطع بينه وبين الطريق الى المقدمات وليس احد الظهورين واردا على الآخر ومقدما عليه طبعا بل هما فى مرتبة واحدة فيؤخذ بأقوى منهما ويترك الاضعف.

(١) وان اراد القائل ان الاحراز غير دخيل فى الاطلاق بل نفس المقدمات بوجودها الواقعى ملازم للاطلاق وغير دخيل فى ظهور اللفظ اصلا.

(٢) نعم فى هذا الفرض لم يكن الظهور فى الاطلاق محرز بالوجدان لعدم العلم بوجود المقدمات واقعا نعم لو كان له العلم فيكون كالفرض السابق لكن الغالب المفروض عدم العلم بذلك وانما يتكل باصالة البيان وهو الاصل العقلائى المعتبر.

(٣) فيصير ايضا موجبا للظهور فى الاطلاق.

(٤) وهذا المقدار من احراز الظهور بالظن الخاص وبناء العقلاء يكفى للحجة والاتكال عليه عند العقلاء.

(٥) واما لو يجر اصالة البيان ولم يكن من الظهور المتكل عليه عند العقلاء حتى يحرز وجود المقدمات واقعا به.

(٦) فيكون ح من الظن غير المعتبر بالظهور الاطلاقى.

٥٥٢

بهذا لكلام فى احراز الاطلاق اذ مرجعه ح الى الظن بالظهور واتّباعه مورد اشكال الّا لدى من التزم بحجيّة الظن المطلق (١) فتدبر. ومنها (٢) اساس المقدّمات المعهودة تارة (٣) على كون المتكلم فى مقام بيان تمام مرامه باللفظ المطلق فلا شبهة فى انّ هذا المقدار مضاد مع التقييد (٤) او ملازم (٥) لعدم قرينة على خلاف الاطلاق اذ القرينة المزبورة ايضا مضاد مع البيان المزبور (٦)

______________________________________________________

(١) ومجرد الظن لا يستلزم وجوب الاتباع عقلا الّا من باب حجية الظن المطلق على الانسداد وهو غير ثابت فحينئذ لا يحرز الظهور الاطلاقى وفى هذا الفرض لم يحرز المقدمات لا انه احرزها ولم يكن من الظهور الكلامى كما لا يخفى. بقى شيء ذكر استادنا الآملي في المجمع ج ٢ ص ٢٤٦ الظهور على قسمين تصورى وتصديقى ثم التصورى منه معناه المفهوم من اللفظ والتصديقى منه هو تطابق الارادة الاستعمالية مع الجدية والاول لا ينقلب عما هو عليه بحال وما يتصرف فيه ويستفاد من المقدمات هو الثاني عند عدم الانصراف. وهو تمام المطلوب كما تقدم.

(٢) الامر الثانى فى بيان المقدمة الاولى وهو كون المولى فى مقام البيان ولعل عدة المقدمات واساسها ذلك ويمكن فرضها بوجهين.

(٣) الوجه الأوّل ان يكون المولى فى مقام بيان تمام مرامه بوصف التمامية بهذا اللفظ المطلق.

(٤) اى يكون القيد مضاد لكون اللفظ المطلق تمام المراد على القول بكونهما امرين وجوديين.

(٥) اى لازم كون المتكلم فى بيان تمام مراده باللفظ المطلق عدم القرينة على التقييد على القول بكون الاطلاق امر عدمى وسيأتى بيانه.

(٦) اى لو فرضنا ورود القيد على خلاف الاطلاق فلا محالة يضاد مع كون ـ

٥٥٣

وح لازمه (١) كفاية هذا البيان لاثبات الاطلاق بلا احتياج (٢) الى مقدمة اخرى من عدم القرينة على التقييد اذ مثل هذه الجهة من لوازم البيان المزبور فى عرض الاطلاق (٣) وح فلو كانت المقدمة الملازمة للاطلاق عند احتفافه بالكلام موجبا لظهور اللفظ ووجهه فى الاطلاق فيكفى البيان المزبور لاكتساب اللفظ وجهة الظهور بلا معلّقية الظهور المزبور ح على امر سلبى من عدم القرينة على التقييد (٤) وعليه (٥) فلو احرزت هذه المقدمة بنحو الجزم والوجدان يقتضى ذلك

______________________________________________________

ـ اللفظ المطلق هو تمام المرام.

(١) اى من لوازم الوجه الاول هو انه ليس للاطلاق مقدمات بل مقدمة واحدة وهى كون المولى فى مقام بيان تمام مراده باللفظ المطلق.

(٢) فلا تحتاج الى مقدمة اخرى وهى عدم القرينة على التقييد.

(٣) لان وجود القرينة مضاد له وعدم القرينة ملازم له.

(٤) قال المحقق العراقى وربما يختلف المعنيان ـ اى الوجه الاول المتقدم والوجه الثانى. الآتى وهذا بخلافه على الثانى فان قضية كون المتكلم فى مقام اعطاء الحجة ح انما كان ملازما مع ظهور لفظه فى الاطلاق الكاشف عن كونه تمام المراد بظهور فعلى تنجيزى من جهة ان اعطاء الحجة على المراد ح لا يكون الّا باعطاء الظهور الكاشف عنه والّا فلا يكون فى البين حجة غيره وح فمتى لم ينصب فى كلام به التخاطب قرينة على القيد والخصوصية فلا جرم يلزمه استقرار الاطلاقى للفظه.

(٥) اى لو احرز هذه المقدمة وهو كون المولى فى مقام بيان تمام مرامه باللفظ المطلق بالقطع والجزم والوجدان.

٥٥٤

الجزم بمخالفة ظهور القرينة على التقييد للواقع ولو كان فى كلام آخر (١) كما (٢) انّه لو فرض احرازها باصالة البيان لازمه ظهور حاله فى عدم اقامة قرينة على التقييد فيكون يزاحم ظهور اطلاقه ظهور لفظه فى التقييد (٣) ولو فى هذا الكلام بلا تعليق فى احد الطرفين على عدم الاخير كى يجئ مقام ورود احدهما على الآخر حتى فى كلام واحد فضلا عن الكلامين وذلك ظاهر (٤) وتارة (٥) يكون اساس المقدمات

______________________________________________________

(١) فلا محالة يلازم القطع بعدم القرينة فلو ورد القرينة على التقييد فلا محالة يقطع بمخالفتها للواقع حتى لو كان فى كلام منفصل.

(٢) واما لو لم يكن على وجه القطع واليقين قال المحقق الماتن في النهاية ج ١ ص ٥٧١ ومع استقرار الظهور الاطلاقى فيه يقع لا محالة التعارض بينه وبين ما في القبال من المقيّدات المنفصلة.

(٣) وفى مثله لا يلاحظ قضيّة وضعيّة الظهور اللفظى فى المقيّدات المنفصلة فى تقديمها على ظهوره الاطلاقى بل بعد استقرار الظهور الاطلاقى فيها ايضا لا بد من ملاحظة اقوى الظهورين منهما وتقديمهما على الآخر.

(٤) لما عرفت من ان لازم كون المولى فى بيان تمام المرام من اللفظ المطلق هو عدم القرينة على التقييد ولو فى كلام آخر ويكون الظهور تنجيزيا لا تعليقيا حتى يوجب الورود كما لا يخفى.

(٥) الوجه الثانى ان يكون المولى فى مقام بيان تمام مراده لا بخصوص اللفظ المطلق قال المحقق الماتن فى النهاية ج ١ ص ٥٧٠ فتارة يراد به كون المتكلم فى مقام بيان تمام مرامه بوصف التمامية باعم من كلام به التخاطب وبكلام آخر له ولو منفصلا عن ذلك فى مقابل السلب الكلى وهو ما اذا لم يكن فى مقام البيان رأسا ـ

٥٥٥

على كون المتكلم فى مقام تمام مرامه بتمام الكلام الذى به تخاطبه لا بخصوص اللفظ المطلق ففى هذه الصورة (١) لا شبهة (٢) فى ان هذا المقدار من البيان لا ينافى التقييد (٣) ولا مع قيام قرينة على التقييد (٤) وح فيحتاج فى اثبات الاطلاق الى مقدمة اخرى من عدم قيام قرينة على التقييد (٥) ولازمه دخل هذا الامر السلبى فى القرينة على الاطلاق (٦) فقهرا يصير هذا الامر السلبى دخيلا فى ظهور اللفظ ايضا تبعا لدخله في المقدمة الموجبة لظهور اللفظ على طبق نتيجته وح قيام القرينة المزبورة

______________________________________________________

ـ بل فى مقام الاهمال والاجمال وبعبارة اخرى كون المتكلم فى مقام بيان مرامه الواقعى بلفظه او به وبكلام آخر منفصل عن هذا الكلام.

(١) اى الوجه الثانى من عدم كون تمام المراد اللفظ المطلق.

(٢) فلا محالة تحتاج الى مقدمة اخرى من عدم وجود القرينة على التقييد.

(٣) وذلك لان التقييد لا يضاده بعد ما لم ينحصر تمام مراده باللفظ المطلق.

(٤) كما لا ينافيه القرينة على التقييد لانه فى بيان تمام مراده ولو بدليل منفصل.

(٥) فيلزم المقدمة الاخرى على عدم القرينة على التقييد في اصل ثبوت الاطلاق.

(٦) قال المحقق الماتن فى النهاية ج ١ ص ٥٧٠ وربما يختلف هذان المعنيان ـ اى الوجهان ـ بحسب اللوازم ايضا فانه على الاوّل ـ اى الوجه الثانى ـ لو ورد فى قباله عام وضعى منفصل يلزمه تقديم ذلك العام الوضعى عليه بلا كلام ورفع اليد به عن اصل ظهوره الاطلاقى وذلك بلحاظ ان اصل ظهوره فى الاطلاق وفى كونه تمام المراد ح منوط ومعلّق بعدم بيان المتكلّم جزء مرامه بكلام آخر فيما بعد والّا فمع وجود البيان على بعض مرامه فيما بعد لا يكاد يكون له هذا لظهور الاطلاقى فكان اصل ظهوره في الاطلاق وكونه تمام المراد ح من لوازم عدم مجيء القيد ولو بالاصل.

٥٥٦

على التقييد برفع الظهور المزبور (١) من دون فرق بين كون احراز البيان المسطور بمقدمات جزمية (٢) ام باصالة البيان الناشئ عن ظهور حال المتكلم فى مخاطباتهم (٣)

______________________________________________________

(١) وفى مثله من المعلوم انّه بالظفر بكل بيان وحجة على القيد يرتفع هذا الاصل بالمرّة كارتفاع اللابيان الذى هو موضوع حكم العقل بالقبح بوجود البيان على التكليف وعليه فلا يبقى مجال توهم المعارضة بينهما بوجه اصلا.

(٢) ولا فرق فى ذلك بين كون المقدمة الاولى وهى كون المولى فى بيان تمام المراد كان محرزا بالاحراز الوجدانى القطعى ام محرزا بغيره كاصالة البيان لان الموضوع هو كون اللفظ المطلق ليس تمام مرامه فلا يضاده القرينة جزميا كان ام لا قال المحقق الماتن فى النهاية ج ١ ص ٥٧٣ وذلك ايضا من غير فرق بين فرض احراز القيد بالكشف القطعى او احرازه بالكشف الظنى فانه على كل تقدير يكون الظفر بكل بيان وحجة على القيد رافعا حقيقة للاصل المزبور الذى به قوام الظهور المزبور.

(٣) اشارة الى وجه اصالة البيان قال صاحب الكفاية ج ١ ص ٣٨٧ بقى شيء وهو انه لا يبعد ان يكون الاصل فيما اذا شك فى كون المتكلم فى مقام بيان تمام المراد هو كونه بصدد بيانه وذلك لما جرت عليه سيرة اهل المحاورات من التمسك بالاطلاقات فيما اذا لم يكن هناك ما يوجب صرف وجهها الى جهة خاصة ولذا ترى ان المشهور لا يزالون يتمسكون بها مع عدم احراز كون مطلقها بصدد البيان. والمحقق الماتن قال باصالة البيان الظاهر من حال المتكلم فى مخاطباتهم قال استادنا الآملي في المجمع ج ٢ ص ٢٤٤ كون المتكلم فى مقام البيان تارة يعلم بالقرائن واخرى بالاصل ـ الى ان قال ـ ولتوضيح ذلك نقول الاصول العقلائية على اقسام احدها ما هو دافع المنع عن الظهور الوضعى وهو اصالة عدم القرينة عند ـ

٥٥٧

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ الشك فى الحقيقة والمجاز وثانيها اصالة تطابق الارادة الاستعمالية مع الجدية مثل من قال اعطيتك درهما وشك فى انه اراد المعنى الجدى من الدرهم او شيء آخر فاصالة تطابق الارادة الدرهم الاستعمالية مع الجدية يرفع الشك عنا وثالثها الاصل الجبلى والفطرى وهذا يكون ما نحن فيه وهو ان كل عاقل يشتاق الوصول الى المراد ومن فطرته بيانه ـ وقال المحقق الحائري في الدرر ص ٢٠٨ ان المهملة مرددة بين المطلق والمقيد ولا ثالث ولا اشكال انه لو كان المراد المقيد يكون الارادة متعلقة به بالاصالة وانما ينسب الى الطبيعة بالتبع لمكان الاتحاد فنقول لو قال القائل جئنى بالرجل او برجل يكون ظاهرا في ان الارادة اوّلا وبالذات متعلقة بالطبيعة لا ان المراد هو المقيد ثم اضاف ارادته الى الطبيعة لمكان الاتحاد وبعد تسليم هذا الظهور تسرى الارادة الى تمام الافراد وهذا معنى الاطلاق ـ الى ان قال الحائرى ـ عروض الاطلاق للمهملة ليس كعروض القيد لها فى الاحتياج الى الملاحظة والّا لزم عدم الحمل على الاطلاق حتى بعد احراز كونه فى مقام البيان لعدم الترجيح بعد كونه بمثابة سائر القيود فاذا فرضنا عدم دخل شيء سوى المهملة في تعلق الحكم يحصل وصف الاطلاق قهرا وان لم يكن ملحوظا بنفسه. وفيه ان المقدمات الحكمة لرفض القيود لا لاثبات الاطلاق والمهمل بما هو مهمل لا يكون المستفاد منه الاطلاق ولكن الانصاف ان قولهما ـ صاحب الكفاية والحائرى ـ يرجع الى قول واحد وهو ان الاحراز لازم ولكن لا يلزم الاحراز فى كل مورد من الموارد على مسلك الحائري (قده) ويكفى التبانى العقلائى نوعا والخراساني (قده) يقول بان الاحراز لازم فبأي وجه حصل فقد حصل. ومن المعلوم كفاية الاحراز باى وجه معتبر حصل لا مطلق الظن كما هو واضح.

٥٥٨

نعم (١) هنا شيء آخر وهو ان الكلام الذى كان المتكلم فى مقام بيان تمام مرامه هو مطلق كلامه ولو كان منفصلا عما به تخاطبه فعلا (٢) او خصوص هذا الكلام الذى به تخاطبه ومشتمل على اللفظ المطلق (٣) فعلى الاول يكون عدم القرينة فى كلام آخر ايضا واردا على ظهور اللفظ فى الاطلاق (٤) واما ان كان الكلام الذى كان المتكلم فى مقام بيان مرامه خصوص كلام به تخاطبه (٥) ففى هذه الصورة لا شبهة فى استقرار

______________________________________________________

(١) ثم قسّم الوجه الثانى وهو كون المتكلم فى مقام بيان تمام مراده لا بخصوص اللفظ المطلق على نحوين.

(٢) النحو الأول قال المحقق الماتن في النهاية ج ١ ص ٥٧١ فى مقام بيان مجرّد ان المدلول هو المراد ولو لم يكن تمام المراد بوصف التمامية بل كان ذلك جزء مراده وجزئه الآخر شيء يذكره فيما بعد بكلام آخر غير هذا الكلام.

(٣) قال المحقق الماتن في النهاية ج ١ ص ٥٧٠ واخرى يراد به كون المتكلم فى مقام بيان مراده باعطاء الحجة الى المخاطب على المراد بلفظ به التخاطب او به وبما يتصل به من كلام آخر على نحو يعدّ المجموع عرفا كلاما واحدا لا مجرد كونه فى مقام الجد لبيان المرام الواقعى النفس الامرى فى قبال اهماله من رأس ولو لم يكن فى مقام اعطاء الحجة والظهور على المراد الى المكلف. وقال في ص ١٧١ من ابراز تمام مقاصده بلفظ به التخاطب لا به وبكلام آخر منفصل عن هذا الكلام.

(٤) ففى النحو الاول لامكان اتكال المتكلم على القرائن المنفصلة فلا بد من المقدمة الثانية من عدم القرينة على التقييد ويكون الظهور الاطلاقى معلقا على عدم القرينة فعند ورود القرينة فيرتفع موضوع الاطلاق كما تقدم.

(٥) واما على النحو الثاني فيكون مورد الاخذ باقوى الظهورين قال المحقق ـ

٥٥٩

ظهوره فى الاطلاق بمجرد عدم ذكر القيد فى هذا الكلام متصلا به (١) ومع استقراره يزاحم ظهوره مع ظهور القرنية فى كلام آخر ولازمه (٢) مع احراز المقدمات جزما طرح ظهور القيد فى كلام آخر للجزم بخلافه ومع احراز المقدمات بالاصل (٣) يقع مزاحمة بين ظهور هذا الكلام فى الاطلاق وظهور قرينة اخرى فى كلام آخر فى التقييد فلا محيص فى مثله الاخذ باقوى الظهورين بلا ورود احدهما على الآخر نعم (٤) لو كان لشيء ظهورا فى التقييد عند اتّصاله بما فيه اللفظ المطلق وكان به التخاطب فلا محيص فى هذه الصورة من الاخذ بظهور القيد لو روده

______________________________________________________

ـ الماتن فى النهاية ج ١ ص ٥٧٢ وح فمع استقرار الظهور الاطلاقى لكلامه بمقتضى المقدمات المزبور عن الجبلة المسطورة قهرا يلزمه التعارض بينه وبين ما في القبال من المقيدات المنفصلة من جهة كشف ذلك ح عن كون المدلول تمام المراد وكشف المقيدات المنفصلة عن كون المدلول من الأول جزء المرام لا تمام الملازم لعدم كون المتكلم من اول الامر على طبق الجبلة من بيان تمام مرامه بلفظ به التخاطب.

(١) فان كان على النحو الثانى وهو فى بيان خصوص من به التخاطب فلا محالة يستقر الظهور بمجرد عدم ذكر القرينة متصلا ويصير موضوعا للمعارضة.

(٢) وح ان كانت المقدمات محرزا بالقطع والوجدان فلا يبقى ظهور القيد في كلام آخر للمعارضة للجزم بخلافه.

(٣) وان كان محرزا باصالة البيان ولا محالة تقع المعارضة ويؤخذ بأقوى الظهورين.

(٤) بقى صورة واحدة وهى لو كان لشيء ظهور فى التقييد فى حال التخاطب عند اتصال الكلام بما فيه اللفظ المطلق بان كان القيد متصلا بلا فرق بين انه في مقام بيان تمام المرام فى حال التخاطب فى كلام واحد أو الاعم من المتصل ـ

٥٦٠