علم اليقين في أصول الدين - المقدمة

المؤلف:


الموضوع : العقائد والكلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٧١٦

٥١٠٩. ٥٩٢٦.* مهدوي : ٣٦٤.* وزيري : ١٣٠٠ سنة ١٢٣٤.* وتوجد منتخبات من أشعاره في كتاب كأس الكرام نسخة ٥٨١٦.* ملي : ٢٦٢٦ القرن ١٢ (راجع الفهرس ٦ / ١٧٨). أبيات منه ٢٤٥٥.

ذكر خفي : مجلس ٦٣٠٩ سنة ١١٢٤٠.

رسالة فى التوحيد : وزيري : ٢٦٣٢.

رسالة في حكم امرأة داعت خلوها عن المانع وأرادت التزويج والنكاح ـ فاضل : ٢٥٢.

رساله فى بيان كيفية معية الواجب ـ الإلهيات طهران.

رسالة في الوقف ـ فاضل : ٢٥٢ سنة ١٢٩٥.

صلاة الجمعة ـ گلپايگاني : ١٦٧ / ٣ القرن ١٣.* وزيري : ٢٢١٨. ٢٦٣٢. ولعله كتاب الشهاب الثاقب.

شرح رسالة العلم : الإلهيات مشهد : ١٤٠٦. ملك : ٧٤٢ سنة ١٢٣٠.

فائدة في معنى الآيات المحكمات ـ فاضل : ٢٥٢ سنة ١٢٩٥.

في جواز التغني (مشكوك) ـ مجلس سنا : ٦.

فوائد من الفيض : الإلهيات مشهد : ١٤٥٢ سنة ١١١٧.

فيضيه (متفرقه ـ رسائل) ٦٣٦٨ سنة ١٠٧٢.

كلمات الفيض : نسخة في مكتبة ملي (٢٨٢٦ القرن ١١) ساقطة الأول والآخر ، جاء فيه گل ودمن. وزيري : ٢٨١٦ سنة ١١٩٧.

مصابيح القلوب ـ الرضوية : ٨٤٩٩. ٩٢٠٥.

مفاتيح الزيارات ـ ملي : ١٦٠٢ سنة ١٢١٩.

من لا يحضره التقويم (ولعله تقويم المحسنين) : گلپايگاني : ١٠١ / ٦ سنة ١٠٧٤. ١٨٣ / ٢

سنة ١٢٨٤.* ملي : ١٩٦٣. ١٦٨٢.* مكروفلم : ٢٧١٢.

نبذة من التواريخ ـ گلپايگاني : ٢٣٦ / ٢٩ سنة ١١٣٦.

نماز جمعه ـ الرضوية : ٢٤٢٢ رسالة فارسية مختصرة.

وجيزة ـ الرضوية : ١٢٥٩ تفسير عربي كما جاء في فهرس المكتبة ولعله شطر من تفسيري المؤلف.

وحدة وجود الواجب تعالى ـ الرضوية : ٥٩٦٤.

وفي فهارس المكتبات الخاصة المختلفة التي ذكرت في مجلدات «نسخه هاى خطى» جاء عدة نسخ من مخطوطات كتب المؤلف ، لم نتعرض لها لعسر الاطلاع على المحل الفعلى للنسخ ، إذ المكتبات الخاصة غير مستقرة ، وقد تنتقل من مالك إلى آخر.

٨١

علم اليقين :

سار علم الكلام سيرا طويلا وتحول في مسيره تحولات جذريّة في مقاطع مختلفة ، واحتوى بعد القرون الاولى على مباحث ومسائل عجيبة وتطويلات بلا طائل ، حتى وصل الدور إلى نصير الملة والدين الطوسي ـ قدس‌سره ـ فألّف كتابه الموجز «تجريد الكلام» ، وعمد إلى بناء الكلام بتفكير عقليّ ونقّحه عن الخرافات والأقوال المهملة السابقة ، وصار كتابه هذا مدارا في الكلام اعتمد عليه علماء الفنّ وكتبوا عليه شروحا عديدة ، ودخل الكلام في مسير جديد أجدر به أن نسمّيه «الفلسفة الإسلامية».

وفي هذا الأوان وقبله بدأ البحث عن المعارف العميقة التوحيديّة في التوسّع ، بعد ما انتشر ذلك بصورة كلمات رمزية عن النبيّ الأكرم وأوصيائه المعصومين ـ صلوات الله عليهم ـ ثمّ تلامذتهم من العرفاء المحقّقين ؛ غير أن المنقولات الغير المستندة إلى المعصومين عليهم‌السلام الحاكية عن الكشف الروحي لكاشفيها لا تكون حجة على غيرهم على الإطلاق ، ولا يمكن عرضها في المجتمع العلمي والاجتماعات البشرية ، ولمعالجة هذا المعضل عمد المفكّرون إلى الفحص عن مبان وبراهين عقلية يبرهن بها على هذه المعارف العالية ، حتى يمكن عرضها كمجموعة مدوّنة مبرهنة وسياق علمي في المجتمع.

فنشأ علماء ذوي عبقريات سعوا في هذا الميدان وخطوا خطوات في هذا المجال ؛ وذلك مثل الفارابي وابن سينا والسيد حيدر الآملي وابن تركة والسيد الداماد والدواني وغيرهم ؛ ولكن لم يكن لهم حظّ كبير حتى وصل الدور إلى الحكيم الإلهي صدر الدين الشيرازي ، فوفّقه الله تعالى لإظهار اصول وبناء مبان صارت حجرا أساسيا للحكمة المتعالية وسببا لنيل مرحلة قصّر عنها السابقون في هذا المجال ؛ وقرّب ما كان من البون البعيد بين مسائل علم الكلام والفلسفة والعرفان وتداخلت هذه العلوم بصورة ملموسة في المجتمع الإسلامي.

على أن هذا المسير الفكري والعملي كان غامضا لا يصل إليه أفكار

٨٢

العامة من العلماء ـ سيما غير المختصّين ـ فلم يحظ من الإقبال المطلوب عندهم ، وصار عدم التفهّم لبياناته الجديدة مع ما ترسّخ عندهم من الاعتقاد على ما يفهمونه من ظواهر الكتاب والسنّة ـ فحسب ـ سببا لتوجيه الاتّهامات وأنواع الأذى إلى صدر المتألهين وتلاميذه.

ولمّا كان المسيطر على الجوّ العلمي في هذه الأوان التفكير الأخباري ، عمد الفيض الكاشاني ـ قدس‌سره ـ الذي يعدّ من أكبر تلامذة هذا الحكيم الإلهي ومقرّريه ـ بعد التأمّل في هذه المسائل إلى الالتزام بمسير آخر وإظهار علم الكلام في ثوب جديد ، خاليا عن إفراط الاعتماد على التفكير الفلسفي أو تفريط التحجّر الأخباريّ ، أو التحيّز إلى جانب وإغفال الثاني بالمرّة.

فخطط ـ أولا ـ طريقة تنشأ عن الفكر القرآني والنظر الإسلامي إلى عالم الخارج ، فرأى أنّه إذا كان الأمر يبدأ من الله تعالى وإليه يعود ، فيلزم أن يكون السير العلميّ الكلاميّ أيضا يسير هذا المسير ؛ فأعرض عمّا هو مرسوم في الكتب الكلاميّة المتداولة من الابتداء بالمباحث العامة ـ كالبحث عن الوجود والعدم والعلة والمعلول وغيرها ـ بل ، بدأ بعد ذكر فصول في فضل العلم والعالم ببيان وجود ما هو الحقّ ومحقّق كل حقيقة : ـ الله تعالى ـ.

ثم البحث عمّا يتعلق به من صفاته وأسمائه وأفعاله والملائكة والأرواح.

ثم بعد تمام الكلام في الخالق فأول ما يهمّ الإنسان هو معرفة مكانه في هذا العالم ومسيره ، وأحقّ ما يمكن الاعتماد عليه من البيان في هذا المعنى ما بيّنه خالقه (الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِ) ، فيلزم بعد تمام البحث عما يرتبط بالله تعالى ، البحث عن كتبه ورسله ، وما يتبعه من البحث عن أوصياء الرسول ـ صلوات الله عليهم ـ فإنّ به كمال الرسالة وتمامها.

ثم بمعونة ما يستفاد من الكتب الإلهيّة وكلمات حججه عليهم‌السلام الفحص عن المطالب المعاديّة من الموت والقبر والبرزخ والقيامة والجنّة والنار.

واقتبس ذلك من الآيات الكريمة : (آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ) [٢ / ٢٨٥] و (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلى رَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي

٨٣

أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً) [٤ / ١٣٦].

فالفوارق البارزة بين هذا الكتاب وسائر الكتب الكلامية امور :

١ ـ أنّه بيّن أولا أن طريق تحصيل العلم هو التدبّر في الكتاب والسنّة والعمل بهما (١) : «لعل الله يرزقكم ببركة ذلك علما آخر من لدنه وكشفا أتمّ من لديه ...» ؛ فالكلام عنده ليس علما يدافع عن الكيان الإسلامي تجاه التحامل الثقافي من أعداء الدين ـ فحسب ـ بل يرشد الذين آمنوا ـ أيضا ـ إلى أن يؤمنوا إيمانا يقينيّا كشفيّا بعيدا عن الشكوك ، وذلك لا يحصل إلا بالوصول إلى ما أشار إليه ، وهو أن يرزق الله عبده علما من لدنه وكشفا من لديه.

٢ ـ ثم قال : «فإن لم تهتدوا إلى كيفيّة استنباط عقائدكم من الكتاب والسنّة فعليكم بمطالعة هذا الكتاب ... وهو مخّ الشرع الشريف ولباب الدين الحنيف ، وليس هو الأخذ بالتقليد في شيء ـ كلّا ـ بل هو تنبيه على التحقيق وإرشاد إلى البراهين الحقيقة بالتصديق بتعليم صاحب الشرع على ما يناسب أكثر الأفهام ويليق».

٣ ـ ركّز في مطاوي الكتاب على الأخذ عن الكتاب والسنّة النبويّة وروايات أهل البيت أولا ، ولم يغفل السلوك العقلي والاستفادة من الحكمة المتعالية ، إلا أنّه وجّه النظر إليه ثانيا بعد التأمّل في القسم الأول ، وجعل الثاني تبعا له وشارحا لما صدر عن معادن الوحي في كل باب ، ثم رجع ثالثا وأعاد النظر إلى الأول لتتميم الكلام وتأييد المرام ، فيكون السائر العلمي متابعا لصاحب الوحي في أول مسيره بما آمن به ومشايعا له في آخره بما صار ذو بصيرة وعاين ما آمن به أولا على الغيب.

٤ ـ ففي هذا المجال تراه يتابع الآيات والأخبار دائما بالبيانات المستفادة من الحكمة ، ثم يؤيّد ما أورده عن الحكماء بالكتاب والسنّة.

__________________

(١) ـ مقدمة الكتاب.

٨٤

٥ ـ أعرض عن ذكر المباحث التي ليست لها أهمية في الإرشاد ونفع غير الجدال ، وركّز على ذكر المباحث التي يضطرّ الناظر إلى التأمّل فيها ليستبين له الطريق إلى العلم والعمل ، فهذا العلم عنده وسيلة يرشد العباد إلى معرفة المسلك والسبيل حتى يشرعوا في السلوك العملي ويصلوا إلى المقصد الحقيقي ، ويعاينوا بعين اليقين ما علموه بعلم اليقين ، لا أن يجعلوا الكلام مقصدا نهائيا ويطوفوا حوله ... ليس لهم شغل إلا البحث والجدال واختراع الشكوك والجواب عنها طوال العمر والأعصار.

وقد أبان ـ قدس‌سره ـ عن نفس ما أشرنا إليه حيث قال في فهرس كتبه عند تعريف كتابه هذا :

«ومنها كتاب علم اليقين في اصول الدين ، يشتمل على خمسين مطلبا في أربعة مقاصد ذوات أبواب ، هي العلم بالله والعلم بالملائكة والعلم بالكتب والرسل والعلم باليوم الآخر ، على ما يستفاد من الكتاب والسنّة وأخبار أهل البيت عليهم‌السلام ؛ ببيان ما يحتاج منها إلى البيان ، والتوفيق بين ما تتراءى منها متخالفة بحسب الظاهر ، ونقل نتائج أفكار اولي الألباب ، فيما يدقّ من ذلك ويلطف ، مع شواهد وتأييدات تطابق الأذهان السليمة والأذواق المستقيمة ، قاصر الطرف على بيان الحقّ ، مرفوع الذيل عن نقل الأقوال ، وسلوك طريقة أهل الجدال ـ كما هو دأب المتكلمين والمتفلسفين من أصحاب الظنّ والتخمين ـ وهو كتاب لم يسبق بمثله ، ولم ير شبيهه ـ فيما أظنّ ـ بل تفرّدت بطريق تأليفه بإلهام من الله ـ جلّ وعزّ ـ وله الحمد. وقد تمّ جميع أبوابه ومقاصده في أربعة عشر ألف بيت وخمسمائة تقريبا في سنة اثنتين وأربعين بعد الألف».

وقال في الفهرس عند تعريف كتابه الآخر ـ المحجّة البيضاء ـ : «ونسبة مسائله الشرعية من العبادات والمعاملات إلى الكتب الفقهية كنسبة علم اليقين إلى الكتب الكلامية».

بقي كلام ، وهو أنّ هذا الكتاب مما كتبه المؤلف في أواسط عمره الشريف ، فهل بقي رأيه فيه في اخريات عمره على ما كان في الأول؟

فالجواب يظهر أولا بالتأمل فيما نقلناه عن فهرس كتبه عند تعريف الكتاب وتعظيمه ، والفهرس مما هو مكتوب في اخريات عمره الشريف.

٨٥

وثانيا بما أشرنا إليه من عدم تغيير عقائده الأساسيّة حتى في أواخر عمره الشريف ، وإنما الفرق في الإظهار وعدمه.

ثمّ إنّه لم يبق كتبه ـ قدس‌سره ـ كما ألّفها في الأول ، بل كان يعيد النظر ويستدرك ما فاته ويغيّر ما لا يرتضيه دائما ، يشهد بذلك نسخ كتبه الموجودة المكتوبة بيده الشريفة ، ومنها نسخة كتابه هذا ـ علم اليقين ـ فلو نظرنا بعين الاعتبار ما كتب منه أولا ونطابقه مع ما صار إليه آخرا حسبناه كتابين ثانيهما تحرير للأول.

فما بأيدينا من كتبه الشريفة ـ لو حصّلنا على نسخها الأصليّة ـ لها اعتبار مؤلفها طوال عمره الشريف ، وإنما الفرق في تأليفين مختلفين منه ـ لو رأيناه ـ إنما هو بالنظر إلى مخاطبيه ، ولذلك يرمز في تأليف ويكتم ما يظهره في آخر ، لا أنّه يخالف في الثاني ما يورده في الأول ، وذلك في عموم مكتوباته غير ما أشار في الفهرس أنّ فيها ما لا يرتضيه ـ وذلك في كتابي نقد الاصول الفقهية ومفاتيح الشرائع ـ.

علم اليقين وعين اليقين

ألّف المؤلّف ـ قدس‌سره ـ قبل تأليف علم اليقين كتابا آخر سماه «عين اليقين» وأشار إليه في استدراكاته على خطبة كتابه ـ علم اليقين ـ أولا ثم استدرك ثانيا وشطب عليه بعد ، وذلك موجود مشطوبا عليه في هامش نسخته في آخر خطبة الكتاب وقبل عنوان «مقدمة» :

«ومن لم يشف به عليله ولم يرو به غليله ، وأراد زيادة التعمّق والتبيين ، فعليه بكتابنا الموسوم بعين اليقين في اصول اصول الدين ، فإنّ فيه أنوارا وأسرارا تهدي من البيان إلى العيان ، وتوصل من العلم إلى العين ، ولكنه لا ينتفع بذلك إلا الفاذّ الشاذّ ، اللبيب كلّ اللبيب ، وليس للآخرين فيه نصيب ، فلا يطمع فيه من لم يكن له أهلا ، وليس للآخرين فيه نصيب ، فلا يطمع فيه من لم يكن له أهلا ، ولا يتعب نفسه في تحصيله فإنّه ليس سهلا ، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم».

٨٦

وقال في فهرس كتبه :

«ومنها كتاب عين اليقين في اصول [ن+ اصول] الدين ، يشتمل على خمسين مطلبا ذوات فصول في مقصدين ، أحدهما اصول العلم والآخر العلم بالسماوات والأرض وما بينهما ، ببيانات حكميّة وبراهين عقليّة وأذواق كشفيّة وشواهد فرقانيّة وتأييدات نبويّة وتشييدات ولويّة ؛ غير مجاوز عن بيان الحق وكشفه ، [ن+ إلى نقل الآراء] ، وهو كتاب مضنون به عن غير أهله ، ليس بمبتذل قريب ، ولا لأكثر الناس فيه نصيب ؛ إذ هو مخّ العلم ولبّ الحكمة ، ولباب المعرفة وعين الحقّ ؛ وزبدة نتائج الأفكار ، ليس له شبيه في جامعيّته وتماميّته مع الاختصار والوضوح ؛ وذلك من فضل الله علينا وعلى الناس ، ولكنّ أكثر الناس لا يشكرون ؛ وقد تمّ جميع مطالبه ومقاصده في أربعة عشر ألف بيت تقريبا ، في سنة ستّ وثلاثين بعد الألف».

وكتب ـ قدس‌سره ـ في خطبة كتابه عين اليقين :

«... ولما كانت الحكمة مركّبة من علم ـ هو العلم بحقائق الموجودات على ما هي عليه بقدر الطاقة البشريّة ـ وعمل ـ هو العمل بما ينبغي أن يكون الإنسان عليه ، ليكون أفضل في أحواله كلها ... ـ لا جرم افتنّ المقصود إلى فنّين ، علميّ وعمليّ ؛ وفائدة العلميّ انتقاش صورة الوجود كله على ما هو عليه بنظامه وتمامه في النفس الإنسانيّة ، لتصير عالما معقولا مضاهيا للعالم الموجود ، وجملة ما يذكر فيه ترجع إلى علم التوحيد وفروعه. وفائدة العمليّة تخلية النفس الإنسانيّة عن الرذائل وتحليتها بالفضائل ، حتى تصير مرآتا مجلوّة تشاهد فيها آيات الحق جلّ وعلا ... ثم ينقسم كلّ من القسمين إلى ما يستقلّ فيه العقل غالبا من دون توقّف على الشرع إلا في زيادة تتميم أو تبيين أو تنبيه ، وإلى ما لا يستقلّ فيه العقل ، بل يفتقر إلى استعانة من الشرع ـ

فهذه أربعة أقسام ؛

٨٧

فوضعت (١) لكل من العلمين كتابا مفردا ، سمّيت العقليّ منها ب «عين اليقين في اصول اصول الدين» والشرعيّ ب «علم اليقين في اصول الدين». والثاني متقدّم على الأول في رتبة التعلم وأعمّ نفعا ، إلا أنّ الأول هو الأصل بالنسبة إليه والموضح لمتشابهاته لمن كان له أهليّة ذلك من الخواصّ ، وليس للآخرين فيه نصيب ...».

وبهذه التصريحات من مؤلف الكتابين يعلم مدى صلة الكتابين والنسبة بينهما ، وغرض الفيض ـ قدس‌سره ـ من تأليفهما ، فإذا كان غرضه من علم اليقين ، عرض علم الكلام في ثوب إسلاميّ جديد ، فالهدف من تأليف عين اليقين كان نظير ذلك بالنسبة إلى الحكمة المتعالية بنحو بارز وملموس.

والكتاب في القسم الكبير منه تلخيص وتقرير لما في الأسفار الأربعة أو في سائر تأليفات استاذه (٢) صدر المتألهين ـ قدس‌سره ـ مع تأييده بالقرآن والحديث

__________________

(١) ـ من هنا إلى آخر المنقول غير موجود في المطبوعة من عين اليقين ولكنه موجود في مخطوطة من الكتاب كتبت عن نسخة الأصل المحفوظة في مكتبة المشهد الرضوي عليه‌السلام رقم (٧٨١٨):. والمعلوم أنّ هذه الزيادة من الاستدراكات التي أضافها مؤلفها في مراجعاته بعد إتمام تأليف الكتاب ـ كما هو معهود منه في سائر كتبه ـ فإن علم اليقين مصنّف بعد مضيّ ستّ سنوات عن الفراغ عن تأليف عين اليقين ، ولذلك أيضا خلت عنه النسخة التي كانت مستند الطبعة الموجودة ، فإنها كانت مستنسخة عن الكتاب ـ على ما يظهر ـ قبل هذا الاستدراك.

على أن ذكر اسم علم اليقين في كتاب عين اليقين لا تنحصر بهذا المورد ، فقد سمّاه وأشار إليه في مواضع متفرّقة منه مثل : ص ٢٩٣ و ٢٩٦ وغيرها.

(٢) ـ هذا الكلام يظهر بسهولة لكل من طابق بين هذا الكتاب وتأليفات صدر المتألهين ، على أنّ مؤلفه صرح بذلك في كثير من المواضع في نفس الكتاب ، مثل ص ٢٤٩ : «قال استاذنا أدام الله أيام إفاداته». ص ٢٥٠: «قال استاذنا مدّ ظله». ص ٢٥٩ : «كذا حقّق استاذنا دام ظله هذه المباحث». ص ٢٦٥ : «وهذا التقسيم مما استفدناه من استاذنا سلمه الله». ص ٣٠٤ : «ولكن ما اتفق إيضاحه كما اتفق لاستاذنا أدا الله أيام بركاته ... وها نحن ذاكروا برهانه وبيانه دام ظله ، فاستمع ...». وأمثال ذلك التصريحات كثيرة في الكتاب. ـ

٨٨

وروايات أهل البيت عليهم‌السلام. على أن هذا الاعتناء في علم اليقين أكثر من أخيه.

وبين محتوى الكتابين عموم وخصوص من وجه ، فإنهما اشتركا في كثير من المباحث ـ حتى لفظا ـ وافترقا في إيراد المطالب الحكمية في الثاني ، والاعتناء بإقناع علماء الظاهر في الأول.

ومن الموارد التي يظهر منها البون الشاسع بين طيف الكتابين أنّه أورد في عين اليقين (ص ٤٢٧) مطلبا حاكيا عن استاذه ومصرّحا باسمه ، وأورد نفس المطلب في علم اليقين (الباب ١٨ من المقصد الرابع ، فصل ٣) حاكيا عن قائل مجهول ومعبّرا عنه ب «قيل». على أن التصريح باسم صدر الحكماء كثير في العين ولكن في العلم يعبّر عنه ب «بعض المحققين» من دون تصريح باسمه في الأكثر.

ومن الفوارق المشهودة بين الكتابين أن البحث عن الوحدة الشخصيّة للوجود مبيّن ومصرّح به في العين ، ولكن غير مبحوث عنه في العلم ولا يشار إليه إلا رمزا. كما أنّه وردت أبواب في العين غير موجودة في العلم.

ولو ذهبنا نقارن الكتابين معا مقارنة سريعة تكون النتيجة مثل ما يلي :

(ص ٢٤٥ ـ ٢٨٨) (١) الوجود والعدم والعلم والجهل والنور والظلمة والإمكان والوجوب ، الماهيات والوحدة والكثرة والقدم والحدوث والقوة والفعل والعلة والمعلول والجوهر والعرض (٢٥٩ ـ ٢٨٨) وكذا مطالب متفرقة مثلها ـ لم يرد شيء منها في علم اليقين إلا نادرا.

(٢٨٨ ـ ٣٠١) في اصول النشآت ، ورد بعض المتفرقات منها في علم اليقين.

__________________

ـ ونلفت نظر القاري الكريم أن تأليف عين اليقين كان في العصر الذي كان للمؤلف الاتصال الكامل بصدر المتألهين ـ قدس‌سرهما ـ فقد أشرنا أنّه كان في هذه الأوان في قم عند صهره صدر المتألهين بشهادة تولد ابنه علم الهدى بعد ثلاث سنوات من تمام تأليف الكتاب كما جاء في مجموعة المواليد.

(١) ـ الأرقام لصفحات كتاب عين اليقين ، الطبعة الحجرية المطبوعة مع علم اليقين ومرآة الآخرة ، والكتاب يبدأ من ص ٢٣٦.

٨٩

(٣٠٢ ـ ٣١١) في مبدأ الوجود ، جاء القسم الأعظم منه بألفاظه في العلم.

(٣١١ ـ ٣١٦) كيفية إفاضة الوجود والبحث عن الأسماء الإلهية ورد في العين بصورة عرفانيّة عميقة وذلك تراه في العلم بصورة ساذجة مع تفصيل في بيان معنى كل اسم وحظّ العبد منه مقتبسا عن كتاب المقصد الأسنى للغزاليّ.

(٣١٩ ـ ٣٢٤) مباحث الأفعال والبداء والمحو والإثبات والاختيار ، ورد القسم الأعظم منه في العين بألفاظه.

(٣٢٥ ـ ٣٤٨) الطبيعيات والفلكيّات خاص بالعين ولم يرد في العلم.

(٣٤٩ ـ ٣٥٣) بحث الملائكة الموكّلة بالانسان وما يتبعه ورد قسم كبير منه في العلم.

(٣٥٤ ـ ٣٧٧) البحث عن الحيوان وتشريح أعضائه مخصوص بالعين.

(٣٧٧ ـ ٣٧٨) البحث عن الملائكة الموكّلة بالانسان والإلهام والوسوسة ، مشترك بين الكتابين.

(٣٧٩ ـ ٤٠٤) النفس وتجرّدها والمباحث المرتبطة بالإنسان الكامل والولاية وخلق الأرواح وعجائب النشأة الإنسانية خاصّ بالعين إلا قليلا منها.

(٤٠٤ ـ ٤٠٧) الجنّ والشياطين ـ قسم كبير منه مشترك بين الكتابين.

(٤٠٨ ـ ٤٢٣) حدوث العالم وأنّه مخلوق على أجود الأنظمة ، وسريان العشق في الوجود ، خاصّ بالعين لم يرد منها في العلم إلا قليلا.

(٤٢٢ ـ ٤٢٨) إلى الله المصير ، وهذا آخر مباحث كتاب عين اليقين مشترك بين الكتابين.

والجدير بالذكر أنا أشرنا في تعليقاتنا إلى كثير من الموارد المشتركة بين الكتابين.

طبع الكتاب وتحقيقه

طبع الكتاب حجريّا سنة ١٣٠٣ ق ، وجاء في فهرست الكتب العربية

٩٠

المطبوعة ـ للمغفور له خانبابا مشار ـ أنّه طبع كذلك في سنة ١٣١١ و ١٣١٢ و ١٣١٣ أيضا ولم أعثر على هذه ؛ ومن البعيد جدّا إعادة طبع كتاب كهذا في ثلاث سنين تباعا. وعلى أيّ فالموجود عندي من طبعات الكتاب السابقة : الاولى فقط ؛ واستادا عليها ونسخة مخطوطة مصحّحة كتبت عن نسخة استنسخها نافلة المؤلف عن نسخة الأصل وصحّحها عليه نشرت الكتاب مرة في سنّة ١٤٠٠ ق. وأعادوا طبعه مصورة في بيروت بعد.

غير أني لم أكن راضيا عن هذا العمل لسببين :

١ ـ شهدت تهافتا كبيرا بين النسخة المطبوعة والمخطوطة ، ولم أتمكّن من توجيه ذلك بشكل مقبول.

٢ ـ لم أكن متمكّنا من طبع الكتاب بصورة مرضيّة يوم ذاك فصدر حسبما أمكن من التحقيق والطبع.

وبعد مضيّ سنوات ظفرت على نسخة الأصل من الكتاب كانت في مكتبة جامعة طهران فحصّلت على مصوّرة منها وكذا من مخطوطتين اخريين من الكتاب ، وبعد التأمّل فيها ومقابلة النسخ تبيّنت المسألة الاولى ، أي وجه الاختلاف الشديد بين نسخ الكتاب.

وذلك أنّ المؤلف ـ قدس‌سره ـ كان يعيد النظر في كتابه دائما طوال عمره الشريف ـ ابتداء من حين الفراغ عن التأليف وإلي آخر سنوات حياته التي تقرب من خمسين سنة ـ ويستدرك ما فاته أولا ويزيده في الهامش أو يحذف شيئا من المتن ويشطب عليه ، وأحيانا يكتب بدلا منه شيئا آخر في الهامش (١) ، وذلك مشهود في مخطوطته ، مكررا موردا وحجما ، حتى اضطرّ ـ قدس‌سره ـ إلى إضافة أوراق على الكتاب ليكتب عليها ما استدرك على الأول ، أو إسقاط أوراق من النسخة لزيادة ما أراد الشطب عليه من ورقة أو أوراق. وفي هذه المدة يستنسخ تلامذته وسائر المستنسخين الكتاب لأنفسهم ويكتبون عنه ،

__________________

(١) ـ واتفق في غير واحد من المواضع أن جدد النظر في المستدرك ثانيا وثالثا وحتى رابعا ، فأضاف شيئا أو زاد ، أو حذف المضاف بالمرّة ، ويرى القارئ مثال ذلك فيما أوردناه من صورة أوراق النسخة في آخر المقدمّة.

٩١

وكلما استنسخ أحد شيئا منها كان يتابع حتما ما عمله المؤلف في نسخته ويدخل الزيادات في المتن ويغضّ النظر عما حذفها أو شطب عليها ؛ ولذلك اختلفت النسخ حسب اختلاف تأريخ كتابتهم ـ زيادة ونقصا ـ اختلافا كبيرا.

فعزمت على تحقيق الكتاب استنادا إلى أصله المكتوب بقلم المؤلف ، وكان عملي إيراد المتن مع إضافة ما استدركه ـ قدس‌سره ـ في هوامش النسخة ، والإشارة إلى ما كتب أولا وشطب عليه في مراجعاته حتى تكون هذه المطبوعة جامعة لا يشذّ عنها شيء إن شاء الله تعالى.

وكان مجموع ما عندي من نسخ الكتاب خمس نسخ ساشير إليها ، ولكن جعلت مدار الأمر على نسخة المصنف دائما ولم اراجع النسخ الاخرى إلا عند الشك في الخط أو حينما كان القسم المشطوب عليه محذوفا من نسخة المؤلف.

وأما النسخ فهي كما يلي :

١ ـ مخطوطة جامعة طهران رقم (٢٤٤) ـ راجع فهرس مخطوطات المكتبة : القسم الأول من الجزء الثالث (ص ٣٠٩ ـ ٣١١) ـ مكتوب بخط نستعليق ، والعناوين نسخ أحمر ؛ في كل صفحة (١٩) سطرا قياس ١٣* ٢٠ و ٧ / ٥* ١٤ ؛ وفي هوامشه بنفس خط المتن استدراكات معلّم في آخرها بعلامة «ص» عيّن مواضعها من المتن بعلامة موضوعة فوق موضعها من المتن : وتعليقات على الكتاب من مؤلفه ـ بنفس الخط ـ معلّما في آخرها بعلامة «منه» أو معنى لغة ، وكثيرا ما كتب في آخرها مصدر النقل مثل «ق» لكتاب القاموس للفيروزآبادي ، أو «صحاح» لصحاح اللغة للجوهري. وأحيانا كتب في الهوامش بيتا أو بيتين ـ بنفس خط المتن ـ مناسبا للبحث المكتوب في الصفحة وليس عليها أيّة علامة. وفي الهوامش كلمة أو كلمتين معلما مع علامة «ظ» أو «ل» بمعنى «ظاهرا» و «بدل» ؛ وذلك عند ما كانت النسخة التي ينقل عنها المؤلف ساقطا عنها شيء أو محرّفا بنظره ، فأبقى الأصل كما تقتضيه الأمانة ونبّه على ما يراه أو وجده صحيحا في الهامش.

٩٢

ومتى أريد حذف شيء من المتن شطب عليه بالمداد الأحمر.

على ظهر الورقة الاولى من المخطوطة مكتوب بخط النسخ :

«كتاب علم اليقين في اصول الدين إملاء العبد الضعيف محمد بن مرتضى المدعوّ بمحسن القاساني ثبّته الله بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة آمين»

يرى خاتم كدائرة في آخر المكتوب على اليسار لم أتمكن من قراءتها وكتب مؤلف فهرس الجامعة أنه خاتم المؤلف. وذيل هذا الخاتم خاتم بيضويّ يوجد قرينته في آخر الصفحة أيضا ، يمكن قراءته : «نصير الدين سليمان (١) ١١٩٤ (أو ١١٩١)». وذيل هذا الخاتم خاتم آخر فيه : «الراجي محسن الفيضي محمد». وعلى اليمين خاتم بيضوي أيضا فيه : «عبده محمد صادق بن زين العابدين الموسوي». وهذا الخاتم موجود في آخر الكتاب أيضا.

وكتب في الأطراف هذه الروايات :

«هو. في الخصال : سئل الصادق عليه‌السلام عن قوله تعالى (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ) فقال معناه : أو لم ينظروا في القرآن».

«قال علي عليه‌السلام : ما يسرني لو متّ طفلا وادخلت الجنّة ولم أكبر فأعرف ربي».

«وقال عليه‌السلام : ما أنا ونفسي إلا كراعي غنم كلما ضمّها من جانب انتشرت من جانب».

«الصدوق ، عن الصادق عليه‌السلام ، قال : النوم راحة للجسد ، والنطق راحة للروح ، والسكوت راحة للعقل».

__________________

(١) ـ نصير الدين سليمان ابن علم الهدى بن محمد محسن الفيض المؤلف ـ قدس‌سرهم ـ.

٩٣

«قال عليه‌السلام : في بعض خطبه : اعلموا أنه لا شيء أنفس من الحياة ، ولا شقاء أعظم من إنفاذها في غير حياة الأبد».

«ينسب إلى المسيح عليه‌السلام : من لم يعرف نفسه ما دامت في جسده فلا سبيل له إلى معرفتها بعد مفارقته».

«هو. عن زيد بن ثابت ـ قال : ـ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إني تارك فيكم الثقلين ، كتاب الله وعليّ بن أبي طالب ؛ وعليّ بن أبي طالب أفضل لكم من كتاب الله ، لأنه يترجم لكم كتاب الله».

«هو. روى الصدوق ـ طاب ثراه ـ في كتاب التوحيد ، بإسناده عمّن سأل أبا عبد الله عليه‌السلام ، فقال له : إنّ لي أهل بيت قدريّة ، يقولون : نستطيع أن نعمل كذا وكذا ، ونستطيع أن لا نعمل. ـ قال : ـ فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : قل له : هل تستطيع أن لا تذكر ما تكره؟ وأن لا تنسى ما تحبّ؟

فإن قال : «لا» فقد ترك قوله ؛ وإن قال : «نعم» فلا تكلمه أبدا ، فقد ادّعى الربوبيّة».

«إنما مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى دارا ، فأكملها وأجملها وأحسنها إلا موضع لبنة ، فيطوف الناس بها ، ويقولون : ما أكملها! ما أجملها! ما أحسنها! لو لا تلك اللبنة. ـ ثمّ قال : ـ أنا تلك اللبنة ، أنا تلك اللبنة ، أنا تلك اللبنة».

وكتب ذيل الصفحة : «هو ثقتي. انتقل إليّ من ابن عمّي بالشرى ، جعل الله الآخرة لي وله خيرا من الاولى ، وذلك في سنة خمس وعشرين ومائة بعد الألف مضى من هجرة سيّد الورى ، عليه وآله ألف ألف التحيّة والثناء ، وأنا المفتقر إلى الله في الآخرة والاولى إسحاق بن محمد علم الهدى ، غفر الله لهما ما يوجب الردى». وفي آخر هذا المكتوب خاتم بيضوي يشبه أن يكون فيه «جمال الدين إسحاق» وعلى يساره خاتم مربع لا يمكن قراءته. وكتب على يمينه : «تعلق به فرزندى محمد على دارد». وتحته خاتم بيضوي صغير لا يمكن قراءته أيضا ؛ وعلى يمين هذا الخاتم خاتم بيضوي أشرت إليه أنه قرينة الخاتم الذي تحت مكتوب المؤلف على اليمين.

٩٤

وكتب على ظهر الورقة الخاتمة للنسخة على اليمين : «للمولوي

كسى كز غمزه صد عقل بندد

گر او بر ما نخندد كس نخندد

دلا مى جوش همچون موج دريا

كه دريا گر بيارامد بگندد

شكر شيرينى گفتن رها كن

وليكن كان قندى چون نقندد

وله :

پراكنده شدى اى جان بهر درد وبهر درمان

ز عشقش جوى جمعيت در آن جامع بنه منبر

مرا گر آن زبان بودى كه راز يار بگشودى

هر ان جانى كه بشنودى برون جستى ازين چنبر

از آن دلدار دريا دل مرا حاليست بس مشكل

كه ويران ميشود سينه از ان جولان وكرّ وفرّ

اگر با مؤمنان گويم همه كافر شوند آن دم

وگر بر كافران خوانم نماند در جهان كافر

وله :

درون خانه دل مى توان ديد

ستون آسمان بى ستون را

چنان اندر صفات حق فرورو

كه برنايى نبينى اين برون را

چه جوئى ذوق آن آب سيه را

چه بوئى سبزه اين بام تون را

قال ابن الأثير في نهايته : فيه «إن أكثر أهل الجنة البله» ؛ هو جمع الأبله ، وهو الغافل عن الشرّ ، المطبوع على الخير. وقيل هم الذين غلبت عليهم سلامة الصدور وحسن الظنّ بالناس ، لأنهم أغفلوا أمر دنياهم ، فجهلوا حذق التصرف فيها وأقبلوا على آخرتهم فشغلوا أنفسهم بها ، فاستحقّوا أن يكونوا أكثر أهل الجنة. فأما الأبله ـ وهو الذي لا عقل له ـ فغير مراد في الحديث».

وكتب على يسار الصفحة :

«في الحديث النبوي : من أصبح مؤمنا في سربه ، معافى في بدنه ، عنده قوت يومه ، فكأنما خيرت له الدنيا بحذافيرها. وفي رواية : حيزت له لدنيا بحذافيرها.

قيل : السرب ـ بفتح السين والكسر ـ : الطريق. وقيل : في سربه : أي

٩٥

في مسلكه. ومذهبه. يقال : فلان واسع السرب وخلي القلب. يريد المسالك والمذاهب. وروي بكسر السين ، فمعناه في نفسه. ومن فتح السين ، فمعناه : في جماعته. والمعروف في الجماعة كسر السين ، وقيل : السرب ـ بالكسر ـ : القلب ، ويقال : فلان آمن في سربه ـ بالكسر ـ فمعناه : في قومه. وقيل : في نفسه.

في الحديث النبوي : ازرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه ، لا جناح عليه في ما بينه وبين الكعبين ، ما أسفل من ذلك ففي النار ثلاث مرات.

وفيه : لا ينظر الله عزوجل يوم القيامة إلى من جرّ إزاره بطرا».

وهذه الأحاديث والأشعار المنقولة عن هذه الورقة بخط المؤلّف ـ قدس‌سره ـ يشهد لذلك سوى شباهة الخط مع خط المتن أن جميع ما نقلناه مع إضافات اخر مكتوب على ظهر المخطوطة التالية المكتوبة عن نسخة المصنف ، وكتب ذيل الصفحة : «نقل كل ما في هذه الصفحة من خط يد مصنف هذا الكتاب ، كتبه على ظهر الكتاب»

ولعل كل ما حكيناه من توصيف هذه النسخة لم يكن لازما ، ولكن بما أنّ النسخة مكتوبة بيد مؤلفه يكون تعريفها غير مملّ ـ إن شاء الله تعالى ـ.

* * *

٢ ـ نسخة (ع) مخطوطة مكتبة آية الله المرعشي ـ قدس‌سره ـ العامة في قم ، رقم ٥٤٩ ؛ نسخة كاملة مصحّحة. وهذه النسخة قد يظن أنها نسخة استكتبها نافلة المؤلف ـ كما كتب ذلك مؤسس المكتبة أيضا على ظهر الكتاب أنه : «بخط المولى شرف الدين محمد إبراهيم الفيضي من أحفاد المؤلف». ووجه هذا الاستنباط ما كتب على ظهر الصفحة الاولى من الكتاب :

«كتاب علم اليقين في اصول الدين ... وهو كتاب لم أر شبيهه فيما أظنّ» وكتب ذيله : «بل تفرد بطريق تأليفه بإلهام من الله عزوجل جدي المصنّف العلامة ـ قدّس الله رمسه وله الحمد ـ وقد تمّ جميع أبوابه ومقاصده في أربعة عشر ألف بيت وخمسمائة بيت تقريبا ، صنّفه نوّر الله ضريحه سنة اثنتين وأربعين

٩٦

بعد الألف ، استكتبته من خط يده الشريفة وعرضته عليه في مروري على مطالبه سنة عشر ومائة بعد الألف ، وأنا عبد الله نافلته ابن صدر الشيرازي أبو محمد». وكتب على يسار الصفحة : «ثم دخل بالبيع الصحيح الشرعي وأنا الفقير إلى الله نافلة المصنف ابن صدر الشيرازي عبد الله».

غير أن التأمل فيما جاء في آخر الكتاب يعلن أن النسخة مكتوبة عن نسخة استكتبها وصحّحها نافلة المصنف عن نسخة الأصل ، والكاتب استنسخ جميع ما كانت مكتوبة على النسخة وظهرها ، حتى سواد ما كتبه مصحّحه نافلة المصنف عليها. فقد جاء في آخر النسخة الموجودة :

«قد وقع الفراغ من تحرير هذه الأوراق بعون الله الخالق الرزاق في اليوم السابع من الربيع الثاني أو ربيع المولود من السنة العاشرة من العقد الثامن من المائة الثانية من الألف الثاني. والحمد لله الموفّق على كل الامور ومنه المبدأ وإليه النشور ، والصلاة على سيدنا محمد وآله من اليوم إلى آخر الدهور. بلغ قبالا من أوله إلى آخره بحوله وقوّته».

وكتب في الهامش : «بسم الله الرحمن الرحيم وقع الفراغ من المرور على هذا الكتاب المستطاب وعرضه على أصله الشريف الذي بخط يد مصنّفه جدّي العلامة نوّر الله ضريحه بعد استكتابه منه سلخ شهر ربيع المولود سنة ستّ عشر ومائة بعد ألف ولله الحمد أولا وآخرا وأنا العبد نافلة المصنف ابن الصدر الشيرازي إبراهيم الملقب شرف الدين يدعى أبو محمد عفى الله عما جنى وجعل أخراه خيرا من الاولى ، ورزقه فهم ما استودع فيه من الأسرار ببركة متابعة الهداة الأبرار».

فكما ترى تاريخ الكتابة (١١٧٩) وتاريخ المقابلة المذكورة (١١١٦) ، أي (٦٥) سنين قبلها ؛ فمن الواضح أنّ هذه النسخة مكتوبة ومصحّحة على نسخة نافلة المصنّف ، لا أنها نفسها ، والكاتب استنسخ جميع ما كانت في النسخة المستنسخة عنها بدقة ، كما أن المستنسخ الأول استنسخ من نسخة المصنّف كذلك ، ولذا صارت هذه الموجودة كمبيضّة الأصل في المتن والهوامش وحتى الأشعار والأحاديث التي نقلناها عن ظهر النسخة. سوى ما حذفه المؤلف وشطب عليه في استدراكاته.

٩٧

* * *

٣ ـ نسخة (س) مخطوطة مكتبة آية الله المرعشي ـ قدس‌سره ـ العامة رقم (٦٥٩٥) تحتوي على المقصد الأول أي الربع الأول من الكتاب فقط. جاء في آخرها :

«كتبه اقلّ الأقلين محمد شفيع بن محمد أمين ناقلا عن خط مؤلفه أدام الله تعالى بقاءه ، وزاد علينا فيضه بمنّه وفضله ، في أوائل ربيع الثاني سنة ١٠٥٠».

فالنسخة مستنسخة عن نسخة المصنف في حياته ـ قدس‌سره ـ سنة (١٠٥٠) ولذلك لم يراع فيها قسم من الاستدراكات التي عملها المصنف في نسخته بعد ، على أنّه يظهر من بالتأمّل أنّ الكاتب ـ الذي هو من تلامذة المؤلف على ما يظهر ـ عرض نسخته على الأصل مدّة بعد الكتابة ، إذ ورد قسم من الاستدراكات التي كتبها المؤلف على هامش كتابه في هامش هذه النسخة أيضا ، فهذه الاستدراكات وقعت بعد كتابة النسخة وأكمل المستنسخ نسخته تبعا للمؤلف.

* * *

٤ ـ نسخة (م) ، مخطوطة مكتبة آية الله المرعشي ـ قدس‌سره ـ العامة رقم (٤٧٥٤) ، نسخة كاملة مصححة ، كتبت سنة ١١٤٠ ق ، يطابق نسخة الأصل ونسخة (ع).

* * *

٥ ـ النسخة المطبوعة الحجرية في طهران سنة ١٣٠٣ ق. والذي يظهر أن هذه كتبت عن نسخة مكتوبة في حياة المؤلف وقبل أن يضيف إليها الاستدراكات ، ولذلك تختلف مع النسخة المصحّحة زيادة ونقصا.

* * *

واستفرغت الوسع في إخراج الكتاب بصورة جميلة واستخراج مصادر الحديث الشريف والروايات والأقوال الواردة فيه حسب الميسور ، ثمّ وضع فهارس فنيّة مختلفة ترشد الطالب إلى مواضع حاجته من الكتاب بسهولة إن

٩٨

شاء الله ، وكذلك ترقيم الأبواب والفصول وإضافة عنوان لكل فصل ـ بين علامتين [] ـ يرشد القاري إلى محتوى الفصل.

تلخيص علم اليقين

لخّص الفيض ـ قدس‌سره ـ كتابه هذا ـ كما هو معهود منه في أكثر كتبه ـ مرتين : وسمى الأول : «أنوار الحكمة» والثاني : «المعارف» ؛ وقد مرّ ذكرهما في فهرست تأليفاته ، وهما غير مطبوعتان.

* * *

وفي الختام نشكر من ساعدنا على إبداء الملاحظات من أصدقائنا الأفاضل الكرام ، ونرجو من الله تعالى وسعة جوده ورحمته لما منّ علينا ببعث الرسول الخاتم أن يتمّ نعمته علينا بإكمال معرفته ومعرفة كتبه ورسله ، وأن يرزقنا شهادة دولة الحقّ الموعود بظهور خاتم الأوصياء وموعود الأنبياء ، الإمام المنتظر عجّل الله تعالى فرجه :

إمام الورى طود النهى منبع الهدى

وشاهد سرّ الله في هذه الدار

أيا حجّة الله الذي ليس جاريا

بغير الذي يرضاه سابق أقدار

ويا من مقاليد الزمان بكفّه

وناهيك من مجد به خصّه الباري

أغث حوزة الإيمان واعمر ربوعه

فلم يبق منها غير دارس آثار

وعجّل فداك العالمون بأسرهم

وبادر على اسم الله من غير إنظار (١)

اللهمّ منك الرجاء وأنت المستعان وبك المستغاث ، فكن لوليّك الحجة بن الحسن ـ صلواتك عليه وعلى آبائه ـ في هذه الساعة وفي كلّ ساعة ، وليّا وحافظا وقائدا وناصرا ودليلا وعينا ، حتّى تسكنه أرضك طوعا وتمتّعه فيها طويلا.

__________________

(١) ـ أبيات من قصيدة للشيخ البهائي ـ قدس‌سره ـ في مدح الإمام الحجة ـ عجّل الله تعالى فرجه ـ راجع الكشكول : ٢ / ٢١٧ ـ ٢٢٠.

٩٩

مكتوب من المؤلف ـ قدس‌سره ـ إلى بعض تلامذته

رأيت عند صديقنا الفاضل السيد جلال الدين اليونسي ـ أيّده الله تعالى ـ مخطوطة كتاب تنوير القلوب ، تاليف نافلة أخ الفيض نور الدين محمد بن مرتضى الثاني بن محمد مؤمن بن مرتضى الأول ـ رحمهم‌الله جميعا ـ ، وقد نقل فيها مكتوبا من الفيض ـ قدس‌سره ـ إلى بعض تلامذته ـ على ما يظهر ـ وحيث كانت مشتملة على إرشادات سلوكية رأيت ذكرها هنا نافعا للمريدين أولا ، ولتبيين طريقته ثانيا ، وهي ما يلي :

نامه شريف قرّة العين الحبيب في الله فلان فتح الله عيني قلبه بنور البصيرة ـ رسيد ، وبعد از اطلاع بر مضمون آن مسرّتى دست داد ومساءتى روى نمود ؛ امّا سبب مسرّت اشتمال آن بر تيقّظ وآگاهى آن برادر روحانى وتأسّف ايشان بر فوت وقت وضياع سرمايه كه بسر وقت آن افتاده اند ، وداعيه وصول بكمال كه در ايشان پديد آمده ، ودرد طلب وشوق كه روى نموده ـ زاده الله شوقا وتعطّشا إليه ـ

چه اين درديست كه سرمايه همه درمانهاست ، وقفليست كه مفتاح كنوز سعادت دلها وروانهاست ، غميست كه به دعا بايد خواست ، ودرديست كه به دوا بايد تحصيل نمود ،

كفر كافر را ودين دين دار را

ذرّه دردت دل عطار را

در أزمنه سالفه أصحاب اين درد بسيار بوده اند وطبيب آن كم ياب ، ودرين اعصار صاحب آن كم يابست وطبيب آن مفقود ،

دواى درد عاشق را مگر يابم نشان از كس

درين بازار در دكّان هر عطار مى گردم

نيامد بر منش رحمى طبيب عشق را هرچند

درين بازار عطاران من بيمار مى گردم

وامّا سبب مساءت ، وقوع ايشان در بيداى حيرت نظّار ، چه اين حيرتيست مذموم وقلقيست نامحمود ؛ وإليه أشار الحلاج بقوله :

من رامه بالعقل مسترشدا

اسرحه فى حيرة يلهو

١٠٠