علم اليقين في أصول الدين - المقدمة

المؤلف:


الموضوع : العقائد والكلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٧١٦

وشاب بالتلبيس أسراره

يقول في حيرته : هل هو

وحيرت محمود حيرت أولو الأبصار است كه از توالى تجليّات وتوالى بارقات در مشاهده كبريا وعجائب احكام ربوبيّت حاصل مى شود ؛ وإليه أشار من قال : «ربّ زدني تحيّرا فيك» ومن قال :

قد تحيّرت فيك خذ بيدي

يا دليلا لمن تحيّر فيكا

در تو حيرانم واوصاف ومعانى كه تو راست

واندر آن كس كه تو را بيند وحيران تو نيست

چنانكه آدمى را دو چشم ظاهر است كه به آن عالم شهادت را مى بيند ، در باطن نيز دو چشم است كه به آن عالم غيب را توان ديد اگر گشوده باشد ؛ ليكن اكثر مردمان را آن دو چشم باطن بسته است ، (لَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها) وفي الحديث : «ما من عبد إلا ولقلبه عينان ، وهما غيب يدرك بهما العيب ، فإذا أراد الله بعبد خيرا فتح عين قلبه ، فيرى ما هو غائب عن بصره»

وتا آن چشم باطن گشوده نشود علم به هيچ چيز او را حاصل نمى تواند شد مگر به تقليد ، واگر تقليد را كما هو حقّه كند به محوضت ـ من غير تصرف فيه بعقله الناقص ـ كان من المفلحين.

سعى بايد نمود كه آن چشم باطن گشوده شود ، كار همينست ودواى همه دردها اين ، وچون اين كار به حصول پيوست نه استعانت به برهان در كار است ونه رجوع به ميزان ، نه تدافع براهين مى ماند ونه تعارض مكاشفات روى مى دهد ، بلكه همه عيان در عيانست ، واطمينان در اطمينان.

وتعاضد شواهد وتصادق بينات وتحصيل اين بصيرت به فكر ونظر وممارست براهين عقليّه نمى شود ، بلكه هرچند خوض در آن پيشتر كنند ظلمت وحجاب بيشتر مى شود ، وشكوك وشبهات افزونتر مى گردد واز مقصد دورتر مى افتد.

فلسفى خود را ز انديشه بكشت

كو بدو كو را (١) سوى گنجست پشت

وإنما يحصل بفراغ القلب وصفاء الباطن ، والتجافي عن دار الغرور والإنابة إلى دار الخلود ، والتأهّب للموت قبل نزول الموت ، وتخلية النفس عن الرذائل

__________________

(١) ـ كذا. ظ : او را.

١٠١

وتحليتها بالفضائل ، ومتابعة الشرع والتأدّب بآدابه ، وملازمة التقوى وتحمّل الأثقال في طريق الوصال ، وملازمة الذكر في الخلوة حتى يتنوّر القلب ويتخلى من صدء الشهوات النفسانيّة والخواطر الشيطانيّة ، وطلب الحظوظ الدنيويّة ، وتحصل له الجمعيّة ، فتكون الهموم همّا واحدا ، فحينئذ يصير القلب صافيا مستعدّا ، قابلا لأصناف العلوم الكليّة الحقيقيّة ، فتنطبع العلوم النظريّة بحقائقها في مرآة سرّه بأدنى فكرة ، فلا ينظر إلى شيء إلا ظهرت له حقيقته ، ظهورا يجري منه مجرى العيان ، فلو كشف الغطاء ما ازداد يقينا ؛ وهذا من باب الهداية التي تمدّها الإنابة ؛ كما قال الله سبحانه : (اللهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ) والاجتباء للأنبياء والأولياء والهداية للعلماء.

والحكيم ما لم يبلغ هذه المرتبة لا يكون حكيما ، لأنّ الحكمة من مواهب الله (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً).

والدليل على ذلك كله من الكتاب والسنّة كثير ، قال الله تعالى حكاية (وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً) أي بين الحقّ والباطل. (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا).

وفي الحديث : «ليس العلم بكثرة التعلّم إنما هو نور يقذفه الله في قلب من يريد أن يهديه» «العلم نور وضياء يقذفه الله في قلوب أوليائه وأنطق به على لسانهم». «الجوع سحاب الحكمة ، فإذا جاع العبد مطر بالحكم». «من أخلص لله أربعين صباحا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه» «من علم وعمل بما علم ورّثه الله علم ما لم يعلم».

وفي كلام أمير المؤمنين عليه‌السلام : «إن من أحب عباد الله إليه عبدا أعانه الله على نفسه ، فاستشعر الحزن وتجلبب الخوف ، فظهر مصباح الهدى في قلبه» ـ إلى أن قال : ـ «قد خلع سرابيل الشهوات وتخلّى من الهموم إلا همّا واحدا انفرد به ، فخرج من صفة العمى ومشاركة أهل الهوى ، فصار من مفاتيح أبواب الهدى ومغاليق أبواب الردى ، قد أبصر طريقه وسلك سبيله ، وعرف مناره وقطع غماره ، واستمسك من العرى بأوثقها ، ومن الحبال بأمتنها ، فهو من اليقين على مثل ضوء الشمس».

وفي كلام آخر له عليه‌السلام : «قد أحيى قلبه وأمات نفسه حتى دقّ جليله ولطف غليظه ، وبرق له لامع كثير البرق ، فأبان له الطريق وسلك به

١٠٢

السبيل ، وتدافعته الأبواب إلى باب السلامة ودار الإقامة ، فثبتت رجلاه لطمأنينة بدنه في قرار الأمن والراحة ، بما استعمل قلبه وأرضى ربّه».

إلى غير ذلك مما ليس هنا محل ذكره.

واعلم أنّ من أراد الله به خيرا من الطالبين يسّر الله له شيخا من أهل هذا الطريق يتولّى تربيته في طريق الحقّ ، وإلا طالت عليه الطريق وحصل على التعويق ، وتزلزلت قدمه في طريق الإرادة ، ولو أجهد نفسه ما خرج من مواطن العادة ؛ اللهم إلا أن يستعمل ما قرّروه ، ويلزم نفسه ما أسّسوه ، فبتصحيح البدايات تنال الغايات ، وبتأسيس القواعد تعلو السرايات ، (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللهِ وَرِضْوانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ) فعن الله فاعقل ، وعن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاسمع ، (وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ).

ومن عرف ما يطلب هان عليه ما يبذل ، ومن طلب نفيسا خاطر بالنفس ، ومن طلب الحسناء لم يغله المهر ،

اذا شام الفتى برق المعالي

فأهون فائت طيب الرقاد

و «من كان لله كان الله له». هذه الجادّة فأين السالك ، هذه الرغائب فأين الطالب ، هذا قميص يوسف فأين يعقوب ، هذا طور سيناء فأين موسى ، هذا ذو الفقار فأين أبو الحسن الكرّار ، هذه الإشارات فأين الجنيد والشبلي ، هذه مراتع الزهد فاين ابن أدهم ، أين القوم يا قوم ، ما لي أرى (١) الديار وما بها من القوم ديار

قف بالديار ، فهذه آثارهم

تبكى الأحبّة هجرة وتشوّقا

وهذا ـ يا أخي ـ شيء لا ينال إلا بفضل الله ورحمته (وَاللهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ) ، ليس كل من همّ سلك ، ولا كل من سلك وصل ، ولا كل من وصل مكن ؛

ولا كل غاد نحو قصد يناله

ولا كل من زار الحمى سمع الندا

وإنما هي عنايات أزليّة ومواهب ربّانيّة ، جرت في الأبد ما جرى في الأزل ،

__________________

(١) ـ في النسخة : «ما لي لا أرى» والأظهر أن الصحيح ما أثبتناه.

١٠٣

ومن سلب خلعة القبول أزلا ، لم يكن لها لابسا أبدا ، ومن لبسها أزلا لم يسلبها أبدا

على مثل ليلى يقتل المرء نفسه

وإن بات من ليلى على اليأس طاويا

در غرور اين هوس گر جان دهم

به كه دل در خانه ودكان نهم

وليكن فهمك من الله وأخذك عن الله وسعيك لله ، ولا تقف على الصورة دون المعاني ، ومع البنية دون الباني ، ولا تشتغل عن الواحد بالمثالث والمثاني. والسلام على من اتبع الهدى.

تذييل

وا عجباه ، سبيل كان آدم في سلوكها ينوح ، ورمي فيها بالحجارة نوح ، وقذف في النار خليل ، واضجع للذبح اسماعيل ، وبيع يوسف بثمن بخس ذا حنين ، ولبث في السجن بضع سنين ، وذهب بصر يعقوب وضنى بالبلاء أيّوب ، ونشر بالمناشير زكريّا وأفرط داود بالبكاء ، وتنغّص في الملك عيش سليمان ، وتحيّر بردّ (لَنْ تَرانِي) موسى بن عمران ، وذبح الحصور يحيى ، وهام في الفلوات عيسى ، وشجّ جبين المصطفى وكسرت رباعيّته في شدة الأذى ، وأصيب قرن المرتضى ، وسمّ الحسن مرة بعد اخرى ، وقتل الحسين بكربلاء ، وابتلي أهل البيت بأنواع البلاء. ونحن نطلبها بالرسم والمقال ؛ وما أشبه هذا بالمحال؟!

بلى ، لا بدّ في طريق الوصال من تحمّل الأثقال ، (الم* أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ* وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ).

أول قدم فى الطريق بذل المهجة ، ثم سلوك المحجة ،

بدم المحبّ يباع وصلهم

فاسمح بنفسك إن اردت وصالا

(إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).

* * *

١٠٤

١٠٥

١٠٦

١٠٧

١٠٨

١٠٩

١١٠

١١١