الروضة المختارة ـ القصائد الهاشميّات والقصائد العلويّات

المؤلف:


الموضوع : الشعر والأدب
الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٦٨

سبب غضب هشام عليه :

ولما هجا الكميت خالد بن عبدالله القسري عامل هشام على العراقيين أراد خالد أن ينتقم منه فروى جارية حسناء قصائده الهاشميات. وأعدها ليهديها إلى هشام. وكتب إليه بأخبار الكميت وبهجانه بني امية وأنفذ إليه قصيدته التي يقول فيها :

فيا رب هل إلا بك النصر يبتغي

ويارب هل إلا عليك المعول

وهو يرثي فيها زيد بن علي. وابنه الحسين بن زيد. ويمدح بني هاشم ويهجو بني امية. فلما قرأها أكبرها وعظمت عليه واستنكرها. وكتب إلى خالد يقسم عليه أن يقطع لسانه ويده. فلم يشعر إلا والخيل محدقة بداره. فاخذ وحبس. وكان أبان بن الوليد البجلي عاملا على واسط وصديقا للكميت فبعث إليه بغلام وقال له انت حر إن لحقته : وكتب إليه : بلغني ما صرت إليه وهو القتل الا أن يدفع الله. وأرى أن تبعث إلى حبي « زوجة الكميت وهي ممن تتشيع أيضا » فإذا دخلت اليك تتنقب نقابها ولبست ثيابها وخرجت فانى أرجو ان لا يؤبه لك. فبعث إلى حبي وقص عليها القصة وفعل بما أشار به عليه وخرج هاربا فمر بالسجان فظن انه المرأة فلم يعرض له فنجا وأنشأ يقول :

خرجت خروج القدح قدح ابن مقبل

على الرغم من تلك النوابح والمثلى

على ثياب الغانيات وتحتها

عزيمة امر أشبهت سلة النصل

١٦١

رضى هشام عليه وصفحه عنه

ثم بعد أن أقام مدة متواريا وأيقن ان الطلب قد خف. سار في جماعة من بني أسد إلى الشام وقدم اعتذاره إلى هشام وطلب منه الامان من القتل ولم يزل به حتى أجاره. وروى أن الكميت أرسل وردامع ابن أخيه زيد إلى أبي جعفر محمد بن على وقال له : ان الكميت أرسلني اليك وقد صنع بنفسه ما صنع فتأذن له أن يمدح بني امية قال نعم هو في حل فليقل ما شاء ، وقيل : لما دخل الكميت على هشام سلم ثم قال : يا امير المؤمنين غائب آب. ومذنب تاب. محا بالانابة ذنبه. وبالصدق كذبه. والتوبة تذهب الحوبة ومثلك حلم عن ذي الجريمة. وصفح عن ذي الريبة. فقال له : ما الذي نجاك من خالد القسري؟ قال صدق النية في التوبة. قال : ومن سن لك الغي وأورطك فيه؟ قال : الذي أغوى آدم فنسى ولم يجد له عزما فان رأيت يا امير المؤمنين تأذن لي بمحو الباطل بالحق. بالاستماع لما قلته فأنشده :

ذكر القلب إلفه المهجورا

وتلافي من الشباب أخيرا

أورثته الحصان أم هشام

حسبا ثاقبا ووجها نضيرا

وكساه أبو الخلائف مروان

سني المكارم المأثورا

لم تجهم له البطاح ولكن

وجدتها له معانا ودورا

وكان هشام متكئا فاستوى جالسا وقال هكذا فليكن الشعر. ثم قال :

١٦٢

قد رضيت عنك يا كميت. فقال الكميت : يا امير المؤمنين ان اردت ان تزيد في تشريفي لا تجعل لخالد علي امارة. قال : قد فعلت وكتب له بذلك وأمر له بجوائز وعطايا جزيلة. وكتب إلى خالد ان يخلي سبيل امرأته ويعطيها العطايا الجزيلة. وقيل للكميت : انك قلت في بني هاشم فأحسنت وقلت في بني أمية أفضل. قال : اني إذا قلت احببت ان احسن.

محبته لآل البيت واخلاصه لهم :

قيل ان الكميت دخل على أبي عبدالله جعفر بن محمد في ايام التشريق بمنى فقال له جعلت فداك اني قلت فيكم شعرا أحب ان انشدكه. فقال : يا كميت اذكر الله في هذه الايام المعدودات فأعاد عليه القول فرق له ابو عبد الله فقال هات : وبعث ابو عبد الله إلى اهله فقرب فأنشده فكثر البكاء حتى اتى على قوله :

يصيب به الرامون عن قوس غيرهم

فيا آخرا أسدى له الغي أول

فرفع أبو عبد الله يديه فقال : اللهم أغفر للكميت. ودخل أيضا على أبي جعفر محمد بن علي فأعطاه ألف دينار وكسوة. فقال له الكميت : والله ما أحببتكم للدنيا ولو أردت الدنيا لاتيت من هي في يديه. ولكني أحببتكم للآخرة أما الثياب التي أصابت أجسامكم فأنا أقبلها لبركتها وأما المال فلا أقبله.

وحكى صاعد مولى الكميت. قال دخلت معه على علي بن

١٦٣

الحسين. فقال : اني قد مدحتك بما أرجو ان يكون لي وسيلة عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم أنشده قصيدته : من لقلب متيم مستهام. فلما أتى على آخرها قال له ثوابك نعجز عنه ولكن ما عجزنا عنه فان الله لا يعجز عن مكافأتك وأراد أن يحسن إليه فقال له ان أردت أن تحسن إلي فادفع إلي بعض ثيابك التي تلي جسدك أتبرك بها فنزع ثيابه ودفعها إليه ثم قال : اللهم ان الكميت جاد في آل رسول الله وذرية نبيك بنفسه حين ظن الناس وأظهر ما كتمه غيره من الحق فأحيه وأمته شهيدا وأره الجزاء عاجلا فانا قد عجزنا عن مكافأته. قال : الكميت ما زلت أعرف بركة دعائه.

وفاته رحمه الله تعالى :

وتوفى في خلافة مروان بن محمد سنة ست وعشرين ومائة وكان السبب في موته أنه مدح يوسف بن عمر بعد عزل خالد القسري عن العراق. فلما دخل عليه أنشده مديحه معرضا بخالد وكان الجند على رأس يوسف متعصبين لخالد فوضعوا سيوفهم في بطنه. وقالوا : أتنشد الامير ولم تستأمره فلم يزل ينزف الدم منه حتى مات. وكان مبلغ شعره حين مات خمسة آلاف ومائتين وتسعة وثمانين بيتا. وروى عن المستهل ابن الكميت انه قال : حضرت أبي عند الموت وهو يجود بنفسه ثم أفاق ففتح عينيه ، ثم قال : اللهم آل محمد. اللهم آل محمد. اللهم آل محمد. ثلاثا رحمه الله تعالى.

١٦٤

ترجمة

ابن ابي الحديد المعتزلي

هو عز الدين عبدالحميد بن أبي الحسين هبة الله بن محمد بن محمد بن الحسين ابن أبي الحديد المدائني الحكيم الاصولي. كان من أعيان العلماء الافاضل ، والاكابر الصدور ، والاماثل ، حكيما فاضلا ، كاتبا كاملا ، عارفا بأصول الكلام يذهب مذهب المعتزلة. خدم في الولايات الديوانية والخدم السلطانية وكان مولده في غرة ذي الحجة سنة ست وثمانين وخمسمائة هجرية.

اشتغل وحصل وصنف وألف. فمن تصانيفه شرح نهج البلاغة : في عشرين مجلدا وقد احتوى هذا الشرح على ما لم يحتوي عليه كتاب من جنسه ، وصنفه لخزانة كتب الوزير مؤيد الدين محمد بن العلقمي. ولما فرغ من تصنيفه أنفذه على يد أخيه موفق الدين أبي المعالي فبعث إليه بمئة دينار وخلعة سنية وفرس فكتب إلى الوزير :

أيا رب العباد رفعت صنعي

وطلت بمنكبي وبللت ريقي

وزيغ الاشعري كشف عني

فلم أسلك ثنيات الطريق

أحب الاعتزال وناصرية

ذوي الالباب والنظر الدقيق

فأهل العدل والتوحيد أهلي

نعم فريقهم أبدا فريقي

١٦٥

وشرح النهج لم أدركه إلا

بعونك بعد مجهدة وضيق

تمثل إذ بدأت به لعيني

هناك كذروة الطود السحيق

فتم بحسن عونك وهو أنأى

من العيوق أو بيض الانوق

بآل العلقمي ورت زنادي

وقامت بين أهل الفضل سوقي

فكم ثوب أنيق نلت منهم

ونلت بهم وكم طرف عتيق

أدام الله دولتهم وأنحى

على أعدائهم بالخنفقيق

ومن تصانيفه : كتاب العبقري الحسان وهو كتاب غريب الوضع قد اختار فيه قطعة وافرة من الكلام والتواريخ والاشعار وأودعه شيئا من انشائه وتوسلات ومنظوماته. ومن تصانيفه كتاب الاعتبار على كتاب الذريعة ، في أصول الشريعة للسيد المرتضى وهو ثلاث مجلدات ومنها كتاب الفلك الدائر على المثل السائر لابن الاثير الجزري.

ومنها كتاب شرح المحصل للامام فخر الدين وهو يجري مجرى النقض له.

ومنها كتاب نقض المحصول في علم الاصول للامام فخر الدين أيضا ومنها شرح المشكلات الغرر لابي الحسن البصري في صول الكلام ومنها : شرح الياقوت لابن نوبخت في الكلام أيضا. ومنها كتاب الوشاح الذهبي في العلم الابي. ومنها انتقاد المصفى للغزالي في اصول الفقه. ومنها

١٦٦

الحواشي على كتاب المفصل في النحو. سوى ماله من التعاليق وما لم تتبع معرفته.

وأما أشعاره فكثيرة وأجلها وأشهرها : القصائد السبع العلويات وذلك لشرف الممدوح بها عليه أفضل التحية والسلام ، نظمها في صباه وهو بالمدائن في شهور سنة احدى عشرة وستمأة. وأما ما وليه من الولايات وتقلب من الخدمات فلا حاجة لذكره هنا. قيل ولما أخذت بغداد كان ممن خلص من القتل في دار الوزير مؤيد الدين مع أخيه موفق الدين وحضر بين يدي المولى السعيد خواجه نصير الدين الطوسي وفوض إليه أمر خزان الكتب في بغداد مع أخيه موفق الدين والشيخ تاج الدين علي بن انجب. ولم تطل أيامه. وتوفي رحمه‌الله في جمادى الآخرة من سنة ست وخمسين وستمأة ه‍. ومدة عمره سبعون سنة وستة أشهر. ولد ومات في بغداد.

من كتاب معجز الآداب في معجم الالقاب

١٦٧

الفهرس

مقدمة الناشر................................................................. ٦

شرح القصائد الهاشميات......................................................... ٧

شعر الكميت بن زيد الاسدي.................................................. ٧

القصائد العلويات السبع....................................................... ٨٣

شعر ابن أبي الحديد المعتزلي................................................... ٨٣

القصيدة الاول في ذكر فتح خيبر.............................................. ٨٤

القصيدة الثانية في ذكر فتح مكة............................................. ١٠١

القصيدة الثالثة في وصف النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ......................................... ١١٠

القصيدة الرابعة : في وقعة الجمل............................................. ١١٤

القصيدة الخامسة في وصفه عليه‌السلام............................................. ١٢٠

القصيدة السادسة في وصفه ومدحه عليه‌السلام..................................... ١٣٣

القصيدة السابعة في اوصافه عليه‌السلام............................................ ١٤٨

موجز من حياة الكميت.................................................... ١٥٩

موجز من حياة ابن ابي الحديد............................................... ١٦٥

١٦٨