الروضة المختارة ـ القصائد الهاشميّات والقصائد العلويّات

المؤلف:


الموضوع : الشعر والأدب
الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٦٨

القصيدة الثانية في ذكر فتح مكة

جللت فلما دق في عينك الورى

نهضت إلى أم القرى ايد القرى (١)

جلبت لها قب البطون وإنما

تقودلها بالقود أم حبوكرا (٢)

وسقت إليها كل أسوق لو بدت

له معفر ظنته بالرمل جؤذرا (٣)

__________________

١ ـ أي عظمت فلما صغر الورى عندك نهضت إلى هذا الفتح الجليل وهو فتح مكة ويريد بالورى الشجعان الذين نازلهم في الوقائع وقتلهم في الملاحم وأمثالهم من الكفار وليس عمومه في المؤمنين ويحتمل العموم ويريد بالصغر النقص عن كماله والضعف عن شجاعته وام كل شيء أصله ومكة ام القرى لان الارض دحيت من تحتها حيث كانت مجموعة في مكان الكعبة ثم بسطها الله وأيد القرى أي قوى الظهر من الخليل وغيرها.

٢ ـ أي خيلا قب البطون والقب جمع اقب وقبا وهي الضوامر. والقود جمع اقود وهو الطويل القوائم. والحبو كر الداهية وام حبو كر أعظم الدواهي.

٣ ـ الاسوق طويل عظم الساق والمعفر ام اليعفور وهو الخشف للظبية. والجؤذر بفتح الذال وضمها ولد البقرة الوحشية واليعفور ولد البقرة الوحشية أيضا ، والمعنى أن هذا الفرس لو بدت له البقرة الوحشية بالرمل لادركها بالعدو حتى تظنه ولدها لاصقا بها ولاجيا إليها وخص الرمل لان العدو فيه أشق وأصعب ويجوز أن يكون لشدة عدوه يصغر في عين المعفر حتى تظنه جؤذرا بالرمل لانه محله والباء بمعنى في وذلك لمعنى قد سمع من بعض المشايخ.

١٠١

يبيت على أعلى المصاد كأنما

يؤم وكون الفتح يلتمس القرى

يفوق الرياح العاصفات إذا مشى

ويسبق رجع الطرف شدا إذا جرى

جياد عليها للوجيه ولا حق

دلائل صدق واضحات لمن يرى (٢)

ففيها سلو للمحب وشاهد

على حكمة الله المدبر للورى (٣)

هي الروض حسنا غير أنك إن تبر

لها مخبرا تسمج لعينيك منظرا (٤)

عليها كماة من لوي بن غالب

يجرون اذيال الحديد تبخترا (٥)

__________________

١ ـ المصاد جبل وجمعه مصدان ، ويؤم يقصد. والفتح جمع فتحاء وهي العقاب سميت بذلك للبن جناحها والفتح اللين والقرى الضيافة عند العقاب لان محلها رؤوس الجبال وهذا مجاز.

٢ ـ الوجيه ولاحق فحلان ينسب اليهما كرام الخيل ، قال الجوهري لا حق اسم فرس كان لمعاوية بن أبي سفيان ودلائل الصدق على هذه الخيل من الفحلين المذكورين هي النجابة والسبق والكرم.

٣ ـ سلو المحب لاشتغال قلبه بحسن هذه الخيل ، وابتهاجه بها والشاهد على حكمة الله تعالى يتوجه من كونها خلقة باهرة عجيبة وفيها من المنافع والجمال ما هو ظاهر واشتقاقها من الخيلاء وهي الكبر لان راكبها في الاغلب لا يخلو من كبر يلحقه أو عجب يتداخله.

٤ ـ تبرمن التبر تجرب وتسمج تقبح بضم الميم سماجة فهو سمج بسكون الميم وكسرها وسمج أيضا شبه الخيل في حسنها واختلاف ألوانها بالروض المزهر ثم قال وإذا اختبرتها في الحلبات وجربتها في بلوغ الغايات قبح ذلك المنظر الحسن بالنسبة إلى هذا المخبر لانه أعلى وأتم وهذا قول بعضهم :

قبحت مناظرهم وحين خبرتهم

حسنت مناظرهم بفتح المخبر

٥ ـ الكماة جمع كمي وهو المكمى في سلاحه لانه كمى نفسه أي سترها بالدرع والبيضة ونسبهم إلى لوي بن غالب لشرفه.

١٠٢

رميت ابا سفيان منها بجحفل

إذا قيس عدا بالثرى كان أكثرا (١)

يدبره رأي النبي وصارم

بكفك أهدى في الرؤوس من الكرى (٢)

فطار إلى اعلى السماء تصاعدا

فلما رأى أن لا نجاة تحدرا (٣)

وحاذر غربي مشرفي مذكر

هززت فألقى المشرفي المذكرا

وأعطى يدا لم يعطها عن محبة

وقول هدى ماقاله متخيرا

فكنت بذاك العفو أولى وبالعلى

أحق وبالاحسان أحرى وأجدرا

__________________

١ ـ الضمير في منها يعود إلى الكماة. والجحفل الجيش العظيم. والثرى تراب الندى وأبو سفيان هو صخر بن حرب وكان من رؤساء مشركي قريش فلذا خصه بالذكر.

٢ ـ الهاء في يدبره للجحفل وجعل سيف أمير المؤمنين أكثر هداية إلى الرؤوس من الكرى وهو النوم وهذا مبالغة وجعل مدار هذا الجيش على تدبير النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وشجاعة الامير عليه‌السلام.

٣ ـ الضمير في فطار يعود إلى أبي سفيان يعني أنه بالغ في الهزيمة فلما عرف أنه لا ينجو رجع ونطق بكلمة الاسلام حقنا للدم وبايع بيده مكرها لا مختارا وكان أبو سفيان أمير المنافقين وكذا ابنه معاوية فرعون أمير المؤمنين عليه‌السلام وقوله غربي أي حدي. والغرب الحد. المشرفي سيف منسوب إلى الشارف وهي قرية من أرض العرب تدنو من الريف وسيف مشرفي ولا يقال مشارفي لان الجمع لا ينسب إليه وسيف مذكر أي ذو ماء ، قال أبو عبيدة هي سيوف شفراتها حديد ذكر ومتونها أنثى والانثى خلاف الذكر يقول لما نطق أبو سفيان بكلمة الاسلام تركه أمير المؤمنين وعفا عنه والاولى والاحق والاحرى والاجدر كله بمعنى واحد.

١٠٣

لافصحت يا مخفي العداوة ناطقا

بتعظيم من عاديته متسترا (١)

وحسبك أن تدعى ذليلا منافقا

وتبطن ضدا للذي ظلت مظهرا

وجست خلال المروتين فلم تدع

حطيما ولم تترك ببكة مشعرا (٢)

طلعت على البيت العتيق بعارض

يمج نجيعا من ظبى الهند أحمرا (٣)

فالقى إليك السلم من بعد ما عصى

جلندى وأعيى تبعا ثم قيصرا

واظهرت نور الله بين قبائل

من الناس لم يبرح بها الشرك نيرا (٤)

__________________

١ ـ قوله لا فصحت اللام جواب قسم محذوف تقديره والله لقد أفصحت وهي التفات إلى خطاب أبي سفيان وغيره بكونه نطق بتعظيم علي عليه‌السلام ظاهرا وهو يستر عداوته وكفاه هذا ذلا ونفاقا أما النفاق فظاهر وأما الذل فلكونه مأسورا ومحكوما عليه ، قوله ظلت أصله ظلت حذفت اللام للتخفيف ، ويقال ظل يفعل كذا إذا فعل فعله نهارا.

٢ ـ قال الجوهري يقال جاسوا خلال الديار أي تخللوها وطلبوا ما فيها وبكة ومكة لغتان وقيل مكة اسم لمكان البيت وبكة اسم لباقية والمروتين الصفا والمرة.

٣ ـ العارض السحاب المعترض ، واستعاره للجيش لتراكمه وكثرته ورشح بقوله يمج أي يقذف ، والنجيع من الدم ما كان إلى السواد ، قال الاصمعي هو دم الجوف خاصة والسلم الصلح ، والانقياد يفتح ويكسر ويذكر ويؤنث ، وجلندي بضم الجيم مقصورا اسم ملك لعمان وتبع واحد التبابعة وهم ملوك اليمن وقيصر وأحد القياصرة وهم ملوك الروم يقول اطاعك البيت من بعد ما عصى هذه الملوك وامتنع والضمير في عصى واعيى يعود إلى البيت.

٤ ـ قوله نور الله يريد دين الله واستعار النور لدين الاسلام ومن الاستعارة مثل ذلك الشرك ولكنه عنى بالنير الظاهر والوشيج شجر الرماح. واللدن الناعم.

١٠٤

وكسرت أصناما طعنت حماتها

بسمر الوشيج اللدن حتى تكسرا

رقيت بأسمى غارب أحدقت به

ملائك يتلون الكتاب المسطرا (١)

بغارب خير المرسلين واشرف الانام

وأزكى ناعل وطأ الثرى

فسبح جبريل وقدس هيبة

وهلل إسرافيل رعبا وكبرا (٢)

فيا رتبة لو شئت أن تلمس السها

بها لم يكن ما رمته متعذرا (٣)

ويا قدميه أي قدس وطأتما

وأي مقام قمتما فيه أنورا

بحيث أفاءت سدرة العرش ظلها

بضوجيه فاعتدت بذلك مفخرا (٤)

__________________

١ ـ رقيت أي صعدت والغارب أعلى الظهر ، واحدقت أحاطت ، الضمير به يعود إلى الغارب يريد أن الملائكة أحاطت بظهر النبي حين صعد أمير المؤمنين فناله شيء لم يبلغه أحد من كسر الاصنام ونزول آية « قل جاء الحق » بشأنه وغير ذلك.

٢ ـ قال ابن الانباري في جبرائيل تسع لغات جبريل بكسر الجيم وفتحها وجبرئل بكسر الهمزة وتشديد اللام وجبراييل بيائين بعد الالف وجبرائيل بهمزة بعدها ياء مع الالف وجبريل بياء بعد الراء وجبرئيل بكسر الهمزة وتخفيف اللام وجبريل بفتح الجيم وكسرها.

٣ ـ السها : كوكب صغير في غاية الصغر تمتحن العرب به ابصارها ، قوله وأي قدس وأي مقام استفهام تعظيم واجلال لظهر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله .

٤ ـ افاءت ظلها ردته. وسدرة العرش سدرة المنتهى. وضوجيه جانبيه والضوج الجانب يقول قمتها في مكان القت هذه السدرة ظلها بجانبيه فافتخرت بذلك المكان وهو ظهر النبي وكان ذلك في ليلة المعراج.

١٠٥

وحيث الوميض الشعشعاني فائض

من المصدر الاعلى تبارك مصدرا (١)

فليس سواع بعدها بمعظم

ولا اللات مسجودا لها ومعفرا (٢)

ولا ابن نفيل بعد ذاك ومقيس

بأول من وسدته عفر الثرى

صدمت قريشا والرماح شواجر

فقطعت من أرحامها ما تشجرا (٣)

فلولا اناة في ابن عمك جعجعت

بعضبك أجري من دم القوم أبحرا (٤)

__________________

١ ـ الوميض البرق واستعاره لنور القدرة. والشعشعاني المنبسط والمصدر موضع الصدور وهو الرجوع. والاعلى يريد به علو الجهة بل علو الشأن. وتبارك بمعنى بارك والبركة النمو والزيادة يقول ان هذا المكان الشريف الذي افتخرت به سدرة المنتهى وفاض النور عليه من الحضرة الالهية وهو ظهر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وطأه أمير المؤمنين عليه‌السلام بقدميه حتى رعبت الملائكة ولاشرف أعلى مه هذا.

٢ ـ سواع اسم صنم كان لقوم نوح عليه‌السلام ثم صار لهذيل واللات اسم صنم من حجارة كان لثقيف وابن نفيل وابن كعب ومقيس بن ضبابة ، قال الزمخشري قتل وهو متعلق باستار الكعبة وكان مؤذيا للنبي والضبابة في الارض سحابة تغشى الارض كالدخان والجمع الضباب. ومقيس بكسر الميم وبالياء المنقوطة التحتانية بنقطتين ووجدت بخط بعض المشايخ الموثوق بهم مقبس بفتح الميم والباء المنقطة تحتها نقطة واحدة. والعفر والثرى كلاهما التراب واضاف احدهما الآخر لاختلاف اللفظين.

٣ ـ شواجر طواعن ، والشجر الطعن وقوله ما تشجرا أي ما اختلف ، ومنه قوله تعالى فيما شجر بينهم أي فيما تنازعوا فيه يعني انه قطع ارحام مخالفي دين الاسلام من قريش.

٤ ـ الاناة المهلة. جعجعت بعضبك أي أمسكته وحبسته. والسطو القهر والاخذ بالقوة والمعنى ان النبي والامير سران لله فالنبي فيه سر العفو وعلي فيه سر الانتقام.

١٠٦

ولكن سر الله شطر فيكما

فكنت لتسطو ثم كان ليغفرا

وردت حنينا والمنايا شواخص

فذللت من اركانها ما توعرا (١)

فكم من دم أضحى بسيفك قاطرا

بها من كمي قد تركت مقطرا

وكم فاجر فجرت ينبوع قلبه

وكم كافر في الترب أضحى مكفرا (٢)

وكم من رؤوس في الرماح عقدتها

هناك لاجسام محللة العرا

وأعجب إنسانا من القوم كثرة

فلم يغن شيئا ثم هرول مدبرا (٣)

وضاقت عليه الارض من بعد رحبها

وللنص حكم لا يدافع بالمرا

__________________

١ ـ حنين الموضع الذي كانت الوقعة فيه. وشواخص نواظر وهو استعارة. والاركان جمع ركن وهو جانب البيت الاقوى واستعارها للشجعان اللذين بهم يقوم الحرب. وتوعر صعب. والمقطر الملقى على احد قطريه أي جانبيه يقال قطرته فتقطر أي سقط.

٢ ـ الفاجر : الفاسق والكاذب. والينبوع عين الماء والكافر بالله وهو أيضا جاحد النعمة فالاول ضد المؤمن والثاني ضد الشاكر. والمكفر المستور ولقد أبدع في جعل الرؤوس معقودة في الرماح والاجسام محللة العراء واستعار لفظ العراء لاسباب الحياة التي كانت بها أول انتظام بقاء الاجسام.

٣ ـ الانسان يريد به الاول فإنه قال في ذلك اليوم لن نغلب اليوم من قلة فأصابهم. بعينه حتى انكسروا ، وقال في ذلك بعض الفصحاء الاول اعانهم وعلي اعانهم ويريد بالنص قوله تعالى « ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلن تغنى عنكم شيئا وضاقت عليكم الارض بما رحبت ثم وليتم مدبرين » والمراء ممدودا المجادلة وقصره ضرورة.

١٠٧

وليس بنكر في حنين فراره

ففي أحد قد فرخوفا وخيبرا (١)

رويدك إن المجلد حلو لطاعم

غريب فإن مارسته ذقت ممقرا (٢)

وما كل من رام المعالي تحملت

مناكبه منها الركام الكنهورا (٣)

تنح عن العلياء يسحب ذيلها

همام تردى بالعلى وتأزرا

فتى لم تعرق فيه تيم بن مرة

ولا عن عبداللات الخبيثة اعصرا (٤)

ولا كان معزولا غداة براءة

ولا عن صلاة أم فيها مؤخرا

ولا كان في بعث ابن زيد مؤمرا

عليه فأضحى لابن زيد مؤمرا

ولا كان يوم الغار يهفو جنانه

حذارا ولا يوم العريش تسترا

إمام هدى بالقرص آثر فاقتضى

له القرص رد القرص أبيض أزهرا (٥)

__________________

١ ـ يقول في ذم الاول وفراره من الجهاد وغرضه الرد على من يقول أنه أفضل من علي.

٢ ـ رويدك من أسماء الافعال ، والكاف حرف الخطاب لا موضع لها من الاعراب وهو تصغير روءاد بحذف الزايد من الهمزة والالف ومعناها مهلا وهو مصدر راد يراد والممقر المر خاطب الاول وقال له ارفق بنفسك في طلب مالست من أهله يحلو له من قبل أن يعرف ما يلزمه من المشاق فإذا باشر ذلك صعف عليه ونفر منه وليس هو كأهله المعتادين على تحمل أثكاله ومكائد أهواله.

٣ ـ المناكب جمع منكب وهو مجمع عظم العضدين والكتف. والركام السحاب المتكاثف. والكنهور العظيم منه واستعار ذلك للاثقال التي يتحملها طالب العليا.

٤ ـ الفتى السخي الكريم وجمعه فتيان وفتية وأيضا الشاب.

٥ ـ القرص أول قرص الشعير والقرص الاخير قرص الشمس وإيثاره بالقرص لنذره عند مرض الحسنين مشهورة كما نطقت به سورة هل اتى ، والاحاديث في هذا الباب

١٠٨

يزاحمه جبريل تحت عباءة

لها قيل كل الصيد في جانب الفرا (١)

حلفت بمثواه الشريف وتربة

أحال ثراها طيب رياه عنبرا (٢)

لاستنفذن العمر في مدحي له

وإن لا مني فيه العذول فأكثرا

__________________

متواترة الطرفين وكذا قضية رد الشمس له مرتين مرة بالمدينة عند حياة الرسول ومرة بالعراق بعد وفاته.

١ ـ يريد بالعباء الكساء الذي القاه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على أهل البيت عليه‌السلام يوم المباهلة وقرأ قوله تعالى « إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت » ثم قال اللهم هؤلاء أهل بيتي وأهل بيتي حق والتف جبرائيل معهم بجانب الكساء وقال وأنا منكم فهذا معنى قوله يزاحمه جبريل إلخ ، والحديث المذكور رواه أحمد بن حنبل وأما قوله كل الصيد في جانب الفرا فالمثل المذكور كل الصيد في جانب الفراء ، والفراء بالهمزة حمار الوحش وبعضهم لا يهمزه حكاه المبرد وجمعه على القولين فرا كجبل وجبال ، وإنما خفف ضرورة وذلك أن حمار الوحش أصعب الصيد وأشقه معالجة وتحصيلا فكان الصيد جميعه في جوفه إذا حصل فقد حصل الصيد كله والصيد هنا بمعنى المصيد فضرب هذا المثل للسيارة لان جميع الشرف في ضعفها.

٢ ـ المثوى الموضع ، والريا الريح الطيبة لاستنفذن يعني لاستفرغن ، نفذ الشيء بكسر الفاء إذا فرغ وفنى ، والمعنى ظاهر.

١٠٩

القصيدة الثالثة في وصف النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

عن ريقها يتحدث المسواك

ارجا فهل شجر الكباء أراك (١)

ولطرفها خنث الجبان فان رنت

باللحظ فهي الضيغم الفتاك (٢)

__________________

١ ـ الارج انتثار رائحة الطيب ونصبه على التمييز أو بإسقاط حرف الجر أي يتحدث بالارج. والكباء بكسر الكاف والمد : العود الذي يتبخر به وبالقصر الكناسة واستعار لفظ الحديث للمسواك لافادته علم الارج من ريق هذه المذكورة لانه طاب من نكهتها ثم استفهم بهل استفهاما من باب تجاهل العارف للمبالغة والتعجب وقال هل هو العود أم هو الاراك وذلك من القلب ، وقال ابن هاني المغربي شعرا :

وما عذب المسواك إلا لانه

يقبلها دوني واني لراغم

٢ ـ الخنث بضم الخاء وسكون النون التكسر والتثني ، قال الجوهري خنثت الشيء فتخنث أي عطفته فتعطف ومنه سمي المخنث ويجوز أن يكون هنا خنث بفتح الخاء والنون والمصدر خنث والمعنى واحد والطرف العين ورنت أي أدامت النظر يقال رنى يرنو رنوا واللحظ نظر العين واللحاظ بالفتح مؤخر العين مما يلي الصدغ. واللحاظ بالكسر من لا حظته إذا رعيته ويريد بخنث الجبان الضعف والفتور ، والشعراء تصف العين بالضعف والفتور والكسل والمرض وما شاكل ذلك ، ثم قال وهذه الضعيفة إذا نظرت كانت كالاسد في فتكها. والضيغم الاسد والضيغم العض والفتاك الكثير الفتك وهو القتل.

١١٠

شرك القلوب ولم أخل من قبلها

أن القلوب تصيدها الاشراك (١)

هيفاء مقبلة تميل بها الصبا

مرحا فإن هي أدبرت فضناك

يا وجهها المسفوك ماء شبابه

ما الختف لولا طرفك السفاك (٢)

أم هل أتاك حديث وقفتنا ضحى

وقلوبنا بشبا الفراق تشاك (٣)

لصدورنا خفق البروق تحركا

وجسومنا ما ان بهن حراك (٤)

لا شيء أقطع من نوى الاحباب أو

سيف الوصي كلاهما فتاك

الجوهر النبوي لا أعماله

ملق ولا توحيده إشراك (٥)

__________________

١ ـ الهيفاء الضامرة الخصر ، والمرح شدة الفرح والنشاط والضناك بالفتح المرأة الكثيرة اللحم وانتصب مقابلة على الحال أي هي هيفاء في حال إقبالها وإذا أدبرت تنظر منها اكثار اللحم فيما يحسن ذلك فيه كالردف ففي الاقبال الضمور في البطن والخصر وفي الادبار ضد ذلك هو الاكثار والامتلاء ولقد أحسن وأبلغ.

٢ ـ المسفوك المصبوب كأنه ماء الشباب صب فيه والمسفوك صفة تشبه الموجة وما يرتفع بها ، وقوله ما الحتف استفهام تحقير للموت لو لم يكن طرفه.

٣ ـ أم هنا بمعنى بل اضرب عن معنى وعاد إلى غيره ، والشباجمع شباة وهي حد طرف السيف وغيره واستعاره للفراق لقتله الانفس وقوله تشاك أي تدخله هذه الحدود فيها كما يدخل الشوك في الجسد يقال شيك يشاك إذا دخل الشوك في جسده.

٤ ـ جعل الخفقان للصدور لانها محل القلوب فأقام الظرف مقام المظروف فالقلوب مضطربة والجسوم ساكنة لما به من الالم. والحراك الحركة. والنوى التحول من موضع إلى موضع آخر.

٥ ـ الجوهر النبوي أي أصله لانه من أصله الشريف وقوله لا أعماله ملق فالملق النفاق وهو تعريض بقوم كانوا بهذه الصفة فكانت أعمالهم نفاقا وتوحيدهم باللسان وقلوبهم مشتركة غير صافية.

١١١

ذو النور ان نسج الضلال ملاءة

دكناء فهو لسجفها هتاك (١)

علام أسرار الغيوب ومن له

خلق الزمان ودارت الافلاك (٢)

في عضبه مريخها وبغرة ال‍

ملهوب منها مرزم وسماك

فكاك أعناق الملوك فان يرد

أسرا لها لم يقض منه فكاك (٣)

طعن كأفواه المزاد ودونه

ضرب كأشداق المخاض دراك

ما عذر من دانت لديه ملائك

أن لا تدين لعزه أملاك (٤)

__________________

١ ـ الملاءة الملحفة ، والدكناء السوداء والسجف بفتح السين وكسرها الستر والهتك كشف الستر ، واستعار لفظ النور لاضاءة نور الحق على قلب علي عليه‌السلام واستعار لفظ النسج ولفظ الملاءة والسوداء لما يلفقه أهل الضلال من الشه وذكر أنه عليه‌السلام يكشف سواد تلك الشبهة ويزيلها بنور هدى الحق.

٢ ـ قوله علام أسرار الغيوب سيأتي بيان شيء من ذلك وقوله من له خلق الزمان قد مضى شيء منه والضمير في مريخها تعود إلى الافلاك وكذا في منها والمريخ دموي أحمر اللون ولهذا جعله في السيف. والملهب الفرس قليل شعر الذنب وجعل المرزم والسماك وهما كوكبان بغرة فرسه تشبيها لبياض الغرة بنور الكوكب انحط من مكانه وثبت بغرة الفرس إجلالا وتعظيما له عليه‌السلام.

٣ ـ المزاد جمع مزادة وهي الرواية. والمخاض الحوامل من النوق جمع لا واحد له من لفظه بل واحدة حلقة شبه الطعن بأفواه الروايا والضرب بأشداق النوق تشبيه مصيب. والدار المداركة وهي المتابعة أي ضرب يتبع بعضه بعضا.

٤ ـ دانت : ذلت. والملائك جمع ملك من ملائكة السماء والاملاك جمع ملك من ملوك الارض أي من خضعت له ملائكة فبالاولى ان ذلت له ملوك الارض لاستلزام انقياد الاعلى انقياد الاسفل.

١١٢

متعاظم الافعال لا هويتها

للامر قبل وقوعه دراك (١)

أوفى من القمر المنير لنعله

شسع واعظم من ذكاء شراك (٢)

الصافح الفتاك والمتطول ال‍

مناع والاخاذ والثراك (٣)

قد قلت للاعداء إذ جعلوا له

ضدا ايجعل كالحضيض شكاك (٤)

حاشا لنور الله يعدل فضله

ظلم الضلال كما رأى الافاك (٥)

__________________

١ ـ قوله متعاظم الافعال أي أفعاله تعظم عند الناس أي لا يعظم عندها شيء وقوله لا هويتها شبه أفعاله ( ع ) أفعال الله تعالى بزيادتي الواو والتاء كالملكوت والجبروت ، قال الجوهرى اللاهوت ان صح كونه من كلام العرب فهو مشتق من لاه أي استتر ووزنه فعلوت مثل رعبوت ورحموت وليس مقلوبا كالطاغوت وقال مكي القيسي الطاغوت اسم يكون للواحد والجمع وهو مشتق من طغى لكنه مقلوب وأصله طغيوت على وزن فعلوت مثل جبروت ثم قلبت الياء في موضع العين فصار طيغوت فانقلبت الفاء لتحركها وانفتاح ما قبلها فصار طاغوت فاصله فعلوت مقلوب إلى فلعوت وقد يجوز أن يكون أصل لامه واوا فيكون أصله طغووتا لانه يقال طغى يطغو ويطغى وطغيت وطغوت يريد تعظيم أفعاله وانها كأفعال الله تعالى لا يعظم عندها شيء.

٢ ـ شسع النعل السير الذي بين الاصبعين في النعل العربية والشراك ما حول القدم من السيورو ذكاء اسم من اسماء الشمس جعل شسع نعله وشراكها أعظم من القمر والشمس.

٣ ـ وصفه بأنه امام حق يحكم بالحق فيما يراه من المصالح فتارة يصفح واخرى يقتل ومرة يمنع ومرة يأخذ ويترك بحسب ما تقتضيه المصلحة وهو شأن الائمة العدل.

٤ ـ الحضيض قرار الارض من منقطع الجبل ، والشكاكة والشكاك أعلى الهوى جعل محل علي مرتفعا ومحل غيره منخفضا ولا مناسبة بينهما.

٥ ـ حاشا كلمة معناها مباعدة الشيء عن غيره. والافاك الكثير الكذب نزهه في هذا البيت عن أن يماثله أحدو استعار للاعداء لفظ الظلم ولعلي النور لانه نور الهدى والحق.

١١٣

صلى عليه الله ما اكتست الربى

بردا بأيدي المعصرات تحاك (١)

القصيدة الرابعة : في وقعة الجمل

بزغت لكم شمس الكنس

وبدت لكم روح القدس (٢)

فك الحبيس فعفروا

في الترب تعفير الحبس (٣)

__________________

١ ـ الربوة بضم الراء وفتحها وكسرها المرتفع من الارض والمعصرات السحائب استعار لفظ الكسوة ولفظ البرد للربى لاشتمال النبات عليها كاشتمال الثوب على الجسد ورشح الاستعارة بقوله تحاك بأيدى المعصرات لان ذلك من فعلها.

٢ ـ بزغت : طلعت. والكنس جمع كناس وهو في الاصل الموضع التي تستر فيه الظبي والكنس : الكواكب والقدس بتسكين الدال وضمها الطهر اسم مصدر ومنه قيل للجنة حظيرة القدس وروح القدس جبرائيل وظاهر هذا الشعر انه في وصف الخمر فان كان يريد بذلك الخمرة الحقيقية فقد غلا وافحش وأي نسبة في الاستعارة بين الخمرة التي هي ام الخبائث والانجاس وبين روح الطهر أي قوامه الذى يقوم به وان كان ينحو بذلك منحى الصوفية كابن الفارص وغيره ويكني بالخمر عن المعرفة الالهية فذلك شايع مستحسن ، واستعار لها لفظ الروح ملاحظة لقوام الاجسام بها في الصحة.

٣ ـ الحبيس يريد به الخمرة وفكها كسر طين دنها ، وقوله فعفروا أي عفرواخدودكم في التراب تعظيما لها والعفر التراب وقوله تعفير الحبس اي تعفيرا مثل تعفير الحبس والحبس جمع حبس وهو الزاهد من النصارى يحبس نفسه للعبادة ، وهذا من قول ابي نواس في الخمرة :

فجاء بها ربيبة عنبية

فلم يستطع دون السجود لها صبرا

١١٤

الصمت إجلالا لموضعها

القديم بل الخرس

غلط المجوس هي التي

عبدالمزمزم إذ درس

ما دار في خلد الزمان

لها النظير ولا هجس (٢)

قدمت فضل بها الورى

فالامر فيها ملتبس

لا الجن تذكر عند مولدها

القديم ولا الانس

قم يا نديم فغالط

الاوقات فيها واختلس

بالراح رح فهي المنى

وعلى جماع الكاس كس (٣)

لا تلقها الا ببشرك

فالقطوب من الدنس (٤)

__________________

١ ـ الصمت : السكوت وهو منصوب بتقدير فعل وكذا الخرس أي ادعاؤهم عبادة النار الحقيقية التي تعبد على دعواهم لا تلك والشعراء يشبهون الخمرة بالنار لحمرتها وتشعشعها. والمزمزم الذى يتكلم بلغتهم ويزمزم في عبادتهم والمجوس غلطوا يحسبون انها النار العنصرية التي تعبد على دعواهم.

٢ ـ الاختلاس الاستلاب. الانس البشر الواحد انسي وانسي ايضا بالتحريك والجمع اناس وجمع الانسان اناسي والياء عوض عن النون. والانس بالتحريك يريد الناظم انس في هذه الصفات فلولا أن يكون كناية.

٣ ـ الراح من اسماء الخمر ، والجماح الصعوبة ، وقوله كس امر بالكيس وهو خلاف الحمق ويريد بها هنا سهولة الخلق.

٤ ـ البشر طلاقة الوجه والقطوب والعبس ضدها. والدنس الوسخ في الثوب واستعار هنا لرداءة الاخلاق والصهباء الخمر والصهب الشقرة ، وهذا من قول بعضهم لنديمه وقد رآه يقطب وجهه وهو لثوب ما انصفتها تضحك.

١١٥

ما انصف الصهباء من

ضحكت إليه وقد عبس

فإذا سكرت فغن لي

ذهب الشباب فما تحس (١)

لله أيام الشباب

وحبذا تلك الخلس (٢)

قصرت وقد ركض الصباح

بجنحها ركض الفرس

وكذاك ايام المسرة رجع

طرف أو نفس

ناديت في ظلماتها

عذب اللما حلو اللعس (٣)

في كفه قبس المدام

وفي الحشامنه قبس

وسدته كفي فنبه

لوعتي لما نعس (٤)

هل من فريسة لذة

إلا وكنت المفترس

ايام اغترف الصبا

غض الاديم وانتهس

__________________

١ ـ تحس أي تشعر وخففه ضرورة وخص هذا القول بوقت السكر لانه في حالة لا ينتفع معها الوعظ.

٢ ـ الخلس جمع خلسة وهي استلاب الشيء الممكن والغلس الظلمة آخر الليل ويريد ان اول الليل اتصل بآخره حتى كانه لا واسطة بينهما وذلك مبالغة في القصر.

٣ ـ اللماء سمرة في الشفة مستحسنة وكذا اللعس هو سمرة فيها وهما مترادفان.

٤ ـ اللوعة حرفة القلب من المحبة وجعل اللذة كالفريسة له تشبيها إلى فريسة الاسد لحكمه عليها وظفره بها ولذة صيدها ونهس اللحم وانتهسه إذا اخذه بمقدم اسنانه. غرف العظم واغترفه إذا اخذ ما عليه من اللحم واستعار هما للصبي فكأنه أخذ جميع ما فيه من اللذة ، وقوله غض الاديم أي طري الجسم.

١١٦

حتى قضيت مأربي

وصرمتها صرم المرس (١)

فإذا عصازة ذاك حوب في

المغبة أو طفس

فافرغ إلى مدح الوصي

ففيه تطهير النجس (٢)

رب السلاهب والقواضب

والمقانب والخمس

والبيض والبيض القواطع

والغطارفة الحمس (٣)

والجامحات الشامسات

وفوقها الصيد الشمس (٤)

من كل موار العنان

مطهم صعب سلس (٥)

__________________

١ ـ المآرب جمع مارب وماربة وهي الحاجة. والمرس الحبل والحوب الاثم والمغبة عاقبة الشئ. والطفس الدرن والوسخ واستعار لفظ العصارة لما صدر عن الشهوات من الآثام ، وقوله أو طفس يحتمل ان يكون هنا بمعنى الواو على المذهب الكوفيين ويكون المعنى : ان عصارة ذلك اثم في الآخرة ودنس العرض في الدنيا وهو من قول ابي نواس :

وفعلت ما فعل امرء بشبابه

فإذا عصارة كل ذاك أثام

٢ ـ قوله فافرغ يخاطب نفسه اي الجا والمفزع الملجا. والسلاهب جمع سلهب وهو الطويل من الخيل. والقواضب جمع قاضب وهو السيف القاطع. والمقانب جمع قانب وهو من القوم ما بين الثلاثين إلى الاربعين. والخمس جمع خميس وهو الجيش لانه خمس فرق المقدمة والقلب والميمنة والميسرة والساق.

٣ ـ الحمس جمع احمس والغطارفة جمع غطريف وهو السيد والتغطرف التكبر والحمس جمع احمس وهو الشجاع والحماسة الشجاعة.

٤ ـ الجامحات المسرعات من الخيل وهي ايضا الصعبة التي لا تملك ظهورها والصيد الملوك والشمس جمع شموس وهم الاشداء الذين اخلاقهم شديدة.

٥ ـ موار اي جايل. والمطهم الفرس التام الخلق ، وقوله صعب سلس أي صعب في نفسه سلس عند راكبه ومور عنانه لكثرة حركته ونشاطه.

١١٧

للشرك منها مأتم

والطير منها في عرس (١)

عفت رسوم العسكر

الجملي قدما فاندرس (٢)

وثنت أعنتها إلى

حرب ابن حرب فارتكس (٣)

رفع المصاحف يستجير

من الحمام ويبتئس (٤)

خاف الحسام العندمي

وحاذر الرمح الورس (٥)

فانصاع ذا عين

مسهدة وقلب مختلس

__________________

١ ـ المأتم الجماعة من النساء يجمعن لفرح أو حزن وهنا يريد الحزن ، وقوله للشرك اي لاهل الشرك والماتم بسبب القتلى وكون الطير في عرس بسبب القتلى ايضا لانها ترتع في اجسادهم وتشرب من دمائهم.

٢ ـ عفت : درست. والعسكر الجملي طلحة والزبير وعائشة ونسبه إلى الجمل لان الوقعة تسمى وقعة الجمل وهو جمل عائشة وكانوا حوله يقاتلون وينكسرون حتى امر علي عليه‌السلام بعقره فعقر فهربوا.

٣ ـ لما ذكر الناكثين الذين نكثوا عهد علي عليه‌السلام في البيت السابق شرع في القاسطين وهم معاوية وحزبه والضمير في اعنتها يعود إلى الخيل المتقدم ذكرها وابن حرب هو معاوية بن ابي سفيان بن حرب. وارتكس وقع في امر نجا منه واركسه الله رده مقلوبا.

٤ ـ يبتئس اي يحزن ، وقوله رفع المصاحف بذلك يذكر حال الوقعة التي فعلوا بها كذا وهي مشهورة.

٥ ـ العندمي الاحمر منسوب إلى العندم وهو البقم وقيل دم الاخوين. والورس الاصفر كانه طلي بالورس وهو نبت اصفر يكون باليمن وانصاع رجع والمسهدة الساهرة. والمختلس المستلب.

١١٨

وسرت بأرض النهروان

فزعزعت ركني قدس (١)

اللون برق مختلس

والصوت رعد مرتجس (٢)

فغدت سنابكها على

هام الخوارج كالقبس (٣)

يرمي بها بحر الوغى

أسد الملاحم والوطس (٤)

الزاهد الورع التقي

العالم الحبر الندس (٥)

صلى عليه الله ما

غار الحجيج وما جلس

__________________

١ ـ النهروان نهر شتر في دجلة كانت عنده وقعة الخوارج وقدس جبل عظيم وداله ساكنة وحركها ضرورة وضمير سرت يعود إلى الخيل المتقدمة ولما ذكر الناكثين والقاسطين ذكر بعدهم المارقين وهم الخوارج وتسميتهم بالمارقين لقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية.

٢ ـ المختلس الذى يختلس الابصار اي يخطفها والمرتجس الذي له رجس وهو الصوت الشديد.

٣ ـ السنابك جمع سنبك وهو مقدم الحافر. والقبس جمع قبوس وهو اعلى البيضة من الحديد يعني ان حوافر الخيل قد صارت على رؤوسهم وهي قتلى كأنها البيض.

٤ ـ الملاحم جمع ملحمة وهي الوقعة العظيمة. والوطس جمع وطيس وهو التنور ويستعار لشدة الامر ويقال حمي الوطيس إذا اشتد الحرب

٥ ـ الزاهد التارك. والورع العفيف. والحبر بالفتح وقد بكسر العالم. والندس الفطن الفهم. وغار الحجيج إذا اتى الغور وجلس إذا اتى نجدا لان نجدا تسمى الجلس.

١١٩

القصيدة الخامسة في وصفه عليه‌السلام

لمن ظعن بين الغميم فحاجر

بزغن شموسا في ظلام الدياجر (١)

شبيهات بيضات النعام يقلها

من العيس أشباه النعام النوافر (٢)

ومن دون ذاك الخدر ظبية قانص

تريق دماء المشبلات الخوادر (٣)

تنوء بأعباء الحلي وإنها

لتضعف عن لمح العيون النواظر (٤)

__________________

١ ـ الظعن جمع ظعينة وهي في الاصل الهودج وتسمى المرأة ظعينة ما دامت في الهودج فان لم تكن فيها اطلق عليها هذا اللفظ مجازا واتساعا. والغميم وحاجر موضعان والغميم الكلا اليابس ، الحاجر ما يمسك الماء من المكان المنهبط والجميع حجران والدياجر جمع ديجور وهو الليل المظلم ويريد بالظعن هنا النساء ولهذا شبهن بالشموس.

٢ ـ العرب تشبه المرأة بالبيضة واللؤلؤة والظبية وذلك لصفاء البيض وبياضها يقلها يحملها. والعيس جمع اعيس وعيساء وهي الابل وخص النوافر لان سيرها اسرع.

٣ ـ الخدر الستر وتسمية المرأة بالظبية مجاز للنسبة الحاصلة بينهما في حسن العينين والعنق والمشبلات الاسود ذوات الاشبال. والخوادر جمع خادر وهي اللواتي في خدورها اي اجمها وخص المشبلات لكونها اقوى واجرأ وخص الخوادر لانها تهاب اكثر من الظاهرة.

٤ ـ تنوء تنهض مثقلة بعض مشقة والاعباء جمع عبء وهو الثقل والحلي جمع الحلى مثل ثدي وثدى وهو فعول وقد تكسر الحاء لمكان الياء وقرئ من حليهم عجلا جسدا بضم الحاء وكسرها ومخرج البيت مخرج التعجب لان من تضعف عن لمح البصر كيف تتحمل أعباء أثقال الحلي.

١٢٠