موسوعة الأسئلة العقائديّة - ج ٤

مركز الأبحاث العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة - ج ٤

المؤلف:

مركز الأبحاث العقائديّة


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5213-04-1
ISBN الدورة:
978-600-5213-00-3

الصفحات: ٥٨٨

وآرائها ؛ وما ذكرناه هو القدر المتيقّن المنقول في كتبهم ، وإلاّ فهم يلتزمون بخرافات وأساطير باطلة ، قد يخفونها على عامّة الناس.

( فاطمة ـ العراق ـ .... )

عقيدة اليزيديين :

س : ما هي عقيدة اليزيديين عبدة الشيطان؟

ج : اليزيدية إحدى الطوائف التي تكتّمت في إظهار معتقداتها ، لهذا نرى الباحثين في هذا المذهب يختلفون في نتائج تحقيقاتهم ، فنرى جماعة من ينسب اليزيدية إلى يزيد بن معاوية الأُموي ، وجماعة تنسبهم إلى يزيد بن أنيسة الخارجي ، وجماعة يرجعونهم إلى دين المجوس ، ويرون أن كلمة يزيدية مشتقّة من الكلمة الفارسية « يزدان » التي تعني الله ، وبعضهم يدّعي أنّ كلمة اليزيدية مأخوذة من لفظة يزد ، المدينة المشهورة في إيران.

والظاهر أنّهم كانوا في بداية أمرهم من المجوس ، فاعتنقوا الإسلام بعد مجوسيّتهم ، ولمّا حلّ الشيخ عدي بن مسافر الأُموي بين ظهرانيهم في منتصف القرن السادس للهجرة ، وأسّس طريقته العدوية ، كانوا أوّل من والاها واعتنقها ، وقد غلوا فيه ونسبوا إليه ما لا يصحّ نسبته إلى مخلوق مثله ، وبعد وفاته ظهر بين خلفائه بعض من أضلّهم ، وأبعدهم عن التعاليم الإسلامية ، فظهرت فيهم براعم الدين القديم.

وإنّما سمّو باليزيدية لأنّهم كانوا يعتقدون بصلاح يزيد بن معاوية اعتقاداً تجاوز الحدّ حتّى قالوا فيه إلهاً.

ويرى اليزيدون أنّ الكون وجد من قوّتين : قوّة الخير وهي الله ، وقوّة الشرّ وهي الشيطان ، ولهذا يتحاشون عن ذكر اسم الشيطان.

وتختلف العبادة التي يتقرّب بها اليزيدية ، فعبادتهم للشيطان عبادة تضرّع ، وتعطّف وخشية ، وعبادتهم لله عبادة خضوع وشكر وامتنان.

٥٢١

وقد بلغ الخوف باليزيدية من الشيطان درجة أنّهم تركوا عبادة إله الرحمة ، مبرئين أنفسهم من الخطأ في ذلك ، إنّ الله الذي لا حدّ لصلاحه وجوده ومحبّته للخلائق ، لا يفعل بهم شرّاً لأنّه صالح ، أمّا الشيطان فهو منقاد طبعاً إلى عمل الشرّ ، لأنّه مصدر الشرّ ومبدأه ، وعليه فالفطنة تقتضي على من يريد سعادة الحياة أن يهمل عبادة الله الصالح بطبيعته ، الذي لا يشاء عمل الشرّ ، ويطلب ولاء الشيطان وحمايته تخلّصاً من أذاه ، إذ للشيطان وحده أن يسلّط الشرور وأن يدفعها.

هذه بعض عقائد اليزيدية في الكون ، وأمّا عن شعائرهم التعبّدية ـ كالصوم والصلاة ، والحجّ والزكاة ، وسائر فروض العبادة ـ فإنّها تخالف ما فرض الإسلام من ناحية الكم والكيف.

( الموالي ـ السعودية ـ .... )

فرقة الكرامية :

س : من هم الكرامية؟ وما هي أهمّ آراؤهم الفقهية والعقائدية؟ وما رأي علماء المسلمين فيهم؟ وهل الفرقة الوهّابية الضالّة تعتبر امتداداً لهم؟

نرجو ذكر بعض المصادر التي تتناولهم بالتفصيل ، حفظكم الله ورعاكم.

ج : إنّ مؤسّس فرقة الكرامية هو : محمّد بن كرام السجستاني ـ المتوفّى ٢٥٥ هـ ـ وباسمه سمّيت هذه الفرقة ، وهي من الفرق المنحرفة ، ولهم آراء فاسدة ، كالقول بالتجسيم ، وأنّ لله على العرش استقراراً ، وعلى أنّه بجهة فوق ذاتاً ، وأطلق عليه اسم الجوهر ، ومسألة اليد والوجه والرؤية كُلّها من اعتقاداتهم ، ولم تمت الكرامية بموت مؤسّسها ، فلقد عاشت بعد موته ، حيث تلقّاها الهروي الأنصاري ، ثمّ احتضنها ابن تيمية ، واعتقد بكثير من عقائدها ، وكذلك الوهّابية المتأثّرون بأفكار ابن تيمية.

٥٢٢

( حسن ـ البحرين ـ ٢٠ سنة ـ طالب جامعة )

حركة القرامطة حركة سياسية :

س : من هم القرامطة؟ وما حقيقة حركة القرامطة في الجزيرة العربية؟

ج : إنّ القرامطة حركة سياسية ، ينتسبون إلى حمدان قرمط ، الذي كان أحد دعاتهم ـ وسمّي بذلك ، أي قرمط ، لأنّه كان يترقمط في مشيته ، أي يقارب بين خطواته ، وقد أقام في الكوفة سنة ٢٧٨ هـ ـ وادعوا انتسابهم إلى الفرقة الإسماعيلية.

والعباسيون في ذلك الوقت كانوا قد أعلنوا عداءهم للفاطميين ولاة مصر ، وكانوا يحاولون إلصاق أيّة تهمة بالخليفة الفاطمي آنذاك ، وبالفاطميين أنفسهم ، وقد ساعد بثّ هذه الدعوى أن حمدان قرمط قد أدّعى انتسابه إلى الإسماعيلية ، وحاول أن يجعل من نفسه منتسباً إلى المذهب الإسماعيلي ، لاستقطاب العامّة من البسطاء إليه ، بل ادّعى أكثر من ذلك ، وهو انتسابه إلى الفاطميين ، إلاّ أنّه لم يثبت ذلك.

وفي سنة ٢٨١ هـ قدم إلى البحرين من يدّعي أنّه رسول المهدي الفاطمي ، وطلب منهم الانضمام إلى دعوة القرامطة ، فأجابه بعضهم ، وكان أبرزهم أبي سعيد الجنابي ، واسمه الحسن بن بهرام.

وفي سنة ٢٨٣ هـ تزعّم أبو سعيد الجنابي الحركة القرمطية في البحرين ، وسار بأصحابه إلى القطيف ، ثمّ إلى البصرة ، وقد عهد أبو سعيد الجنابي إلى ابنه أبي طاهر حركة القرامطة ، ففي سنة ٣٠٧ هـ سار إلى البصرة فاستباحها ، وفي سنة ٣١٢ هـ اعترض حجّاج بيت الله الحرام فقتل منهم ، وانهزم الباقون.

وفي سنة ٣١٧ هـ هجم على مكّة ، وقتل كثيراً من الحجّاج ونهب أموالهم ، وفي سنة ٣١٩ هـ سار أبو طاهر أيضاً إلى مكّة ، فقتل الحجّاج واقتلع الحجر الأسود ، وحمله إلى هجر ، فلمّا بلغ الخبر إلى المهدي الفاطمي ، كتب إليه بالنكير واللعن ، وهدّده إذا لم يرجع الحجر الأسود.

٥٢٣

هذه نبذة من تاريخ القرامطة ، والشيعة منهم براء ، ومن أفعالهم القبيحة ، أعاذنا الله وإيّاكم من الفتن والأهواء ، إنّه سميع الدعاء.

( موالي ـ الكويت ـ ١٩ سنة ـ طالب )

الإخبارية وإنكارهم للعقل :

س : كيف نردّ على الإخبارية الذين ينكرون العقل والإجماع في استنباط الحكم الشرعي؟

ج : إنّ البحث في هذا المجال ، ومن ثمّ الحكم فيه يحتاج إلى دراسة مفصّلة لمقطع من علم الأُصول ، ولا يسعنا التطرّق إليه في هذا المختصر ، ولكن مع هذا نشير إلى نقاط ذات صلة في الجواب :

أوّلاً : لا يرى الأُصولي حجّية العقل مطلقاً ـ حتّى يرد عليه كلام الإخباري ـ بل إنّ العقل عنده حجّة في فهم الحكم ، والدليل في المستقّلات العقلية ، وأمّا الإجماع ـ في نظر المحقّقين من الأُصوليين ـ فليس حجيّته من جهة نفسه ، بل حجيّته تأتي من اشتماله على قول المعصوم عليه‌السلام ، فإن كان فهو ، وإلاّ ليس الإجماع على الإطلاق حجّة.

وفي الواقع : أنّ الإجماع المعتمد عند الأُصولي المحقّق مرجعه إلى السنّة والروايات ليس إلاّ.

وأمّا الدليل على كلام الأُصولي لحجّية العقل في المجالين المذكورين ، هو استقلال العقل في الدلالة على المطلب ، وعدم ردع الشارع عنه ، وهذا آية ارتضائه لهذه السيرة العقلائية.

وثانياً : أمّا الآيات والروايات الواردة في المنع عن الاعتماد على العقل ، فكُلّها تنصبّ في مجرى اتّباع العقل بصورة ناقصة ، مثلاً في باب المنع عن القياس أو الاستحسان ، إذ لا يعقل أن يمنع من إجراء العقل بتاتاً ، فإنّه يفضي إلى عدم حجّية النواهي في هذه النصوص المذكورة أيضاً.

٥٢٤

هذا ما تيسّر لنا توضيحه ، وللمزيد من المعلومات ينبغي الرجوع إلى مظانّها في مباحث علم الأُصول ، وعلى الخصوص إلى كتاب فرائد الأُصول ، الذي يطلق عليه الرسائل للشيخ الأنصاري.

( خالد ـ استراليا ـ .... )

عقائد الشيخية :

س : أُريد توضيحاً حول الفرقة الشيخية ، الذين ينتمون إلى الشيخ الأحسائي ، وما هو الفرق الأساسي بينهم وبين الفرق الأُخرى في الشيعة؟

ج : إنّ الشيخية في الأصل هم أتباع الشيخ أحمد الأحسائي ، المتوفّى ١٢٤١ هـ.

أمّا العقيدة المميّزة عندهم تبتني على التركيز بوجود ركن رابع في عصر غيبة الإمام المنتظر عليه‌السلام ، تخوّل إليه أكثر مسؤوليات وصلاحيّات الإمام عليه‌السلام ، بعدما كان يرون أنّ الإمام المهدي عليه‌السلام قد غاب عن عالم الدنيا إلى عالم الأرواح ، وظهوره هو عوده إلى هذا العالم ، ومن ثمّ يقوم الركن الرابع مقامه عليه‌السلام حذراً من تعطيل الشريعة.

واصطلاح الركن الرابع جاء كإشارة إلى الأركان الأساسية الأربعة في الدين والمذهب ، وهي : التوحيد ، النبوّة ، الإمامة ، الركن الرابع.

ومن عقائدهم أيضاً نفيهم المعاد الجسماني ، بل يقولون بإعادة النفوس يوم القيامة في قالب مثالي ، الذي يصوّرونه بصورة خاصّة.

ثمّ إنّ هذه الفرقة قد التفّت حول السيّد كاظم الرشتي عقيب موت الأحسائي كتلميذٍ له ، وركن رابع جديد لطائفتهم ، الذي هو أيضاً توفّى ١٢٥٩ هـ ، وخلّف التفرّق والتشعّب داخل حوزتهم ، ممّا أدّى انقسامهم إلى فرق متعدّدة ، أهمّها فعلاً طائفتان :

٥٢٥

شيخية كرمان الذين يتبعون حاج محمّد كريم خان القاجار كوصيّ للرشتي ، وهذه المجموعة قد انحرفت تدريجاً عن الالتزام بالظواهر الشرعية والأحكام الدينية.

والإحقاقية وهم اتباع ملا باقر الاسكوئي التبريزي ، وفي زماننا كانوا تبعاً للشيخ الإحقاقي الساكن في الكويت ، وبحسب المعلومات المتوفّرة عندنا ، فهذه المجموعة بالذات قد تخلّت كثيراً ما عن تطرّفات العقيدة الأُمّ للفرقة ، وتبنّت الفكر الشيعي المعتدل المتمثّل في الحوزات العلمية ومراجع التقليد ، كما يظهر ذلك من سيرتهم ومؤلّفاتهم ، وهذا شيء يستحقّ التقدير إلى حدٍّ ما ، والعلم عند الله.

( هند ـ المغرب ـ ١٩ سنة ـ طالبة ثانوية )

المذاهب الإسلامية الموجودة حالياً :

س : كم مذهب إسلامي موجود الآن؟

ج : إنّ أكثر الفرق والمذاهب الإسلامية انقرضت ، والمشهور من الباقي منها الآن ، هي :

١ ـ المذاهب الإسلامية الأربعة : المذهب الحنفي ، والمالكي ، والشافعي ، والحنبلي ، وهم أتباع أبي الحسن الأشعري في أُصول العقيدة.

٢ ـ الأباضية ، وهي إحدى فرق الخوارج.

٣ ـ الزيدية ، وهي إحدى فرق الشيعة.

٤ ـ الإسماعيلية ، وهي إحدى فرق الشيعة.

ولكُلّ واحدة من هذه الفرق الثلاث منهجها وفقهها الخاصّ بها.

٥ ـ الشيعة الإمامية الاثنا عشرية ، وهم أتباع الأئمّة المعصومين عليهم‌السلام من آل بيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في الأُصول والفروع.

٥٢٦

والسبب في تعدّد المذاهب الإسلامية هو اختلافهم من ناحية أُصول العقيدة ـ كاختلافهم في صفات الله ، وفي عدله ، وفي القضاء والقدر ، والجبر والاختيار ، والإمامة ، والعصمة ، وغيرها ـ ومن ناحية مناهج استنباط الأحكام الشرعية في استعمال الرأي والقياس ، والاستحسان ، والمصالح المرسلة ، وسنّة الصحابي ، وسنّة أهل البيت عليهم‌السلام وغيرها.

( بريطانيا ـ سنّي ـ ٢٥ سنة )

العلويون :

س : ما هي العلوية؟ وما هي الشيعة؟ وما هي أوجه الاختلاف والتشابه بينهما؟

ج : إنّ الشيعة الاثني عشرية تطلق على المذهب الجعفري ، الذي يعتقد بإمامة الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام ـ كخليفة ووصيّ للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ومن بعده الأئمّة المعصومين الإحدي عشر عليهم‌السلام.

نعم ، هناك فرق من الشيعة ـ كالزيدية والإسماعيلية ـ تتقلّص عدد الأئمّة عليهم‌السلام عندهم إلى أربعة أو ستّة ، ولكن هؤلاء لم يعدّوا من المذهب الجعفري الاثني عشري.

وأمّا العلوية ، فحسب المعلومات المتوفّرة عنهم ، فإنّهم شيعة إمامية جعفرية ، يعتقدون بالأئمّة المعصومين الاثني عشر عليهم‌السلام.

نعم ، كُلّ ما هناك أنّهم انعزلوا في طول التاريخ عن المجتمعات الشيعية ، بسبب مطاردتهم من قبل حكّام الجور ، والسلطات الظالمة بين حين وآخر هنا وهناك ، ممّا أدّى إلى ظهور التخلّف الديني نوعاً ما في بعض طبقات العوام منهم ، وهذا أصبح سبباً قويّاً في رميهم بالتهم ؛ وإلاّ فهم شيعة جعفريّون ، يعتقدون ما تعتقده الشيعة الاثنا عشرية في العقائد والأحكام ، من الأُصول

٥٢٧

والفروع ، وهذا ممّا تشهد له آثارهم المكتوبة ، وشهادة علماء الحوزات العلمية الشيعية ، وسيرة علمائهم في كافّة مجالات العلم والعمل.

وعليه ، فإذا سُمع عنهم شيء لا يتّفق مع الخطّ العام للثقافة الشيعية ، فهو إمّا موضوع ومختلق ، وإمّا هو صادر عن بعض العوام منهم ، فلا دلالة له على التزامات مذهبهم.

بقي علينا أن نذكر : بأنّ العلويين أبناء عشائر وقبائل خاصّة تلتزم بالمذهب الشيعي ، فالمذهب الشيعي هو الإطار العام للعلويين ، وغيرهم من أبناء المذهب ، وبناءً عليه فكُلّ علوي شيعي ، ولكن ليس كُلّ شيعي يجب أن يكون من العلويين ، فهم امتداد عرقي يعتقدون بالتشيّع من الأوّل حتّى الآن.

( علي ـ المغرب ـ ٢٢ سنة ـ ليسانس )

نقطة الخلاف بين الشيعة وبقية المذاهب :

س : ما هي مواطن الاختلاف بين المذهب الجعفري وباقي المذاهب الشيعية ، خصوصاً الزيدية والإسماعيلية؟ ولماذا هذا الاختلاف مادام أنّ الأئمّة محدّدون بمقتضى نصوص الرسول الأعظم.

ج : إنّ المذهب الإمامي الاثني عشري ، يلتزم في أساسه بإمامة الأئمّة الاثني عشر المعصومين عليهم‌السلام ، وهذا هو نقطة الخلاف بينه وبين باقي المذاهب الشيعية ، فمثلاً الزيدية تشترك معنا في الاعتقاد بأربعة من أئمّتنا فقط ، في حين أنّ الإسماعيلية توافقنا في ستّة منهم.

وأمّا دليل عدم قبول هذه المذاهب جميع أئمّتنا مع ورود النصّ النبوي ، ونصوص الأئمّة عليهم‌السلام ، فإنّه يرجع إلى عدم رضوخهم للحقّ ، شأنهم في ذلك شأن أهل السنّة في عدم انصياعهم للأوامر والوصايا المتواترة والمستفيضة في إمامة وخلافة أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وأولاده المعصومين عليهم‌السلام.

٥٢٨

( هادي ـ لبنان ـ .... )

الفرق بين الاخباريين والأُصوليين :

س : جناب الإخوة الأعزاء أدامكم المولى ، أُودّ أن أزعجكم بهذا السؤال : من هم الاخباريون؟ وما العلاقة بينهم وبين الأُصولية؟

ج : إنّ اصطلاح الاخباريين يطلق على جماعةٍ من علماء الشيعة ، كانوا يرون طريق الاجتهاد المألوف عند الأُصوليين مغلقاً ، ويجب العمل فقط مطابقاً للنصوص الروائية الموجودة ، وعلى الأخصّ الكتب الأربعة ، من حيث أنّها صحيحة السند بأكملها ، ويتفرّع على هذا المبنى حكمهم بالاحتياط في الشبهات الحكمية التحريمية ، كشرب التبغ وغيره.

نعم ، الاختلاف بين الأُصوليين والإخباريين اختلاف في المباني الفقهية والأُصولية ، وليس اختلافاً في أُصول مباني المذهب.

( علاء علاونة ـ .... ـ .... )

الحركة البهائية حركة استعمارية :

س : الرجاء تزويدي بأيّ معلومات تخصّ الحركة البهائية ، ومعتقداتهم وطقوسهم ، وأيّ شيء يخصّ هذه الحركة ، وفّقكم الله.

ج : إنّ الحركة البهائية وقسيمها الأزلية وأصلهما البابية ، حركة استعمارية لا علاقة لها بالأديان السماوية ، ومنشؤها فكرة عشوائية صدرت من الخبط الحادث في عقل شخص يدعى سيّد علي محمّد ـ الذي سُمّي فيما بعد بـ « باب » ـ من تلامذة السيّد كاظم الرشتي نزيل كربلاء ، وقطب الشيخية آنذاك ، فاستغلّها الاستعمار الروسي أوّلاً ، والبريطاني ثانياً لتحقّق مآربها ، فألقوها في أحضان الصهيونية بالمآل ، وهذا ممّا يشهد التاريخ به.

ثم إنّ هذه الحركة تشعّبت بعد الباب إلى فرقتين رئيسيّتين : البهائية والأزلية ـ تسميةً لألقاب مزعومة لدى قطبيها : بهاء الله وصبح أزل ـ وبما أنّ البهائية

٥٢٩

تحالفت مع الاستعمار البريطاني ، وأبدت استعدادها في العمالة والتجسّس أكثر من الأزلية ، تبنّاها البريطانيون وبعدهم الأمريكان والصهاينة ، ولم يبق ذكر من الأزلية إلاّ القليل في جزيرة قبرص ، وعلى العكس تماماً انتشرت البهائية بدعم من الاستعمار ، حتّى أنّها حازت على إجازة تأسيس مركز رئيسي لها في حيفا في فلسطين ، بإذن من سلطات الاحتلال البريطاني في وقته.

وأمّا العقائد والأحكام عندهم ، فهي تختلف باختلاف أذواق ولاتهم ، فمثلاً أنّ « بهاء » قد نسخ جملة من أحكام « باب » للتسهيل.

وعلى الجملة ، لا نجد أثراً استدلالياً لهم في العقائد ، وأمّا في الأحكام فقد أخذوا فيها شطراً من الأديان السماوية ، وخلطوها بآرائهم ريثما يظهروها على البسطاء ، بأنّها من جعل السماء!!

وأمّا كتبهم المقدّسة فهي في الواقع كتابات شخصية ، لم يوجد فيها أيّ جهة إعجاز ، أو إشارة بأنّها متلقّاة من الوحي ، وهي مشحونة بالأغلاط الأدبية والعلمية ـ كما يراها ذوو الاختصاص ـ.

وبالجملة : فهذه الحركة حركة مفتعلة ، لا نصيب لها من الواقع ، ولا تستحقّ الخوض في التحقيق عنها بأكثر من هذا.

( محمّد إبراهيم الإبراهيم ـ الكويت ـ .... )

الدولة الفاطمية كانت إسماعيلية :

س : عندي عدّة أسئلة عن الدولة الفاطمية ، وهي :

١ ـ هل الدولة الفاطمية شرعية؟

٢ ـ هل فعلاً وقع العلويين عن نسب المهدي؟

هذا النصّ : ولم يستطع الخليفة العباسي المقتدر بالله أن يدفع قيامها ، وكُلّ ما فعله أنّه أصدر منشوراً بالطعن في نسب المهدي ، وقّعه وجهاء الهاشميين بما فيهم العلويون؟

٥٣٠

٣ ـ هل كانت الدولة الفاطمية تنشر علوم أهل البيت أم لا؟ ولماذا يحاربونها السنّة؟

٤ ـ هل فعلاً استعانت الدولة الفاطمية باليهود؟ ونسألكم الدعاء.

ج : إنّ الدولة الفاطمية كانت على المذهب الإسماعيلي ، والمذهب الإسماعيلي له خلافات جذرية مع الإمامية ، وإن كانت لها بعض المشتركات مع الإمامية.

والخليفة العباسي ـ كما ورد في التاريخ وثبت عند المحقّقين ـ عمل عريضة طويلة في القدح بنسب الفاطميين ، أجبر العلماء على التوقيع فيها ، وأكّد على علماء الإمامية بما فيهم الأشراف والسادة منهم ، وأجبرهم على التوقيع ، وهدّد مَن لم يوقّع في هذه العريضة ، ومع هذا فإنّ الشيخ المفيد قدس‌سره لم يرد اسمه فيمن وقّع ، وكذلك الكثير من زعماء الإمامية ممّن امتنع من التوقيع.

والدولة الفاطمية وإن كانت إسماعيلية ، إلاّ أنّ لها مشتركات مع الإمامية ، لذا ما قامت به من نشر أحاديث أهل البيت عليهم‌السلام ينصبّ نفعه على الإمامية أيضاً ، ولم يثبت عن الدولة الفاطمية أنّها استعانت باليهود ، وإنّما هي افتراءات وجّهها النواصب إليهم للطعن بهم.

وفي الختام : نودّ أن ننبّه على أنّ ما ذكره التاريخ والمؤرّخون عن الدولة الفاطمية الكثير منه غير صحيح ، وإنّما هي أكاذيب افتعلتها الأيدي الأثيمة للطعن بالدولة الفاطمية ، وإن كنّا لا ننزّه الدولة الفاطمية أيضاً من بعض الانحرافات.

( أياد ـ السعودية ـ .... )

عقائد الدروز :

س : هل تعتبر الطائفة الدرزية من الطوائف الإسلامية؟ وما هي عقائدهم؟

٥٣١

ج : اختلفت الآراء والأبحاث حول الطائفة الدرزية ، ننقل لكم بعض الآراء حول عقائدهم :

١ ـ ما ورد في دائرة المعارف البستانية : « وإيمان الدروز أنّ الله واحد أحد ، لا بداءة له ولا نهاية ، وأنّ النفوس مخلّدة تتقمّص بالأجساد البشرية ـ التناسخ ـ ولابدّ لها من ثواب وعقاب يوم المعاد بحسب أفعالها ... ، وعندهم للوصية نفوذ تام ، فإنّ الإنسان مختار أنّ يوصي قبل موته بأملاكه لمن يشاء ، قريباً كان أم غريباً ... » (١).

٢ ـ ما ورد في دائرة المعارف المصرية : « من معتقداتهم أنّ الحاكم بأمر الله هو الله نفسه ، وقد ظهر على الأرض عشر مرّات ... ، ويعتقدون أنّ إبليس ظهر في جسم آدم ، ثمّ نوح ثمّ إبراهيم ثمّ موسى ثمّ عيسى ثمّ محمّد ... ، ويعتقدون بأنّ عدد الأرواح محدود ، فالروح التي تخرج من جسد الميت تعود إلى الدنيا في جسد طفل جديد ... ، ويعتقدون بالإنجيل ، فيختارون منها ما يستطيعون تأويله ، ويتركون ما عداه ... ، ويعتقدون أنّ الحاكم بأمر الله تجلّى لهم في أوّل سنة ٤٠٨ هـ ، فأسقط عنهم التكاليف من صلاة وصيام ، وزكاة وحجّ وجهاد ، وولاية وشهادة ... ».

٣ ـ ما ورد في دائرة المعارف الإسلامية : « وقد قام مذهب الإسماعيلية على فكرة أنّ الله قد تجسّد في الإنسان في جميع الأزمان ، وهم يتصوّرون أنّ الله ذاته أو على الأقلّ القوّة الخالقة ، تتكوّن من مبادئ متكثّرة ، يصدر الواحد منها عن الآخر ، ويتجسّد كُلّ مبدأ من هذه المبادئ في الإنسان ، وقد احتفظت العقيدة الدرزية بهذا المذهب.

فالخليفة الحاكم ـ وفقاً لهذه العقيدة ـ يمثّل الله في وحدانيته ... ، ومعرفة ذات الله وصفاته وتجلياته في سلسلة المبادئ المتجسّدة في الأئمّة هي عقائد هذا المذهب ... » (٢).

____________

١ ـ دائرة المعارف ٧ / ٦٧٥.

٢ ـ دائرة المعارف الإسلامية ٩ / ٢١٧.

٥٣٢

٤ ـ ما ورد في موسوعة الأديان في العالم : « كان الموحّدون الدروز منذ نشأة مذهبهم في مطلع القرن الخامس للهجرة محترسين في كتمانه ، مشيحين عن إعلانه ، صيانة لأنفسهم من الاضطهاد ، ووقاية لها من العدوان في ذلك الزمان ، هذه الفرقة المتفرّعة من الشيعة ، كانت عرضة لنقمة الشيعة والسنّة على السواء ... » (١).

عقيدة التجلّي الإلهي في الدرزية ، هي أجلّ العقائد وأشرفها ... (٢).

إنّ موقف الدروز المعاصرين من الإسلام والمسلمين لمثير للدهشة والغرابة ، فالكتب الدرزية المعاصرة مشحونة بالمغالطات حول هذا الموضوع ، إنّ الدروز لا يفتأون يعلنون انتماءهم إلى الإسلام ويفاخرون بذلك ، وفي ثنايا الكتب الدرزية المعاصرة محاولات كثيرة لتبرئة الدروز من تهمة المروق عن الإسلام ، وذلك تبعاً لمبدأ التقية (٣).

٥ ـ ما ورد في كتاب « الموحدّون الدروز في الإسلام » لمؤلّفه الشيخ مرسل نصر ، رئيس المحكمة الاستئنافية الدرزية العليا في لبنان : « إنّ الموحّدين الدروز انطلاقاً من إيمانهم بالإسلام ديناً ، وبمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله رسولاً ، يشهدون أن لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمّداً عبده ورسوله ، ويقرّون بوجوب الصلاة والصيام ، والزكاة والحجّ ، والجهاد والولاية » (٤).

وبعد يتبادر إلى ذهن القارئ الكريم السؤال الآتي : ما هي الفوارق بين مذهب التوحيد وبقية المذاهب الإسلامية؟ فالجواب : على ذلك أن ثمّة فوارق عدّة ، وهي :

١ ـ اعتماد الزوجة الواحدة.

____________

١ ـ موسوعة الأديان في العالم / الدروز الموحدون : ٢٩.

٢ ـ المصدر السابق : ٣٣.

٣ ـ المصدر السابق : ١٣٤.

٤ ـ الموحدون الدروز : ٣٣.

٥٣٣

٢ ـ عدم إعادة المطلّقة.

٣ ـ حرية الإيصاء.

٤ ـ التقمّص اجتهاداً (١).

هذه بعض الأقوال عن الطائفة الدرزية من المؤيّدين والنافين ، والله العالم بحقائق الأُمور.

( خالد ـ الجزائر ـ ٢٧ سنة ـ التاسعة أساسي )

تعقيب على الجواب السابق :

لديّ تعليق بسيط حول الطائفة الدرزية إذا سمحتم :

يقول العلاّمة الشيخ محمّد جواد مغنية قدس‌سره في كتابه نفحات محمّدية : « وسُئلت أكثر من مرّة : هل الدروز مسلمين؟ وكان جوابي : أنّ أهل الإسلام هم القوم الذين يدينون به ، أي إسلام القرآن وسنّة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهم الذين يحجّون إلى الكعبة ، ويزورون الروضة المحمّدية ، ويصلّون إلى القبلة ، ويعلنون من على المآذن الشهادة لله بالوحدانية ، ولمحمّد بالرسالة ، ويصومون رمضان ، ويأتون الزكاة ، ويدرسون القرآن والسنّة النبوية ....

والدروز لا يلتزمون بشعائر الإسلام ، التي أشرنا إليها كما يفعل السنّة والشيعة ، ولا يعلنون ما يدينون ، نقول هذا مع الاحترام لعقيدتهم الدينية ، ولغيرتهم الإنسانية ، وأخلاقهم العالية ، ومع الاعتراف بشهامتهم وشجاعتهم » (٢).

وأظن أنّ الشيخ قدس‌سره أعلم بعقيدة الدروز ، نظراً لتواجدهم بكثرة في لبنان ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

____________

١ ـ المصدر السابق : ٥١.

٢ ـ نفحات محمّدية : ١٢٣.

٥٣٤

( زهير ـ ... ـ ..... )

عقائد الأشاعرة :

س : من هم الأشاعرة؟ وما هي أهمّ عقائدهم في الاختلاف مع الأُمّة الإسلامية؟

ج : هم أصحاب أبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري البصري ، ومن عقائدهم : أنّ صفات الباري تعالى ـ كعلمه وحكمته وقدرته وحياته ـ هي أشياء زائدة على ذاته سبحانه ، وهي أيضاً قديمة ، كذاته جلّ وعلا ، فحينئذٍ يلزم تعدّد القديم ، وهو شرك ، وهذا الشرك يسمّى شرك الصفات.

وإنّ أبا الحسن الأشعري كان تلميذاً لأبي علي الجبّائي من شيوخ المعتزلة ، ثمّ أعرض عنه ، وانحاز إلى الكلابية ـ أصحاب عبد الله بن سعيد الكلابي ـ وأختار مذهبه في إثبات الصفات ، وإثبات القدر خيره وشرّه من الله تعالى ، وأبطل القول بتحسين العقل وتقبيحه ، لأنّ العقل لا يوجب المعارف بل السمع ، وأنّ المعارف تحصل بالعقل وتجب بالسمع ، ولا يجب على الله شيء بالعقل ، والنبوّات من الجائزات العقلية والواجبات السمعية ، وأكثر أهل السنّة اليوم على هذا المذهب.

والأشاعرة يكفّرون المعتزلة ، والمعتزلة يكفّرون الأشاعرة ، لقول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : « القدرية مجوس هذه الأُمّة » (١) ، فالمعتزلة يقولون : القدرية هم الأشاعرة ، والأشاعرة يقولون : القدرية هم المعتزلة.

( علي الشهراني ـ البحرين ـ ٢٣ سنة ـ طالب )

تقسيم العلماء إلى إخباريين وأُصوليين لا يثير الفتنة :

س : تقولون : إنّ نعمة الله الجزائري ، والسيّد هاشم البحراني ، والشيخ النوري كلّهم إخباريون وليسوا أُصوليين ، ما الذي تقصدون؟ هل هم على

____________

١ ـ سنن أبي داود ٢ / ٤١٠ ، المستدرك ١ / ٨٥ ، السنن الكبرى للبيهقي ١٠ / ٢٠٣ ، كتاب السنّة : ١٤٩.

٥٣٥

خطأ؟ لماذا تثيرون الفتنة والحسّاسية : هذا إخباري وهذا أُصولي؟ أنا لا أعتقد من المراجع يقبل هذا.

ج : العلماء سواء كانوا من الإخباريين أو الأُصوليين فكُلّهم من علماء الطائفة الحقّة ، نحترمهم وهم قدوتنا ، رضوان الله عليهم ، حتّى أنّ مدير مركز الأبحاث العقائدية سماحة الشيخ فارس الحسون ( رحمه الله ) ألّف كتاباً مختصّاً بحياة السيّد هاشم البحراني ، وهو كتاب قيّم فيه دراسة معمّقة عن هذا العالم الجليل.

ولكن الأمر اختلط عليكم ، وذلك لعدم معرفتكم بمباني الطرفين ، إذ الإخباريون يقولون بصحّة كُلّ الكتب الأربعة وغيرها من كتب الحديث لقدامى الأصحاب ، بينما الأُصوليون لا يقولون بهذا ، ويجرون قواعد الجرح والتعديل عل كُلّ الأحاديث.

وبما أنّ المشهور من العلماء هم الأُصوليون ، فما يحتجّ به علينا من روايات نناقش سندها ، ولا نقول بقول الإخباريين بأن كُلّ أحاديث الكتب الأربعة صحيحة.

( علي الشهراني ـ البحرين ـ ٢٣ سنة ـ طالب )

تعقيب على الجواب السابق :

لعلّكم متفهّمين وضعي ، كما تعرفون كُلّ الفقهاء في البحرين إخباريين ، وآخرهم الشيخ محمّد أمين زين الدين قدس‌سره ، كما نحترمهم نحن في البحرين ، كما نحترم الأُصوليين ، إلاّ أنّ هناك اختلاف كما أشرتم ، وهذا بين الفقهاء ، هم يحدّدون هذه الرواية صح أم خطأ كما قلتم.

أرجو السماح على تعبيري إن كان حادّاً ، أنا أحترمكم وأثق بكم بكُلّ ما تقولون ، ولكن كما يفهم منكم هناك تهجّم على الإخباريين.

٥٣٦

( هشام محمود ـ مصر ـ .... )

طرق الصوفية ممتزجة بين الحقّ والباطل :

س : الإخوة الأفاضل : ما هو قولكم في طرق الصوفية : مثل العزمية والخليلية و... ، وكُلّ منهم يقول أنّه إمام العصر؟ أرجو الردّ ، وجزاكم الله خيراً.

ج : إنّ أكثر طرق الصوفية هي من اختراعات البشر ، ولم يرد في الشرع ما ينصّ على هذه الطرق ، فهي طرق ممتزجة بين الحقّ والباطل ، بين الأذكار الحقّة وبين الإتيان بها بطريقة ما أنزل الله بها من سلطان ، وعليه فإنّ علينا البحث فيها ، فما وافق النصّ منها يؤخذ به ، وما خالف النصّ والدليل يترك.

( هداية ـ السعودية ـ .... )

الفوارق والمشتركات بين الشيعة والمعتزلة :

س : ما هي الفوارق والمشتركات الكلامية بين الشيعة والمعتزلة؟

ج : لا يخفى عليكم أنّ الفروق والمشتركات بين الشيعة والمعتزلة كثيرة ، وقد ذكر الشيخ المفيد قدس‌سره في كتابه « أوائل المقالات » تلك الفروقات الكلامية ، ونحن نذكر بعضها للاختصار ، وهي :

١ ـ القول بالإمامة :

اتفق أهل الإمامة على أنّه لابدّ في كُلّ زمان من إمام موجود ، يحتجّ الله عزّ وجلّ به على عباده المكلّفين ، ويكون بوجوده تمام المصلحة في الدين ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

واتفقت الإمامية على أنّ إمام الدين لا يكون إلاّ معصوماً من الخلاف لله تعالى ، عالماً بجميع علوم الدين ، كاملاً في الفضل ، بايناً من الكُلّ بالفضل عليهم في الأعمال التي يستحقّ بها النعيم المقيم ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

واتفقت الإمامية على أنّ الإمامة لا تثبت مع عدم المعجز لصاحبها ، إلاّ بالنصّ على عينه والتوقيف ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

٥٣٧

واتفقت الإمامية على أنّ الإمامة بعد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله في بني هاشم خاصّة ، ثمّ في علي والحسن والحسين عليهم‌السلام ، ومن بعد في ولد الحسين عليهم‌السلام دون ولد الحسن إلى آخر العالم ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

واتفقت الإمامية على أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله استخلف أمير المؤمنين عليه‌السلام في حياته ، ونصّ عليه بالإمامة بعد وفاته ، وأنّ من دفع ذلك فقد دفع فرضاً من الدين ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

واتفقت الإمامية على أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله نص على إمامة الحسن والحسين بعد أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وأنّ أمير المؤمنين أيضاً نص عليهما كما نص الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

واتفقت الإمامية على أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نصّ على علي بن الحسين عليه‌السلام ، وأنّ أباه وجدّه نصّاً عليه كما نصّ عليه الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنّه كان بذلك إماماً للمؤمنين ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك (١).

٢ ـ القول في محاربي أمير المؤمنين عليه‌السلام :

واتفقت الإمامية ... على أنّ الناكثين والقاسطين من أهل البصرة والشام أجمعين كفّار ضلال ، ملعونون بحربهم أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وأنّهم بذلك في النار مخلّدون ، وأجمعت المعتزلة سوى الغزّال منهم وابن باب ... ، على خلاف ذلك.

واتفقت الإمامية ... على أنّ الخوارج على أمير المؤمنين عليه‌السلام المارقين عن الدين ، كفّار بخروجهم عليه ، وأنّهم في النار بذلك مخلّدون ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك (٢).

____________

١ ـ أوائل المقالات : ٢٩.

٢ ـ المصدر السابق : ٤٢.

٥٣٨

٣ ـ القول في أنّ العقل لا ينفكّ عن سمع ، وأنّ التكليف لا يصحّ إلاّ بالرسل عليهم‌السلام :

واتفقت الإمامية على أنّ العقل محتاج في علمه ونتائجه إلى السمع ، وأنّه غير منفكّ عن سمع ينبّه العاقل على كيفية الاستدلال ، وأنّه لابدّ في أوّل التكليف وابتدائه في العالم من رسول ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

٤ ـ القول في الفرق بين الرسل والأنبياء عليهم‌السلام :

واتفقت الإمامية على أنّ كُلّ رسول فهو نبيّ ، وليس كُلّ نبيّ فهو رسول ، وقد كان من أنبياء الله عزّ وجلّ حفظة لشرائع الرسل وخلفائهم في المقام ... ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

٥ ـ القول في آباء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأُمّه وعمّه أبي طالب عليه‌السلام.

واتفقت الإمامية على أنّ آباء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من لدن آدم إلى عبد الله بن عبد المطلب مؤمنون بالله عزّ وجلّ موحّدون له ....

وأجمعوا على أنّ عمّه أبا طالب رض‌الله‌عنه مات مؤمناً ، وأنّ آمنة بنت وهب كانت على التوحيد ، وأنّها تحشر في جملة المؤمنين ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

٦ ـ القول في الرجعة والبداء وتأليف القرآن :

واتفقت الإمامية على وجوب رجعة كثير من الأموات إلى الدنيا قبل يوم القيامة ، وإنّ كان بينهم في معنى الرجعة اختلاف.

واتفقوا على إطلاق لفظ « البداء » في وصف الله تعالى ، وأنّ ذلك من جهة السمع دون القياس.

واتفقوا على أنّ أئمّة الضلال خالفوا في كثير من تأليف القرآن ، وعدلوا فيه عن موجب التنزيل وسنّة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

٧ ـ القول في الوعيد :

واتفقت الإمامية على أنّ الوعيد بالخلود في النار متوجّه إلى الكفّار خاصّة ، دون مرتكبي الذنوب من أهل المعرفة بالله تعالى ، والإقرار بفرائضه من أهل الصلاة ... ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

٥٣٩

واتفقت الإمامية على أنّ من عذّب بذنبه من أهل الإقرار والمعرفة والصلاة ، لم يخلّد في العذاب ، وأخرج من النار إلى الجنّة ، فينعم فيها على الدوام ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

٨ ـ القول في الشفاعة :

واتفقت الإمامية على أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يشفع يوم القيامة ، لجماعة من مرتكبي الكبائر من أُمّته ، وأنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام يشفع في أصحاب الذنوب من شيعته ، وأنّ أئمّة آل محمّد عليهم‌السلام يشفعون كذلك ، وينجي الله بشفاعتهم كثيراً من الخاطئين ... وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

٩ ـ القول في الأسماء والأحكام :

واتفقت الإمامية على أنّ مرتكب الكبائر من أهل المعرفة والإقرار لا يخرج بذلك عن الإسلام ، وأنّه مسلم ، وإن كان فاسقاً بما فعله من الكبائر والآثام ... وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

١٠ ـ القول في الإسلام والإيمان :

واتفقت الإمامية على أنّ الإسلام غير الإيمان ، وأنّ كُلّ مؤمن فهو مسلم ، وليس كُلّ مسلم مؤمناً ، وأنّ الفرق بين هذين المعنيين في الدين كما كان في اللسان ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

١١ ـ القول في التوبة وقبولها :

واتفقت الإمامية على أنّ قبول التوبة تفضّل من الله عزّ وجلّ ، وليس بواجب في العقول إسقاطها ... وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

١٢ ـ القول في أصحاب البدع ، وما يستحقّون عليه من الأسماء والأحكام :

واتفقت الإمامية على أنّ أصحاب البدع كُلّهم كفّار ، وأنّ على الإمام أن يستتيبهم عند التمكّن بعد الدعوة لهم ، وإقامة البينات عليهم ، فإنّ تابوا عن بدعهم وصاروا إلى الصواب ، وإلاّ قتلهم لردّتهم عن الإيمان ، وأن من مات منهم على تلك البدعة فهو من أهل النار ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

٥٤٠