نعم ربّما يرد ذلك نقضا على دعوى اتّفاقهم على كونه حقيقة في الحال بالمعنى المتقدّم على اعتباره الثاني ، وهو إرادة حال التلبّس الحاصل في حال النطق ، على أن يكون الزمان ظرفا للمستعمل فيه لا جزءا.
لكن يمكن دفعه بثاني الوجهين : حيث إنّ الإطلاق المذكور هو إطلاق لفظ اسم الفاعل الّذي هو اصطلاح عندهم في لفظ نحو « ضارب » وكون هذا الإطلاق حقيقة لا يستلزم كون إطلاق « الضارب » على التلبّس الحاصل في الزمان المستقبل على الوجه المذكور حقيقة ، كما هو واضح.
وفي حكم اسم الفاعل من حيث عدم دخول الزمان في مدلوله الوضعي ، اسم المفعول وغيره من سائر المشتقّات الاسميّة ، فلم يؤخذ شيء من الأزمنة الثلاثة في مفاهيمها باعتبار الوضع حتّى أسماء الزمان ، فتأمّل فيه حتّى تعرف إنّه لا ينافي ما اخذ في وضعه من الزمان المطلق ، لأنّه ليس بأحد هذه الأزمنة.
الثانية : اختلفوا في اشتراط قيام المبدأ بما صدق عليه اسم الفاعل أو مطلق المشتقّ في صدقه وعدمه ، فالأشاعرة إلى الأوّل ، وجماعة منهم العلاّمة في التهذيب (١) والنهاية (٢) وشارح التهذيب في المنية إلى الثاني ، بل في المنية : إنّه مذهب المعتزلة أصحابنا وعن البهائي الوقف.
ومن الفضلاء (٣) من قيّد العنوان بكون المبدأ صفة وكون قيامه بلا واسطة في العروض ، واحترز بالأوّل عمّا لو كان ذاتا كما في المشتقّات الجعليّة ، « كالخمّار » و « التمّار » و « اللبّان » وكأنّه نبّه بذلك على خروجها عن محلّ النزاع باتّفاق الفريقين فيها على عدم الاشتراط ، كما صرّح به بعض
__________________
(١) تهذيب الوصول إلى علم الاصول : ١٠ ، حيث قال : ولا يشترط قيام المعنى بما صدق عليه الاشتقاق ... الخ.
(٢) نهاية الوصول إلى علم الاصول : الورقة ١٩ ( مخطوط ) قال : البحث الخامس : في أنّه هل يجب الاشتقاق مع القيام بالمحل ... إلى أن قال : فأوجبه الأشاعرة خلافا للمعتزلة ...
(٣) الفصول : ٦٢.