الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٦٧
وفي البرّ وغيره من الحبوب : البلد ، والحداثة والعتق ، والصرابة أو ضدها.
والعسل : البلد كالمكي ، والزمان كالربيعي ، واللون ، وليس له إلاّ مصفّى من الشمع.
وفي السمن : النوع كالبقري ، واللون كالأصفر ، والمرعى ، والحداثة أو ضدها.
وفي الزبد : ذلك ، وأنه زبد يومه أو أمسه.
وفي اللبن : النوع ، والمرعى ، ويلزمه مع الإطلاق حليب يومه.
د : يذكر في الثياب ثمانية : النوع كالكتان ، والبلد ، واللون ، والطول ، والعرض ، والصفاقة ، والرقة ، والنعومة أو أضدادها.
______________________________________________________
قوله : ( والصرابة أو ضدها ).
المراد بالصرابة : كونها خالصة من خليط آخر كتراب ونحوه ، ولم أظفر له بمعنى في اللغة ، وكأنه خطأ.
قوله : ( وليس له إلا مصفى من الشمع ).
لأنّ الشمع ليس عسلا ، وقد اعتيد تصفيته.
قوله : ( وفي السمن : النوع ـ الى قوله : ـ والمرعى ).
الظاهر أنّ الرجوع في المرعى الى قول أهل الخبرة ، وعلى ما سبق في الغلام ـ من الاكتفاء بقول السيد ـ ينبغي هنا أن نكتفي بقول المسلم اليه.
قوله : ( وفي الزبد ذلك ، وأنه زبد يومه أو أمسه ).
لأنّ أجزاء اللبن مخالطة له ، فإذا تجاوز يومه ربما حصل فيه حموضة.
قوله : ( ويلزمه مع الإطلاق حليب يومه ).
لأنه إذا تجاوز يومه تحصل فيه حموضة وتغير ، وذلك عيب ، والإطلاق إنما يحمل على الحلو الباقي على صفته التي يخرج عليها ، وذلك إنما هو في اليوم غالبا.
ولو ذكر الوزن بطل لعزته ، وله الخام إلاّ أن يشترط المقصور.
ويذكر في الغزل : النوع كالقطن ، والبلد ، واللون والغلظ ، والنعومة أو أضدادها.
وفي القطن : ذلك ، إلاّ الغلظ وضده ، فان شرط منزوع الحبّ فله ، وإلاّ كان له بحبّه مع الإطلاق ، كالتمر بنواه على إشكال.
ويذكر في الصوف : البلد ، والنوع ، واللون ، والطول أو القصر ، والزمان ، وفي اشتراط الأنوثة أو الذكورة نظر ، وعليه تسليمه نقيا من الشوك والبعر.
هـ : يذكر في الرصاص : النوع كالقلعي والأسرب ، والنعومة أو
______________________________________________________
قوله : ( وإلا كان له بحبه مع الإطلاق كالتمر بنواه ، على اشكال ).
ينشأ من ابتناء العرف على كون التمر بنواه بخلاف القطن ، والأصح إن كان في بلد المتعاقدين عرف مستقر ، يتفاهم أحد الأمرين منه عند الإطلاق كان إطلاق العقد بمنزلة التقييد بذلك المتعارف ، وإلا وجب التعيين فيبطل بدونه.
قوله : ( وفي اشتراط الأنوثة أو الذكورة نظر ).
ينشأ من التفاوت في النعومة والخشونة اللتين هما مظنة تفاوت القيمة ، وفي التذكرة مال الى اشتراط ذلك واستغنى عن اشتراط النعومة والخشونة (١) وفي الاشتراط لأحد الأمرين قوة. ولو اعتبرنا في الاشتراط تفاوت القيمة باعتبارهما عرفا وعدمه أمكن ، لأنّ مدار هذه الأوصاف إنما هو على اختلاف القيمة باختلافهما ، فربما كان العامي أعرف بها من الفقيه ، كما صرح به في الدروس.
قوله : ( كالقلعي والأسرب ).
في حواشي شيخنا الشهيد : القلعي بفتح اللام ، وجدته بخط بعض الأدباء ، والذي ذكر في الصحاح بتسكين اللام ، منسوب الى القلع ، وهو
__________________
(١) التذكرة ١ : ٥٥٢.
الخشونة ، واللون ، ويزيد في الحديد : ذكرا أو أنثى.
ولو انضبطت الأواني جاز السلف فيها. فيضبط الطست جنسه ، وقدره ، وسمكه ، ودوره ، وطوله.
وفي الخشب : النوع ، واليبس أو الرطوبة ، والطول ، والعرض والسمك ودوره ، ويلزمه أن يدفع من طرفه إلى طرفه بذلك السمك والدور. ولو كان أحد طرفيه أغلظ من الشرط فقد زاده خيرا ، ولا يلزمه القبول لو كان أدقّ ، وله سمح خال من العقد.
و : الصفات إن لم تكن مشهورة عند الناس لقلة معرفتها كالأدوية والعقاقير ، أو لغرابة لفظها ، فلا بد وأن يعرفها المتعاقدان وغيرهما.
وهل تعتبر الاستفاضة ، أم تكفي معرفة عدلين؟ الأقرب الثاني.
______________________________________________________
معدن (١).
قوله : ( الطست ).
هو بالطاء ، والسين المهملتين.
قوله : ( ولو كان أحد طرفيه أغلظ من الشرط فقد زاده خيرا ).
أي : فيجب قبوله ، وبذلك أفتى الشيخ في المبسوط (٢) ، وفيه نظر ، لأنّ الأغراض تختلف بذلك ، فربما قبح منظره بهذا ، وربما زادت مؤنة حمله ، والحق أنه إن لم يعد عيبا عادة ، ولم يفت به شيء من الأغراض المقصودة يجب قبوله ، وإلا فلا.
قوله : ( وهل تعتبر الاستفاضة ، أم يكفي عدلان؟ الأقرب الثاني ).
قلت : هذا لا يناسب ما بنى عليه الباب من عدم الجواز فيما لا يعمّ وجوده ويعز (٣) حصوله ، ولا ريب أنّ معرفة العدلين مما لا يوثق بالرجوع إليهما ، لإمكان
__________________
(١) الصحاح ( قلع ) ٣ : ١٢٧١.
(٢) المبسوط ٢ : ١٧٨.
(٣) في « م » : ولا يعز ، وما أثبتناه من مفتاح الكرامة ٤ : ٤٥٢ عن جامع المقاصد ، وهو الصحيح.
الشرط الثالث : الكيل أو الوزن في المكيل والموزون : ولا يكفي العدّ في المعدودات ، بل لا بدّ من الوزن في البطيخ والباذنجان والبيض والرمان.
وإنما اكتفي في البيع بعدّها للمعاينة ، أما السلم فلا ، للتفاوت ، ولا يجوز الكيل في هذه لتجافيها في المكيال.
أما الجوز واللوز ، فيجوز كيلا ووزنا وعددا لقلة التفاوت ، وفي جواز تقدير المكيل بالوزن وبالعكس نظر.
ويشترط في المكيل العمومية ، فلو عيّن ما لا يعتاد كجرة وكوز بطل ،
______________________________________________________
موت أحدهما أو غيبته ونحوها ، فالأقرب حينئذ اعتبار الاستفاضة.
قوله : ( الكيل أو الوزن في المكيل والموزون ).
قد يتوهم أن ما لا يكال ولا يوزن ، بل يباع جزافا يجوز السلم فيه جزافا ، وليس كذلك ، لأنّ بيعه مشاهدا سليم من الغرر بالمشاهدة ، فإذا بيع سلما احتيج الى تقديره بمعلوم ، وسيأتي في حكم القصب والحطب ما ينبه عليه.
قوله : ( ولا يكفي العدد في المعدودات ).
هذه العبارة وإن أطلقها ، لكن سيأتي في اللوز والجوز الجواز كيلا ووزنا وعددا ، لقلة التفاوت. وفي التذكرة : أنه لا يباع عددا من المعدودات صغيرها ولا كبيرها ، للتفاوت فيقتضي الغرر ، أما كيلا فلا بأس ، لأنها لا تتجافى في المكيال فيلزم التفاوت ، إنما ذلك في كبار المعدودات (١).
قوله : ( وفي جواز تقدير المكيل بالوزن وبالعكس نظر ) (٢).
قوله : ( ويشترط في المكيل العمومية ، فلو عيّن ما لا يعتاد كجرة وكوز بطل ).
__________________
(١) التذكرة ١ : ٥٥٦.
(٢) هكذا وردت في النسخ الخطية بدون شرح.
ولو اعتيد فسد الشرط وصح البيع ، وكذا صنجة الوزن ، فلو عينا صخرة مجهولة بطل ولو كانت مشاهدة.
ويجوز في المذروع أذرعا ، ولا يجوز في القصب أطنانا ، ولا الحطب حزما ، ولا الماء قربا ، ولا المجزوز جزا.
______________________________________________________
المكيل كمنبر : زنبيل يسع ثلاثة عشر صاعا ، ولا يحسن في هذا الموضع ، بل حقه أن يقول : المكيال ، لأنّ المراد به : آلة الكيل مطلقا لا هذا الزنبيل المخصوص ، إذ لو أريد لم تصح العبارة ، فإنّ ما علم سعته لمقدار معلوم عموميته ثابتة ، وحينئذ فلا يصح تفريع ما ذكره من تعيين ما لا يعتاد كالجرة والكوز ، ولم أظفر في كلامهم بالمكيل بالياء من تحت ، إنما المعروف مكيال.
واعلم أنّ حق العبارة أن يقول : فلو عيّن مجهول القدر بين الناس ، فانّ عدم الاعتياد مع علم المقدار لا دخل له في عدم الصحة.
قوله : ( ولو اعتيد فسد الشرط ، وصح البيع ).
المراد : ولو عيّن مكيالا معتادا فسد الشرط بخصوص ذلك المكيال ، إذ لا يتعلق به غرض ، فاشتراطه بمنزلة عدم الاشتراط فيكون لغوا ، فيكون البيع صحيحا ، ويحتمل فساد البيع ، نظرا إلى صورة الشرط ، فان المشترط غير عام ، والتراضي إنما وقع على ذلك.
ويندفع ، بأنّ عدم تعلق الغرض به قرينة على أنه لا يراد خصوصه ، فيلغو اشتراطه.
واعلم أنّ ظاهر قوله : ( ولو اعتيد ) يقتضي أنّ المشترط لو اعتيد بعد أن لم يكن معتادا ، وهو غير مراد قطعا.
قوله : ( وكذا صنجة الوزن ).
الصنجة ، بفتح الصاد : ما يوزن به ، معرب.
قوله : ( ولا يجوز في القصب أطنانا ، ولا الحطب حزما ، ولا الماء قربا ، ولا المجزوز جزا ).
وكذا يشترط في الثمن علم مقداره بالكيل أو الوزن العامين.
ولا تكفي المشاهدة مع تقديره بأحدهما ، ولو كان من الأعواض الغير المقدرة بأحدهما جاز ، كثوب معلوم ودابة مشاهدة وجارية موصوفة فإنه يجوز إسلاف الأعواض في الأعواض وفي الأثمان ، والأثمان في الأعواض ، ولا يجوز في الأثمان بالأثمان.
______________________________________________________
لما فيها من التفاوت الموجب للغرر في عقد السلف ، وجواز بيعها مشاهدة جزافا لا يقدح ، لانتفاء المشاهدة التي بها يندفع الغرر عما يباع جزافا.
قوله : ( فإنه يجوز إسلاف الأعواض في الأعواض ).
إذ لا مانع [ من ذلك ، وكذا يجوز إسلاف الأعواض ] (١) في الأثمان ، لما قلناه من عدم المانع.
قوله : ( ولا يجوز في الأثمان بالأثمان ).
لو اقتصر على قوله : ( ولا يجوز في الأثمان ) اكتفاء بدلالة ما قبله ، على أنّ المسلف الأثمان ، وإنما لم يجز لأنّ التقابض قبل التفرق شرط ، وهو مناف للأجل ، ومع ذلك الزيادة الحكمية الحاصلة باعتبار الأجل موجبة للربا فيما إذا تماثل العوضان ، إذ للأجل اعتبار في الثمن.
ويرد على إطلاق هذا الحكم إمكان الجمع بين الأجل والتقابض قبل التفرق ، فلا تتحقق المنافاة ووقوع السلم حالا ، فلا يلزم الربا بالزيادة الحكمية.
ويمكن الجواب بان الجمع بين الأجل والتقابض وإن كان ممكنا ، إلا أن الأجل مانع من التقابض مدته ، فيكون العقد حينئذ
معرضا للبطلان في كل وقت من أوقات الأجل ، وعدم حصول التفرق قبل التقابض لا يدفع كونه معرضا لذلك ، والأولى المنع مطلقا كما اختاره المصنف في التذكرة (٢).
وأما السلم الحال فهو بيع في الحقيقة ، وليس هو سلما في الحقيقة وإن
__________________
(١) ما بين المعقوفتين لم يرد في النسخ الخطية ، أثبتناه من الحجرية لاقتضاء السياق له.
(٢) التذكرة ١ : ٥٥٠.
الشرط الرابع : قبض الثمن في المجلس :
فلو تفرقا قبله بطل ، ولو تفرقا بعد قبض البعض صح فيه خاصة ، وللبائع الامتناع من قبض البعض للتعيب ، بخلاف الدين.
ولو كان الثمن خدمة عبد ، أو سكنى دار مدة معينة صح ، وتسليمهما بتسليم العين.
______________________________________________________
كان بلفظه ، لما سيأتي من أنه لا بد من التصريح بالحلول مع لفظ السلم ، أو ذكر الأجل مضبوطا والا بطل لاقتضائه الأجل ، ولم يعين ، فعلم من ذلك أنّ السلم لا يكون حالا ، ومتى وقع حالا لا يكون سلما.
قوله : ( وللبائع الامتناع من قبض البعض للتعيب ، بخلاف الدين ).
أي : للتعيب بالتشقيص ، فانّ العقد إنما وقع على المجموع ، فيجب تسليم المجموع ، ولا كذلك الدين ، فيجب على صاحبه قبض البعض ، لانتفاء التعيب المذكور ، ولكن يجب أن يقيد هذا بما إذا كان الدين عوض إتلاف ، أو ضمان ، ونحوهما.
أما لو كان مبيعا فيجب القول : بأن للمشتري الامتناع من قبض البعض الى أن يسلمه الجميع ، فعين ما ذكرناه.
وليس لقائل أن يقول : إنّ المقتضي لعدم وجوب قبض البعض ليس هو التعيب بالتشقيص فقط ، بل هو مع تطرق انفساخ العقد في الباقي ، للتفرق قبل قبضه ، لأنا نقول : ان التشقيص وحده كاف في ثبوت العيب ، وإن قارنه الأمر الآخر فيجب أن يثبت الحكم في الموضع الذي ذكرناه ، وقد اقتصر في التذكرة على التعليل به (١).
قوله : ( وتسليمها بتسليم العين ).
__________________
(١) التذكرة ١ : ٥٥٦.
ولا يشترط التعيين ، فلو قال : أسلمت إليك دينارا في ذمتي بكذا ، ثم عين وسلّم في المجلس جاز.
ولو أسلم مائة في حنطة ومثلها في شعير ، ثم دفع مائتين قبل التفرق ، ووجد بعضها زيوفا من غير الجنس ، وزع بالنسبة ، وبطل من كلّ جنس بنسبة حصته من الزيوف.
ولو أحاله بالثمن ، فقبضه البائع من المحال عليه في المجلس فالأقوى عندي الصحة.
______________________________________________________
أي : تسليم الخدمة والسكنى ، وربما وجد وتسليمهما ، أي : تسليم كل من الخدمة والسكنى ، وهذا وإن لم يكن تسليما للخدمة والسكنى حقيقة ، فهو في حكم التسليم ، إذ الممكن من تسليمها ليس شيئا زائدا على ذلك.
قوله : ( فلو قال : أسلمت إليك دينارا في ذمتي ... ).
لا يريد به : أنّ ذمتي تكون مذكورة في العقد ، وإنما أراد به المصنف :كشف المراد ، بان يبين بان الدينار غير معين ، ليقابل به الثمن ، فنص على أنّ موضعه الذمة ، إذ لو اقتصر على قوله : ( أسلمت إليك دينارا ) في العبارة لم يمتنع تقييده بما يصيره معينا.
قوله : ( وبطل من كل جنس بنسبة حصته من الزيوف ).
إذ لا أولوية لأحدهما على الآخر في كون الزيوف محسوبة من ثمنه دون ثمن الآخر.
قوله : ( ولو أحاله بالثمن فقبضه البائع من المحال عليه في المجلس ، فالأقوى عندي الصحة ).
وجه القوة : أنّ الحوالة ناقلة ، لأنها تقتضي تحويل الحق من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه ، فإذا اقترنت بالقبض في المجلس حصل الشرط.
قال بعض الشافعية : يبطل السلم ، لتحول الحق إلى ذمة المحال عليه ،
ولو جعل الثمن في العقد ما يستحقه في ذمة البائع بطل ، لأنه بيع دين بدين على إشكال.
ولو لم يعيّنه ، ثم حاسبه بعد العقد من دينه عليه ، فالوجه الجواز.
______________________________________________________
فامتنع الأداء عن المسلم ، لأنه إنما يؤدي عن نفسه (١) ، وليس بشيء ، لأنه يؤدي عن نفسه مال المسلم الذي تحول الى ذمته ، وربما قيل بالمنع ، لأنّ الحوالة معاوضة ، فلا تصح عن ثمن السلم قبل قبضه. والأصح الصحة ، لأنه سيأتي أن الأصح إفادتها التحويل.
قوله : ( ولو جعل الثمن في العقد ما يستحقه في ذمة البائع بطل ، لأنه بيع دين بدين على اشكال ).
ينشأ من التردد في كون ما في ذمة أحد المتعاقدين يعد دينا ، بحيث يبطل جعله جزءا للمعاوضة الجارية عن دين آخر ، وينبغي عدم التوقف في إطلاق اسم الدين عليه ، فالأصح البطلان.
قوله : ( ولو لم يعينه ، ثم حاسبه بعد العقد من دينه عليه فالوجه الجواز ).
أي : لو لم يعينه حال العقد ، ووجه الجواز : أنّ ذلك استيفاء فيتحقق به القبض قبل التفرق. ويحتمل البطلان ، لأنّ الثمن قد تشخص بما في الذمة ، فيكون بيع دين بدين.
أو يقال : هذه معاوضة على ثمن السلم فتكون فاسدة ، وكلاهما ضعيف ، لأنّ تعيين الثمن في شيء لا يقتضي كون ذلك هو الثمن الذي جرى عليه العقد ، ولا يعد ذلك أيضا معاوضة ، بل هو استيفاء.
ويشكل بما سبق من كلامه في الصرف ، من أنّ ذلك صرف ذمة بذمة فيكون بيع دين بدين ، إلا أن يوقع ذلك على وجه صلح ونحوه.
__________________
(١) انظر : كفاية الأخيار ١ : ١٦٢.
ولو شرط تعجيل نصف الثمن وتأخير الباقي لم يصح ، أما في غير المقبوض فلانتفاء القبض ، وأما في المقبوض فلزيادته على المؤجل ، فيستدعي أن يكون في مقابلته أكثر مما في مقابلة المؤجل ، والزيادة مجهولة.
الخامس : كون المسلم فيه دينا :
فلا ينعقد في عين ، نعم ينعقد بيعا ، سواء كانت العين مشاهدة أو موصوفة.
السادس : الأجل المضبوط بما لا يقبل التفاوت :
فلو شرط أداء المسلم فيه عند إدراك الغلات ، أو دخول القوافل بطل ، وكذا لو قال : متى أردت ، أو متى أيسرت.
ويجوز التأقيت بشهور الفرس والروم ، وبالنيروز والمهرجان ، لأنهما يطلقان على وقت انتهاء الشمس إلى أول برجي الحمل والميزان.
______________________________________________________
قوله : ( وأما في المقبوض فلزيادته على المؤجل ).
فإنّ الأجل له حظ من العوض ، ولهذا يزيد العوض عادة بزيادة الأجل ، فيكون العوض المقبوض في مقابله من المبيع أزيد من النصف ، لتكون الزيادة في مقابل الأجل ، ومقدار الزيادة مجهول.
قوله : ( نعم ينعقد بيعا ، سواء كانت العين مشاهدة أو موصوفة ).
وذلك لأنّ السلم لا يكون إلا مؤجلا ، فإذا وقع حالا امتنع كونه من افراد السلم ، وكون العين موصوفة لا يصيره سلما ، لانتفاء الأجل ، لكن سيأتي أنه لا بد من التصريح بالحلول عما قريب إن شاء الله تعالى.
قوله : ( وكذا لو قال : متى أردت أو متى أيسرت ).
يجوز في تاء كل منهما الفتح والضم ، إلا أنّ الضم أوقع باعتبار التعليق باليسار ، لأن المناسب تعليق الأداء بيساره.
قوله : ( وبالنيروز والمهرجان ، لأنهما يطلقان على وقت انتهاء الشمس إلى برجي الحمل والميزان ).
ويجوز بفصح النصارى ، وفطير اليهود إن عرفه المسلمون.
ولو أجل إلى نفر الحجيج احتمل البطلان ، والحمل على الأول ، وكذا إلى ربيع أو جمادى.
______________________________________________________
فالنيروز : وقت انتهائها إلى الحمل ، وهو الاعتدال الربيعي. والمهرجان : وقت انتهائها إلى الميزان ، وهو الاعتدال الخريفي ، أعني : الذي يستوي فيه الليل والنهار ، ويريد المصنف بقوله : ( لأنهما يطلقان ) : إطلاقهما بالتوزيع ، لا أنّ كل واحد منهما يطلق على كل من الوقتين.
قوله : ( ويجوز بفصح النصارى ).
هو بكسر الفاء والصاد المهملة : عيد معروف عندهم.
قوله : ( إن عرفه المسلمون ).
يريد : معرفته على وجه يمكن الرجوع اليه عند الاختلاف ، ولا بد من معرفة المتعاقدين به ، مضافا الى معرفة غيرهما.
قوله : ( ولو أجلّ إلى نفر الحجيج احتمل البطلان ، والحمل على الأول ، وكذا إلى ربيع ، أو جمادى ).
منشأ الاحتمالين الاشتراك بين النفرين ، وربيعين ، وجماديين ، وأن الأول منهما هو المتبادر لقربه. وفرّق في التذكرة بين هذه وبين ما إذا قال : إلى الجمعة أو غيره من الأيام ، فحتمّ الحمل على الأقرب هنا ، محتجا بأنّ ذلك قضية العرف المتداول بين الناس (١).
ولك أن تقول : إن اعتبر الاشتراك فهو قائم في الجميع ، أو اقتضاه العرف فالظاهر أنه لا يتفاوت في أن المفهوم من الإطلاق في الجميع أولها ، وهو اختياره في التحرير (٢) ، وظاهر اختيار الدروس (٣).
__________________
(١) التذكرة ١ : ٥٤٨.
(٢) تحرير الأحكام ١ : ١٩٥.
(٣) الدروس : ٣٥٧.
وتحمل السنون والشهور على الهلالية وتعتبر الأشهر بالأهلة ، فإن عقدا في أوله اعتبر الجميع بالأهلة ، وإن عقدا في خلاله اعتبرت الشهور بعده بالأهلة ، ثم تمم المنكسر ثلاثين على رأي ، ويحتمل انكسار الجميع بكسر الأول ، فيعتبر الكل بالعدد.
______________________________________________________
قوله : ( وتحمل السنون والشهور على الهلالية ).
أي : فلا تحمل على السنين والشهور الشمسية.
قوله : ( وتعتبر الأشهر بالأهلة ).
الأصل هو هذا ، لأنها هلالية ، فان لم يقع في أول الهلال اعتبر العدد ، لأنه المعنى الثاني للشهر.
فان قيل : ما سبق من حمل الشهور على الهلالية يغني عن قوله : ( تعتبر الأشهر بالأهلة ).
قلنا : لا يغني ، لأنّ المراد بالأول : نفي اعتبارها بانتقالات الشمس أعم من اعتبارها بالعدد ـ اعني : ثلاثين ـ أم بالأهلة ، سواء كان تاما أو ناقصا ، على أنّ إعادة الحكم لبناء حكم آخر عليه لا يعد تكرارا.
قوله : ( فان عقدا في أوله اعتبر الجميع بالأهلة ، وإن عقدا في خلاله اعتبرت الشهور بعده بالأهلة ، ثم تمم المنكسر ثلاثين على رأي ... ).
المراد بعقدهما في أوله : إيقاع العقد فيما يعد عرفا أول الشهر ، فلو تراخى يسيرا عن أول الشهر ، بحيث لا يخل بالأولوية عرفا فالاعتبار بالهلال ، أما لو مضى زمان كثير ، كما لو عقدت في نصف الليل مثلا فالاعتبار بالعدد.
ووجه ما اختاره المصنف في المسألة الثانية : أنّ الأشهر الباقية أمكن إجراؤها على حكم الأصل ، أعني : اعتبارها بالهلال فتعين.
ولا يلزم إكمال الشهر الأول من الذي يليه ، لأنّ الإكمال صادق ، سواء أكمل من الذي يليه أو من غيره ولا يلزم محذور ولو أكمل من غيره ، بخلاف
ولو قال : إلى الجمعة أو رمضان حمل على الأقرب ، ويحلّ بأول جزء منهما.
ولو قال : محله في الجمعة أو في رمضان ، فالأقرب البطلان.
ولو قال : إلى أول الشهر أو آخره احتمل البطلان ، لأنه يعبّر به عن جميع النصف الأول والنصف الأخير والصحة ، فيحمل على الجزء الأول.
______________________________________________________
ما لو أكمل من الذي يليه ، فإنه يلزم اختلال الشهر الهلالي مع إمكان اعتباره بالهلال.
قوله : ( ويحل بأول جزء منهما ).
لأنّ الانتهاء إليهما إنما يتحقق بالانتهاء إلى أولهما.
قوله : ( ولو قال : محله في الجمعة ، أو في رمضان فالأقرب البطلان ).
هذا هو الأصح ، للجهالة الحاصلة من عدم التعيين.
قوله : ( ولو قال : إلى أول الشهر أو آخره احتمل البطلان ، لأنه يعبّر به عن جميع النصف الأول ، والنصف الأخير ... ).
أي : الأول يعبّر به عن النصف الأول ، والأخير يعبّر به عن النصف الأخير ، والأصح الصحة ، لأنّ المتعارف من الأول هو أول جزء ، ومن الآخر هو آخر جزء ، على أنه إن تم له إطلاق الأول على جميع النصف الأول كان مقتضى الانتهاء اليه بلوغ أوله.
واعلم أن قوله : ( والصحة ، فيحمل على الجزء الأول ) معناه : ويحتمل الصحة ، لكن الحمل على الجزء الأول إنما يتصور في الصورة الاولى ، وهي التأجيل بأول الشهر ، أما التأجيل بآخره فيكون على تقدير الصحة إلى آخر جزء.
والأقرب عدم اشتراط الأجل ، فيصح السلم في الحال ، لكن يصرح بالحلول ، فإن أطلق حمل على الأجل واشتراط ضبطه ، ولو أطلق ولم يضبطه ثم ضبطه قبل التفرق بطل.
______________________________________________________
قوله : ( والأقرب عدم اشتراط الأجل ، فيصح السلم في الحال ، لكن يصرح بالحلول ).
وجه القرب : دلالته على المراد من البيع ، لأنه يؤدي معنى إيجابه كما سبق ، ولأنّ السلم بيع ، لانه من جملة أفراده ، فلا يكون استعمال لفظه في بيع آخر استعمالا أجنبيا ، إلا أنه يجب أن يصرح بالحلول ، لأن جزء مفهوم السلم بالتأجيل ، فلا بد من صارف يصرفه عن مقتضاه ، وذلك هو التصريح بالحلول.
قوله : ( فإن أطلق حمل على الأجل ).
أي : فان أطلق اللفظ عن التقييد بالحلول ، حمل على مدلوله الأصلي ، وهو البيع إلى أجل ، فيشترط ضبط الأجل حينئذ ، كما أشار إليه بقوله : ( واشترط ضبطه ) ، وهنا سؤالان :
أحدهما : ان اشتراط ضبطه يقتضي ذكره ، فكيف يصدق الإطلاق؟
ودفعه ظاهر ، فإنّ الإطلاق قبل ذكره ، على أن المراد بالإطلاق : عدم ذكر الحلول ، لأنه في مقابله.
الثاني : أنهما إذا قصدا الحلول ، كيف تستقيم صحة البيع إذا ضبط الأجل؟ مع أنه خلاف المقصود.
ويمكن أن يقال : مراده : أنه إذا أطلق عقد البيع بلفظ السلم ، وعرّاه عن قيد الحلول اقتضى التأجيل ، فلا بد لصحته إذا كان مقصودا لهما من ضبط الأجل ، وصيانته عن الزيادة والنقصان ، فإن أهملا ذلك بطل ، وفي الدروس : لو قصد الحلول ولم يتلفظا به صح أيضا (١) ، وهو جيد.
__________________
(١) الدروس : ٣٥٦.
ولو قال : إلى شهر وأبهم اقتضى اتصاله بالعقد ، فالأجل إلى آخره ، وكذا إلى شهرين أو ثلاثة ، أما المعين فيحل بأوله كما تقدم.
ولا يشترط في الأجل أن يكون له وقع في الثمن ، فلو قال : إلى نصف يوم صح.
______________________________________________________
قوله : ( ولو قال : الى شهر وأبهم اقتضى اتصاله بالعقد ).
لأنّ الإطلاق في الأجل محمول على الاتصال.
قوله : ( فالأجل آخره ).
وذلك لأنّ الشهر لا يراد به أوله هنا قطعا ، وإلا لخلا من الأجل ، فإنا قد حملنا الإطلاق على الاتصال ، فلم يبق إلا أن يراد شهر كامل ، فان كان في أول الهلال فآخر الهلال آخره ، والا فثلاثون يوما.
قوله : ( أما المعين فيحل بأوله ).
أي : إما التأجيل بالشهر المعين كرجب فيحل بأوله ، لأنّ آخر الأجل يجب أن ينتهي اليه ، وذلك يتحقق بأوله ، لصدق الانتهاء اليه. ويشكل لو قال : الى رجب عند أول هلاله ، فيمكن البطلان ، ويمكن حمله على آخره كالمبهم.
في حواشي شيخنا الشهيد : الفرق أنّ الى الانتهاء الغاية ـ ينتهي بأوله ـ ، وانتهاء المغيا المبهم إنما يكون بآخره ، لأنه الأجل ، والغاية المبهمة بخلاف المغيا المعين ، فإن الغاية تنتهي بأوله ، وليس بظاهر ، لأن مقتضى اللفظ أن يكون المبهم والمعين هو الغاية.
قوله : ( ولا يشترط في الأجل أن يكون له وقع في الثمن ، فلو قال : الى نصف يوم صح ).
خلافا لأحمد من العامة (١) ، والمراد : بـ ( أن يكون له وقع في الثمن ) : أن يكون له اعتبار واعتداد ، بحيث يكون في العادة له قسط من الثمن.
__________________
(١) انظر : المغني لابن قدامة ٤ : ٣٥٧ ، وشرح الكبير مع المغني ٤ : ٣٥٤.
السابع : إمكان وجود المسلم فيه عند الحلول ليصح التسليم ، وإن كان معدوما وقت العقد أو بعد الحلول.
ولا يكفي الوجود في قطر آخر لا يعتاد نقله إليه في غرض المعاملة.
ولو احتاج تحصيله إلى مشقة شديدة ، كما إذا أسلم في وقت الباكورة في قدر كثير ، فالأقرب الصحة.
ولو طرأ الانقطاع بعد انعقاد السلم ، كما لو أسلم فيما يعمّ وجوده وانقطع لجائحة ، أو وجد وقت الحلول عاما ، ثم أخر التسليم لعارض ، ثم طالب بعد انقطاعه تخير المشتري بين الفسخ والصبر ،
______________________________________________________
قوله : ( إمكان وجود المسلّم فيه عند الحلول ).
المراد بإمكان وجوده : كونه بحيث يوجد كثيرا عادة بحيث لا يندر تحصيله ، فالمراد : إمكان وجوده عادة ، فإن الممكن عادة هو الذي لا يعز وجوده.
قوله : ( ولا يكفي الوجود في قطر آخر لا يعتاد نقله إليه في غرض المعاملة ).
وإن كان ينقل للقنية مثلا ، فانّ ذلك لا يصح السلم فيه ، لعدم تحقق الشرط.
قوله : ( كما إذا أسلم في وقت الباكورة في قدر كثير فالأقرب الصحة ).
لأن الشرط إمكان وجوده ، لا عدم المشقة في تحصيله ، والمراد بوقت الباكورة : أول حصول الفاكهة. قال في الجمهرة : الباكورة : النخلة المعجلة بالطلع والتمر ، وكذلك كل شجرة تعجل ثمرتها فهي باكورة.
قوله : ( أو وجد وقت الحلول عاما ، ثم أخّر التسليم لعارض ، ثم طالب بعد انقطاعه ... ).
ولو أخّر التسليم تفريطا منه فكذلك ، وفرّق بعض العامة ، فلم يثبت
ولو قبض البعض تخير في الفسخ في الجميع ، والمتخلف ، والصبر.
ولو تبين العجز قبل المحل ، احتمل تنجيز الخيار وتأخيره.
البحث الثاني : في أحكامه :
لا يشترط ذكر موضع التسليم على إشكال
______________________________________________________
الفسخ هنا (١) ، والحق ثبوته سواء طالبه بالأداء أم لا ، نعم لو رضي بالتأخير فالظاهر أنه لا فسخ له حينئذ.
قوله : ( ولو قبض البعض تخير في الفسخ في الجميع ، والمتخلف ، والصبر ).
أما الفسخ في الجميع ، فلأن تبعض الصفقة عيب ، والمسلّم فيه إنما هو المجموع وقد تعذر. وأما الفسخ في المتخلف خاصة فلانه الذي تعذر فله الرجوع الى ثمنه ، لأنّ الصبر ضرر فلا يلزم به ، ولحسنة عبد الله بن سنان ، عن الصادق عليهالسلام (٢) ، فان فسخ في البعض المتخلف فالأصح أن للبائع الفسخ أيضا ، لتبعض الصفقة عليه أيضا.
واختاره في التحرير (٣) ، وقيده في الدروس بما إذا لم يكن التأخير بتفريطه (٤) ، وهو ظاهر. وفي التذكرة : أنه لا خيار للبائع ، لأن التبعيض جاء من قبله (٥).
قوله : ( ولو تبين العجز قبل المحل احتمل تنجيز الخيار ، وتأخيره ).
يضعف الاحتمال الأول بأنّ المقتضي لم يوجد الى الآن ، إذ لم يستحق شيئا حينئذ ، فالأصح التأخير.
قوله : ( لا يشترط ذكر موضع التسليم على اشكال ).
__________________
(١) هو الشافعي كما في كفاية الأخيار ١ : ١٦١.
(٢) الكافي ٥ : ١٨٥ حديث ٣ ، الفقيه ٣ : ١٦٨ حديث ٧٤١.
(٣) تحرير الأحكام ١ : ١٩٦.
(٤) الدروس : ٣٥٧.
(٥) التذكرة ١ : ٥٥٥.
وإن كان في حمله مؤنة ، فلو شرطاه تعين.
ولو اتفقا على التسليم في غيره جاز ، ومع الإطلاق ينصرف وجوب التسليم إلى موضع العقد.
ولو كانا في برية أو بلد غربة ، وقصدهما مفارقته قبل الحلول ، فالأقرب عندي وجوب تعيين المكان.
______________________________________________________
ينشأ : من تفاوت الغرض بتفاوته ، ومن أنّ الإطلاق ينزل على موضع العقد. ومما يقوي وجوب تعيين مكان التسليم : أنّ إطلاق العقد إنما ينزل على موضعه إذا كان حالا ، لاستحقاق المطالبة حين إيقاعه ، وذلك فرع الثبوت في الذمة ، فيكون قد ثبت في الذمة في ذلك المكان.
أما إذا كان مؤجلا فإنّ الاستحقاق إنما يكون عند الحلول ، ولا يعلم في أي مكان تحقق الحلول على البائع.
فإن قيل : يلزم مثله في بيع النسيئة خصوصا إذا كان لحمل الثمن مؤنة.
قلنا : لما لم يقل أحد بوجوب التعيين هاهنا ، خرجت هذه المسألة عن مقتضى ما ذكرناه بالإجماع ، فلا يلحق بها المختلف فيه.
ولا ريب أنّ القول بأن إطلاق العقد محمول على التسليم في موضع العقد رجوع الى ما لا يدل عليه دليل ، والاشتراط مطلقا قوي.
قوله : ( وإن كان في حمله مؤنة ).
حاول بجملة ( إن ) الوصلية التنبيه على رد الخلاف للشيخ (١) ، وابن حمزة (٢).
قوله : ( ومع الإطلاق ينصرف وجوب التسليم الى موضع العقد (٣) ).
قوله : ( ولو كانا في برية ، أو بلد غربة ، وقصدهما مفارقته قبل الحلول فالأقرب عندي وجوب تعيين المكان ).
__________________
(١) الخلاف ٢ : ٥٣ مسألة ٩ كتاب السلم.
(٢) الوسيلة : ٢٧٧.
(٣) هكذا ورد هذا القول في النسخ الخطية من دون شرح.
ويجب أن يدفع الموصوف ، فلو دفع غير الجنس لم يجب القبول ، وكذا الأردأ ، ولو كان من الجنس مساويا أو أجود وجب.
ولو اتفقا على أن يعطيه أردأ منه وأزيد ، فإن كان ربويا لم يجز على إشكال ، وإلاّ جاز.
______________________________________________________
أي : لو كان العقد في برية ، أو بلد غربة الى آخره ، ووجه القرب : أنّ موضع العقد غير مراد وغيره مجهول ، ويحتمل عدم الوجوب للأصل ، والتسليم حيث الطلب ، ولا ريب أن التعيين أولى.
ويفهم من عبارة المصنف : إنّ قصد أحدهما المفارقة لا يوجب التعيين ، والحق أنه لا فرق بين أن يكون قصدهما معا ، أو قصد أحدهما ، وبلد الغربة والبرية ليس قيدا ، بل المعتبر عدم صدق اسم بلدهما عرفا ، فلو كانا في خارجه فيما لا يخل بكونهما في البلد عادة ، أو أحدهما خاصة اعتبر تعيين المكان.
قوله : ( ولو كان من الجنس مساويا ، أو أجود وجب ).
إن شمله اسم المسلّم فيه ، والا ففيه نظر ، وإنما يشمله إذا أسلم في موصوف ، فانا ننزله على أقل درجات ذلك الوصف ، لأصالة البراءة من اعتبار الزائد ، فإذا اتى بأوسط الدرجات وما فوقه وجب القبول ، لصدق اسم المسلّم فيه عليه.
وان أسلم في رديء ، فجاء بما لا يقع عليه اسم الرديء فظاهر كلام الأصحاب ـ إلا ابن الجنيد ـ (١) وجوب القبول أيضا (٢) ، ويشكل ، بأنه لا يندرج في مسمى المسلّم فيه.
قوله : ( ولو اتفقا على أن يعطيه أردأ منه وأزيد ، فإن كان ربويا لم يجز على إشكال ).
ينشأ من أنّ الربا يعم جميع المعاوضات ، أم يختص بالبيع؟ والأصح
__________________
(١) نقله عنه في المختلف : ٣٦٧.
(٢) منهم : العلامة في المختلف : ٣٦٧ ، والشهيد في اللمعة : ١٢٥.
وليس له إلاّ أقل ما يتناوله الوصف ، وله أخذ الحنطة خالية من التبن ، والزائد على العادة من التراب ، وأخذ التمر جافا ، ولا يجب تناهي جفافه.
ولا يقبض المكيل والموزون جزافا ، وله ملء المكيال وما يحتمله ، ولا يكون ممسوحا من غير دق ولا هز.
______________________________________________________
العموم ، لإطلاق النص بتحريمه ، وربما جعل منشأ الاشكال كون ذلك بيعا أو معاوضة ، وليس بظاهر ، إذ لا يعد ذلك بيعا.
قوله : ( وله أخذ الحنطة خالية من التبن ، والزائد على العادة من التراب ).
الظاهر أن التقييد في وجوب الأخذ بالخلو من التراب عادة لا يقتصر فيه على التراب ، بل التبن ، والشعير ، وكل خليط يخرج الحنطة ونحوها عن اسم المسلّم فيه إذا كثر كذلك.
ويمكن أن يقال : هذا إذا شرط الصرابة ، أما لو شرط ضدها فلا بحث ، نظرا الى الشرط ، وربما يقال : لا يحتاج الى ذكر هذا ، لأن قوله : ( وليس له إلا أقل ما يتناوله الوصف ) يغني : عنه.
قوله : ( وله ملء المكيال ، وما يحتمله ، ولا يكون ممسوحا ).
جملة : ( وما يحتمله ) في معنى المفسرة لـ ( ملء المكيال ) ، وكونه غير ممسوح لبيان أنّ المراد بملئه : أقصى ما يحتمله ، فإنه إذا مسح وجهه صدق الملء ، ولكن لم يصدق أن ذلك أقصى ما يحتمله ، وبه تظهر فائدة قوله : ( وما يحتمله ) بعد قوله :( وله ملء المكيال ).
قوله : ( من غير دق ولا هز ).
هذا حال من قوله : ( ملء المكيال ) أي : فلا يستحق مع ملء المكيال واحدا منهما ، وهل يجوز فعله لو تراضيا عليه؟ ينبغي أن يقال : إن أفضى إلى تجهيل المبيع ، بان تحصل زيادة تتفاوت بحيث لا يعلم قدرها ، ولا يتسامح بمثلها لم