متشابه القرآن ومختلفه - ج ٢

أبو جعفر محمّد بن علي بن شهر آشوب المازندراني

متشابه القرآن ومختلفه - ج ٢

المؤلف:

أبو جعفر محمّد بن علي بن شهر آشوب المازندراني


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: انتشارات بيدار
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٤٣
الجزء ١ الجزء ٢

مِنْ دُونِ اللهِ) صح أن يقول إذ لأنه لما رفعه الله إليه قال له ذلك فيكون القول ماضيا وقد جاء إذ بمعنى إذا فيقول في القيامة كقوله (وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ) وقوله (وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ) وقوله (نادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ) وقولهم في الدعاء غفر الله لك وأطال الله بقاءك وقال أبو النجم:

ثم جزاه الله عنا إذ جزا

جنات عدن في العلا لي العلى.

قوله سبحانه :

(يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ) إلى قوله (إِذْ قالَ اللهُ) وليس إذ بعلة للأول ولا ابتداء فيكون ذلك على ما ذا أجبتم (إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى) أي في ذلك الزمان إذ أرسل الله الرسل وقوله لهم إنما يكون في القيامة.

قوله سبحانه :

(بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ) بلى إنما يكون في جواب الاستفهام وإنما جازت هاهنا لأنه يكون تقديره أما يدخل الجنة أحد فقيل (بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ) لأن ما تقدم يقتضي هذا السؤال ويصلح أن يكون جوابا للجحد على التكذيب كقولك ما قام زيد فيقول بلى قد قام ويكون التقدير هاهنا ليس الأمر كما قال الزاعمون لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى ولكن من أسلم وجهه لله وهو محسن فهو الذي يدخلها ويتنعم فيها أو بلى من أخلص نفسه لطاعة الله.

قوله سبحانه :

(كُنْ فَيَكُونُ) قال يقول له وليس شيء مخلوق بعد الجواب جعل القول فعلا يقال قال برأسه وقال بيده إذا حرك رأسه وأومأ بيده كقوله (يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ) ولما كان الشيء قد يقوم علمه فيه صار كأنه ماثل بين يديه فجاز أن يقول له كن فيكون ويجوز أن يكون القول لما ينشئ مما كان فقد ابتدأه فهذا كالشيء القائم نحو قوله (مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ).

قوله سبحانه :

(إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) على التقديم و

٢٦١

التأخير كما يقال عرض الناقة على الحوض

فصل

قوله تعالى : (أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِ) الآية ثم قال عقيبها (الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً) قالوا كيف قال أعظم درجة من الكفار بالسقاية والسدانة قال الباقر والصادق ع المفاضلة جرت بينهم لأن لجميعهم الفضل عند الله وقال الحسن وأبو علي إنه على تقدير أن لهم بذلك منزلة كما قال (أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا) وقال الزجاج المعنى أعظم من غيرهم درجة.

قوله سبحانه :

(ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللهِ شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ) قال الحسن معنى (شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ) أن فيما يخبرون به دليلا على كفرهم لا أنهم يقولون نحن كفار كما يقال للرجل إن كلامك يشهد أنك ظالم وقال السدي النصراني إذا سئل ما أنت قال نصراني وهكذا اليهودي والمشرك فذلك شهادتهم على أنفسهم بالكفر وقال الكلبي شاهدين على نبيهم بالكفر وهو من أنفسهم قوله (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ).

قوله سبحانه :

(إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ) الهاء تكون للدين في قوله (وَإِنَّ الدِّينَ لَواقِعٌ) (يُؤْفَكُ عَنْهُ) أو أراد يؤفك عنه أي عن النبي ص وإن كان مضمرا فإن ذكره في القرآن قد جرى في كل موضع فجاز إضماره ويجوز أن يؤفك عن القول يعني عن حقه وباطله.

قوله سبحانه :

(وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ) قال ابن الأعرابي الهاء لمحمد ص أي إبراهيم خبر بخبره فاتبعه ودعا له.

قوله سبحانه :

(وَما قَتَلُوهُ يَقِيناً) قال ثعلب يقينا بدل من الهاء كأنه قال وما قتلوا اليقين يقينا ويجوز وما قتلوا الشك يقينا ويجوز وما قتلوا التشبيه يقينا.

٢٦٢

قوله سبحانه :

(وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً) قال ابن الأعرابي الهاء والميم من (فِيهِمْ) لأصحاب الكهف والهاء والميم في (ثامِنُهُمْ) لليهود.

قوله سبحانه :

(أَكْرِمِي مَثْواهُ) إنما قال لأن من أكرم غيره لأجله كان أعظم منزلة من يكرم في نفسه.

قوله سبحانه :

(يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ) إنما قال (مِنْ بُطُونِها) وهو خارج من فيها لأن العسل يخلقه الله في بطن النحل ويخرجه إلى فيه ولو قال من فيها ظن أنه تلقيه من فيها وليس بخارج من البطن.

قوله سبحانه :

(ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) يعني ذق يا أبا جهل إنك أنت العزيز الكريم في قومك كما كنت تزعم وهذا توبيخ على مقاله ويجوز أن يكون على جهة النقيض كأنه قيل له أنت الذليل المهين إلا أنه قيل ذلك على الاستخفاف به نظيره (إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ) يقال للجاهل يا عالم وللقبيحة يا قمر وقيل المعنى أنت الذي تطلب العز في قومك والكرم بمعصية الله تعالى وقيل المعنى أنت العزيز في قومك الكريم عليهم فما أغنى عنك.

قوله سبحانه :

(إِنَّهُ كانَ عالِياً مِنَ الْمُسْرِفِينَ) ليس بمدح لفرعون لأنه قيده بأنه عال من المسرفين والعالي في الإحسان ممدوح وفي الإساءة مذموم.

قوله سبحانه :

(وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ) والعفو أحسن الجواب هذا شبيه بقوله (فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا) والانتصار هاهنا أخذ الحق من المشرك وهو أحسن من العفو.

٢٦٣

قوله سبحانه :

(فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ) قال المبرد أي الذين صاروا مشركين بطاعتهم الشيطان وعبدوا معه الشيطان فصاروا بعبادتهم مشركين ويحتمل أنه عنى به الجبرية.

قوله سبحانه :

(وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ إِلَّا قَلِيلاً) جاز استثناء القليل لأن المعنى أذاعوا به إلا قليلا ويجوز على علمه الذين يستنبطونه إلا قليلا منهم من لا يعلمه.

قوله سبحانه :

(وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً) وإنما هو في السماء الدنيا وبينها وبين الثانية مسيرة خمسمائة عام فكيف قال فيهن ومعنى فيهن أي معهن كقوله (وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ) ولو كانوا فيكم (ما زادُوكُمْ إِلَّا خَبالاً) والسماوات كلها حيز واحد وإن القمر يخرق السماء الدنيا إلى الثانية فيكون نورا فيهن جميعا.

قوله سبحانه :

(وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا) لا تناقض بينهما لأن ذلك ورد مورد المبالغة بالذم لتضييعهم على ما يلزمهم من أمر الله كأنهم لا يعلمون شيئا ثم بين حالهم فيما غفلوا عنه وما علموه.

قوله سبحانه :

(وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ) قال ثعلب يعني ولا ينقص من عمر آخر غير المعمر المذكور كما تقول العرب عندي دينار ونصفه أي ونصف دينار.

قوله سبحانه :

(حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ) وقوله (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ) لا تنافي بينهما لأنه قول الله ابتداء وقول جبريل إبلاغ والكلام والقول بمعنى واحد

٢٦٤

(باب النوادر)

الكلام المفيد بين حقيقة ومجاز فالحقيقة من حقها وجوب حملها على ظاهرها والمجاز يجب حمله على ما اقتضاه الدليل ومن حق المجاز أن يكون لفظه لا ينتظم معناه إلا بزيادة أو نقصان أو لوضعه فالزيادة على أنواع فقوله الله أكبر الله أكبر (كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى) تكرير اللفظ بعينه وقوله (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) إنما كرر ذلك عقيب كل نعمة كما كرر قوله (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) عند كل زجر وتخويف يقال ألم أحسن إليك ألم أدفع عنك كذا وقوله (وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها) كقولهم في الدار زيد قائم فيها وقوله (بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) وقوله (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) تكرير المعنى بلفظين مختلفين قال الشاعر:

علوته بحسام ثم قلت له

خذها حذيف فأنت السيد الصمد.

وقوله (فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ) إشباع وهو إجمال المفصل قال الشاعر:

ثلاث واثنتان فهن خمس

وسادسه يميل إلى شمام جبل.

وقوله (إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ) تكرير لفظ على جهة التأكيد كقولهم ذات الشيء ووجه اليوم وعين الصواب وقوله (وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) وقوله (يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ) وقوله (يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ) وقوله (وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ) تأكيد يؤتى به للإحاطة والعموم وقوله (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ. صِراطَ الَّذِينَ) بدل المعرفة من المعرفة نظيره (مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ غافِرِ الذَّنْبِ) وقوله (إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ. صِراطِ اللهِ) بدل معرفة من نكرة وقوله (بِالنَّاصِيَةِ ناصِيَةٍ) بدل نكرة من معرفة (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) بدل البعض من الكل وقوله (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ) بدل الاشتمال كقولهم سلب زيد ثوبه وقوله (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) إلى قوله (عَدْنٍ).

اعتراض اعترض بين الموضوع والمحمول كلام آخر زيادة للتحقيق والتحسين وقوله (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا) إلى قوله (الْحِجارَةُ) اعتراض اعترض بين الشرط وجوابه وقوله (وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا) وقوله (فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا) أشبع الحرف

٢٦٥

الأخير فتولد الألف وإنما جاز لحفظ التوازن وقوله بسم الله (فَفِي رَحْمَتِ اللهِ هُمْ فِيها وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ) و (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ) فهذه زيادات وقعت في الأسماء وهي باء ورحمة ووجه ومثل وأنت وقوله (كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا وَما عِلْمِي بِما كانُوا يَعْمَلُونَ فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ)

زيادات وقعت في الأفعال وهي كان وأصبح ونحوها وقوله (لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ ما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي وَلَمَّا أَنْ جاءَتْ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) في قول (أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ)

زيادات وقعت في الحروف وهي الباء واللام والكاف والواو ومن وعن وإن وأن وإذ وهذه الزيادات في الاسم والفعل والحرف إنما زيد تحسينا للنظم وعمادا للكلام وإن كان المعنى يحصل مع تركها ومتى ما أسقطت لم يختل الكلام وأما ما فقد جاء لأربعة أوجه أن يمنع ما قبله من العمل ولو انتزعتها من الكلام صلح نحو (إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ) وجاء فلم يمنع ما قبله من العمل ولو أسقطت لم يختل الكلام نحو (أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ) وجاء صلة ولو انتزعتها لاختل الكلام نحو (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ) وجاء نحو قوله لأمر ما تصرمت الليالي لأمر ما تصرمت النجوم وأما تكرار القصص في القرآن كقصة آدم وموسى لأنه نزل على حسب الحاجة فكانت تسلية للنبي في ذلك

فصل

عادة العرب النقصان في موضع الكفاية حيث تغني الإشارة فيسمى إيجازا وحذفا واقتصارا وقصرا وإضمارا وإنما جاز ذلك إذا كانت دلالة فيما أبقوا على ما ألقوا نحو البر الكر بستين أي بستين دينارا أو بأن يستحيل إجراء الكلام على الظاهر فلا يصح دون المحذوف نحو (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) أي أهلها و (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ) أي وقته (وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ) أي حبه والكلام في هذا الباب على ثلاثة أقسام ما يجوز أن يظهر ويضمر

٢٦٦

وما لا يحسن إضماره ومضمر متروك فما يجوز أن يظهر ويضمر فحذف جملة نحو قوله (وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ ما صَنَعُوا) وقوله (وَجاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ) تقديره فأرسل فرعون في المدائن حاشرين يحشرون السحرة فحشرهم وقوله (أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ) أي فضرب موسى البحر وإنما جاز ذلك لأن أول الكلام وآخره دال عليه فكأنه ملفوظ به.

وحذف الأجوبة وهو أبلغ قوله (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى) كأنه قال لكان هذا القرآن وقوله (لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ) كأنه قال لمنعتكم وقوله (لَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ) ومنه قولهم لو رأيت عليا بين الصفين.

وحذف ند أو ضد نحو قوله (لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ) ذكر أمة ولم يذكر بعدها أخرى وقوله (أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ) ثم قال (هَلْ يَسْتَوِي) ولم يذكر ضده وقوله (أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ) وقوله (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ) ثم قال (سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ) وقوله (لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً) أراد ولا غير إلحاف وقوله (سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ) أراد الحر والبرد هذا كقولك لو لا فلان ثم سكت قال التمر:

فإن المنية من يخشها

فسوف تصادفه أينما.

وأما حذف الكلمة ما كان لاسم أو فعل أو حرف فمن الاسم حذف الموضوع وحذف المحمول فالأول هو بناء المجهول على وجوهه ويحذف ذلك إما لشهرة الفعل ومعرفة المخاطب نحو هزم العدو وأخذ اللص (وَغِيضَ الْماءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ فَغُلِبُوا هُنالِكَ وَزُلْزِلُوا زِلْزالاً شَدِيداً وَسِيقَ الَّذِينَ) الفاعل للعلم بالسابق أو يريد المخبر إخفاء اسم الفاعل وإن لم يعلم المخاطب من فعل ذلك الفعل قوله (ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ) أو أن يحذف لأن الفائدة أنما يقع بذكر المفعول به ويختزل الفاعل ويقام مقام المفعول به مقامه كقولهم لقي الرجل ونفست المرأة (وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَغِيضَ الْماءُ حَتَّى إِذا فُزِّعَ يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ) والثاني نحو قوله (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً) حذف خبره وقوله (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ) أنما جاز ذلك لاستحالة قعيد واحد من الجانبين.

ويحذف لاختصار الصفة نحو (وَإِذا كالُوهُمْ وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ) ويضمر لغير

٢٦٧

مذكور كقوله (كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ) أي الروح وقوله (ما تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ) يعني الأرض وقوله (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) يعني القرآن ولم يذكره قبل ذلك ومنه (حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ) قال المرتضى إنها ترجع إلى الخيل وهو الصحيح.

وأما المحمول فيحذف ويقام المشبه به مقامه كقولك زيد أسد أي شديد كالأسد قوله (وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ) أي سحاب كالجبال وقوله (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ) أي هم كالصم والبكم والعمي.

ويحذف جواب القسم لعلم السامع به نحو قوله (ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ) كأنه قال لتبعثن (بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ) وقوله (ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ) الآية كأنه قال إنه لحق وقوله (وَالنَّازِعاتِ) إلى قوله (الرَّاجِفَةُ) لم يأت لها بجواب. ويحذف ما يقام المضاف إليه مقام المفعول في إعرابه وتعدى الفعل إليه نحو (لكِنِ اللهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ) كأنه قال هم لا يشهدون ولكن الله يشهد بذلك قال ابن جني ومنه الاكتفاء كقوله (يس) إنه اكتفى من جملة الاسم بالسين لأن الياء فيه حرف النداء كَقَوْلِ النَّبِيِّ ص كَفَى بِالسَّيْفِ شَاهِ. أي شاهدا وقال الرماني ومن الحذف قوله (بَراءَةٌ مِنَ اللهِ) وقوله (طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ) حذف خبر المبتدأ وقوله (وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا) حذف جواب لو ومن حذف المضاف قوله (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) أي بل مكركم بالليل والنهار لأن الليل والنهار لا مكر لهما وقوله (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ) أي إلى حيث أمره ومثله (إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي) لأنه لا يجوز الخروج إليه وأنه ليس في مكان ويذكر في أول الكلام ما يقتضي غيره فلا يستقيم دونه نحو أم وأما وأشباههما مما يقتضي تكراره أو تشبيهه فيقتصر على أحدهما نحو (أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ) لم يذكر ما يقتضيه الذي يتعلق به أم كأنه قال يكن هو كذا فحذفه لأن أم يقتضيه ويحذف للاختصار نحو (ما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ) أي أمره واحدة أو مرة واحدة.

حذف الفعل مثل قوله (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً) حذف حلق من حيث كان الفدية متعلقة بالمحذوف الذي هو الحلق دون المذكور فحذف الفعل من غير حذف الفاعل ومثله (وَإِذِ اسْتَسْقى مُوسى لِقَوْمِهِ) وقوله (فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها) تقديره فضرب فحيي (كَذلِكَ يُحْيِ اللهُ الْمَوْتى).

ويحذف ويقتصر على ما تعدى به من الحروف نحو (بِسْمِ اللهِ) أي ابتدئ باسمه

٢٦٨

جاز ذلك لكثرة الاستعمال وكذلك بالله أحلف وقولهم بأبي وأمي أي أفديك بهما وفي الدعاء بالطالع الأيمن ويا نكد طائر قال وما اشتق منه وإنما جاز ذلك حيث يعطف بكلام على كلام لا يصح أن يكون الثاني من قول الأول نحو (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا) إلى قوله (يَحْيى) فمعلوم أن قوله (يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ) ليس بقول زكريا وأنه جواب لسؤاله

ويحذف أيضا في غير الجواب نحو (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا) من قولهما إذ ليس هاهنا مذكور سواهما وقوله (فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ) تقديره فيقال لهم أكفرتم لأن أما في خبره فاء فلما أضمر القول أضمر الفاء ومثله (تَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ) ويعلق الشرط بفعل أو وصف لا يصح تعليقه به على الظاهر نحو (إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ) كأنه قال دعني إن كنت تقيا ويعطف آحاد على جملة فيترك الفعل الثاني اقتصارا على الأول من حيث يعلم أن المذكور في الفعل لا يصح في المعطوف نحو (فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ) أي وادعوا شركاءكم شاعر:

إذا ما الغانيات برزن يوما

ورججن الحواجب والعيونا.

ويحذف في باب الشرط ويقتصر على الجزاء إذا كان المحذوف هو الجزاء بعينه نحو (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ) أي ولو شاء ربك أن يؤمن من في الأرض لآمنوا وقوله (وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ) تقديره ولنعلمه جعلنا ذلك وقوله (وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ) أي وحفظا فعلنا ذلك وقوله (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها) أي بقراءة صلاتك ومنه قولهم صليت الظهر أي صليت صلاة الظهر وقوله ما شاء الله كان أي ما شاء الله أن يكون كان شاعر : فقلت يمين الله أبرح قاعدا

ويحذف للاختصار لم أبل ولم أك قوله (وَلَمْ تَكُ شَيْئاً).

ويحذف للتوازن (وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ) و (يَوْمَ التَّلاقِ) و (يَوْمَ التَّنادِ) الأعشى إذا انتسبت إليه أنكرن ومن الحذف قوله (بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ) أي لجمعها قادرين جعل قادرين حالا من المحذوف إلا أن بلى في الجواب لقوله (أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ) صار كالملفوظ به فلذلك جاز حذفه.

حذف الحرف وذلك نوعان ما يجوز حذفه وما لا يجوز فالجائز إما أن يكون المعنى متعلقا به كحذف لا يقال والله أفعل ذلك أي لا أفعل قوله (تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ) لا تزال تذكر (كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا) شاعر : فقلت يمين الله أبرح قاعدا الخنساء :

٢٦٩

فآليت آسى على هالك

وأسأل نائحة ما لها.

وإن قوله (وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ) طرفة:

ألا أيهذا الزاجري احضر الوغى

وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي.

ومن (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ) أي من قومه وإلى (سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى) وألف مما إذا استفهم نحو (فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها عَمَّ يَتَساءَلُونَ) ويا في النداء زيد تعال وعمر اذهب (يُوسُفُ أَعْرِضْ) وللتوازن (الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ) لبيد وبإذن الله ريثي وعجل وللاختصار (يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى) أي وأخفى منه ولنداء الترخيم : ونادوا يا مال يا جار لا أرمين منكم بذاهبة إمرؤ القيس: أفاطم مهلا ونون الجمع (وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ) نصب خيرا بالإضمار أي انتهوا يكن الانتهاء خيرا لكم وإضمار من (وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ).

وحذف التنوين عن محمد بن جعفر وزيد بن عمرو.

وحذف الكناية في بعض المواضع إذا كانت متعلقة بالفعل فإن الفعل يضمر فيه نحو (وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ) يعني وألقيناه ومن القصر (يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ) (وَأُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها قَدْ أَحاطَ اللهُ بِها) و (إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ)

فصل

وضع الكلام في غير موضعه على ثلاثة أوجه قلب ونقل وتغيير فالقلب على وجوه منها تقديم المؤخر وتأخير المقدم تقول أكرمني وأكرمته زيد أي أكرمني زيد وأكرمته (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً) تقديره آتوني قطرا أفرغه عليه (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ) وسئل عبد الله بن طاهر الحسين بن الفضل أيجوز أن يقال (وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ) فقال الحسين معناه خر راكعا بعد أن كان ساجدا. طرفة : كذيب الغضا نبهته المتورد وتقديم الخبر على الاسم (وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) وتقديم المفعول على الفاعل زيدا ضربه عمرو وقوله (وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ) وقلب الفعل نحو أدخلت الخاتم في إصبعي والخف في رجلي وعرضت الدابة على الماء قوله (ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ) وإنما العصبة أولو القوة تنوء بها (ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ ما ذا يَرْجِعُونَ) الأعشى : إذا ما السراب ارتدى بالأكم القطامي : كما طينت بالفدن السياعا.

وتحويل الخبر إلى الأمر (يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي) نقل بعضه إلى لفظ

٢٧٠

الأمر وترك بعضه على لفظ الخبر وقوله (وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلاً يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ) وقوله (ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً) إنما جاز ذلك حين علم أن الأمر لا يصح هناك وتحويل الأمر إلى الخبر (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) ومثله (وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً) وإلى التهديد (اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ) وإلى التعجب (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا) وإلى التخيير (فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ) وإلى الدعاء والسؤال (اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا) و (قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِ) وإلى الوجوب (آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ أَقِيمُوا الصَّلاةَ) وإلى الندب (وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ) وإلى الإباحة (فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا) وإلى التحدي (فَأْتُوا بِسُورَةٍ) وتحويل الدعاء إلى الخبر (قاتَلَهُمُ اللهُ) إمرؤ القيس:

هوت أمه ما يبعث الصبح غاديا

وما ذا يؤدي الليل حين يئوب.

لفظ الاستفهام للتبعيد (أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا) وللتعجب (عَمَّ يَتَساءَلُونَ) ثم قال (عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ) ثم قال (لِيَوْمِ الْفَصْلِ) وللتوبيخ (أَتَأْتُونَ الذُّكْرانَ أَأَنْتَ فَعَلْتَ هذا) لفظ الاستفهام ولا يراد به الاستفهام (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ) لفظ الماضي للحال (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ) أي أنتم خير أمة.

وللاستقبال (أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) وإنما قال أتى لقوله (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ) عبر بلفظ الماضي ليكون أبلغ في الموعظة وإن قوله (فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) يدل على أنه بمعنى يأتي (إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ) و (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) ونحوها لأن الله تعالى إذا أخبر بشيء فلا بد من كونه فكأنه واقع و (إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ) الحطيئة: شهد الحطيئة حين يلقى ربه أن الوليد أحق بالغدر لفظ المستقبل للماضي (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً) وأما قوله (وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) أي كان ويكون وهو كائن قال الفراء في قوله (أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ) أتى بمستقبل ثم عطف عليه بماض في قوله (وَأَصابَهُ الْكِبَرُ) وإنما جاز ذلك في يود لأنها تتلقى مرة بأن ومرة بلو فجاز أن يقدر أحدهما مكان الأخرى لاتفاق المعنى فكأنه قال أيود أحدكم لو كان له جنة من نخيل وأعناب وأصابه الكبر وقال الرماني إنه قد دل بأن على الاستقبال ويتضمن الكلام معنى لو على التمني كأنه قيل

٢٧١

أيحب ذلك متمنيا له والتمني يقع على الماضي والمستقبل وقال أبو علي الفارسي جاء في القرآن من ذلك كثير قوله (وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلى رَبِّهِمْ وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا) وما لفظه لفظ الخبر ومعناه الأمر (وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَما تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ اللهِ وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) الآية وما لفظه لفظ الخبر ومعناه الحكاية (كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ) فهذا حكاية لقول اليهود إنهم ادعوا ذلك في كتابهم يدل عليه ما بعده (قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) ومثله (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً) يدل عليه قوله (قُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا).

خطاب الواحد بلفظ الجمع (وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيها) والقاتل واحد (فَعَقَرُوها فَأَصْبَحُوا نادِمِينَ) والقاتل رجل اسمه قدار هذا كما يقال فعلت بنو تميم كذا وقتل بنو فلان فلانا وإن كان الفاعل أو القاتل واحدا منهم ومنه قراءة من قرأ (فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ) بتقديم المفعولين على الفاعلين وهو اختيار الكسائي وثعلب اسم واحد يراد به الجمع قوله (ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً) والمراد به الأطفال (يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍ وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) ومن جمع فلاختلاف الصلاة كما قال (إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ) قال أبو عبيدة (خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ) معناه على أسماعهم ويجوز أن يكون موضع سمعهم فحذف لدلالة الكلام عليه ويكون المراد بالمصدر لأنه يدل على القليل والكثير (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ) عبر عن الواحد بلفظ الجمع لأمرين أحدهما أن تقديره جاء بالقول من قبل الناس فوضع كلامه موضع كلامهم والثاني أن الواحد يقوم مقام الناس لأن الإنسان إذا انتظر قوما فجاء واحد منهم قد يقال جاء الناس إما لتفخيم الشأن وإما لابتداء الإيقان بيت : جاء الشتاء وقميصي أخلاق.

لفظ جمع يراد به الواحد (ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللهِ) يعني المسجد الحرام (إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ) وهو رجل نادى يا محمد إن مدحي زين وإن شتمي شين (وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) الطائفة خرجت من حيز الواحد ودخلت في آخر

٢٧٢

وفي التفسير واحد واثنان فما فوقهما (بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ) وهو واحد يدل عليه قوله (ارْجِعْ إِلَيْهِمْ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ) يقال ما أحسن ثدياها وترائبها.

خطاب الاثنين والنص لأحدهما (فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى فَتابَ عَلَيْهِ) وهما آدم وحواء (قالَ فَمَنْ رَبُّكُما يا مُوسى) المعنى ويا هارون و (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ) أمر الواحد بلفظ الاثنين (فَأْتِيا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ) المعنى أن كل واحد منا رسول رب العالمين ويقال افعلا ذلك قال إمرؤ القيس : قفا نبك وقال الأعشى : ولا تعبد الشيطان والله فاعبدا أراد قفن واعبدن فقلب النون الخفيفة فيهما ألفا أما قوله لمالك (أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ) ففي أخبار أهل البيت ع إن الخطاب للنبي ص وأمير المؤمنين ع وقال المبرد هذا فعل مثنى للتأكيد كأنه قال ألق ألق.

لفظ التثنية والمراد الجمع قال الشعبي رجلان جاءوني فقال عبد الملك لحن العراقي فقال الشعبي لم ألحن مع قوله (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا) خطاب الجمع ويحتمل التثنية (وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) ويجوز أن يحضر اثنان (فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ) أراد إخوان فصاعدا.

خطاب الجمع والمراد التثنية (وَأَلْقَى الْأَلْواحَ) وجاء في التفسير أنهما لوحان (فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما) وهما عائشة وحفصة (أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ) وهما اثنان عائشة وصفوان (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ) يقال امرأة ردم المرافق عظيمة الأوراك عظيمة الأنساء وألقى فلان في لهواته ومما يقع على الواحد والجمع أسماء جاءت على لفظ المصدر فيستوي فيه الواحد والتثنية والجمع نحو (فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ) الآية (هؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ).

الأخبار عن الجماعتين بلفظ الاثنين (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما) الأسود بن يعفر:

إن المنايا والحتوف كلاهما

في كل يوم ترقبان سوادي.

جمع الفعل عند تقدمه الاسم جاءوني بنو فلان وأكلوني البراغيث (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ) قال الشاعر:

نتج الربيع محاسنا

ألقحنها غر السحائب.

واحد في مقابلة جمع أقررنا به عينا (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ

٢٧٣

لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ) قال ابن جريح إنما جاء لعظم القدر كقوله (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) ويقال لأنهم استغاثوا بالله ثم رجعوا إلى مسألة الملائكة جمع في مقابلة واحد (فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً).

إن العواذل لسن لي بأمين

المال هدى والنساء طوالق

ذكر شيئين والمراد واحد (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ) وإنما يخرج من المالح لا من العذب (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ) والرسل من الإنس دون الجن (وَقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ) والقسم كان من إبليس لآدم (نَسِيا حُوتَهُما) وإنما نسيه يوشع لقوله (فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ) كقولهم عاقبت اللص وقاولت الرجل وعافاه الله.

ذكر الواحد والمراد اثنان قوله (وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ) ولم يقل وقدرهما لأنه أراد القمر لأنه يحصي شهور الأهلة شعر:

رماني بأمر كنت منه ووالدي

نئوما ومن قعر الطوي رماني.

جمع شيئين من اثنين (إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) ويقال الحسنين والعمرين.

تذكير المؤنث (وَقالَ نِسْوَةٌ) تأنيث المذكر (قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا) وما فيه شيء واحد ذكر على الأمرين (وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً قُلْ هذِهِ سَبِيلِي يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها).

الخطاب الشامل للذكران والإناث (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) غلب الرجال لقوله (الرِّجالُ قَوَّامُونَ).

جمع الجمع (كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ) في جمع جمال (يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ) في جمع أسورة وقول موسى ع (لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ) أقامها مقام الجماعة للإنس بها والسكون إليها في الأمور الموحشة ويجوز أن يكون على طريق الكناية على هذا التأويل.

فاعل قرن بمفعول (أَنَّى يُؤْفَكُونَ أَنَّى يُصْرَفُونَ) كقولهم أين يذهب بك (وَعْدُهُ مَأْتِيًّا حِجاباً مَسْتُوراً).

٢٧٤

مفعول على لفظ فاعل (فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ حَرَماً آمِناً مِنْ ماءٍ دافِقٍ لا عاصِمَ الْيَوْمَ) كقولهم سر كاتم ومكان عامر وامرأة طالقة.

لفظ المصدر والاسم للفاعل (وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ) أي البار ويقال ولكن البر بر من آمن بالله يقال رجل عدل أي عادل ورضى أي مرضي وبنو فلان لنا سلم وحرب أي مسالمون محاربون.

فعيل بمعنى مفعل (بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي مبدعهما (عَذابٌ أَلِيمٌ) أي مولم

فعيل بمعنى فاعل (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ومثله سميع وبصير وحفيظ.

فاعل بمعنى أفعل (راعِنا لَيًّا) يعني أرعنا سمعك اسم بمعنى المستقبل (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ)

فصل

النقل هو الاستعارة والإبدال فالاستعارة أنواع منها أن يستعمل لفظ مكان لفظ من حيث يكون المستعار يفيد المستعار له زيادة حال نحو (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ) فللصدع تأثير ليس للتبليغ والابتداء باسم العاقبة لكونهما متفقين نحو (إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً) وإنما كان يعصر العنب (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً) يذهبون إلى الإفناء كقولهم أكلته النار (عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً) ويقال فلان عفيف الإزار أي الفرج والعاقبة باسم الابتداء (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) فالثاني جزاء لا سيئة (فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ) الشاعر:

فإن الذي أصبحتم تحلبونها

دم غير أن اللون ليس بأشقرا.

وسمى الشيء باسم ما يؤدي إليه (فَفِي رَحْمَتِ اللهِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) سمى الجنة رحمة من حيث تنال برحمته (يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ) أي نحو السماء للمطر قال رؤبة : كالنخل في ماء الرضاب العذب.

إجراء ما لا يعقل مجرى من يعقل (يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) إنما كان كذلك لأنه نطق كمن يعقل (وَاللهُ خَلَقَ

٢٧٥

كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ) الآية ومنه في الجمع (لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ).

جمع العقلاء لمن لا يعقل (فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي) يعني الأصنام لما وصفها بالعداوة التي تكون من العقلاء جمعها جمع العقلاء لأنها كالعدو في الضرر بعبادتها ويجوز أن يكون المراد من يعبد الله مع عبادة الأصنام فيكون جمع من يعقل ولذلك استثنى فقال (إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ) فعلى الوجه الأول يكون الاستثناء منقطعا ويكون إلا بمعنى لكن ويقال أرض وأرضون ولقيت منهم الأمرين عبدة بن الطبيب :

إذ أشرف الديك يدعو بعض أسرته

إلى الصياح وهم قوم معازيل.

إضافة الاسم إلى الفعل (عامٌ فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) يقال هذا يوم يدخل الأمير.

إضافة الشيء إلى نفسه (وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ) تقديره لهو الحق اليقين ويقال صلاة الأولى ومسجد الجامع وكتاب الكامل وحماد عجرد وخاتم فضة وخبز شعير وعنقاء مغرب.

إقامة وصف الشيء مقام اسمه (وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ) يعني السفينة (إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِناتُ الْجِيادُ) يعني الخيل كما يقال ركب الأغر والأشقر إقامة الإنسان مقام من يشبهه (وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ) أي مثلهن في التحريم يقال زيد عمرو أي في الشبه وأبو يوسف أبو حنيفة أي في الفقه والبختري أبو تمام أي في الشعر.

وصف الشيء بما يقع فيه (فِي يَوْمٍ عاصِفٍ) كما يقال ليل نائم وليل ساهر إضافة الفعل إلى غير فاعل قال غلام للعباس بن الحسن العلوي يا مولاي كنت عند فلان فإذا هو يريد أن يموت فضحك الكسائي والبريدي من قوله فقال العباس قد قال الله تعالى (فَوَجَدا فِيها جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَ) أي يكاد الراعي:

في مهمة قلقت به هاماتها

قلق الفئوس إذا أردن تصولا.

الراجز امتلأ الحوض وقال قطني أضافه إلى الله تعالى بيت الله خليل الله ناقة الله نار الله في أرض الله في لعنة الله النسبة إلى ما لم يكن (يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ) وهم لم يكونوا في النور من قبل (وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ)

٢٧٦

يقال عاد فلان شيخا وعاد الماء آجنا إمرؤ القيس:

وما كلون البول قد عاد آجنا

قليل الأصوات ذي كلإ محلى.

الهذلي:

أطعت العرض في الشهوات حتى

أعادتني أسيفا عند عبد

فصل

التغيير هو ما يقتضيه ظاهره وذلك على وجوه منها تعميم الخصوص قوله (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ) معناه خطاب للجماعة وقوله عن موسى ع (وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) أي مؤمني زمانه وكذلك قوله عن النبي ص (وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) وقال (قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا) وإنما قاله قوم وما لفظه لفظ الخاص ومعناه العام (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ) وما لفظه لفظ العام ومعناه الخاص قوله (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) والمزكي في الركوع كان عليا ع وقوله (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ) والقائل نعيم بن مسعود وقوله (تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ) وإنما دمرت قوم عاد وقوله (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) ولا يجوز قطع كل سارق نحو سارق حبة من حرز أو سارق دينار من غير حرز.

تعميم بعد خصوص قوله (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) فخصص السبع ثم أتى بالقرآن العام.

تخصيص بعد عموم قوله (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ) يقال جاء القوم والرئيس والقاضي

تخصيص البعض قوله (مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ) خصص البعض بكونه محكما من حيث وصفه بأنه أم الكتاب أي منه آيات ظاهرات المعاني وإليها المرجع إذ أم كل شيء ما يرجع إليه.

حمل اللفظ على المعنى في تذكير المؤنث و (السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ) حمل على السقف وكل ما علاك فهو سماء (وَأَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً) حمل على المكان (الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ) عنى الجنة يضم إلى كشحية كفا مخضبا حمل على العضو حمل اللفظ

٢٧٧

على المعنى في تأنيث المذكر قوله (وَأَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً) والسعير مذكر ثم قال (إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَها) حمله على النار (إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ) الأعشى : شرابهم قبل تنقادها حمل على الخمر غيره سائل بني أسد ما هذه الصوت أي الجلبة حمل الكلام على اللفظ تارة وعلى المعنى تارة قوله (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً).

الحمل على اللفظ والمعنى للمجاورة (فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ) ولا يقال أجمعت شركائي وأجمعت أمري وَقَوْلُ النَّبِيِّ ص ارْجِعْنَ مَأْزُورَاتٍ غَيْرَ مَأْجُورَاتٍ. والأصل موزورات وقولهم الغدايا والعشايا أصله الغدوات جحر ضب خرب إمرؤ القيس : كبير أناس في بجاد مزمل.

التسمية بالمجاورة (يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً) أي ينزل المطر من السماء (إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً) أي عنبا عفيف الإزار أي الفرج عطف الشيء على آخر لا يصح في الثاني وحور عين بالخفض عطف على قوله (يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ) والحور لا يطاف بهن إمرؤ القيس : يا ليت شخصك قد غدا متقلدا سيفا ورمحا والرمح لا يتقلد استثناء الشيء من غير جنسه (فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى وَاسْتَكْبَرَ) قال النابغة:

ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم

بهن فلول من قراع الكتائب.

والفلول ليس بعيب استثناء لم يدخل في لفظ المستثنى منه (إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي) يعني لكن الذي فطرني (لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ) إنما يريد المكره لأنه مظلوم (لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى) المعنى لكن الموتة الأولى أو دع الموتة الأولى الجعدي:

فتكاملت أخلاقه غير أنه

جواد فما يبقى من المال باقيا

المعنى لكنه جواد.

ذكر الشيء والمراد غيره (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ) وهذا كثير في القرآن الرجوع من المخاطبة إلى المغائبة (هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِها جاءَتْها رِيحٌ عاصِفٌ) خاطب الجماعة بالتفسير ثم

٢٧٨

خص راكب البحر (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) المعنى فاجلدوا كل واحد منهم ثمانين جلدة (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ) ثم قال (مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ) فكأنه أخبر النبي ثم خاطبه معهم (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ. فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً).

أوس:

لا زال مسك وريحان له أرج

على صداك بصافي اللون سلسال.

الرجوع من الكناية إلى المخاطبة (وَيَقُولُ الْإِنْسانُ أَإِذا ما مِتُ) إلى قوله (وارِدُها) و (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) إلى قوله (نَسْتَعِينُ) النابغة:

يا دار مية بالعلياء فالسند

أقوت وطال عليها سالف الأبد.

الانتقال من خطاب مخاطب إلى خطاب غيره ومن كناية إلى خلافها قوله (إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً. لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) فانصرف من مخاطبة المرسل إلى مخاطبة المرسل إليهم ثم قال (وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ) وهو يعني مرسل الرسول قال الهذلي:

يا لهف نفسي كان خدة خالد

وبياض وجهك للتراب الأعفر.

لم يقل بياض وجهه ذكر المكان والمراد ساكنه (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) والمراد ساكنها (وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً) يقال شربت كأسا وأكلت قدرا الاقتصار على البعض للكل (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ) ومن للتبعيض والمراد الكل (وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ) أي ربك قعد فلان على ظهر دابته لبيد : ويرتبط بعض النفوس حمامها أي كلها ذكر جملة ثم يتلوها التفصيل (وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ) وهم الأنصار (يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ) وقال فيمن جاء من بعدهم (يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ) وقوله (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) وإنهم (يَقُولُونَ) مع علمهم (آمَنَّا بِهِ) فوقع آمنا به موقع الحال والمعنى أنهم يعلمونه قائلين آمنا به (كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا) وقوله (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ) إلى قوله (شَدِيدُ الْعِقابِ) وقوله (لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً) إلى قوله (رَؤُفٌ رَحِيمٌ) العرب تجعل كل ما يقع عليه الإفهام أو يدل على شيء قولا

٢٧٩

وكلاما ونطقا وفعلا كما جاء في حكاية عيسى ع (إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا) ثم كان هذا الكلام على طوله بالإشارة و (قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ) و (أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ) و (عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ) و (يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ) و (ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِما كانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ) الطائي:

الدار ناطقة وليست تنطق

بدثورها إن الجديد سيخلق.

عنترة في الفرس:

فأزور من وقع القنا بلبانه

وشكا إلى بعيرة وتحمحم.

وقال شاعر عن ناقته :

تقول إذا دارت لها وضيني

أهذا دينه أبدا وديني

أكل الدهر حل وارتحال

أما يبقى علي ولا يقيني.

غيره في ذئب:

يستمحر الذئب إذا لم يسمع

بمثل مقراع الصفاء الموقع.

وقال في الذباب:

مستأسد ذبابة في غيطل

يقلن للرائد أعشت انزل

يعني أنه دل بطنينه على المرعى.

نفى أريد به الإثبات (لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ) يعني أنها شرقية وغربية ويصيبانها جميعا يقال هذا لا أسود ولا أبيض ولا حلو ولا حامض وفلان كالخنثى لا ذكر ولا أنثى أي جميع ذلك ثبت :

أبو فصالة لا رسم ولا طلل

مثل النعامة لا طير ولا جمل.

وقال المبرد وثعلب معنى الآية بل شرقية وغربية وهو أحسن ما يكون من الشجر تطلع الشمس وتغرب عليها إثبات أريد به النفي وفيه مبالغة قولهم فلان لا يرجى خيره أي لا خير عنده على وجه من الوجوه ومثله قل ما رأيت مثل هذا الرجل أي إن مثله لم ير إلا قليلا قال إمرؤ القيس : على لاحب لا يهتدي بمناره أي لا منار له يهتدي بها وقال سويد:

من أناس ليس في أخلاقهم

عاجل الفحش ولا سوء الجزع.

أراد نفي الفحش والجزع عن أخلاقهم وقولهم فلان غير سريع إلى الخنى أي لا يقرب الخنى وعلى هذا تأويل آيات منها (وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِ) وقوله (وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍ) فدل على أن قتلهم

٢٨٠