• الفهرس
  • عدد النتائج:

وأما الذى يتوهم (١) من أن النفس إذا كانت تنسى معقولاتها ولا تفعل فعلها مع مرض البدن وعند الشيخوخة فلذلك لها بسبب أن فعلها لا يتم إلا بالبدن ، فظنّ غير ضرورى ولا حقّ ، وذلك أنه قد يمكن أن يجتمع الأمران جميعا ، فتكون النفس لها فعل بذاتها إذا لم يعق عائق ولم يصرف عنه صارف ، وأنها أيضا قد تترك فعلها الخاص مع حال يعرض للبدن فلا تفعل حينئذ فعلها وتصرف عنه ، ويستمر القولان من غير تناقض (٢). وإذا كان كذلك لم يكن إلى هذا الاعتراض التفات.

ولكنا نقول : ان جوهر النفس له فعلان : فعل له بالقياس إلى البدن ، وهو السياسة. وفعل له بالقياس إلى ذاته وإلى مبادئه وهو الإدراك بالعقل ؛ وهما متعاندان متمانعان ، فإنه إذا اشتغل بأحدهما انصرف عن الآخر ، ويصعب عليه الجمع بين الأمرين. وشواغله (٣) من جهة البدن الإحساس (٤) والتخيل والشهوات والغضب والخوف والغم والفرح والوجع.

وأنت تعلم هذا بأنك إذا أخذت تفكر فى معقول تعطّل عليك كل شىء من هذه ، إلا أن تغلب هى النفس وتقسرها رادّة إياها إلى جهتها.

__________________

(١) قوله : « واما الذى يتوهم » اقول : هذا السؤال وجوابه يتضمن برهانا آخر على تجرد جوهر النفس الناطقة كما قد جعله الشيخ نفسه الحجة التاسعه من رسالته « الحجج العشر » على ذلك. وكذلك جعله ابو البركات فى « المعتبر » الحجة العاشرة. وصدر المتألهين فى « الاسفار ». الحجة الحادية عشر. والحكيم السبزوارى فى « اسرار الحكم » البرهان الحادى عشر أيضا. وراجع فى تفصيل ذلك كتابنا عيون مسائل النفس.

(٢) لان احدهما ذاتى والآخر عرضى.

(٣) مبتدأ.

(٤) خبر.