• الفهرس
  • عدد النتائج:

فذلك حال مجاوره لا حال كيفيته. فلا يبعد أن يكون الشىء المسود لا يكون مسودا إلا وفيه قوة نافذ متعلقة قباضة ، فيخالط ، وينفذ ويلزم ، وأن يكون ما هو موجود فى الأشياء البيض بخلاف ذلك فى طبعه ، فلا يمكنه أن يغشى الأسود ويداخله ويلزمه. على أن ذلك ليس أيضا مما لا يمكن ، فإنه إذا احتيل بمثل الاسفيذاج (١) وغيره حيلة مّا حتى يغوص ويتخلل السواد صبغه أبيض.

وأما المذهب الثانى (٢) فإن ذلك المذهب لا يستقيم القول به إلا إذا فرض الخلأ موجودا ، وذلك لأن المسام التى يذكرونها لا يخلو إما أن تكون مملوءة من جسم أو تكون خالية. فإن كانت مملوءة من جسم ، فإما أن يكون ذلك الجسم يشف من غير مسام ، أو تكون له أيضا مسام ، وينتهى لا محالة : إما إلى مشف لا مسام له ، وهذا خلاف قولهم. وإما إلى خلاء ، فيكون مذهبهم يقتضى وجود الخلاء ، والخلاء غير موجود.

ثم بعد ذلك فإنهم يقولون : إنه ليس كل مسام تصلح لتخييل الإشفاف ، بل يجب أن تكون المسام مستقيمة الأوضاع من غير تعريج (٣) حتى تنفذ فيه الشعاعات على الاستقامة. فلنخرّط كرة من جمد ، بل من بلور ، بل من ياقوت أبيض شفاف ، فهذه المسام التى تكون فيها شفافة مستقيمة هبها (٤) تكون كذلك طولا ، فهل تكون كذلك أيضا عرضا ،

__________________

(١) سفيد آب.

(٢) فى تعليقة نسخة : اى الذين لا يقولون بالاشفاف والقائلون بالثقب والمنافذ فى الاجسام.

(٣) اى من غير ميل وانعطاف.

(٤) فى تعليقة نسخة : هب لفظ يونانى بمعنى نعم ثم استعمل بمعنى سلّم. اى سلمناها.