• الفهرس
  • عدد النتائج:
  • الباب الأوّل

  • في بيان الامتحان بميل النفوس إلى ما اعتادت عليه

  • صريحة في شمول هذه الحالات للصحابة أيضاً ، وأنّهم كغيرهم في وجود الأخيار فيهم والأشرار ، مع بيانٍ شافٍ وتحقيقٍ وافٍ ، يهتدي به من أراد الاستبصار وفهم الأخبار .

    ولنذكر هاهنا خبراً كالصريح في الشمول للصحابة ، وهو ما رواه جماعة ، منهم البخاري في صحيحه ـ الذي هو عند المخالفين أصحّ الكتب بعد كتاب اللّه‏ ، كما صرّحوا به ـ : عن حذيفة بن اليمان ، أنّه قال : كان الناس يسألون رسول اللّه‏ صلى‌الله‌عليه‌وآله عن الخير ، وكنت أسأله عن الشرّ ، مخافة أن يدركني ، فقلت : يا رسول اللّه‏ ، إنّا كنّا في جاهليّةٍ وشرٍّ ، فجاءنا اللّه‏ بهذا الخير ، فهل بعد هذا الخير من شرّ ؟

    فقال : «نعم» ، قلت : فهل بعد ذلك الشرّ من خير ؟

    قال : «نعم ، وفيه دَخن» (١) ، قلت : وما دخنه ؟

    قال : «قوم يهدون بغير هدى ، تعرف منهم وتنكر» ، قلت : فهل بعد ذلك الخير من شرّ ؟

    قال : «نعم ، دُعاة على أبواب جهنّم ، من أجابهم إليها قذفوه فيها» ، قلت: يا رسول اللّه‏ ، صفهم لنا ؟

    قال : «هم من جلدتنا ويتكلّمون بألسنتنا» ، قلت : فما تأمرني إن أدركني ذلك ؟

    قال : «تلزم جماعة المسلمين وإمامهم» ، قلت : فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام ؟

    قال : «فاعتزل تلك الفِرَق كلّها ، ولو أن تعضّ بأصل شجرة حتّى

    __________________

    (١) الدَخن : ظهور وإثارة الفساد والاختلاف ، تشبيهاً بدخان الحطب الرطب .

    انظر : النهاية لابن الأثير ٢ : ١٠٩ ـ دخن ـ .