• الفهرس
  • عدد النتائج:
  • الباب الأوّل

  • في بيان الامتحان بميل النفوس إلى ما اعتادت عليه

  • ولهذا ورد في الحديث : «أنّ المؤمن في المسجد كالسمك في الماء ، والمنافق في المسجد كالطير في القفص» (١) .

    فإذا كان الأمر بهذه المثابة في الشيوع والوضوح وعموم الجريان ، حتّى في بديهي البطلان ، فكيف أمكن استطراق المنع من جريان ذلك في الاُمور الخفيّة كالعقائد الدينيّة والمسائل النظريّة ؟ فلا يبعد ، بل كثيراً ما متحقّق ثابت اعتقاد كلّ اُناس بحقّيّة ما ذهب إليه آباؤهم ومشايخهم وأسلافهم بمحض أنّهم نشأوا عليه ورسخ في أذهانهم من بدو الحال وأوّل الوهلة ولو كان واضح البطلان عند صحيح النظر الذي لم يكن بهذه المثابة ، وأكثر هؤلاء الأقوام يصير رسوخهم ، بحيث لا يدركون المعايب التي تكون في ذلك ولا ضعف دليله ، ولا قوّة دليل الخصم ؛ إذ لم يتوجّهوا إليه بقلب صاف ولا فكر صائب ؛ لما في صميم قلوبهم من الميل إلى ما اعتادوا عليه ورسخ في أذهانهم وإن لم يشعروا بهذه العلّة ، كما هو أحد معاني ما ورد من أنّ «حبّك للشيء يعمي ويصمّ» (٢) .

    ولهذا قال اللّه‏ عزوجل : ( يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ ) (٣) ، وقال : ( كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ) (٤) .

    وقال رسول اللّه‏ صلى‌الله‌عليه‌وآله : «المرء مع من أحبّ» (٥) .

    __________________

    (١) انظر : كشف الخفاء ٢ : ٣٨٨ / ٢٦٨٩ ، تحفة الاحوذي ٧ : ٦٨ .

    (٢) من لا يحضره الفقيه ٤ : ٤٨٠ / ٥٨١٤ ، غوالي اللآلي ١ : ١٢٤ / ٥٧ و٢٩٠ / ١٤٩ ، في الجميع عن رسول اللّه‏ صلى‌الله‌عليه‌وآله .

    (٣) سورة الإسراء ١٧ : ٧١ .

    (٤) سورة الروم ٣٠ : ٣٢ .

    (٥) الأمالي للطوسي : ٦٢١ / ١٢٨١ ، كشف الريبة : ٦٩ ، مسند أحمد ١ : ٦٤٨ / ٣٧١٠ ، صحيح مسلم ٤ : ٢٠٣٤ / ٢٦٤٠ ، سنن الترمذي ٤ : ٥٩٥ / ٢٣٨٥ ، إحياء علوم الدين ٣ : ٢٩٨ .