ذكر هجرة الخليل عليهالسلام إلى بلاد الشام
ودخوله الديار المصرية واستقراره بالأرض المقدسة
قال الله : (فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقالَ إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ* وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ.)
[٢٩ / العنكبوت : ٢٦ ، ٢٧]
وقال تعالى (وَنَجَّيْناهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ* وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنا صالِحِينَ* وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَكانُوا لَنا عابِدِينَ.)
[٢١ / الأنبياء : ٧١ ـ ٧٣]
لما هجر قومه في الله ، وهاجر من بين أظهرهم ، وكانت امرأته عاقرا لا يولد لها ، ولم يكن له من الولد أحد ، بل معه ابن أخيه لوط بن هاران بن آزر ـ وهبه الله تعالى بعد ذلك الأولاد الصالحين ، وجعل في ذريته النبوة والكتاب ، فكل نبي بعث بعده فهو من ذريته ، وكل كتاب نزل من السماء على نبي من الأنبياء من بعده ، فعلى أحد نسله وعقبه ؛ خلعة من الله وكرامة له ، حين ترك بلاده وأهله وأقرباءه ، وهاجر إلى بلد يتمكن فيها من عبادة ربه عزوجل ودعوة الخلق إليه.
والأرض التي قصدها بالهجرة أرض الشام ، وهي التي قال الله عزوجل : (إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ).
قاله أبي بن كعب وأبو العالية وقتادة وغيرهم.
وروى العوفي عن ابن عباس قوله : (إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ) مكة ، ألم تسمع إلى قوله : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ) وزعم كعب الأحبار أنها حران.
وقد قدمنا عن نقل أهل الكتاب : أنه خرج من أرض بابل هو وابن أخيه لوط ، وأخوه ناحور ، وامرأة إبراهيم سارة ، وامرأة أخيه «ملكا» فنزلوا حران ، فمات تارخ أبو إبراهيم بها.
وقال السدي : انطلق إبراهيم ولوط قبل الشام ، فلقي إبراهيم سارة ـ وهي ابنة ملك حران ـ وقد طعنت على قومها في دينهم ، فتزوجها على ألا يغيرها.