ورفع الحرج فقال ممتنا عليه (يا أَيُّهَا النَّبِيُ (١) إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَ) أي مهورهن وأحللنا لك (ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفاءَ اللهُ عَلَيْكَ) من سبايا الجهاد كصفية بنت حبيب وجويرية بنت الحارث ، (وَبَناتِ عَمِّكَ (٢) وَبَناتِ عَمَّاتِكَ وَبَناتِ خالِكَ وَبَناتِ خالاتِكَ اللَّاتِي هاجَرْنَ (٣) مَعَكَ) من مكة إلى المدينة.

أما اللاتي لم تهاجر فلا تحلّ لك ، وامرأة مؤمنة أي وأحللنا لك امرأة مؤمنة لا كافرة إن وهبت نفسها للنبي بدون مهر وأراد النبي أن يستنكحها حال كون هذه الواهبة خالصة لك دون المؤمنين فالمؤمن لو وهبت له امرأة نفسها بدون مهر لم تحل له بل لا بد من المهر والولي والشهود.

وقوله تعالى (قَدْ عَلِمْنا ما فَرَضْنا عَلَيْهِمْ) أي على المؤمنين في أزواجهم من أحكام كأن لا يزيد الرجل على أربع ، وأن لا يتزوج إلا بولي ومهر وشهود ، والمملوكة لا بد أن تكون كتابية أو مسلمة ، وأن لا يطأها قبل الاستبراء بحيضة قد علمنا كل هذا وأحللنا لك ما أحلننا خصوصية لك دون المؤمنين وذلك تخفيفا عليك لكيلا يكون عليك حرج أي ضيق ومشقة وكان الله غفورا لك ولمن تاب من المؤمنين رحيما بك وبالمؤمنين.

هداية الآية

من هداية الآية :

١ ـ بيان إكرام الله تعالى لنبيه (٤) في التخفيف عليه رحمة به فأباح له أكثر من أربع ، وقصر المؤمنين على أربع أباح له الواهبة نفسها أن يتزوجها بغير مهر ولا ولي ولم يبح ذلك للمؤمنين فلا بد من مهر وولي وشهود.

٢ ـ تقرير أحكام النكاح للمؤمنين وأنه لم يطرأ عليها نسخ بتخفيف ولا بتشديد.

٣ ـ بيان سعة رحمة الله ومغفرته لعباده المؤمنين.

__________________

(١) هذه الآية من المتقدم في التلاوة المتأخر في النزول ونظيرها آيتي الوفاة في البقرة على رأى الجمهور. إذ مضمون هذه الآية التوسعة على الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم اكراما له لما تحمله من نكاح زينب ثم قصره في الآيات بعد على من تحته من النساء إكراما لهن ايضا وذلك في قوله لا يحل لك النساء من بعد. ثم لم يقبض حتى رفع الله تعالى عنه الحظر اكراما واعلاء من شأنه إذ قالت عائشة. ما مات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وسلم حتى أحل له النساء.

(٢) وحد العم والخال وجمع العمات والخالات لأن العم والخال استعمل استعمال أسماء الأجناس الدالة على متعدد واللفظ موحد كالإنسان واللفظ واحد وهو دال على كل انسان من بني آدم.

(٣) المعية هنا (مَعَكَ) هي الاشتراك في الهجرة لا في الصحبة إذ أحل له من هاجرت سواء كانت في رفقته أو في رفقة أخرى ، ولم يهاجر في رفقته امرأة قط.

(٤) من جملة خصائصه صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن فرض عليه أمورا لم تفرض على الأمة كقيام الليل مثلا وأباح له أمورا لم تبح للأمة كنكاح الواهبة بدون مهر ، وحرم عليه أمورا لم تحرم على الأمة كحرمة الصدقة ذكر هذه الخصائص القرطبي في تفسيره عند تفسير هذه الآية.