فادعوا (١) أنتم ربكم ولكن لا يستجاب لكم إذ ما دعاء الكافرين إلا في ضلال فلا يستجاب له أبدا

وقوله تعالى : (إِنَّا لَنَنْصُرُ (٢) رُسُلَنا) تقرير لحقيقة عظمى ، وهي أن من سنة الله في رسله أنه ينصرهم بانتصار دينهم وما يهدون ويدعون إليه ، وإن طال الزمن واشتدت الفتن والمحن ، أو بإهلاك أممهم المكذبة لهم وإنجائهم والمؤمنين معهم قال تعالى : (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) وقوله : (وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ) أي (٣) وينصرهم في الآخرة يوم يقوم الأشهاد وهم الملائكة يشهدون للرسل بالبلاغ وعلى الكافرين بالتكذيب.

وقوله : (يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ (٤) مَعْذِرَتُهُمْ) إذا أذن لهم في الاعتذار لا تقبل معذرتهم (وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ) (٥) أي البعد من الرحمة والجنة (وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) الآخرة وهو أشد عذابها.

هداية الآيات :

من هداية الآيات :

١ ـ بيان تخاصم أهل النار وهو ما يتم من خصومة بين الأتباع والمتبوعين.

٢ ـ التنديد بالكبر والاستكبار إذ الكبر عائق عن الطاعة والاستقامة.

٣ ـ عدم استجابة دعاء الكافر في الدنيا والآخرة إلا ما شاء الله.

٤ ـ عدم قبول المعذرة يوم القيامة.

٥ ـ عدم استجابة الدعاء في النار.

٦ ـ بيان وعد الله لرسله والمؤمنين وهو أنه ينصرهم بأحد أمرين الأول أن ينصر دينهم ويظهره ويقرره وإن طال الزمن ، والثاني أن يهلك عدوهم وينجيهم.

__________________

(١) أي تولوا أنتم أمر أنفسكم وادعوا والأمر هنا للتسوية أي سواء دعوتم أو تركتم لا يستجاب لكم.

(٢) هذه الآية والتي بعدها جاءتا كالنتيجة لكل ما سبق في السورة من قوله تعالى (ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا) فكل ذلك لتلك المواقف والمشاهد في الدنيا والآخرة عبرتها المستخلصة منها هي هذه (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا) الآية وهي تسلية للرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم وبشرى له ولأتباعه المؤمنين.

(٣) (الْأَشْهادُ) : الملائكة والرسل ومؤمنو هذه الأمة.

(٤) هذه الجملة بدل من جملة ويوم يقوم الأشهاد والظالمون هم المشركون.

(٥) تقديم الجار والمجرور (لَهُمُ) في الجملتين : لهم اللعنة ولهم سوء الدار للاهتمام بالانتقام منهم.