(فَما آتانِيَ اللهُ خَيْرٌ مِمَّا آتاكُمْ) : إنه أعطاني النبوة والملك وذلك خير مما أعطاكم من المال فقط.

(بِهَدِيَّتِكُمْ (١) تَفْرَحُونَ) : لحبكم للدنيا ورغبتكم في زخارفها.

(ارْجِعْ إِلَيْهِمْ) : أي بما أتيت به من الهدية.

(بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها) : أي لا طاقة لهم بقتالها.

(وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْها) : أي من مدينتهم سبأ المسماة باسم رجل يقال له سبأ.

(أَذِلَّةً وَهُمْ صاغِرُونَ) : أي إن لم يأتوني مسلمين أي منقادين خاضعين.

(قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ) : فإنّ لي أخذه قبل مجئيهم مسلمين لا بعده.

(قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِ) : أي جني قوي إذ القوي الشديد من الجن يقال له عفريت.

(قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ) : أي من مجلس قضائك وهو من الصبح إلى الظهر.

(وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ) : أي قوي على حمله أمين على ما فيه من الجواهر وغيرها.

(قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ) : أي سليمان عليه‌السلام.

معنى الآيات :

ما زال السياق الكريم مع سليمان وملكة سبأ إنه لما بعثت بهديتها تختبر بها سليمان هل هو رجل دنيا يقبل المال أو رجل دين ، لتتصرف على ضوء ما تعرف من اتجاه سليمان عليه‌السلام ، فلما جاء سليمان ، جاءه سفير الملكة ومعه رجال يحملون الهدية قال لهم ما أخبر تعالى به عنهم في قوله : (قالَ أَتُمِدُّونَنِ (٢) بِمالٍ؟ فَما آتانِيَ اللهُ خَيْرٌ مِمَّا آتاكُمْ) آتاني النبوة والعلم والحكم والملك فهو خير مما آتاكم من المال (بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ (٣) تَفْرَحُونَ) وذلك لحبكم الدنيا ورغبتكم في زخارفها. وقال لرسول الملكة (ارْجِعْ إِلَيْهِمْ) أي بما أتيت به من الهدية ، وعلمهم أنهم إن لم يأتوا إلي مسلمين (فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها) (٤) أي لا قدرة لهم على قتالهم ، (وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْها) أي من مدينتهم سبأ (أَذِلَّةً وَهُمْ صاغِرُونَ) أي خاضعون منقادون. ثم قال سليمان عليه‌السلام لأشراف دولته

__________________

(١) الهدية : منها ما هو حرام ومنها ما هو مكروه ومنها ما هو مباح أو مندوب ، فالهدية الحرام : التي تهدى للحكام والقضاة ليحكموا لصاحبها والهدية المكروهة : هدية الكافر والهدية المباحة أو المندوب إليها : هدية المؤمن لأخيه المؤمن للمودة والحب ، لحديث مالك وفيه : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (تصافحوا يذهب الغل وتهادوا تحابوا وتذهب الشحناء) الشحناء العداوة والبغضاء.

(٢) أي : أتزيدونني إلى ما تشاهدونه من أموالي ، والاستفهام للإنكار وقرأ الجمهور : (أَتُمِدُّونَنِ) بنونين. وقرأ بعض بنون واحدة مشددة.

(٣) (بَلْ) للاضراب الانتقالي من الإنكار عليهم إلى ردّ هديتهم إليهم.

(٤) الضمير في (بِها) عائد على الجنود والضمير في (مِنْها) عائد إلى مدينتهم وهي مأرب أو سبأ على مراحل قليلة من صنعاء.