• الفهرس
  • عدد النتائج:
  • الفصل الأول :

  • عليه ذلك وأنكره ، ولما أدرك أن الرشيد يعتزم التنكيل به غادر بغداد ، ولم يكن للمتكلمين الحرية فى عهد الرشيد فى إبداء آرائهم فقد نهى عن الجدال فى الدين وزج من خالف ذلك فى السجن (١).

    على أن المعتزلة أرتفع شأنهم وأنتعشوا فى عهد المأمون لأنه أيد المعتزلة وأعتنق مبادئها ، وسار المعتصم على نهجه ، كما أن الواثق كان يؤمن بآراء المعتزلة.

    ويجمع المؤرخون على أن بشر بن المعتمر مؤسس الأعتزال فى بغداد ، غضب الرشيد منه فقال : بلغنى أن بشرا يقول : القرآن مخلوق ، والله إن أظفرنى الله به لأقتلنه ، فأقام بشرا متواريا أيام الرشيد.

    وقد تتلمذ عليه كثيرون مثل أبو موسى المردار وشماسة بن الأشرس وأحمد ابن أبى دؤاد وكان لهم صلات قوية بالمأمون (٢).

    أما أبو موسى فيرجع إليه الفضل فى انتشار الأعتزال فى بغداد ، كان ورعا زاهدا فصيح اللسان قوى البيان ، واعظا وقصاصا موفقا وله تلميذان ساهما بنصيب كبير فى نشرا اراء المعتزلة فى بغداد ، يقال لهما الجعفران ، وهما جعفر بن مبشر ، وجعفر بن حرب سارا سيرة أستاذهما فى الورع والزهد والتقوى ، فلا غرو أن نرى هؤلاء العلماء الثلاثة يكثر أنصارهم الذين آمنوا بآرائهم بعد أن رأوا حسن سيرتهم.

    ومن أشهر المتكلمين فى بغداد أبو الهذيل العلاف ، يرجع إليه الفضل فى إدخال الفلسفة على مبادئ المتكلمين ، كان واسع الأطلاع ، فصيح القول ، قوى البيان ، يستشهد بالشعر العربى فى مناظراته ، درس الفلسفة اليونانية ، استفاد منها فى مناقشاته وإبداء آرائه ، وقد جادل الزنادقة والمجوس وضعاف العقيدة ، وبلغ من قوة إقناعه وتأثيره أن أسلم على يديه ثلاثة آلاف رجل (٣).

    كما أن أحمد بن يحيى بن إسحاق الراوندى ، كان من الفضلاء فى عصره ،

    __________________

    (١) الجهشيارى. الوزراء والكتاب ص ٢٩٠.

    (٢) الخطيب البغدادى ، تاريخ بغداد ج ٧ ص ١٧٧.

    (٣) دى بور ، تاريخ الفلسفة فى الإسلام ص ٥٧.