• الفهرس
  • عدد النتائج:
  • مع النبيّ في جهاده وغزواته
  • طلائع الرّحيل
  • وقد ذكرته بحفاوة رسول الله بها وقوله فيها : « إنّ الله يرضى لرضاك ، ويغضب لغضبك » (١) ، فلم يحفل ابن الخطّاب بذلك وصاح بهم غير مكترث ولا مبال :

    وإن ، وإن ...

    معناه وإن كانت فاطمة فيها لأحرقنّها غير حافل ومعتن بها ، وخرجت بضعة الرسول وريحانته قائلة :

    « لا عهد لي بقوم حضروا أسوأ محضر منكم ، تركتم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جنازة بين أيدينا ، وقطّعتم أمركم بينكم ، لم تستأمرونا ولم تردّوا لنا حقّا ... ».

    وتبدّد جبروت القوم وذاب عنفهم ، وأسرع عمر وهو بطل الموقف نحو أبو بكر طالبا منه حمل الإمام بالقوّة للبيعة قائلا :

    ألا تأخذ هذا المتخلّف عنك بالبيعة؟

    واستجاب أبو بكر له ، فأرسل معه قنفذا ، وكان شريرا معروفا بالغلظة والشدّة ومعه جماعة من الشرطة ، فاقتحموا دار الإمام وأخرجوه ملببا بحمائل سيفه ، وانطلقت خلفه زهراء الرسول ، وهي تهتف بأبيها وتستغيث به قائلة :

    « يا أبت .. يا رسول الله! ما ذا لقينا بعدك من ابن الخطّاب وابن أبي قحافة .. ».

    وازدحمت الجماهير على باب الإمام وعلاها الذهول ، وأغرق بعضهم في البكاء ، إلاّ أنّ ابن الخطّاب وحزبه لم يجد معهم موقف بضعة الرسول وهي ولهى مستغيثة بأبيها ، فلم تلن قلوبهم وعواطفهم ، فأخرجوا الإمام وانطلقوا به يهرول نحو أبي بكر ، فقال له :

    بايع ... بايع.

    __________________

    (١) الحديث متواتر أخرجته الصحاح والسنن.