الهائلة ، خرج جمّ غفير من مجاوري كربلاء من العرب والعجم وخرجنا بالعيال وثقل الأطفال بعد خروج جمع كثير قبلنا ومعنا عمّنا الرجل التقيّ النقيّ المعروف بالصلاح يدعى الحاج عبد الحسين ، فخرجنا حتّى انتهينا إلى قريب من السدّة التي خارج البلدة قريب من مركز السليمانية تعرف بالسدّة التي أمر بها الشيخ شيخ العراقين طاب ثراه وإذا بانقلاب الهواء وهبوب الأرياح العاصفة والعجاج الثائر فتراكمت السحب السود وأخذت الهواء تمطر مطيرات ناعمة إلى أن اشتدّ المطر واغزر فأمطرت البرد والحالوب الشديد فكأنها مقامع من حديد وكانت ما تقرب من جوزة كبيرة أو نارنجة صغيرة واشتدّ الأمر وضاق الفضاء ونزل البلاء وأيقنّا بالموت والفناء فهلك بها المواشي والأنعام واضطرب منها الخاص والعام ، فمنهم من أصابته في صدغه فقضى به نحبه في حينه وساعته ومنهم من كان ينتظر ومنهم من اندهش وانذهل ومنهم المفترش في الثلج والوحل ، هذا واستصعب البرد غايته واشتد إلى أن بلغ نهايته فكان الفلك الزمهرير أخرق الهواء وأشرف ، وكان الهواء بالثلج قد تكيف فغدت الأرجل والأيادي مستجمدة والأبدان كالخشبة البالية فوقفت المطايا من السير ولم تتمكّن من الحركة ، فأشرت إلى عبد الحسين المذكور أن أدركنا بالوصول إلى مركز السليمانية حيث تقف السفن والسواجي وإخبارها بنا كي تحملنا إليه وتضعنا لديه وأنا متكفّل بالعيال والأطفال فذهب وبالغ في ذلك فلم يجد شيئا منها قط ولو ببذل دراهم كثيرة وبقي في خيبة وأياس ولم يقدر المراجعة عندنا وإخباره إيّانا وقد خفقت علينا أجنحة الموت وأنشبت بنا المنية أظفارها فتوسّلت حينئذ بالحجّة المنتظر والإمام الحي الثاني عشر فبينما نحن على ذلك وإذا بساجة هناك وفيها سيّد ظننتها من أهالي كربلاء وهو يقول : اين حاج شيخ علي خودمانست أي : هذا الرجل المسمّى حاج شيخ علي المنسوب إلينا ، ثمّ رحّب بنا فأمروا نقلنا العيال في ساجته وأخذنا إلى المركز فتحوّلنا إلى الحي والجماعة التي هناك نزيل السليمانية وقضى من أمر الزوّار في تلك الوقعة ما قضى ولم أتفطّن باستغاثتي منذ هذه المدّة وإغاثته إلّا بعد زمان ، رزقنا رؤيته الكاملة في الرجعة إن شاء الله.

الحكاية الأربعون : مضمون ما ذكره شيخ المحدّثين المولى النوري في كتابه جنّة المأوى ، وذكر فاضل من الواعظين باختلاف يسير : كنت سنة ثلاث وثلاثمائة وألف متردّدا في المذاكرة في شهر رمضان بالمسجد فرأيت ليلة من ليالي المحاق من شهر شعبان أنّ