بمفاد كان التامّة وحكمنا ببقائه يكون الباقي منه مغايراً لذلك الذي كان موجوداً فيما سبق ، لسعة الأوّل وانبساطه على الخامس ، بخلاف الباقي ، وحينئذ لابدّ من إزالة هذا المقدار من الاختلاف بين الوجوبين ، بدعوى أنّ العرف يرون بقاء الوجوب في ظرف تعذّر الخامس بقاءً للوجوب الذي كان وارداً على الخمسة على وجه يكون أحدهما عندهم عين الآخر ، وأنّه لو بقي الوجوب في ظرف تعذّر الخامس لكان هو هو لا غيره ، ولأجل ذلك قال الشيخ قدسسره : وقد عرفت أنّه لولا المسامحة العرفية في المستصحب وموضوعه لم يتمّ شيء من الوجهين ( التوجيهات ) ثمّ قال : لكن الإشكال بعدُ في الاعتماد على هذه المسامحة العرفية المذكورة ، إلاّ أنّ الظاهر أنّ استصحاب الكرّية من المسلّمات عند القائلين بالاستصحاب ، والظاهر عدم الفرق (١).
وأنت بعد اطّلاعك على ما أفاده شيخنا قدسسره تعرف الفرق بين المسامحة في هذا الماء والمسامحة في هذه الأربعة من أجزاء الصلاة ، وليست المسامحة في هذا الماء براجعة إلى التسامح في صدق الكرّ على الناقص لكي يتطرّق إليها المنع من هذه الجهة ، بل المسامحة إنّما هي في اتّحاد هذا الماء بذلك الماء الذي كان ، وهذه قابلة للقبول من العرف ، بخلاف المسامحة في هذه الأربعة وتلك الخمسة فإنّ تسامحهم في اتّحادهما غير مقبول ، بل لعلّهم لا يتسامحون في شيء من ذلك بعد أن علموا بأنّ في البين ملاكات ومناطات في الركنية هم عنها أجانب بالمرّة ، وهكذا الحال في دعواهم اتّحاد الوجوب الوارد على الأربعة بالوجوب المنبسط على الخمسة.
ثمّ لا يخفى أنّ الذي يمكن دعوى تسالمهم عليه في باب الكرّية إنّما هو
__________________
(١) فرائد الأُصول ٣ : ٢٨٢.