قوله : وبين الحادثين اللذين لا يمكن اجتماعهما في الوجود كالحدث والوضوء والنجاسة والطهارة ... الخ (١).
جعل هذين المثالين من توارد جريان أصالة العدم لا يخلو عن تأمّل ، فإنّه وإن أمكن إجراء عدم الوضوء إلى ما بعد الحدث ، وإجراء عدم الحدث إلى ما بعد الوضوء ، إلاّ أنّه سيأتي (٢) إن شاء الله تعالى أنّه لا يترتّب أثر على هذا الأصل إلاّ على الأصل المثبت ، وأنّ الأصل في مثل ذلك ينحصر بالاستصحاب الوجودي لكلّ من الوضوء ـ أعني الطهارة ـ والحدث.
قوله : وذلك في كلّ مقام كان الشكّ في بقاء أحد الحادثين في زمان حدوث الآخر ، لا الشكّ في حدوث أحدهما في زمان حدوث الآخر الخ. وكذا قوله في آخر هذه المسألة : فإنّ الشكّ في تلك المسألة ( يعني مسألة إسلام الوارث وموت المورّث ) إنّما كان في الحدوث وفي مسألة الوضوء والحدث إنّما يكون في البقاء ... الخ (٣).
ليس مراده بذلك هو الفرق بين المسألتين بمجرّد أنّ تلك المسألة ـ يعني إسلام الوارث وموت المورّث ـ كان الشكّ فيها في الحدوث ، وهذه المسألة ـ يعني مسألة الطهارة والحدث ـ كان الشكّ فيها في البقاء ، وذلك لما هو واضح من إمكان عقد تلك المسألة للشكّ في البقاء ، بأن يكون المشكوك هو بقاء كفر الوارث وحياة المورّث ، كإمكان عقد هذه المسألة للشكّ في الحدوث ، بأن يكون المشكوك هو حدوث الوضوء بعد تحقّق الحدث ، أو حدوث الحدث بعد تحقّق
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٥٢١.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٥٢٥.
(٣) فوائد الأُصول ٤ : ٥٢٢ ـ ٥٢٤ ، ٥٢٥.