فيه ، فإنّ الوجوب إن كان مشروطاً بوجود شيء فهذا هو الواجب المشروط الذي يتوقّف وجوبه على وجود الشرط ، ولا يتّصف بالوجوب قبله ولو مقارناً ، أمّا لو كان مشروطاً بتقديره لا بتحقّقه ووجوده فهذا يتّصف بالوجوب قبل وجوده ، لأنّ الشرط هو تقدير الوجود لا نفسه ، والتقدير محقّق قبل وجوده ، فلا مانع من تحقّق الوجوب قبل تحقّقه ، وهذا يسمّيه بعض بالواجب المعلّق ، قسيم الواجب المشروط والمطلق ، وبعض بالواجب المترتّب نظراً إلى ترتّب الوجوب على تقدير عدم الآخر ، وبعضهم يسمّيه بالواجب المشروط بالشرط المتأخّر ، والكل واحد الخ (١).
قوله : نعم الأثر المترتّب على أحد جزأي المركّب هو أنّه لو انضمّ إليه الجزء الآخر لترتّب عليه الأثر ، وهذا المعنى مع أنّه عقلي مقطوع البقاء في كلّ مركّب وجد أحد جزأيه ، فلا معنى لاستصحابه ... الخ (٢).
لا يخفى أنّه يمكن أن يقرّر المستصحب في مثل ما نحن فيه بوجوه : أوّلها هذا الذي أُشير إليه هنا. ثانيها : هو ما سيأتي من أنّ المستصحب هو نفس الحرمة التعليقية. ثالثها : ما سيأتي أيضاً من أنّ المستصحب هو الملازمة.
وتوضيح الوجه الأوّل هو أن يقال : إنّ العصير العنبي عندما وجد اتّصف بأنّ غليانه يوجب الحرمة والنجاسة ، وبعد أن صار زبيباً نشكّ في بقاء تلك الصفة له وهي كون غليانه موجباً للحرمة والنجاسة ، وهنا تنفع المسامحة العرفية ، لا من جهة كون العنبية والزبيبية بحسب النظر العرفي من الحالات الأجنبية عن المدخلية في موضوع الحكم الذي هو ذات العصير ، لأنّ ذلك لو تمّ لم نكن
__________________
(١) بدائع الأفكار ( للمحقّق الرشتي قدسسره ) : ٣٩٠.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٤٦٧.