المطلوب كنّا غير محتاجين إلى اللازم الثاني ، فلاحظ وتأمّل.
وربما يقال : إنّ هذا الوجه الثالث الذي أفاده الشيخ قدسسره ـ أعني استصحاب وجود الوجوب بمفاد كان التامّة ـ لا يحتاج إلى التسامح العرفي قياساً على استصحاب وجود الكرّ بمفاد كان التامّة ، إذ لا يحتاج إلى التسامح العرفي.
ولكن لا يخفى ما فيه ، فإنّ استصحاب وجود الكرّ بمفاد كان التامّة وإن كان غير محتاج إلى التسامح العرفي ، لأنّ الكرّ معلوم المقدار ، وقد علمنا بوجوده ونشكّ في بقاء وجوده لاحتمال انعدامه بالمرّة ، أو بقاء شيء من الماء وإن كان قليلاً ، أو بقاء شيء يشكّ في كونه كرّاً ، كلّ تلك الاحتمالات ينفيها استصحاب وجود الكرّ بمفاد كان التامّة ، إذ لو كان الكرّ باقياً بما هو مفاد كان التامّة لكان باقياً على حدة لم ينقص منه شيء. ودعوى صدق الكرّ عرفاً على الناقص قليلاً لا دخل لها بما نحن فيه من استصحاب الكرّية بمفاد كان التامّة ، بل لا دخل لها باستصحابه بمفاد كان الناقصة ، فإنّا عندما ندّعي أنّ نفس هذا الموجود من الماء كان متّصفاً بالكرّية حينما كان معه غيره ممّا أُخذ منه بنحو من التسامح القاضي بأنّ هذا الماء هو ذلك الماء ، فمن الواضح أنّ هذا التسامح الراجع إلى دعوى العرف اتّحاد الماءين لا دخل [ له ] بدعوى أُخرى للعرف وهي أنّ الكرّ المعلوم الحدّ لديهم الذي هو ألف ومائتا رطل صادق بنحو التسامح على ما ينقص عن ذلك المقدار بمثقال مثلاً ، فلاحظ وتأمّل.
وعلى كلّ حال ، نحن باستصحاب الكرّ بمفاد كان التامّة لا نكون محتاجين إلى شيء من التسامح ، لأنّ ذلك المقدار الذي علمنا بوجوده سابقاً نحكم بأنّه باقٍ لحدّ الآن لم ينتقض أصل وجوده ولم ينقص شيء من حدّه ، وهذا بخلاف الوجوب الذي كان موجوداً حينما كنّا متمكّنين من الخامس ، فإنّا لو استصحبناه