ولا يخفى أنّه لو تمّت المسامحة في ناحية الوجوب وقلنا إنّ الوجوب المتعلّق بالفاقد هو عين الوجوب المتعلّق بالواجد ، كان ذلك ـ أعني استصحاب نفس الوجوب ـ كافياً في المطلوب من دون حاجة إلى إثبات لازمه الذي هو كون جزئية الجزء المفقود مقيّدة بحال التمكّن ، فإنّ ما هو المطلوب لنا من وجوب الاتيان بالفاقد يترتّب على ذلك الاستصحاب من دون توقّف على لازمه المذكور كي يتوجّه عليه أنّ هذا الاستصحاب مثبت.
نعم ، يتوجّه على هذا الاستصحاب أنّ استصحاب وجود الوجوب لا يترتّب عليه أثر ما لم يترتّب عليه لازمه وهو كون الأربعة الباقية واجبة ، فيكون الأصل مثبتاً من هذه الناحية ، فإنّ حاصل الاستصحاب على الوجه الثالث هو أنّه كان لنا وجوب متعلّق بالأجزاء الخمسة ، وبعد تعذّر الخامس نشكّ في بقاء الوجوب ، وعلى تقدير تعلّق الوجوب بالأربعة يكون ذلك الوجوب بنفسه بالنظر العرفي المسامحي باقياً ، فنحن نستصحب بقاء وجود ذلك الوجوب الذي كان موجوداً حينما كنّا متمكّنين من الجزء الخامس على نحو مفاد كان التامّة ، ولا ريب أنّ الأثر وهو لزوم الاتيان بالأربعة الباقية لا يترتّب على ذلك المستصحب إلاّ باعتبار لازمه ، فإنّ لازم بقاء وجود الوجوب بمفاد كان التامّة هو كونه متعلّقاً بالأربعة الباقية ، لعدم معقولية بقاء وجود الوجوب بلا واجب يتعلّق [ به ] ، والأثر المطلوب وهو لزوم الاتيان بالأربعة الباقية إنّما يترتّب على هذا اللازم دون نفس المستصحب الذي هو وجود الوجوب بمفاد كان التامّة ، فذلك نظير المثال الذي ذكره الشيخ قدسسره (١) أعني استصحاب وجود الكرّ في هذا الاناء ، فإنّه لا يترتّب عليه الأثر المطلوب إلاّباعتبار لازمه وهو كون هذا الماء كرّاً ، فيكون مثبتية الأصل من
__________________
(١) فرائد الأُصول ٣ : ٢٨١.