الاتّفاق ، ولازمه عدم ترشّح الطلب على ذلك القيد ، بل يكون ترشّح الطلب عليه خلفاً لما فرض من أنّ قيد المادّة هو اتّفاق حصول ذلك القيد لا ذات القيد نفسه.
وهذا التفسير على إجماله هو ما أفاده صاحب الكفاية قدسسره في تلك المباحث (١) ولكن الأُستاذ العراقي قدسسره (٢) قد شرح ذلك أو فسّره أو ابتكر له أساساً وذلك هو التبعيض في أبواب عدم ذلك الواجب ، فإنّ الإمساك في النهار عن حضر وعن طهارة من الجنابة أو طهارة من الحيض لو فرضنا تعلّق الطلب به كان مقتضى ذلك الطلب هو سدّ أبواب عدم الامساك من جميع نواحيه ، فالمولى لا يرضى بعدمه الناشئ عن مجرّد اختيار المكلّف تركه ، ولا بعدمه الناشئ عن عدم الطهارة من الجنابة مثلاً ، أمّا عدمه الناشئ عن ترك الحضر ، فالمولى لا يمنع منه ولا يسدّ باب عدمه الناشئ عن عدم هذا القيد الذي هو الحضر ، وحينئذ يكون الوجوب من أوّل النهار متعلّقاً بالامساك ، ويكون إعدامه الناشئ عن عدم اختيار المكلّف له واختياره لعدم الامساك ممنوعاً منه عند المولى ، فيكون موجباً للكفّارة ، فلو اختار المكلّف السفر قبل الزوال بعد أن ارتكب ترك الامساك وتحقّق منه الافطار ، يكون عدم الامساك مستنداً إلى اختيار المكلّف لا إلى السفر وعدم الحضر.
وحاصل ذلك : أنّ إعدام الامساك سابقاً الحاصل من إعدام ما كان عدمه الناشئ عنه ممنوعاً منه عند المولى ، وذلك هو اختيار المكلّف وإقدامه على الترك باختياره الافطار ، كان قد أسقط التكليف بالعصيان ، فلا يكون الوجوب باقياً عندما سافر.
__________________
(١) كفاية الأُصول : ٩٩.
(٢) مقالات الأُصول ١ : ٣١٨ ـ ٣١٩.