خصوص الشكّ في مقدار المخصّص ، وفي خصوص ما لو احتمل التخصيص من الأوّل ، أمّا لو كان احتمال التخصيص من الوسط أو من الآخر ، فلا مانع من التمسّك بقولنا إنّ الوجوب باقٍ ، في نفي التخصيص من الوسط أو من الآخر لفرض تحقّق الحكم فيما قبله الموجب لاحراز الحكم ، فيدخل تحت قولنا الوجوب باقٍ حتّى في هذا الزمان ، الذي هو الوسط أو الآخر.
وحاصل هذه الجهات : أنّ الوجوب المتعلّق بالوفاء بالعقد بعد فرض عدم أخذ العموم الأزماني لا فيه ولا في متعلّقه ، يكون لازمه لغوية ذلك الوجوب لسقوطه بالامتثال آناً ما ، نظير سقوط وجوب إكرام العالم باكرامه في آن من الآنات ، وحيث كان ذلك ـ أعني السقوط بالامتثال آناً ما ـ في مثل ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) موجباً للغوية ذلك الوجوب ، كان مقتضى الحكمة هو طرد ذلك المعنى الموجب للغوية أعني السقوط بمجرّد الامتثال آناً ما ، ولا ريب في أنّ الحكم ببقاء ذلك الوجوب في قبال احتمال نسخه أو في قبال احتمال انتهاء أمد مصلحته الراجع إلى احتمال نسخه ، لا يطرد ذلك المعنى ، بل لابدّ في طرد ذلك المعنى من الحكم على الوجوب المذكور بأنّه باقٍ ولو بعد تحقّق امتثاله آناً ما ، فيكون محصّله هو الحكم على ذلك الوجوب بالبقاء في كلّ آن حتّى الآنات التي هي بعد الآن الأوّل الذي وقع فيه الوفاء ، ويكون ذلك عبارة أُخرى عن الحكم على ذلك الوجوب بأنّه موجود في كلّ آن ، بمعنى أنّ هناك وجوباً ثانياً موجوداً في الآن الثاني غير الوجوب الموجود في الآن الأوّل ، المفروض سقوطه بالامتثال في الأوّل ، وهكذا في باقي الآنات ، فيكون هناك وجوبات متعدّدة بحسب تعدّد الآنات ، ويكون كلّ واحد وجوباً مستقلاً له إطاعة مستقلّة ، وذلك هو عين ما تقدّم من أخذ العموم الأزماني المعبّر عنه بكلّ آن في ناحية الوجوب ، الذي عرفت أنّه لا مانع من أخذه