متكفّلاً لطرد ذلك الاحتمال ، لأنّ نفي ذلك الاحتمال لا يتحقّق إلاّبما عرفت من جعل وجوب ثانٍ وثالث وهكذا ، أو بأخذ العموم الأزماني متعلّقاً من أوّل الأمر بالوجوب ، بأن يكون المجعول أوّلاً هو الوجوب في كلّ آن ، كي يكون شاملاً للآن الثاني الذي هو بعد آن الامتثال الأوّل ، ومجرّد الحكم على ذلك الوجوب بالبقاء في قبال أصل الحدوث لا يكفي فيه ، كما يشاهد ذلك في مثل ما لو قال : أكرم العلماء وبعد ذلك حكم على ذلك الوجوب بالبقاء ، فإنّ الحكم على ذلك الوجوب بالبقاء لا ينافي سقوطه بالامتثال في الآن الأوّل ، لأنّ الحكم على الوجوب بالبقاء إنّما هو حكم عليه حسبما يقتضيه طبعه ، فإنّ الوجوب المذكور لمّا كان بحسب طبعه [ يقتضي ] السقوط بالامتثال في الأوّل ، لم يكن الحكم عليه بالبقاء مخرجاً له عمّا يقتضيه طبعه.
والحاصل : أنّ الوجوب المحكوم عليه بالبقاء هو نفس ذلك الوجوب على ما هو عليه من سقوطه بالامتثال في الآن الأوّل ، ولا يكون الحكم عليه بالبقاء مغيّراً له عمّا يقتضيه طبعه ، إلاّ أن نرجع الحكم عليه بالبقاء إلى كون ذلك باقياً في كلّ آن حتّى بعد الامتثال في الآن الأوّل ، وهو عبارة أُخرى عن كون الوجوب موجوداً في كلّ آن ، فيعود المحذور السابق من أنّ وجود الوجوب في كلّ آن لا يكون متأخّراً عن أصل جعل الوجوب ، بل يمكن ابتداءً أن يجعل الوجوب في كلّ آن.
الجهة الخامسة : أنّا لو سلّمنا ذلك كلّه ، بحيث سلّمنا كفاية الحكم على الوجوب بالبقاء في نفي احتمال سقوطه بالامتثال آناً ما ، فهو لا يكون مانعاً عن التمسّك به فيما لو احتمل الخروج من الوسط أو من الآخر ، فإنّه إنّما يكون مانعاً عن التمسّك بالعموم المذكور ـ الذي هو الحكم على ذلك الوجوب بالبقاء ـ في