ومن ذلك يظهر لك التأمّل فيما أفاده في الكفاية (١) من التفصيل بين الأوّل والوسط.
وعلى الظاهر أنّه لا فرق في ذلك بين كون هذا الدوام والاستمرار مستفاداً من أخذه صريحاً في الدليل كما مثّلنا ، وبين كونه مستفاداً من الحكمة ولغوية الحكم لو لم يكن مشتملاً على الدوام المذكور ـ وإن أشكلنا عليه بأنّ الخروج عن اللغوية لا يلزم الدوام ـ أو كونه مستفاداً من الإطلاق وعدم التقييد بزمان خاصّ ، كما أفاده المرحوم الشيخ عبد الكريم قدسسره في غرره ، ولا تصل النوبة إلى ما أفاده من إرجاع المسألة إلى الدوران بين التخصيص والتقييد ، كما سيأتي إن شاء الله تعالى نقل عبارته (٢).
وإن أشكلنا نحن عليه أوّلاً بأنّ الإطلاق لا يستنتج منه الدوام والاستمرار ، بل ربما كان منزّلاً على الاكتفاء ببعض الآنات ، لأنّ عدم التقييد بيوم مخصوص يعطي الاكتفاء بأيّ يوم كان ، وثانياً لو أغضينا النظر عن ذلك وقلنا بالتعميم ، فأيّ دليل يدلّ على الاستمرار والدوام؟ ولعلّ ذلك الإطلاق منزّل على التعميم الشمولي لكلّ يوم. وبعد هذا وذاك تندرج المسألة في الدوران بين التخصيص والتقييد ، فإنّ زيداً المذكور بعد العلم بأنّه لا يجب إكرامه يوم السبت ، يدور الأمر فيه بين خروجه عن عموم العلماء فلا يبقى فيه مورد للتمسّك بالإطلاق المذكور ، وبين أن نقول إنّه باقٍ تحت عموم العلماء لكن إطلاق وجوب إكرامه القاضي بالدوام مقيّد بما عدا يوم السبت ، ويبقى في غير يوم السبت على حاله من كونه داخلاً تحت عموم العلماء الواجب إكرامهم الذين يكون هذا الحكم فيهم مورداً
__________________
(١) كفاية الأُصول : ٤٢٤.
(٢) راجع الصفحة : ٣٥٦ وما بعدها وكذا الصفحة : ٣٨١ وما بعدها.