ولا طريق لنا في إحرازه إلاّ التمسّك بالدليل الأوّل كما عرفت تفصيله.
لكن لا يخفى ما فيه ، فإنّه ليس من قبيل الحكم على الوجوب بأنّه عام كي يكون من قبيل العوارض بعد الوجود ، كي يتوقّف الحكم بالعموم المذكور على إحراز أصل الوجوب ، بل أقصى ما في البين هو الحكم على الوجوب بأنّه موجود في كلّ آن ، فلا يكون ذلك إلاّنظير قولنا : الضياء موجود في كلّ غرفة من غرف البيت ، فإذا شككنا في وجوده في هذه الغرفة كان قولنا : إنّه موجود في كلّ غرفة كافياً في الحكم بأنّه موجود فيها ، بل هو عينه. وهكذا فيما لو علمنا بأنّه غير موجود في هذه الغرفة لكن شككنا في غيرها.
ثمّ إنّ هناك طريقاً لو تم أغنانا عن الرجوع إلى الدليل الأوّل ، كما يغنينا عن كون مفاد القضية هو الحكم بالوجود ، لجريان هذا الطريق فيما لو لم يكن المحمول أصل الوجود ، بل كان المحمول من العوارض الطارئة على الوجود ، مثل قولنا : الوجوب متأكّد في كلّ آن. وكيفية إجراء هذا الطريق فيما نحن فيه هو أن يقال : إنّ العموم الأزماني في ناحية الحكم إنّما التزمنا به من ناحية اللغوية وطريق الحكمة ، وهذا المعنى لا ينحصر بإبراز قالب ذلك العموم الأزماني بالصورة التي ذكرناها من جعل الوجوب موضوعاً للحكم عليه بالعموم الأزماني ، بل يكفي في رفع اللغوية المذكورة هو أخذ نفس العموم الأزماني موضوعاً ، وجعل وقوع الوجوب فيه محمولاً ، بأن يكون ذلك العموم بهذه الصورة وهي أنّ كلّ زمان وآن يكون الوجوب موجوداً فيه فإنّ ذلك رافع للغوية ، وموجب لصحّة التمسّك بهذا العموم في مقام الشكّ ، إذ لو شككنا في وجوب الإكرام يوم السبت مثلاً كان ذلك اليوم آناً من الآنات التي هي موضوع هذه القضية ، فيكون داخلاً بقولنا : إنّ كلّ آن يجب فيه الإكرام ، بل يمكننا أن نقول : إنّ هذه الطريقة جارية