المتعرّض للعموم الأزماني في ناحية الحكم لو كان متعرّضاً لكلتا الجهتين المذكورتين ، أعني إثبات أصل وجود الوجوب وإثبات كونه في كلّ آن ، بأن يكون لسانه بهذه الصورة : إنّ وجوب إكرام العلماء ثابت ومتحقّق في كلّ آن ، بحيث يكون متعرّضاً لأصل وجود الوجوب ولكونه ثابتاً في كلّ آن ، لكان كافياً لنا في مقام الشكّ المذكور ، بأن تكون الجهة الأُولى ممّا أفاده الدليل الثاني مثبتة لأصل وجود الوجوب ومحرزة للموضوع الذي هو الوجوب ، وتلك الجهة هي عين ما استفدناه من الدليل الأوّل ، ثمّ بعد إحرازه بالجهة الأُولى تلحقه الجهة الثانية ، لكن فرض الكلام هو أنّ دليلنا الثاني لم يكن بهذه المثابة ، سيّما على رأي شيخنا قدسسره من عدم إمكان الجمع بين الجهتين في دليل واحد ، لما يراه قدسسره من تأخّر الجهة الثانية عن الأُولى ، بل المفروض أنّ دليلنا الثاني لم يكن متعرّضاً إلاّللجهة الثانية ، وأنّ الجهة الأُولى مأخوذة فيه مفروضة الوجود ، بأن يكون لسانه بهذه الصورة وهي : أنّ الوجوب المفروض الوجود الذي جعلناه على إكرام العلماء هو عام لكلّ آن ، وحينئذ ففي مقام الشكّ لابدّ من إحراز وجود ذلك الوجوب من دليل آخر ، وهو الدليل الأوّل حسبما حرّرنا تفصيله.
والسرّ في ذلك : هو أنّ هذا العموم لم يكن مستفاداً من دليل لفظي ، وإنّما التزمنا به من ناحية حكم العقل بعدم اللغوية في أحكام الشارع الحكيم ، وذلك المقدار الذي نلتزم به من هذه الناحية هو مجرّد كون ذلك الوجوب عاماً لجميع الأزمنة ، فلا يكون محصّل العموم الأزماني الراجع إلى ناحية ذلك الوجوب إلاّ عبارة عن قولنا : إنّ هذا الوجوب عام وشامل لجميع الأزمنة ، ومن الواضح أنّ هذه القضية لا تكون مشتملة إلاّعلى الجهة الثانية ، وهي كون ذلك الوجوب عاماً ، فيكون تطبيقها على مقام الشكّ متوقّفاً على إحراز موضوعها الذي هو الوجوب ،