نثبت أصل الوجوب وبالثانية نثبت استمراره ، وتكون الجهة الأُولى مزيلة للشكّ في أصل وجوب إكرام زيد العالم ، والثانية مزيلة للشكّ في دوامه واستمراره بعد أن تحقّق بالأُولى أصل الوجوب في الجملة ، على نحو ما ذكرناه في قولنا : القيام موجود في كلّ آن.
والأولى في الجواب عن هذا الإشكال هو أن يقال : إنّ القضية التي لا يحتاج فيها إلى إحراز وجود الموضوع من الخارج ، بل هي تكون محرزة لوجود موضوعها ، هي التي يكون المحمول فيها متكفّلاً لأصل وجود الموضوع ، من دون تعرّض لجهة زائدة على أصل وجوده ، مثل قولنا : القيام موجود ، ومثل قولنا : وجوب إكرام العلماء موجود ، ونحو ذلك من القضايا التي لا يكون المحمول فيها متعرّضاً لأمر زائد على أصل وجود الموضوع ، لأنّ مثل تلك القضايا لا يكون معناه المطابقي إلاّمجرّد وجود الموضوع ، فهي بنفسها تحرز موضوعها ، بل هي عين إحراز موضوعها ، فإنّ قولنا : القيام موجود ، كقولنا : القيام محرز ، لا تعرّض لها لأمر آخر زائد على أصل الوجود أو على إحراز الوجود.
أمّا لو انضمّ إليها أمر آخر زائد على أصل الوجود ، مثل أن نقول : القيام موجود في كلّ زمان ، فلا شبهة حينئذ في أنّها متعرّضة لأزيد من وجود الموضوع ، وهو كون ذلك الوجود مستمرّاً ومتحقّقاً في كلّ آن ، فتكون مثل هذه القضية متعرّضة لجهتين طوليتين : الأُولى إثبات أصل وجود القيام ، والثانية إثبات أنّ ذلك الوجود يكون مستمرّاً ودائمياً ومتحقّقاً في كلّ زمان.
وحينئذ فلو شككنا في تحقّق القيام في آن من الآنات ، كانت الجهة الأُولى من هذه القضية محرزة لأصل وجود القيام ، والجهة الثانية المعبّر عنها بالعموم الأزماني محرزة لتحقّقه في ذلك الآن المشكوك ، فحينئذ نقول : إنّ الدليل الثاني