وأنّ عدوله قدسسره إنّما هو في بعض صور المسبوق بالقلّة ، لكن الذي يظهر من التقريرات المطبوعة في صيدا (١) هو ما ذكرناه من انحصار الحكم بالنجاسة في صورة العلم بتاريخ النقص ، وأنّ الحكم في صورة الجهل بتاريخهما وفي صورة العلم بتاريخ الملاقاة هو الطهارة ، فلاحظ وتأمّل.
وتحرير هذا المبحث بنحو أوضح هو أن يقال : إنّ القول في هذا المقام يستدعي تقديم مقدّمات :
الأُولى : أنّ الفرق بين هذه المسألة والمسألة الأُولى هو ما قدّمناه من كون المسألة الأُولى هي عبارة عن كون عدم أحد الحادثين بضمّ الحادث الآخر موضوعاً لحكم شرعي ، وهذه المسألة يكون أحد الحادثين فيها وهو الكرّية رافعاً لأثر الآخر وهو الملاقاة.
ولكن يمكن أن يقال : إنّ تلك المسألة أيضاً يكون عدم إسلام الوارث رافعاً لأثر الحادث الآخر وهو موت المورّث ، كما أنّه يمكن أن يقال : إنّ موضوع الأثر الشرعي هنا وهو النجاسة مؤلّف من أحد الحادثين وهو الملاقاة وعدم الآخر وهو الكرّية ، هذا في صورة الكرّ المسبوق بالقلّة. وفي صورة القلّة المسبوقة بالكرّية يكون موضوع الطهارة هو الملاقاة وبقاء الكرّية ، كما أنّه لا يتمّ ما أُفيد من الفرق بينهما بعدم جريان الأصل هنا لا في معلوم التاريخ ولا في مجهوله ، لفرض جريان أصالة عدم الكرّية إلى حين الملاقاة ، وكذلك استصحاب الكرّية إلى حين الملاقاة ، ويترتّب على الأوّل النجاسة وعلى الثاني الطهارة ، كما أنّ الفرق بينهما بعدم التعارض بين الأصلين هنا ، إذ ليس الجاري في هذه المسألة إلاّ أصلاً واحداً في ناحية الكرّية دون الملاقاة ، لا يكون فارقاً ، لأنّ الأصل الجاري في تلك
__________________
(١) أجود التقريرات ٤ : ١٦٣ ـ ١٦٤.