اللاحقة لها في المرتبة السابقة على وجودها ، وذلك فإنّ الخصوصيات اللاحقة للطبائع على نحوين :
الأوّل منها : ما يكون عارضا لنفس الطبيعة وتكون باعتبارها منقسمة إلى قسمين. وهذه لا بدّ أن تكون داخلة في متعلّق الارادة.
النحو الثاني منها : ما يكون من لوازم وجودها ككونها في المكان أو في الزمان. وهذا النحو يكون خارجا عن متعلّق الارادة. لكن كونها موجودة في هذا المكان المخصوص أو في هذا الزمان المخصوص من النحو الأوّل ، لأنّ ترجيح هذا المكان على غيره وهذا الزمان على غيره لا بدّ أن يكون بالارادة ، وهذا هو سرّ مسألة الاجتماع وتمام جهة التكلّم فيها ، وهو الموجب لما نختاره من جواز الاجتماع من الجهة الأولى والامتناع من الجهة الثانية.
ثمّ قال : ومن جملة ما يستثنى من الحكم ببطلان الصلاة في المغصوب الجاهل بالحكم إذا كان قاصرا دون من كان مقصّرا ، لا لما قيل من تأتّي نيّة القربة في الأوّل دون الثاني ، فإنّه لمّا كان الفعل منه مبغوضا لم يكد تأتّي التقرّب منه بما هو مبغوض ، فإنّ إمكان قصد التقرّب وعدمه لا يكون ميزانا وضابطا ، بل لأنّ البطلان إنّما جاء من قبل مزاحمة النهي للأمر وشاغلية النهي للمكلّف عن الاتيان بمتعلّق الأمر ، فيكون ذلك الفرد الذي وقع التزاحم عليه أعني مورد الاجتماع غير مقدور له ، فيخرج عن حيّز الأمر فلا يمكن الاتيان به بداعي الأمر ، ولا ريب أنّ النهي إنّما يكون شاغلا وموجبا لصرف القدرة في متعلّقه إذا كان منجّزا ، أمّا إذا لم يكن النهي منجّزا كما في مورد الجهل القصوري فلا يكون هناك ما يوجب خروج ذلك الفرد الذي هو المجمع عن كونه مقدورا ، فالمدار في الصحّة وعدمها على تنجّز النهي ، والمفروض أنّ الجاهل المقصّر يكون النهي في حقّه منجّزا فيكون