المأمور به في يوم عاشوراء عن جهة التعبّد. وبالجملة : لا معنى لتشريع الأمر بما يكون وجوده في الخارج على جهة المأمورية ملازما لما هو مرجوح.
ونظير هذا الإشكال إشكال آخر وهو أنّ نفس التعبّد والامتثال يكون مأمورا به ولو بمتمّم الجعل فلا يمكن أن يكون مكروها ، لما أفاده قدسسره من التنافي بين الحكمين لوحدة متعلّقهما وإن لم يكن شيء منهما إلزاميا.
وهذا الأخير ذكره في الحاشية (١) والظاهر أنّه متوجّه بناء على ظاهره من تعلّق الأمر بذات الصوم وتعلّق النهي بالاتيان به بداعي الأمر الذي هو عبارة أخرى عن التعبّد الذي يكون معتبرا في العبادة ولو بنحو متمّم الجعل. لكن لعلّ المراد هو تعلّق الأمر بذات الصوم على ما هو عليه من اعتبار كونه بداعي الأمر ، ولكن هذه العبادة في هذا اليوم تشتمل على التشبّه وهو مكروه. نعم يرد عليه أنّ التشبّه إن كان فعلا توليديا لتلك العبادة كان متّحدا معها خارجا ، وإن كان ملازما لها خارجا مع التزام المباينة بينهما كان حاله حال استحباب استقبال القبلة وكراهة ملازمه الذي هو استدبار الجدي ، فيخرج عمّا نحن فيه كما شرحناه فيما تقدّم (٢).
وحينئذ لا محيص من الالتزام بالحاق القسم الثالث بالقسم الثاني ، وذلك بارجاع النهي إلى تشخيص المأمور به بالايجاد في الزمان الخاص ، فإن كان تحريميا كان موجبا للتخصيص ، وإن كان تنزيهيا لم يكن منافيا للامتثال وصحّة المأمور به في ذلك الزمان ، كما التزمنا بصحّته وعدم منافاته للأمر ، إذ كان النهي التنزيهي متوجّها إلى تشخّصه بالمكان. ولا فرق في الموردين إلاّ بكون العموم
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ ( الهامش ) : ١٧٦.
(٢) في الحاشية المتقدّمة في الصفحة ٥٤ وما بعدها.