لو قلنا بالأول أعني كون الباقي هو جهة الطلب لا نفسه.
وبالجملة : أنه لا مانع من اجتماع الوجوبين أو الوجوب والاستحباب في فعل واحد ، ودعوى الاندكاك والاشتداد قابلة للمنع ، لأن الطلب بما أنه طلب لا يقبل الشدة والضعف ، نعم إن الذي يقبل ذلك هو ملاكه ، فتأمل فان اجتماع المثلين كالبياضين في شيء واحد غير معقول كاجتماع الضدين ، فلا بدّ من الالتزام بسقوط الخطابين وتولد خطاب جديد (١).
والأولى الالتزام بتعدد المتعلق ويكون الاكتفاء بفعل واحد من باب التداخل ، ويسهل الأمر لو أنكرنا الوجوب النفسي الضمني الشرطي وحصرنا المسألة بالوجوب الغيري ، لأن الوجوب حينئذ واحد وعلله متعددة.
وينبغي مراجعة مسألة ٧ ومسألة ٩ ومسألة ١٠ ومسألة ١١ من مبحث النية من كتاب الصوم من العروة (٢) فان بعضها يظهر منه خلاف هذا الذي ذكرناه ، فراجع وتأمل.
قوله في العروة : فالوجوب الوصفي لا ينافي الندب الغائي (٣) فيه تأمل آخر ، وهو أنه بعد فرض الاندكاك وعدم إمكان اجتماع الوجوب مع الندب لا بد من قصد الوجوب غاية ، وأخذه وصفا غير نافع ، بل لا بد من أخذه
__________________
(١) وربما يقال في دفع غائلة اجتماع المثلين : بأنه يندفع بما إذا قيّد متعلق أحد الأمرين بالآخر ، مثل أن يقول اذكر في الركوع ذكرا واحدا ويقول أيضا اذكر فيه ذكرا آخر ، وحينئذ لا يكون مركب الأمرين واحدا.
وفيه : أن التقييد بالآخر لا يرفع غائلة الاجتماع ، لأن كل واحد من أفراد الطبيعة هو آخر بالقياس إلى غيره من الأفراد ، ولأجل ذلك لا يندفع محذور الاجتماع فيما لو تعلق الأمر بأحد الفعلين والنهي بآخر بأن يقول اضرب ولا تضرب ضربا آخر. [ منه قدسسره ].
(٢) العروة الوثقى ( مع تعليقات عدة من الفقهاء ) ٣ : ٥٣١ ـ ٥٣٣.
(٣) العروة الوثقى ( مع تعليقات عدة من الفقهاء ) ١ : ٣٦٧.